عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-16-2016, 04:28 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي السرقة: أنواعها، أحكامها؛ ومخاطرها. مَزيد ومُتَجَدِّد.

السرقة أنواع، ولها شروط وأحكام :

السرقة نوعان،
وكل له شروطٌ وأحكام :
1. نوع منها لا يوجب إقامة الحد، ويوجب التعزير والنكال فقط.
2. ونوع يوجب إقامة الحد والقطع.

النوع الأول: ما يوجب التعزير والنكال، وهي السرقة التي لم تتوفر فيها شروط إقامة الحد، وقد قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بمضاعفة الغُرم والعُقوبة على من سرق ما لا قطْعَ فيه، كما في سارق الثمار المعلّقة، وكذا سارق الشاة من المرتع.

فعن رافع بن خديج - رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (لا قطع في ثمرٍ ولا كَثَرْ). (1) صححه شيخنا الألباني رحمه الله تعالى في إرواء الغليل رقم (2414). وانظر: [صحيح سنن النسائي 8/ 86 رقم 4960].

ومثله الخائِن، والمُخْتَلِس، والمُنْتَهِب: فعن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (ليس على خائِنٍ (2) ولا مُنْتَهِبٍ (3) ولا مُخْتَلِسٍ (4) قطع (5)). قال الشيخ الألباني - رحمه الله – تعالى - : (صحيح) انظر : [صحيح سنن الترمذي 1172] و [صحيح سنن أبي داود 3690] و [صحيح سنن ابن ماجه 2099] و [صحيح سنن النسائي 4606].
وقال ابن عرفة: [السارق عند العرب هو من جاء مستَتِرا إلى حرز فأخذ منه ما ليس له، فإن أخذ من ظاهر فهو مختلس ومستلب ومنتهب ومحترس، فإن تُمنع بما في يده فهو غاصب].
وقال ابن القيِّم رحمه الله - تعالى – : [وأما قطع يد السارق في ثلاثة دراهم، وترك قطع المُخْتَلِس، والمُنْتَهِب، والغاصِب، فمن تمام حكمة الشارع أيضا، فإن السارق لا يمكن الاحتراز، فإنه ينقب الدور، ويهتك الحرز، ويكسر القفل، ولا يمكن صاحب المتاع الاحتراز بأكثر من ذلك، فلو لم يشرع قطعه، لسرق الناس بعضهم بعضا، وعظُم الضرر، واشتدّت المحنة بالسراق، بخلاف المنتهِب والمختلِس، فإن المنتهِب هو الذي يأخذ المال جهرة بمرأى من الناس، فيمكنهم أن يأخذوا على يديه، ويخلّصوا حق المظلوم، أو يشهدوا له عند الحاكم، وأما المختلِس فإنه إنما يأخذ المال على حين غفلة من مالكه وغيره، فلا يخلو مِن نوع تفريط يُمَكِّنْ به المُختلِس من اختلاسه، وإلا فمع كمال التحفُّظ والتيقُّظ لا يمكنه الاختلاس، فليس كالسارق بل هو بالخائن أشبه، وأيضا فالمختلس إنما يأخذ المال مِن غير حرز مثله غالبا، فإنه الذي يغافلك ويختلس متاعك في حال تخليك عنه، وغفلتك عن حفظه، وهذا يُمكن الاحتراز منه غالبا، فهو كالمنتهِب.
وأما الغاصِب فالأمر فيه ظاهر، وهو أولى بعدم القطع مِن المُنْتَهِب، ولكن يسوغ كفُّ عدوان هؤلاء بالضرب والنكال، والسجن الطويل، والعقوبة بأخذ المال]. ا هـ. (6).

الإمتحان بالضرب : ولا يجب الضرب إلا بعد الاعتراف :

قال أبو داود في سننه : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة ثنا بقية ثنا صفوان ثنا أزهر بن عبد الله الحرازي : أن قوما من الكلاعيين سُرِقَ لهم متاع، فاتهموا أناسا من الحاكة، فأتوْا النعمان بن بشير صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - فحبسهم أياما ثم خلى سبيلهم، فأتوا النعمان فقالوا : خليت سبيلهم بغير ضرْبٍ ولا امتحان ؟ فقال النعمان : ما شئتم ؟ إن شئتم أن أضربهم، فإن خرج متاعكم فذاك، وإلا أخذتُ من ظهورِكُم مثلَ ما أخذتُ مِن ظهورِهِم، فقالوا : هذا حُكْمُكْ ؟ فقال : هذا حُكْمُ اللهِ وَحُكْمُ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم).
قال أبو داود : [إنما أرهبهم بهذا القول، أي : (لا يجب الضرب إلا بعد الاعتراف]. (حديث حسن) انظر : [سنن أبي داود 4/ 135 رقم 4382].

يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
_______

(1) الكَثَرْ : - بفتحتين – هو جُمّـــار النخل، وهو شحمُهُ الذي وسط النخلــــة ... "النهاية"، [الموسوعة الفقهية الميسرة 6/ 73].
(2) الخائن : أي في نحو وديعة.
(3) منتهب : هو الذي يعتمد القوة والغلبة ويأخذ عيانًا.
(4) مختلس : هومن يأخذ معاينة ويهرب، لأن مِن شرط القطع الإخراج من الحرز. – كما سيأتي -.
(5) قطع : قال في فيض القدير (5/ 369) : وليس عليهم قطعٌ لأنهم غير سُراق، والله – سبحانه – أناط القطع بالسَّرقة.
قال ابن العربي رحمه الله - تعالى – : [أما المُنتَهِب فلأنه قد جاهر، والسرقة معناها الخفاء، والتستر عن الأسماع والأبصار.
وأما المختلِس فإنه وإن كان سارقًا فليس بسارق عُرفًا، فإنه مجاهِرٌ لا يقصد الخلوات، ولا يترصد الغفلات إلا عن صاحب المال فقط، وإنما يراعى فعل السرقة على العموم.
وأما الخائن فلأنه ائتمن على المال ومُكِّن منه، فلم يكن محترزًا عنه، كالمودع والمأذون له في دخول الدار.
(6) انظر : [إعلام الموقّعين 2/ 61] و [الموسوعة الفقهية الميسرة 6/ 73 - 75].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس