عرض مشاركة واحدة
  #208  
قديم 07-29-2018, 06:32 PM
طارق ياسين طارق ياسين غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 1,070
افتراضي

• غُدَّةٌ كَغُدَّةِ البَعِيرِ وَمَوْتٌ في بيْتِ سَلُولِيَّةٍ!


يُضربُ في اجتماع خَصْلَتينِ إِحداهُما شَرٌّ من الأُخرى.


قال الميداني:
ويروى: (أَغُدَّةً) و(مَوتاً) نَصْباً على المصدر؛ أَي: أَؤُغَدُّ إِغْدَاداً وأَموتُ موتاً؟ يُقال: (أَغَدَّ البعيرُ) إِذا صار ذا غُدَّةٍ، وهي طاعونةٌ.
ومَن روى بالرفع فتقديره: غُدَّتي كغُدةِ البعيرِ ومَوتي موتٌ في بيتِ سَلوليةٍ.
وسَلُولٌ عندَهم أَقلُّ العربِ وأَذَّلُّهم، قال شاعرٌ يذكرُ ذِلَّةَ سَلُولٍ:


إلى الله أَشْكُو أننَّي بتُّ طَاهِراً ... فَجَاء سَلُولي فبَالَ عَلى رِجْلي
فقلت اقطعُوهَا بارَكَ الله فيكُمُ ... فإنِّي كَريمٌ غيرُ مُدْخِلِهَا رَحْلي


وهذا من قولِ عامرِ بنِ الطُّفَيْلِ لما قَدِمَ على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وقدم معه أَرْبَدُ بنُ قيسٍ أخو لَبيدِ بنِ ربيعةَ العامريِّ الشاعرِ، أَخوه لأُمِّهِ، فقال رجل: يا رسولَ الله هذا عامرُ بنُ الطُّفَيلِ قد أقبل نحوكَ فقال: دعْهُ؛ فإِنْ يُردِ اللهُ –تعالى- به خيراً يَهْدِهِ.
فأَقبل حتى قام عليه فقال: يا محمدٌ مالي إِن أَسلمتُ؟ قال: لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم،
قال: تجعلُ ليَ الأَمرَ بعدَك؟
قَال: لا؛ ليس ذاك إِليَّ؛ إنما ذاك إِلى الله –تعالى- يجعلُه حيث يشاءُ،
قال: فتَجْعَلُني على الوَبَرِ وأنت على المَدرِ؟
قال: لا،
قال: فماذا تجعلُ لي؟
قال -صلى الله عليه وسلم-: أَجعلُ لك أَعِنَّةَ الخيلِ تَغزو عليها،
قال: أَوَ ليس ذلك إِليَّ اليومَ؟
وكان أَوصى إِلى أَرْبدَ بنِ قيسٍ: إِذا رأَيْتَني أُكلمه فَدُرْ من خَلفِه فاضرِبْه بالسيفِ. فجعل عامرٌ يُخاصمُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- ويراجعُه فدار أَربدُ خلفَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لِيضربَه، فاخترط من سيفِه شِبراً ثم حبَسَه اللهُ –تعالى- فلم يَقدرْ على سَلِّهِ، وجعل عامرٌ يُومئُ إِليه، فالتفتَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فرأَى أَربدَ وما يصنعُ بسيفِه،
فقال -صلى الله عليه وسلم-: اللهم اكفِينِيهِما بما شِئتَ،
فأَرسل اللهُ –تعالى- على أَرْبدَ صاعقةً في يومٍ صائفٍ صاحٍ فأَحرقتْهُ، وولَّى عامرٌ هارباً، وقال: يا محمدُ دعوتَ ربَّك فقتل أَربدَ، واللهِ لأَملأَنَّها عليك خيْلاً جُرْداً وفِتياناً مُرْداً،
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: يمنعُك الله –تعالى- من ذلك وابنا قَيْلَةَ -يريدُ الأَوسَ والخزرجَ- فنزلَ عامرٌ ببيتٍ امرأَةٍ سَلُولَّيةٍ، فلما أَصبحَ ضَمَّ عليه سلاحَهُ وخرج وهو يقول: واللاتِ لَئِن أَصْحَرَ محمدٌ إِليَ وصاحبُه -يعني ملكَ الموت- لأَنْفُذَنَّهما برمحي، فلما رأَى اللهُ –تعالى- ذلك منه أَرسل مَلكاً فلَطَمه بجناحِه فأَذرأَه في الترابِ، وخرجتِ على ركبتِه غُدَّةٌ في الوقتِ عظيمةٌ فعاد إلى بيتِ السَّلوليةِ وهو يقول: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ البعيرِ وموتٌ في بيتِ سَلوليةٍ! ثم مات على ظهرِ فرسِه.اهـ.

وقد رثاه أخاه لبيد ومما قاله فيه البيت المشهور:


ذهب الذين يُعاشُ في أَكنافِهم ... وبقيتُ في خَلَفٍ كجلدِ الأَجربِ


وقصة عامر وأَربدَ مع النبي -صلى الله عليه وسلم- رواها الطبراني والبيهقي.
__________________
.
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ)
رد مع اقتباس