أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
90949 98094

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الأخوات العام - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-08-2011, 12:38 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي قصة الرجل المثري مع صاحبه

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

كان رجلٌ مُثْرٍ قد أعطاهُ اللهُ مِن أصنافِ المالِ المتنوِّع -مِن: عقارٍ، ونقودٍ، وعُروضٍ- أموالًا كثيرةً.
وكان له صاحبٌ يعرفُ منه النُّصح والعِلم.
فقال لصاحبِه -شاكيًا له الحال-:
ألم ترَ ما أنا فيه مِن الغِنى الواسع، والأموالِ الكثيرة؟ والنَّاسُ كالمُتَّفِقين على: أنَّ مَن كان كذلك؛ فقد حصلتْ له السَّعادةُ الدُّنيويَّة، والعيشُ الهيِّن، والحياةُ السَّعيدة.
وأنا -فيما أنا فيه- لَم أُدرِك ما ذَكروا، ولم أَزلْ أتنقَّلُ مِن همٍّ إلى كدَرٍ، ولم تَحصل لي اللَّذةُ الصَّحيحةُ في حياتي!
فأُحبُّ أن تُرشدَني -يا صاحِبي- إلى الحياةِ السَّعيدةِ، وإلى الرَّاحةِ في حياتي.
فقال له صاحبُه:
يا أخي! اعلمْ: أنَّ مَن أتى الأمورَ مِن غيرِ أبوابِها وطُرُقِها، وسلَك للمنافِع غيرَ مسالِكِها؛ لَم يُدرِك المطلوبَ، ولم يَنجُ مِن المرهوب.
وأنتَ جعلتَ الدُّنيا أكبرَ همِّكَ، ومَبلغَ عِلمِك، وحبيبَك الذي مَلَكَ عليكَ ظاهرَك وباطنَك، ومشاعرَك وحواسَّك -كلَّها-.
ومَن كان كذلك: فهو -طبعًا- لا يَستريحُ في دُنياهُ!
فإنَّه: إن حصلَ عليه كسادٌ أو خسارةٌ في بيعٍ وشراءٍ، أو نقصٍ في ثِمارٍ، أو تشوَّشتْ عليه الأسبابُ في جهةٍ مِن جهاتِ دُنياه؛ فإنَّه في كدَرٍ، فضلًا عن الأكدارِ التي تَنتابُه مِن جهةِ الأهلِ والعائلة، والمُعامِلين والمُعاشِرين، واختِلاف الإرادات، وتعذُّر الاتِّفاق والانسِجام بينهم مِن كلِّ وجهٍ، أو تعسُّر ذلك.
فقال له المُثري:
صدقتَ! مِن هذه الجِهاتِ -كلِّها-ومِن غيرِها- يأتيني الكدَرُ، والهمُّ مُلازِمٌ لي في كلِّ أحوالي!
فهل مِن سبيلٍ إلى تخفيفِ ذلك، أو زَواله بالكليَّة؟ فقد ضاقتْ عليَّ الحِيَل والمُحاوَلات، وأنا حريصٌ على راحةِ نفسي بأيِّ وسيلة.
فقال له صاحبُه:
يا أخي! السبيلُ واضح؛ ولكن: ما دامتْ خُطتُك على هذا المنوال؛ فغيرُ ممكنٍ لك العيشة الهنيئة، فإن غيَّرتَ خُطتَك، وفهمتَ ما أقول لك، وعمِلتَ عليه؛ رجوتُ لك الخيرَ والحياةَ الطيِّبة السَّعيدة.
فأوَّل ذلك: أن تَعلم عِلم اليقين أنَّ الدُّنيا والأموال المتنوِّعة ليست هي المقصود لذاتِها؛ وإنَّما هي مقصودةٌ لغيرِها، ووسيلةٌ يَتوسَّلُ بها العبدُ إلى مَنافعِه الحقيقيَّة، ومَطالبِه الأبديَّة، وسعادتِه الأُخرويَّة.
فاجعل -يا أخي- هذا المعنى الذي لا يستريبُ فيه العُقلاء نُصب عينَيك، وقِبلَة قَلبِك، ثمَّ اسعَ في تحصيل الدُّنيا وفي تصريفِها، وفي تدبيرِها -من كلِّ جهةٍ- على هذا الأساس، واستصحِب النيَّة الصَّادقة في جميع نواحي حياتِك -سعيًا وتدخيلًا وتصريفًا-.
فإذا عاملتَ النَّاس ببيعٍ وشِراءٍ وتأجيرٍ ومشاركات وغيرِها؛ فاقصِد -بذلك-: القيامَ بالواجبات والمستحبَّات، والاستِغناءَ عن الخَلْق، واقتصِر على المُعامَلات الطيِّبةِ الحلال.
واجتهِد في أن تكونَ مَكاسِبُك -كلُّها- حلالًا، وأن تَصرِفَها في الواجبات -من الزَّكاة، والنَّفقات، والمستحبَّات، وتوابعها-.
تقرَّب بذلك إلى اللهِ، واحتسِب عندهُ الأجرَ والثَّواب، واحمَدْ ربَّك الذي أقدرَكَ على المالِ، ثم وفَّقك في صَرفِه في الوجوهِ النَّافعة التي تُبرئ بها ذِمَّتك، وتكتسب بها الأجرَ العظيم عند الله، وتكون لك مغنمًا لا مَغرمًا.
فإنَّك إن فعلتَ ذلك؛ هانت عليك النَّفقات، وبذَلتَها بسماحةٍ ورغبةٍ، [واعلَم] بأنَّها تكسب لك أمثالَها -أضعافًا مُضاعفةً-.
ومع ذلك: فإذا حصل فيها ما تُحب -مِن زيادةٍ، ونُموٍّ، وكمال-؛ فأكثِر مِن حمدِ الله وشُكره، وإذا حصل فيها ما تَكره؛ فاحتسِب ذلك عند الله، واعتبِرها مِن المصائب التي يُعوِّضُ اللهُ عليها مِن الأجر أضعافَ أضعافَ ما فاتهم.
فإنَّك إن وُفِّقتَ لذلك: حصَلتْ لكَ الحياةُ الطيِّبةُ، وهي راحةُ القلبِ وطُمأنينتُه، وطمعُه في فضل اللهِ وثوابِه في كل حالةٍ، وفي كلِّ وقت.
ومع ذلك: فإنَّه لا يفوتك مِن نصيبِك من الدُّنيا، ولا مِن لذَّاتِها شيء؛ بل تستوفيها كاملةً [هنيئةً]، تفوقُ فيها لذَّة المُترفين ونعيمَهم، ويجمعُ اللهُ لك بين خَيري الدُّنيا والآخرة.
واعلَم: أن هذا ليس بعسيرٍ؛ بل هو يَسيرٌ على مَن يسَّره اللهُ عليه.
ومَن ذاق طعمَ هذه الحياة؛ علِم أن هذه الحياةَ التي يَسعى لها الخلْقُ وأربابُ الدُّنيا وجُمهورُهم؛ لم يُدرِكها السَّاعي؛ بل ماتَ بِغمِّه، ولم يَذُق لها طعمًا.
ولكنَّك -يا أخي- تحتاجُ إلى تَمرينٍ كثير، وتغييرٍ لطبيعتِك الأُولى؛ حيث ملَكَت الدُّنيا عليكَ مشاعرَك وأُموركَ -كلَّها-، وتستعين اللهَ على ذلك؛ فمَن توكَّل عليه؛ أعانَه وكفاه.
فوا أسفًا لِمَن أُعطُوا نصيبًا من الدُّنيا؛ فخَسِروها، وأُعطوا الأسبابَ التي تُدرَك بها الخيراتُ فلم يستعمِلوها، ووُهِبت لهم المواهبُ المتنوِّعة فلم ينتفعوا بها ويستغلُّوها!!
وما أحسن ما قاله الحَكيمُ في شِعره:
ولَم أرَ في عُيوبِ النَّاس عَيبًا /// كَنقْصِ القادِرينَ على التَّمامِ!
نقلًا من «الرياض النَّاضرة»، للسَّعدي -رحمهُ اللهُ-، (193-196).
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-09-2011, 10:34 AM
أم سـيف أم سـيف غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 36
افتراضي

جزاك الله خيراً
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:39 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.