عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 01-10-2021, 09:41 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي المُجاهد بقلمه: فضيلة الشيخ علي بن حسن بن عبدالحميد الحلبي الأثري - رحمه الله تعالى-.

تتمــــــة

«كان كثير النُّصح والمحبة لأصحابه، وافر العقل، مواظباً على الاشتغال والإشغال والتّصنيف، لا أعلم في أهل العلم بعده من اشتمل على صفاته، ولا على أكثرها، وشرع في أشياء لم تكمل، وبالجملة فهو ممن نفع الله به وبتصانيفه.
وقيل: له تصانيف لم تكمل كثيرة جداً، وكان كثير الانبساط، حلو النَّادرة، فيه دعابة زائدة، حُفظ عنه في ذلك أشياء لطيفة».

«كان شيخنا له هيبة»، «لسانُ المُلحدين بين يديه مقطوع بسيف نطقهِ الباتر»، وكان إماماً في العقيدة؛ ومعرفة مذاهب الفِرق، ويُحسن الرّد عليهم بالأدلة النَّقلية والعقلية، عارفاً بالخلاف بين المذاهب، شديدَ التَّعصب على المعتزلة والروافض والخوارج، لا يمل مِن البحث، ولا يفتر عنه، حاذق الفكرة، جيد الذكاء»، «كان قوي العارضة، حادّ الذّهن، قوي البديهة، سريع الجواب، عالي الكعب في المناظرة، له براعة في الرَّد على الفرق الضَّالة وإفحام الخصوم، ذلق اللسان، سريع الكتابة، كثير الاشتغال بالتأليف والتَّحرير، كثير الأسفار للمناظرة والانتصار للعقيدة الإسلامية»، «وكان يكثر الرَّد على المبتدعين ويظهر فضائحهم»، «هذا وللشيخ مؤلفات كلها مقبولة عند العلماء محبوبة إليهم، يتنافسون فيها، ويحتجون بترجيحاته، وهو حقيق بذلك، وفي عبارته قوة وفصاحة وسلاسة، تعشقها الأسماع، وتلتذ بها القلوب، ولكلامه وقع في الأذهان، قل أن يمعن في مطالعته من له فهم فيبقى على التقليد بعد ذلك، وإذا رأى كلاماً متهافتاً زيفه ومزقه بعبارات عذبة حلوة، وقد أكثر الحَطَّ على الشّيعة الشّنيعة، وعلى التكفيريين الخوارج، وله حجة قاطعة عليهم لا يستطيعون أن ينطقوا في جواب تحفته ببنت شفة»، «كان في آخر عمره غلبت عليه الحمية الدّينية، والغيرة للشّرع والسُّنة النّبويّة، فكان لا يتحمل تفريطاً فيها، وقد تعتريه الحدَّة في ذلك ويعلو صوته، ويشدُدِ الإنكار على من خالف السنة أو استخف بشعائر الإسلام، وكان شديد الحبِّ لأساتذته ومشايخه وعلمائه، شديد الغيرة فيهم»، «رام دقائق العربية، رقيق الطباع، دقيق الفكر بلا دفاع، علمه متين، وعقله رصين، وأدبه باهر، وشعره زاهر».
وكان لصيقاً بشيخه الألباني – حيّاً وميتا! -، «فكانا على طريقة جميلة من حسن الصحبة، وصحة النية، وسلامة الطوية؛ حتى كأنهما روحان في جسد».

هنيئناً لك يا أبا الحارث!

«وبالجملة؛ فلقد كان ممن يتجمل به الوقت».

«فدع عنك قول الحاسد العذول، والأشر المخذول، فإنَّ وبال حسده راجعٌ إليه وآيِلٌ عليه، {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}،(1)
فمن نال مِن هذا الإمام، الهادي إلى سنة خير الأنام؛ فقد باء بالخسران المبين، وما أحسن ما قال القائل:

ألا قل لمن كان لي حاسداً *** أتدري على مَن أسأت الأدب

أسأت على الله في ملكـــه *** لأنك لــم ترض لي مـا وهب.


اللهم: زد هذا الإمام شرفاً ومجداً، واخذل شانئيه ومعاديه، ولا تبق منهم أحداً، هذا ما أعلمه وأتحققه في الشيخ الحلبي -رحمه الله-، والله يتولى السرائر».


يُتبع إن شاء الله تعالى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) [سورة النساء: 54].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس