عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 10-23-2020, 08:35 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

5. لا يُعدُّ الوالد الفقير سارقًا إذا احتاج للإنفاق من مال ابنه في حاجاته الأساسية، إذ أن له الحق في مال ابنه بما يسد حاجته، وله الأخذ منه ولو دون رضاه، وعلى هذا المعنى فقط يُحمل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الشريف: (أنت ومالك لأبيك). قال الإمام الألباني رحمه الله: [حديث صحيح بمجموع طرقه] [صحيح الجامع 1486]. وقال ابن عبد البر رحمه الله: [ليس على التمليك، ولكنه على البر به، والإكرام له[. ا هـ. [الاستذكار (7/ 525)].
وقال ابن الأثير رحمه الله: [على معنى أنه إذا احتاج إلى مالك أخذ منك قدر الحاجة، وإذا لم يكن لك مال؛ وكان لك كسب لزمك أن تكتسب وتنفق عليه، فأما أن يكون أراد به إباحة ماله له حتى يجتاحه ويأتي عليه إسرافا وتبذيرا فلا أعلم أحدا ذهب إليه]. اهـ. [النهاية في غريب الحديث (1/ 834)].
ويقول المناوي رحمه الله: [معناه: إذا احتاج لمالك أخذه، لا أنه يُباح له ماله على الإطلاق، إذ لم يقل به أحد]. ا هـ. [فيض القدير" (5/ 13)].

6. كراهية الشفاعة في الحدّ إذا رٌفع إلى السلطان: فعن عائشة رضي الله عنها أن قريشًا أهمهم شأن المرأة التي سرقت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في غزوة الفتح، فقالوا : من يُكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن يَجترئُ عليه إلا أسامة بن زيد - رضي الله عنه -، فتلوّن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقال أتشفع في حد من حدود الله عزّ وجلّ ؟ فقال له أسامة : استغفر لي يا رسول الله . فلما كان العشيّ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: (أما بعد، فإنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)، ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت، فقطعت يدها، قالت عائشة فحسنت توبتها بعدُ وتزوجت، وكانت تأتي بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) (متفق عليه). وفي رواية لعائشة - رضي الله عنها - قالت : [كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم بقطع يدها] (متفق عليه).
وفي رواية: [أن امراة كانت تستعير الحلي للناس ثم تُمْسِكُه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لتتب هذه المرأة إلى الله وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - وترد ما تأخذ على القوم)، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : (قم يا بلال فخذ بيدها فاقطعها) [تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2/ 80].

7. الحدود كفارات: فمن أصاب منه شيئًا، وأقيم عليه الحد فهو كفارته : فعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحوله عصابة من أصحابه : (بايِعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفّى منكم، فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به في الدنيا فهو كفارةٌ له، ومن أصاب من ذلك شيئا، ثم ستره الله عليه في الدنيا، فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه). "فبايعناه على ذلك". (متفق عليه).

أما حديث: (ادرؤوا الحدودَ عن المسلمين ما استطعتم؛ فإن كان له مخرجٌ، فخلُّوا سبيلَه، فإنَّ الإمامَ أن يُخطِئَ في العفوِ، خيرٌ من أن يُخطِئَ في العقوبةِ). فإنه لم يصحَّ؛ ضعفه الإمام الألباني بقوله: [هو ضعيف مرفوعا وموقوفا؛ فان مداره على يزيد بن زياد الدمشقى وهو متروك كما فى «التقريب»] انظر: [إرواء الغليل 8/ 25 رقم 2355].

8. ويستحب الستر، ستر المؤمن على أخيه المؤمن المذنب؛ لعل الله تعالى أن يُعينه على التوبة النصوح، وعدم التمادي في المعصية: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة) [مختصر صحيح مسلم 1888].
وسِتر العبد على نفسه أولى من ستر الغير عليه،؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من الجهار: أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول: عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه) (متفق عليه).

9. إذا تاب السارق قبل أن يصل أمره إلى الحاكم أو إلى القضاء فلا تقطع يده. قال تعالى : {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ غ‍ فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [سورة المائدة 38 – 39].

10. إذا عفا صاحب المال عن السارق، ولم يرفعه إلى الحاكم أو السلطان، فلا قطع، وإن رفعه إليه وجب القطع، ولا تنفعه شفاعة الشافعين من الناس، حتى ولو عفا عنه صاحب المال. فعن حميد ابن أخت صفوان عن صفوان بن أمية - رضي الله عنه - قال : (كنت نائما في المسجد علي خميصة لي ثمن ثلاثين درهما ، فجاء رجل فاختلسها منى، فأخذ الرجل، فأتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر به ليقطع، قال : فأتيته فقلت : أتقطعه من أجل ثلاثين درهما ؟ أنا أبيعه، وأنسئه ثمنها، قال : (فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به) (صحيح) أخرجه أبو داود ( 4394 ) والنسائي (2/ 255) وابن الجارود (828) والحاكم (4/380) والبيهقي (8/ 265) [إرواء الغليل رقم 2317].


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس