عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 04-19-2021, 03:44 AM
طارق ياسين طارق ياسين غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 1,070
افتراضي

.
- الدعوةُ إلى وحدةِ الأَديانِ، أو التقاربِ بينَها، أو الدعوةُ إلى المساواةِ في الأحكام والحقوقِ بين أَهلِ المِللِ تحت شعارِ "المواطنة"؛ ليكونَ الإسلامُ كغيره من المِلل الكافرة؛ مجردَ ملةٍ من الملل؛ للتهوين من شأنه. وكذلك الدعوةُ إلى حريةِ الأديان، واتخاذُ شعاراتٍ مُخادعةٍ لذلك، مثلِ: قَبولُ الآخرِ، والإنسانيةِ والحريةِ، وما شابهَ من الشعاراتِ البراقةِ الخادعةِ؛ من أَجل تسهيل نشر الإلحاد والكفر وتسهيل الارتدادِ عن الدين لضعافِ القلوب من المسلمين. نعم: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} لكن ليس من خلالِ التنازلِ عن العقيدةِ، وتركِ الولاءِ والبراءِ على أَساسِها، وليس من خلالِ مُداهنةِ الآخرين، أو عدمِ إِنكارِ المنكراتِ، خاصةً من الكفريات والشركيات الظاهرة، وليس من خلالِ السماحِ بحريةِ تركِ الإِسلامِ وعدمِ إِقامةِ حَدِّ الرِّدةِ، ولا من خلالِ السماحِ لغير المسلمين بالدعوةِ إلى دينِهم وتعظيمِ آلهتِهم علانيةً.
قال اللهُ تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}.

وقد أَنزلَ اللهُ سورةَ الكافرون للبراءةِ من كلِّ عقيدةٍ سِوى الإسلامِ القائمِ على التوحيدِ الخالصِ، وأَعلن المُمايزةَ والمفاصلةَ التامةِ بيننا وبينهم في العقيدةِ والعبادة، فقال سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ(2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ(4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ(5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(6)}، وقوله: {لَكُمْ دِينُكُمْ} ليس المرادُ منه إقرارَهم على دينهم الباطل، إنما لإِعلان البراءةِ مما هم عليه والتمايز الواضح بين الحق والباطل، كما قال سبحانه: {أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ}.
وكذلك قال اللهُ تعالى في مسألةِ الولاءِ والبراءِ على أَساسِ عقيدةِ التوحيد: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ، رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}. وقال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}.
وقال صلى الله عليه وسلم في شأن المُرتدِّ: (مَن بدَّلَ دينَه فاقتلوه) رواه البخاري والترمذيُّ وقال: والعملُ على هذا عند أَهلِ العلمِ في المرتدِّ. واختلفوا في المرأةِ إِذا ارتدَّتْ عن الإسلام، فقالت طائفةٌ من أَهل العلم: تُقتل، وهو قولُ الأَوزاعيِّ وأَحمدَ وإسحقَ. وقالت طائفة منهم: تُحبس ولا تقتل، وهو قولُ سفيانَ وغيرِه من أهل الكوفة.

نعم الإسلامُ أَعطى أهلَ الذِّمةِ وأَهلَ العهدِ من غيرِ المسلمين حقوقًا، ولهم الأَمنُ والحمايةُ من المسلمين ما التزموا بالشروطِ المأخوذةِ عليهم، والعُهدةُ العمرية شاهدةٌ بذلك، ولا يجوزُ الاعتداءُ على أموالِهم أو أَعراضِهم، ولهم إقامةُ شَعائرِهم التعبديةِ في خاصةِ أنفسِهم، لكن ليس لهم أن يُظهروها، ويُقَرّون على أحكام النكاحِ والطلاقِ وغيرها من الأحكام التي تَخصُّهم.
لكن الإسلامَ فرّقَ بين المسلمين وأَهلِ الذمةِ، وغيرهم من الكفار الذين يعيشون في ديار الإسلام في أُمورٍ كثيرةٍ ليتمايزَ أَهلُ الحقِّ من أَهلِ الباطلِ، ولتظهرَ عزةُ الإسلام:
فمنها: أنه لا يُبدأ الكافرُ بالسلام ولا يُوسّعُ له في الطريق، ففي صحيح مسلم أّنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تَبدءوا اليهودَ ولا النصارى بالسلامِ، فإذا لقِيتُم أَحدَهم في طريقٍ فاضطروه إلى أَضيقِه) وليس المراد تَعمُّد التضييقِ عليه، لكن القصدُ: لا توسعوا له بأن تَتَنحَوْا عن الطريق لتُسهِّلوا له المرور، بل هو الذي يتَنَحى ليَمرّ المسلم.
ومنها: لا يجوز لغير المسلم أن يتزوج المسلمةَ، قال تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا المُشْرِكينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}.
ومنها: أنه لا يجوز لكافرٍ أن يتولى على المسلمين الولايةَ العامة، وهذا بالإجماع. قال النووي في "شرح صحيح مسلم": قال القاضي عياض: أَجمع العلماءُ على أَن الإمامةَ لا تنعقدُ لكافرٍ، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفرُ انعزلَ.
ومنها: أنه لا يجوز لهم بناء المعابد الكفرية من الكنائس وغيرها، وكذلك لا يجوز ترميمُ كنائسِهم ولا معابدِهم القديمةِ. وهذه من الشروط التي أخذها عمرُ رضي الله عنه، على نصارى الشام. وجاء في "فتاوى السُّبكي": فإنّ بناءَ الكنيسةِ حرامٌ بالإجماع، وكذا ترميمُها. انتهى. وفي حديثٍ فيه ضعفٌ: (لا تصلُح قِبلتان في أرضٍ واحدة) رواه أبو داود.
ومنها: أنهم لا يُعطَوْن من الزكاةِ إلا المؤلفةُ قلوبُهم، لكن يُعطَوْن من الصدقاتِ.
ومنها: أنه لا يُقتل مسلم بكافر. وغير ذلك من الأحكام التي تدل على أنه لا مساواةَ من كلِّ وجهٍ في الأحكامِ والحقوقِ بين المسلمِ والكافر، إنما هو العدلُ معهم.

هذا ما تيسر لي جمعُه حتى الآن، أسأل الله أن ينفعنا به.
وسأتوقف بسبب بعض الظروف والصعوبات، ولعل الله ييسر الاتمام لاحقا.
والحمد لله رب العالمين.
__________________
.
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ)
رد مع اقتباس