[أبو زيد العتيبي]

مما يجب أن تعلمه (٥)

بسم الله الرحمن الرحيم

أساس شجرة التوحيد تعظيم الله

هذه العبارة أعلاه مشتملة على أصل أصول الإسلام، ومتضمنة لمعانيه العظام.

وقبل بيانها لا بد من إيضاح معاني مفرداتها:

قولنا: [أساس] أي: ما يبنى عليه غيره.

وهو نوعان:
- بناء حسي: مثل بناء البيت على أسسه.
- بناء معنوي: مثل بناء الحكم على دليله.

والأساس - هنا- معنوي لأن المراد بناء العقيدة الصحيحة على أصلها القلبي.

وهو ما نوضحه بعد قليل إن شاء الله تعالى.

[شجرة التوحيد] لقب على كلمة الإسلام: (لا إله إلا الله).

قال الله تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلࣰا كَلِمَةࣰ طَیِّبَةࣰ كَشَجَرَةࣲ طَیِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتࣱ وَفَرۡعُهَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ * تُؤۡتِیۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِینِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَیَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ یَتَذَكَّرُونَ﴾ [إبراهيم ٢٤-٢٥]

قالَ الرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ: " كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ هَذا مَثَلُ الإيمانِ؛ فالإيمانُ الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ. وأصْلُها الثّابِتُ الَّذِي لا يَزُولُ الإخْلاصُ فِيهِ، وفَرْعُهُ في السَّماءِ خَشْيَةُ اللَّهِ ".

[تعظيم الله] هو تأليهه أي اعتقاد استحقاقه كل كمال حمدا واستيلاؤه على كل شيء ملكا وهو على كل شيء قدير.

يبدأ غرسه بالإخلاص وينتهي فرعه بخشية الله، كما بينه الربيع بن أنس.

وهذا التعظيم ينشأ في قلب العبد من اقتران المحبة الكاملة بالذل التام
مع اعتقاد كماله المطلق وسلطانه الغيبي.

فحقيقة التعظيم هو التأله بأن يجعل العبد لقلبه ما يخضع له ويخبت إليه ويحبه لكماله
وإفضاله ويرجوه لنيل رحمته ويخافه حذرا من غضبه وسخطه.

فكل ما اعتقده العبد كذلك فهو إلهه ومعبوده فإن كان مستحقا لذلك - ولا يستحقه إلا الله - فهو الإله الحق.
وإن لم يكن مستحقا لذلك - وهو كل من سوى الله من ملك أو نبي أو صالح فضلا عن شجر أو حجر أو حيوان- فهو الإله الباطل.

﴿ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا یَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَـٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡكَبِیرُ ۝٦٢ ﴾ [الحج-٦٢].

فأنت أيها الموحد إن أردت تحقيق العبودية التامة التي خلقت لها
فعليك بالعلم بالله وبآياته الشرعية والكونية التي تعرف بها جلاله وإكرامه
حتى يمتلئ قلبك من معرفته وتشرق عليه أنوار اليقين وتنكشف عنه حجب الغفلة والنسيان.

ويا ويح من استبدل الذي خلق من تراب برب الأرباب.
ويا سفه من استبدل الذي يحمل في جوفه البول والعذرة بالقدوس الصمد الذي على العرش استوى.

أي عقل هذا الذي يجعلك تعتقد بابا لقضاء الحاجات غير باب رب الأرض والسماوات.

فالتعظيم لغير الله تعظيما لا يستحقه إلا الله هو أن تجعل لصاحب هذا التعظيم طقوسا تشابه الشعائر الإسلامية.

لأن البدن يطلب نصيبه مما يعتقده القلب
فإذا استولى حب شيء على القلب وصار قبلة قصده ورجائه وخوفه ومحل رغبته ورهبته؛
سارع البدن إلى تجسيد ذلك في الظاهر حتى يأخذ نصيبه من عبادته.

فيجعل له قبلة يقصدها من قبر أو ضريح، ويرتب له أورادا وأدعية يناجيه بها رغبة ورهبه
ويجعل له مناسك وقرابين يتودد إليه بها وينظم له مناسبات وأعيادا وزيارات
يجدد فيها صدق اعتقاده به وخضوعه له،
ويمرغ جبهته ذلا واستكانة استرضاء له وطمعا في عطائه.

كل هذه أوهام اخترعها وافتراها الأفاكون الكاذبون
فليس إله يستحق التعظيم إلا الله الواحد القهار.
﴿۞ وَإِنَّ مِن شِیعَتِهِۦ لَإِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ ۝٨٣ إِذۡ جَاۤءَ رَبَّهُۥ بِقَلۡبࣲ سَلِیمٍ ۝٨٤ إِذۡ قَالَ لِأَبِیهِ وَقَوۡمِهِۦ مَاذَا تَعۡبُدُونَ ۝٨٥ أَىِٕفۡكًا ءَالِهَةࣰ دُونَ ٱللَّهِ تُرِیدُونَ ۝٨٦ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ۝٨٧﴾
[الصافات ٨٣-٨٧].

https://t.me/abozydotabi


*******