عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 06-20-2022, 03:04 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي موسم التجـــــارة الرابحـــــــة

تتمــــَّــــة

وقد جاء في صحيح البخاري:
(وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبّران، ويكبّر الناس بتكبيرهما).
وفيه أيضاً: (وكان عمر – رضي الله عنه- يكبر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيراً).
والآثار في هذا الباب كثيرة؛ والإكثار من التكبير والجهر به من الشعائر التي يشابه بها المقيمون حجاج بيت الله الحرام.

وقد أصبح التكبير في هذا الزمن من السنن المهجورة، ولا سيما في أول العشر فلا تكاد تسمعه إلا من القليل؛ فحرِيٌّ بالمسلمين أن يُحيوا هذه السنة فيفوزوا بأجر العمل، وأجر إحياء سنة تكاد تندثر.
وأما صفة التكبير: فليس له صفة يجب الالتزام بها، والأمر في ذلك واسع، والمقصود هو كثرة الذكر على أي صفة مشروعة.
وقد ورد عن السلف صفات متعددة، والمنقول عن أكثرهم أنهم كانوا يقولون: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
وعن بعضهم: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
وعن بعضهم: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.

وبالإضافة إلى التكبير المطلق الذي يبتدئ من أول ذي الحجة إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر، فإنه يشرع كذلك التكبير المقيّد بأدبار الصلوات بعد السلام، وهو يبتدئ بالنسبة لغير الحجاج من فجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.(1)
وبالنسبة للحجاج من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق. وهذا هو أصح الأقوال الذي عليه جمهور السلف والفقهاء قديماً وحديثاً.

وظاهر النصوص: أن التكبير المقيّد شامل للمقيم والمسافر، والجماعة والمنفرد، والصلاة المفروضة والنافلة. والمسبوق ببعض الصلاة يكبر إذا فرغ من قضاء ما فاته؛ لأن التكبير ذكر مشروع بعد السلام.

ومن خصائص هذه الأيام العشر: مشروعية الحج فيها، وهو من أفضل ما يُعمل في هذه الأيام، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة) (حديث صحيح رواه الترمذي والنسائي). وبيّن عليه الصلاة والسلام أن الحج المقبول ليس لصاحبه جزاء إلا الجنة، فقال: (العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) (متفق عليه).

والحج ركن من أركان الإسلام، وهو واجب في العمر مرة على كل مسلم بالغ عاقل مستطيع للحج ببدنه وماله. فإن كان ذا مال، ولكنه عاجز عن الحج بنفسه بسبب كبر سنة، أو مرضه الذي لا يُرجى برؤه، فإنه يجب عليه أن يوكل من يحج عنه. وإن كان عجزه يُرجى زواله كالمرض الطارئ، فإنه ينتظر حتى يشفى منه ثم يحج، فإن مات قبل تمكنه، حُجّ عنه من تركته.

والواجب على المسلم: المبادرة إلى الحج عند توفر شروطه فيه. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له) حديث حسن رواه أحمد وغيره.

وصحّ عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: (من أطاق الحج فلم يحج فسواء عليه مات يهودياً أو نصرانياً) وهو وإن كان موقوفاً على عمر، فإنه في حكم المرفوع؛ لأن عمر لا يجزم بمثل هذا من قبل نفسه.(2)

ومما يجدر التنبيه إليه: أنه إذا دخل عشر ذي الحجة، وأراد المسلم أن يضحّي، فإنه لا يجوز له أن يأخذ من شعره ولا أظافره، ولا بشرته شيئاً. لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من كان له ذبح يذبحه، فإذا أهلّ هلال ذي الحجة، فلا يأخذ من شعره ولا من أظافره شيئاً حتى يُضحّي).

وفي حديث آخر: (فليمسك عن شعره وأظافره حتى يضحّي)، فهذا أمر يدلّ على الوجوب، وذاك نهي يفيد التحريم، ولا صارف لهما.

لكن لو تعمد وأخذ، فعليه أن يستغفر الله، ولا فدية عليه، وأجر الأضحية كامل إن شاء الله.
ولا حرج في غسل الرأس للرجل والمرأة، ولكن لا يتعمد إسقاط الشعر، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما نهى عن الأخذ ولم ينه عن الغسل ونحوه.

والحكمة من النهي عن الأخذ: أنه لمّا كان المضحّي مشابهاً للمحرم في بعض أعمال النسك، وهو التقرب إلى الله بذَبْح القربان، أُعطي بعض أحكامه.
ثم إن هذا النهي ظاهره: أنه يخص صاحب الأضحية، ولا يعم الزوجة والأولاد المضحَّى عنهم، إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصّه، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضحّي عن آل محمد، ولم يُنقل عنه أنه نهاهم عن الأخذ.

نسأل الله - تعالى - أن يوفقنا للمسارعة إلى الخيرات، واغتنام فضائل الأوقات، وأن يتقبل منا صالح أعمالنا، ويكفّر عنا سيئاتنا. إنه هو الغفور الشكور.

______________

(1) سئلت اللجنة الدائمة من الفتوى رقم (6043)
السؤال: أمر الله تعالى بذكره مطلقًا أيام التشريق، ما دليله، وما صفته، وعدد مراته؟

الجواب: أمر الله تعالى بذكره مطلقًا أيام التشريق، فقال: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [سورة البقرة: 203].
ولم يثبت في القرآن ولا في السنة النبوية عقب الصلوات الخمس أيام التشريق تحديد عدد ولا بيان للكيفية، وأصح ما ورد في صفة التكبير في ذلك ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، أنه قال: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا) انظر: [مصنف عبد الرزاق 11/ 295 - 296 برقم (20581)]، حيث ورد عنده بلفظ قريب منه.
وقيل: يكبر ثنتين، بعدهما: لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. جاء ذلك عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
نائب رئيس اللجنة: عبد الرزاق عفيفي.
عضو: عبد الله بن قعود .

وسُئل الشيخ الألباني - رحمه الله - عن حكم التكبير المقيد بعد الصلوات أيام العيد؟

السائل: ما حكم التكبير المقيد بعد الصلوات؟ وهل يقدمه الإنسان على الأذكار المشروعة، أم يبدأ بالأذكار أولاً؟

الشيخ: ليس - فيما نعلم - للتكبير المُعتاد دُبر الصَّلوات في أيامِ العيد؛ ليس له وقتٌ مَحدود في السُّنة؛ وإنما التَّكبير هو من شِعار هذه الأيام؛ بل أعتقد أن تقييدَها بدُبر الصلوات أمرٌ حادِث لم يكنْ في عهدِ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
فلذلك يكون الجواب البدهي: أن تقديم الأذكار المعروفة دبر الصلوات هو السُّنة، أما التكبير؛ فيجوز له في كل وقت.

[سلسلة الهدى والنور: الشريط: (392)، الدقيقة: ( 00:46:27 )].

وهذه فتوى أخرى للشيخ الألباني -رحمه الله-:

السائل:
هل يقيد التكبير في أيام التشريق فيما بعد الصلوات؟
الشيخ: لا، لا يقيد؛ بل تقييدُه مِن البدع؛ إنما التكبير بكل وقتٍ من أيام التشريق.
السائل: وأيام العشر؟
الشيخ: وأيام العشر كذلك.
[سلسلة الهدى والنور: الشريط: (410)، الدقيقة: ( 00:36:12 )].

(2) وردت فيه أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ وكذلك موقوفة على الصحب الكرام رضي الله عنهم؛ كلها موضوعة أو ضعيفة لا تثبت؛ ما عدا هذا الأثر عن عمر - رضي الله عنه – فقد رواه الإسماعيلي كما عزاه ابن كثير في تفسيره (2/97)، وقال ابن كثير عقب الأثر: وهذا إسناد صحيح إلى عمر ..
قال ابن جماعة في مناسكه: [والحديث مؤول على من يستحل تركه ولا يعتقد وجوبه]. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر: [ومحمله على من استحل الترك].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس