عرض مشاركة واحدة
  #105  
قديم 08-31-2016, 09:16 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

كيف الجمع بين قوله تعالى :

﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ

والحديث :(خلق الله التربة يوم السبت ...).


إن الله جلّ في علاه - خلق السموات والأرض وقدر فيها أقواتها لكفاية الخلائق فوقها، وهيأ الأسباب للسعي في تحصيلها.

فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فقال : (خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة آخر الخلق، من آخر ساعة الجمعة فيما بين العصر إلى الليل]. (صحيح) رواه (مسلم (في صجيحه (8/ 127).

قال شيخنا الألباني رحمه الله – تعالى – في التعليق على الحديث : [ثم رأيت المدعوّ عز الدين بليق قد سوّدَ عدّة صفحات في كتابه الذي سماه : "موازين القرآن والسنة للأحاديث الضعيفة والموضوعة " (!) (ص 71 - 72)، زعم فيها أن الحديث يتعارض مع القرآن جملة وتفصيلا (!) وتمسك في ذلك بالأحاديث المصرحة بأن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام، جاهلاً أو متجاهلاً أن الأيام السبعة في الحديث، هي غير الأيام الستة المذكورة في الآيات، كما كنت شرحت ذلك في التعليق على المشكاة ".

ومنشأ جهله أنه فسر (التربة) في الحديث بأنها الأرض، يعني الأرض كلها بما فيها الجبال والأشجار وغيرها، وهذا باطل لمنافاته سياق الحديث كما لا يخفى على أحد ذي لبّ.

وإنما المراد بالتربة (التراب) وليس الأرض كلها، ففي "لسان العرب" : "تربة الأرض" ظاهرها.
وهذا هو الذي يدل عليه السياق، فإن الأرض بدون التراب لا تصلح للأشجار والدوابّ التي ذكرت في الحديث، ولا خلق آدم وذريته التي تناسلت منه بعد.

وليس الحديث بمخالف للقرآن كما يتوهم البعض، راجع (المشكاة 5735)، ثم مختصر العلو للذهبي رقم الحديث 71].

وبالجملة : فالتفصيل الذي في الحديث هو غير التفصيل الذي في القرآن الكريم، وأيامه غير أيامه، فالواجب في مثل هذا عند أهل العلم أن يضم أحدهما إلى الآخر، وليس ضرب أحدهما بالآخر] ا هـ. انظر : [السلسلة الصحيحة 4/ 449 رقم 1833]. و [التحقيق المطوّل في الكتاب قسم الاستدراك 4/ 664].

وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيدي فقال : (يا أبا هريرة إن الله خلق السموات والأرضين وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش يوم السابع (1)، وخلق التربة يوم السبت، والجبال يوم الأحد، والشجر يوم الإثنين، والشر يوم الثلاثاء، والنور يوم الأربعاء، والدواب يوم الخميس، وآدم يوم الجمعة في آخر ساعة من النهار بعد العصر، خلقه من أديم الأرض بأحمرها وأسودها وطيبها وخبيثها، من أجل ذلك جعل الله من آدم : الطيب والخبيث). أخرجه النسائي في تفسير (سورة السجدة) والأخضر بن عجلان، وَثّقهُ ابن معين ...

قال شيخنا الألباني رحمه الله – تعالى – في التعليق على الحديث : [... وقد توهّم بعضهم أنه مخالف للآية المذكورة في أول الحديث، وهي مِن أول سورة السجدة، وليس كذلك كما كنت بينته فيما علقته على [المشكاة 5735].

وخلاصة ذلك : أن الأيام السبعة في الحديث هي غير الأيام الستة في القرآن، وأن الحديث يتحدّث عن شيء من التفصيل الذي أجراه الله على الأرض، فهو يزيد على القرآن، ولا يُخالفه.

وكان هذا الجمع قبل أن أقف على حديث الأخضر، فإذا هو صريح فيما كنت ذهبت إليه من الجمع، فالحمد لله الي بنعمته تتم الصالحــــات] ا هـ. انظر : [مختصر العلو للذهبي ص 111 - 112 رقم الحديث 71].

_________

(1) ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ۞ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. [سورة السجدة 4 – 5].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس