[أبو معاوية البيروتي]

ما صحة مقولة أنَّ أصلُ العرب من اليمن؟

الحمدلله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف المرسلين، نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أمَّا بعد:
فلا يصح أن يقال: "أصلُ العرب من اليمن"؛ لأن هناك قبائل كثيرة ليست من اليمن، كقريش، وهذيل، وكنانة، وفهم، وثقيف، وسـليم، وعتيبة، وعدوان، وسبيع، ومزينة، ومطير، وتميم، وربيعة، وبني حنيفة، وعنزة، وغيرها؛ وكل من كتب عن تاريخ وأصول هذه القبائل لم يذكر أنَّها يمانية الأصل؛ ثُمَّ إنَّ جدهم الأعلى النبي إسماعيل -عليه السلام- لم يولد باليمن، إنما ولد في بيت المقدس، ثم رحل مع والده إلى مكة وهو طفل، وظل فيها إلى مماته في القصة المشهورة، ومِنْ عَقِبِهِ تفرَّعَتْ هذه القبائل المذكورة بالحجاز ونَجْدٍ وأطرافهما، ثم انتقلت إلى البلدان الإسلامية؛ وكان الأولى أن يقال أن "أصل العرب من مكة".

ولعلَّ مقولةَ أنَّ "أصلُ العرب من اليمن"، قِيلَتْ بسببِ كثرةِ القبائلِ اليمانيَّةِ التي تركت اليمن منذ الجاهلية وسكنت الحجاز والشام وغيرها من البلدان، بل وحكم بعضُها مكة، قال النبي ﷺ: "كانَ هذا الأمرُ في حِميَر، فنزعهُ اللهُ منهمْ، وجعلَهُ في قريشٍ، وسيعودُ إليهمْ"، وهو حديث صحيح.

ومن هذه القبائل اليمانية التي سكنت الحجاز والشام قبل مئات السنين: حِميَر بمكة، والأنصار بالمدينة، وبجيلة (بنو مالك) قُرْبَ الطائفِ، وحرب في الحجاز ونجد، وطيء في الجبلين أجا وسلمى، وغيرهم.
أما الشام: فقد سكنها من القبائل اليمانية: جذام، ولخم، وغسان، وعاملة، ودليل ذلك قول النبي ﷺ: "سبأ وَلَدَ عشرة، باليمن منهم ستةٌ، وبالشام منهم أربعةٌ.
أما الشامية: فلخم، وجذام، وعاملة، وغسان". وهو حديث صحيح.

وما بلدٍ من بلادِ الإسلامِ اليومَ إلَّا وللقحطانِيِّين اليمنِيِّين حضور وتكتل، وخاصَّة الحجاز، وجنوب بلادنا السعودية، والشام، والعراق، والمغرب العربي.

كتبه:
إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير
١٣ ذو القعدة ١٤٤٢هـ
مكَّة حرسها الله