عرض مشاركة واحدة
  #160  
قديم 01-12-2022, 07:29 PM
طارق ياسين طارق ياسين غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 1,071
افتراضي

.
* قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)} التحريم.

عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُحِبُّ الْعَسَلَ وَالْحَلْوَاءَ، وَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَغِرْتُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لِي: أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةً مِنْ عَسَلٍ، فَسَقَتِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْهُ شَرْبَةً،
فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ،
فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: إِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ، فَإِذَا دَنَا مِنْكِ فَقُولِي: أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: لاَ، فَقُولِي لَهُ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِي أَجِدُ مِنْكَ؟ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فَقُولِي لَهُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ، وَسَأَقُولُ ذَلِكَ، وَقُولِي أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ ذَاكِ.
قَالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ قَامَ عَلَى الْبَابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُبَادِيَهُ بِمَا أَمَرْتِنِي بِهِ؛ فَرَقًا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا قَالَتْ لَهُ سَوْدَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَتْ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِي أَجِدُ مِنْكَ؟
قَالَ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ.
فَقَالَتْ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ.
فَلَمَّا دَارَ إِلَيَّ قُلْتُ لَهُ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَى صَفِيَّةَ قَالَتْ لَهُ مِثْلَ، ذَلِكَ فَلَمَّا دَارَ إِلَى حَفْصَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلاَ أَسْقِيكَ مِنْهُ؟
قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ.
قَالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: وَاللَّهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ!
قُلْتُ لَهَا: اسْكُتِي.
وفي روايةٍ: فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ،
فَقَالَ: لاَ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ لَهُ، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إِلَى {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ} لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ} لِقَوْلِهِ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً.

وجاء في نزول هذه الآياتِ سببٌ آخر، فعَنْ أَنَسٍ -رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ يَطَؤُهَا، فَلَمْ تَزَلْ بِهِ عائِشةُ حَفْصَةُ حَتَّى جَعَلَهَا عَلَى نَفْسِهِ حَرَامًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هَذِهِ الآيَةَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. رواه البيهقيُّ والحاكم وصححه وأَقره الذهبي وقال: على شرط مسلم. ورواه النسائي وفيه: (فَلَمْ تَزَلْ بِهِ عائشةُ وحَفْصَةُ..) وصححه ابنُ حجر في "الفتح"، وقال: هذا أَصحُّ طرق هذا السببِ، وله شاهد مرسل أخرجه الطبري بسند صحيح عن زيد بن أسلم.

وقد صححه الألباني.

وفي تفسير ابن كثير:
وقال الهيثمُ بنُ كُلَيب في مسندِه: حدثنا أبو قِلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، حدثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدثنا جريرُ بن حازم، عن أَيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر قال: قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لحفصةَ: "لا تخبري أحدًا، وإِنَّ أُمَّ إِبراهيمَ عليَّ حرامٌ".
فقالت: أَتُحَرّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لك؟
قال: "فوالله لا أَقْرَبُها".
قال: فلم يَقرَبْها حتى أَخبرتْ عائشةَ.
قال: فأنزل اللهُ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}
وهذا إسناد صحيح، ولم يخرجه أَحد من أصحابِ الكُتبِ الستةِ.اهـ.

قال ابن حجر:
يحتمل أن تكون الآيةُ نزلت في السبَبَيْنِ معا.

وقال الشوكاني في "فتح القدير":
فهذان سَبَبان صحيحان لنزول الآيةِ، والجمعُ مُمكنٌ بوقوعِ القصَّتين؛ قصةِ العسلِ، وقصةِ مارية، وأَنّ القرآنَ نزل فيهما جميعا، وفي كلِّ واحدٍ منهما أَنَّه أَسَرَّ الحديثَ إِلى بعضِ أَزواجِه.اهـ.

قوله: (جَرَست نحلُه العُرْفُط)
قال في "النهاية": جَرست: أي أَكلت. يقال للنَّحل: الجوارِس. والجَرْسُ في الأَصل الصَّوتُ الخفيُّ.
والعُرفط: شجَرُ الطَّلْح، وله صَمْغٌ كريهُ الرَّائحةِ، فإذا أكَلتْه النَّحلُ حصَل في عسلِها من ريحِه.
__________________
.
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ)
رد مع اقتباس