سؤال عن معنى قول ابن معين: ( ليس بشيء ، ما هو بشيء ) .

[عمر الزهيري]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال بخصوص تفسير قول يحيى بن معين رحمه ( ليس بشيء ) ومثله قوله: ( ما هو بشيء )
قال الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف في ضوابط الجرح والتعديل في كلامه عن ضوابط الجرح والتعديل فقال في الضابط الثاني عشر: (12 ـ تُراعى اصطلاحات الأئمة فيما يطلقونه من ألفاظ الجرح والتعديل ومن ذلك قول يحيى بن معين: ((فلان لا بأس به)) يعني ثقة. وقوله: ((فلان ليس بشيء)) يعني أن أحاديثه قليلة جداً([4]).
____________________________
قال الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف في الهامش عند رقم([4]): ( سيأتي مزيد بيان لاصطلاحات الأئمة ص: 186، 193.) إنتهى

ثم فصل في موضع آخر في كلامه على مصطلحات الأئمة فقال: ( 4 ـ من اصطلاحات ابن معين: ثم ذكر بعضها ثم قال: ( ج ـ إذا قال: (ليس بشيء) فالمراد أن أحاديث الراوي قليلة([5]). وقد يريد بذلك الجرح الشديد([6]). وإنما يُعَرفُ ذلك بتتبع الأقوال الأخرى لابن معين وأقوال غيره من الأئمة في ذلك الراوي، فإذا كان الراوي الذي قال فيه ابن معين: (ليس بشيء) قليلَ الحديث، وقد وثقه ابن معين في الروايات الأخرى أو وثقه الأئمة الآخرون تعيّن حملُ كلمة ابن معين على معنى قلة الحديث لا الجرح.
وأما إذا وجدنا راوياً كأبي العطوف الجراح بن المنهال، قال فيه ابن معين: (ليس بشيء) وقد اتفق الأئمة على جرحه جرحاً شديداً فذلك قرينة على أن مراد ابن معين موافق لمراد الأئمة([7]).
____________________________________________
وقال الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف في الهامش: (([5]) انظر: هدي الساري ص 421.
([6]) انظر: طليعة التنكيل ص 55.
([7]) انظر: طليعة التنكيل ص 55. ) إنتهى


ولكن أشكل علي هذا التفسير لعبارة ابن معين ( فلان ليس بشيء ) ومثله ( ماهو بشيء ) فقد رأيت أن العلامة الألباني قد بين أن معنى هذه العبارة ان الراوي ضعيف عند ابن معين وظاهر كلامه الإطلاق وعدم التفصيل في عبارة ابن معين هذه فقد ذكر أخانا طاهر المحسي في موضوعه الماتع ( شرح بعض عبارات أئمة الحديث في الرواة - للإمام الألباني ) تحت عنوان ( معنى قول ابن معين : ( ليس بشيء ، ما هو بشيء ) .) قول العلامة الألباني رحمه الله تعالى في ( الضعيفة ) تحت حديث رقم ( 4702 ) : ( وروى تضعيفه عن ابن معين - . وابن عدي في "الكامل" (421/ 1) . وقال:"وعامة رواياته مما لا يتابع عليه" .
ثم روى تضعيفه عن ابن معين أيضاً ؛ من طريق الحافظ الدارمي عثمان بن سعيد قال: "قلت : ليحيى بن معين : فيحيى بن عيسى الرملي ؛ ما تعرفه ؟ قال : نعم ، ما هو بشيء . قال عثمان : هو كما قال يحيى : هو ضعيف" (1) .
__________
قال العلامة الألباني في الهلمش عند رقم (1): ( قلت : هذا كالنص من الإمام الدارمي على أن قول ابن معين في الرواي : " ما هو بشيء " ومثله : " ليس بشيء " معناه عنده أنه ضعيف ، فلا تغتر بما ذكره أبو الحسنات في " الرفع والتكميل " ( ص 99 - 100 ) بما يخالف هذا ؛ فإنه من تكلفات المتأخرين وآرائهم .) إنتهى

ثم ذهبت الى الرفع والتنكيل فوجدت ابو الحسنات يقول فيه في (ص: 212): ( إيقاظ 8 في بيان مراد ابن معين من قوله في الراوي ليس بشيء كثيرا ما تجد في ميزان الاعتدال وغيره في حق الرواة نقلا عن يحيى بن معين انه ليس بشيء فلا تغتر به ولا تظنن ان ذلك الراوي مجروح بجرح قوي فقد قال الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري في ترجمة عبدالعزيز بن المختار البصري ذكر ابن القطان الفاسي ان مراد ابن معين من قوله ليس بشيء يعني ان احاديثه قليلة انتهى.
وقال السخاوي في فتح المغيث قال ابن القطان ان ابن المعين اذا قال في الراوي ليس بشيء انه يريد انه لم يرو حديثا كثيرا. ) إنتهى

الإشكال هو باختصار:
1- صريح كلام الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف أنه يفصل في فهم عبارة ابن معين هذه ومر ذكره
2- ظاهر كلام الألباني إنكار التفصيل وأن مراد ابن معين من عبارته هذه ضعف الراوي عنده.
3- ظاهر كلام ابو الحسنات وكلام الحافظ ابن حجر العسقلاني وكلام السخاوي وابن القطان الفاسي إنكار التفصيل وأن مراد ابن معين من عبارته أن أحاديث الراوية قليلة وليس أنه ضعيف.

ليتكم توضحوا لي الصواب وهل أن الألباني وابن حجر والسخاوي وابن القطان الفاسي يقولون بعدم التفصيل؟

[محمد أشرف]

قال العلامة المعلمي في كتابه التنكيل ( طلعية التنكيل ص 54-55)

( فابن معين ممن يطلق ( ليس بشيء ) لا يريد بها الجرح وإنما يريد أن الرجل قليل الحديث )

وقال رحمه الله تعالى : ( وحاصله أن ابن معين قد يقول ( ليس بشيء ) على معنى قلة الحديث فلا تكون جرحا وقد يقولها على وجه الجرح كما يقولها غيره فتكون جرحا فإذا وجدنا الراوي الذي قال فيه ابن معين ( ليس بشيء ) قليل الحديث وقد وُثق وجب حمل كلمة ابن معين على معنى قلة الحديث لا الجرح وإلا فالظاهر أنها جرح ). السابق .

وقال رحمه الله في ترجمة ثعلبة بن سهيل القاضي :

فلما نظرنا في حال ثعلبة وجدناه قليل الحديث ووجدنا ابن معين نفسه قد ثبت عنه أنه قال في ثعلبة لا بأس به وقال مرة ثقة كما في التهذيب ) - السابق وقد أشار إليه مرة أخرى في التنكيل (1\216)

وقال رحمه الله :

وممن قال ابن معين فيه ( ليس بشيء ) أبو العطوف الجراح بن المنهال فنظرنا في حاله فإذا له أحاديث غير قليلة ولم يوثقه أحد بل جرحوه قال ابن المديني : لا يكتب حديثه وقال البخاري ومسلم منكر الحديث وقال النسائي والدراقطني متروك وقال أبوحاتم والدولابي الحنفي مترو ك الحديث ذاهب لا يكتب حديثه ...
والكلام فيه أكثر من هذا

فعرفنا أن قول ابن معين فيه ( ليس بشيء ) أراد بها الجرح كما هو معروف عند غيره في معناها .

- طليعة التنكيل ص 55 وقد أشار إليه مرة أخرى في 1\216

والله أعلم

[محمد أشرف]

نقلته من مشاركة لبعض الاخوة جزاه الله خيرا

قال المنذري في رسالة في الجرح والتعديل (55) :
( وأما قولهم " فلان ليس بشيء " ويقولون مرة " ليس حديثه بشيء " فهذا يُنظر فيه : فإن كان الذي قيل فيه هذا وثقه غير هذا القائل واحتج به فيُحتمل أن يكون قوله محمولاً على أنه ليس حديثه بشيء يُحتج به ، بل يكون حديثه عنده يُكتب للاعتبار والاستشهاد وغير ذلك .
وإن كان الذي قيل فيه ذلك مشهوراً بالضعف ولم يوجد من الأئمة من يحسن أمره فيكون محمولاً على أن حديثه ليس بشيء يحتج ولا يعتبر به ولا يستشهد به ، ويلتحق هذا بالمتروك ، والله عزوجل أعلم ).

[محمد أشرف]

بالاضافة أن ابن معين قد يطلق لفظة الجرح هذه ويريد بها رواية بعينها

قال الحافظ ابن حجر :

وعبد الله بن المثنى ممن تفرد البخاري بإخراج حديثه دون مسلم ، وقد وثقه العجلي والترمذي ، وقال أبو زرعة وأبو حاتم : صالح ، وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين : ليس بشيء ، وقال النسائي : ليس بالقوي .

قلت : لعله أراد في بعض حديثه .

وقد تقرر أن البخاري حيث يخرج لبعض من فيه مقال لا يخرج شيئا مما أنكر عليه .

وقول ابن معين " ليس بشيء " أراد به في حديث بعينه سئل عنه ، وقد قواه في رواية إسحاق بن منصور عنه .

" فتح الباري " ( 1 / 189 ) .

[عمر الزهيري]

جزاك الله خيرا أخي الفاضل محمد بن أشرف إتضح الأمر الآن.
من هذا نستنتج أن ابن حجر والمنذري والمعلمي يرون التفصيل في عبارة ابن معين هذه وفي هذا الرد على ابي الحسنات لأنه أوهم بنقله عن ابن حجر من مقدمة فتح الباري ان مراد ابن معين من قوله ذلك هو أن احاديث الراوي قليله فابن حجر ليس عنده هذا على إطلاقه بل يقول بالتفصيل بدليل ما قاله ابن حجر في فتح الباري كما ذكرتم اخانا محمد بن أشرف
لكن بقي الألباني والسخاوي وابن القطان الفاسي ليت أحد يرشدنا إن كانوا يقولون بالتفصيل المذكور.