عرض مشاركة واحدة
  #64  
قديم 01-21-2020, 12:49 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الأحاديث في العمامة

[ 16 ]

الأحاديث في العمامة


الحديث الخامس:
(العمائم تيجان العرب، والاحتباء حيطانها، وجلوس المؤمن في المسجد رباطه). رواه القضاعي والديلمي عن علي رضي الله عنه.

قلت: وهو ضعيف جدًا أيضًا، فقد أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (ق 8/ 1) عن موسى بن إبراهيم المروزي قال: حدثنا موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن أبيه عن علي مرفوعاً .
وكتب بعض المحدثين وأظنه ابن المحب على هامش النسخة تعليقًا على الحديث "ساقط".

قلت: وآفته (موسى بن إبراهيم المروزي) كذبه يحى بن معين، وقال الدارقطني وغيره: متروك، وذكر له الذهبي حديثُا غير هذا وقال إنه من بلاياه !.

هذا هو علة الحديث، وأعله المناوي بعلة أخرى فقال: "قال العامري غريب، وقال السخاوي: سنده ضعيف أي وذلك لأن فيه حنظلة السدوسي، قال الذهبي: تركه القطان، وضعفه النسائي، ورواه أيضاً أبو نعيم وعنه تلقاه الديلمي فلو عزاه المصنف للأصل كان أولى".

قلت: حنظلة هذا ليس في طريق القضاعي كما رأيت فلعله في طريق الديلمي، فإن كان كذلك فكان على المناوي أن يبين ذلك ويفرق بين الطريقين، وينص على علة الطريق الأخرى أيضًا.

ثم إن ما ذَكره من رواية أبي نعيم للحديث وتلقي الديلمي إياه عنه، قد ذكر مثله السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص 291) في حديث ابن عباس الذي قبله لا في حديث علي هذا، فلا أدري أوَهِمَ المناوي في النقل عن السخاوي أم أن الأمر كما ذكرا كلاها ؟ وغالب الظن أنه وهم.

ثم إن مما يوهن الحديث أن البيهقي أخرجه من قول الزهري كما في "المقاصد"، والحديث به أشبه.

الحديث السادس: (العمائم وقار المؤمن وعز العرب، فإذا وضعت العرب عمائمها فقد خلعت عزها) رواه الديلمي.

قلت: رواه من حديث عمران بن حصين، وهو ضعيف جدًا لأن في سنده عتاب بن حرب وقد عرفت حاله من الحديث الرابع.

الحديث السابع: (فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس). رواه أبو داود والترمذي عن ركانة.

قلت: وهذا الحديث هو الشطر الأول من الحديث الثالث -كما تقدم- وذكرت هناك أنه ضعيف جدًا، وقد ضعفه الترمذي نفسه، فقال بعد تخريجه (1/ 330): "هذا حديث غريب، وإسناده ليس بالقائم ولا نعرف أبا الحسن العسقلاني ولا ابن ركانة يعني اللذين في إسناده، وقال الذهبي في ترجمة أبي جعفر هذا: "لا يعرف، تفرد عنه أبو الحسن العسقلاني فمن أبو الحسن؟!"، وقال في ترجمة أبي الحسن هذا: "تفرد عنه محمد بن ربيعة الكلابي في إسناد حديث موضوع (يعني هذا)"؛ قال الخطيب: كان غير ثقة.

وقال الكتاني بعد أن حكى تضعيف الترمذي إياه (34): "وقال السخاوي: هو واه، أي: شديد الضعف".

الحديث الثامن: (عمَّمَ النبي -صلى الله عليه وسلم- علياً ... وقال : هذه تيجان الملائكة). ذكره المناوي.

قلت: ولم أعثر على سنده في شيء من كتب السنة التي وقفت عليها ولا أورده صاحب الدعامة.

وجملة القول: إن هذه الأحاديث كلها ضعيفة جدًا ليس فيها ما يمكن أن يتقوى بالطرق الأخرى لوهائها وشدة ضعفها.

ثم إنني حين أقطع بضعف تلك الأحاديث؛ لا أنسى أن أذكر أن لِبسه -صلى الله عليه وسلم- للعمامة كعادة عربية معروفة قبله -صلى الله عليه وسلم- أمر ثابت في الأحاديث الصحيحة لا يمكن لأحد إنكاره، فإذا انضم إلى ما ذكره فضيلة الشيخ الحامد من أن الإسلام يحب تكوين أهله تكوينًا خاصًا يصونهم عن أن يختلطوا بغيرهم في الهيئات الظاهرة ... إلى آخر كلامه الطيب الذي فصَّلَ القوْل فيه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاقتضاء" فإني في النتيجة ألتقي مع فضيلته في الحضِّ على العمامة.

ولكني لا أراها أمرًا لازمًا لزوم اللحية التي ثبت الأمر بها في الأحاديث الصحيحة معللًا بقوله: (خالفوا المجوس) رواه: (مسلم وغيره)، ولذلك فإني لا أرى الإلحاح في العمامة كثيرًا بخلاف اللحية، وأُنكِرُ أشد الإنكار اهتمام بعض المدارس الشرعية بالعمامة أكثر من اللحية؛ بحيث يأمرون الطلاب بالأولى دون الأخرى أو أكثر منها، ويسكتون عن الطلاب الذين يحلقون لحاهم دون الذين يضعون عمائمهم ! فإن في ذلك قلبًا للحكم الشرعي كما لا يخفى.

وختامًا أسأل الله تبارك بأسمائه الحسنى أن يوفقنا للعمل بما علمنا، وسلامي إلى فضيلة الشيخ الحامد ورحمة الله وبركاته.

محمد ناصر الدين الألباني
دمشق
في 26 / 2 / 1379 هـ

المصدر:
مجلة المسلمون (6/ 906 – 913).
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس