عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-08-2017, 02:46 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي فرق علم الكلام - المرجئة

فرق علم الكلام

1. المرجئة :
فرقة كلامية منحرفة ظهرت في آخر القرن الأول، آخر عصر الصحابة - رضي الله عنهم - في إمارة ابن الزبير وعبد الملك ابن مروان رحمهم الله - تعالى -؛ تنتسب إلى الإسلام، لها آراء ومفاهيم عقيدية خاطئة في مفهوم الإيمان، أحدثت بدعة المرجئة والقدرية.

فمنهم من قال : الإيمان قول باللسان، وتصديق بالجنان، وبعضهم اقتصره على قول اللسان.

والبعض الآخر اكتفى في تعريفه بأنه : التصديق، وغالى آخرون منهم فقالوا : إنه المعرفة.

وأخرج المرجئة الأعمال عن مسمى الإيمان، فقالوا : لا يضر مع الإيمان ذنب، فنشأ عندهم : "عدم القول بزيادة الإيمان ونقصانه".

فالمرجئة جعلوا صاحب الكبيرة في منزلة كامل الايمان. مع اعتبار الأوائل منهم لأهمية الأعمال، حيث عدّوها من لوازم الإيمان، ورتّبوا على الإخلال بها الوعيد، وعلى العمل بها الزيادة في الثواب.

وذلك عكس المتأخرين منهم الذين تساهلوا في لوازم دخول الأعمال في مسمى الإيمان من ولاء وبراء وتحقيق للوعيد ، وإنكار المنكر.

أما مقولة أن الإنسان حرٌّ مختارٌ بشكل مطلق، وهو الذي يختار أفعاله بنفسه، وذلك يعني نفي القدر، والإرجاء، فأول من قال به : ذر بن عبد الله المذحجي، ثم تابعه غيلان الدمشقي في عهد عمر بن عبد العزيز، وقتله هشام بن عبد اللك.

وقاله الجعد بن درهم، وقاله معبد الجهني الذي خرج على عبد الملك بن مروان مع عبد الرحمن بن الأشعث، وقد قتله الحجاج بعد فشل حركته عم 80 هـ.

وكذلك قالها غيلان الدمشقي، وقيل أن أول من وضع الإرجاء هو : أبو سلت السمان (ت 152).

ولا يخفى ما ولّده الإرجاء من لوازم تركت آثارًا مدمرة على مسيرة الأمة الإسلامية ونهضتها الحضارية. فقد تأثرت بالإرجاء فرق يمكن إجمالها بما يلي :

فمنهم من قال أن الإيمان تصديق القلب وقول اللسان : فهم مرجئة فقهاء الحنيفية رحمهم الله.

ومن قال بأن الإيمان باللسان فقط : فهم الكرّامية، وبالتالي فالمنافقون عندهم مؤمنون كاملو الإيمان، مع قولهم أنهم يستحقون الوعيد الذي توعدهم الله - تعالى - به.

ومن قال منهم بأن الإيمان تصديق بالقلب فقط : فهو أبو منصور الماتريدي ومن وافقه من الأشاعرة، وعليه فإن أبا طالب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندهم مؤمنًا كامل الإيمان لقوله :

ولقد علمت أن دين محمــد *** من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة *** لوجدتني سمحًا بذاك مبينا.

ومن غالى فقال : إنه المعرفة فقط.
وهو قول الجهم ابن صفوان ومن وافقه، ويلزم من قولهم هذا أن إبليس وفرعون كانا كامليْ الإيمان، وأن معنى الكفر عندهم هو الجهل بالرب - تبارك وتعالى - فقط وهذا أشد أنواع الإرجاء وأخطرها.

عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (صنفان من أمتي لا يَرِدانِ عليَّ الحوض القدرية والمرجئة) [السلسلة الصحيحة 2748].

أما أهل السنة والجماعة فهم وسط بين هذه الفرق، إذ أن الإيمان عندهم تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي.

إن الإيمان ليس مجرد المعرفة دون الإقرار والخضوع والانقياد الذي ينبغي أن يعلنه اللسان، ويظهر أثره على الجوارح.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس