الأمانة العلمية بركة في العلم

[محمد أحمد عينب فارح أفيري]

اللأمانة العلمية يجب أن تكون مرعية عند الكتاب والمحاضرين والخطباء بأن ينسبوا الأقوال الى قائليها فهذا من بركة العلم واعتراف الفضل لذويه والعجيب أنه في حين كثير من علماء الغرب ومثقفيهم حريصون على مراعاة هذه القضية وتقنين قوانين تحميها والتنصيص على حقوق براءة الاختراع في دساتيرهم ترى كثيرين ممن هم ينتسبون للاسلام والعلم لا يراعون هذا المبدأ ولا يعبؤون به......وهذا يذكرني أن بعض مشايخنا في بدايات الطلب كان يدرس كتاب الرحيق المختوم فكان كل شرحه عبارة عن شرح لشارح غيره ينقله حرفا حرفا دون أن يشير أدنى اشارة لذالك الشارح ويوهمنا ان الشرح له خاصا به........اذا ما الفائدة انا بأمكاني ان ارجع للشارح الأول الذي انت نقلت عنه وادرس الكتاب عليه....ممكن تنقل عنه هذا ليس عيبا لكن بشيئ من التعليق والاستدراك والتقويم مع عزو أقواله له أداء للأمانة وتبرئة للذمة.

[عبد المحسن الجيجلي]

أخي الفاضل محمد أحمد عينب فارح أفيري جزاك الله خيرا على هذا التذكير ،
لعل بعض إخواننا الواقعين في هذا الخلق الذميم يراجعون أنفسهم .



----------------------------

1- الأمانة العلمية :

لقد كان - رحمه الله - من أحرص الناس على عزو كل قول إلى قائله و كتبه طافحة بهذا الخلق العريق ، بل كان - رحمه الله - يحض تلامذته على ذلك ، بل تراه يذم و يغضب و يشتد غضبه على الذين يأكلون حقوق الآخرين و يسطون على مؤلفاتهم و تحقيقاتهم ، حتى لكثرة كلامه في هذا الشأن استطعت أن أجمع رسالة من كلامه و أقواله سميتها : " ذم السرقات العلمية ؛ للعلامة الألباني جمع و إعداد عصام هادي " يسر الله لي طبعها - بمنه و كرمه - .

أقول : و كان - رحمه الله - لا تأخذه في هذا الأمر لومة لائم بل لم يمنعه أن يصف أناسا من تلامذته بأن عندهم سرقات ، بل و يوجه لهم النصائح طالبا منهم الإقلاع عن عن هذا الفعل الذميم ، و لو شئت لقلت : نصح فلانا و فلانا ، بل إن أحدهم أرسل لشيخنا كتابا فما منع ذلك شيخنا من أن يكتب له على طرة الكتاب : " المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور " و يعيد الكتاب إليه .

بل إن الأمانة العلمية بلغت بشيخنا أن ينسب كل فضل لصاحبه ، حتى لو مكان الأمر غير ذي بال ، و من ذلك : أني قلت له ذات مرة : و الله يا شيخنا إنك لبارع و ذكي حتى في الصناعات ، و لا أدل على ذلك من هذا ( الدوار) الذي تضع فيه كتبك - وهو دوار كان شيخنا يضع عليه الكتب المهمة و التي يكثر من تناولها مثل : تهذيب الكمال ، و تهذيب التهذيب ، و تاريخ البخاري ، و الجرح و التعديل ، و غير ذلك من كتب التراجم - فما كان من شيخنا إلا أن قال لي : " يا أستاذ للإنصاف هذا ليس من ابتكاري ، فقد رأيته عند الشيخ أحمد شاكر ؛ لكن بحجم أصغر ، و أنا كبرته " .

فتأمل - حفظك الله - كيف لمثلي بل و لمن هو أكبر سنا مني أن يعلم أن شيخنا أخذ فكرة الدوار من الشيخ أحمد شاكر ، و مع ذلك فلم يسع شيخنا السكوت ، بل أبان لي الأمر حتى لا أبقى معتقدا أن الدوار من أفكاره .

المرجع : كتاب : " محدث العصر محمد ناصر الدين الألباني كما عرفته "( ص18 - 19 ) للشيخ : " عصام موسى هادي " .

----------------------------