عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-20-2013, 02:20 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي من الخطب الجوامع في توجيهات الحجاج.

من الخطب الجوامع في توجيهات الحجاج.

1. توجيهات للحجاج لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمدُ لله الذي بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالهدى ودين الحق رحمة للعالَمين، وقدوة للعاملين، وحجة على العباد أجمعين، واختار له دينًا قِيمًا مبنيًّا على الإخلاص والتيسير، فليس في دين الله حرج ولا شدّة ولا تعسير، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلَقَ فأتقَنَ وشرعَ فأحكَمَ وهو خير الحاكمين، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى على الخلق أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا. أما بعد :

أيها الناس ! فإنكم تستقبلون في هذه الأيام السفرَ إلى بيت الله الحرام، ترجون من ربكم مغفرة الذنوب والآثام، وتؤمّلون الفوز بالنعيم المقيم في دار السلام، وتؤمنون بالخلف العاجل من ذي الجلال والإكرام.

أيها المسلمون ! إنكم تتوجهون في زمان فاضل إلى أمكنة فاضلة ومشاعر معظّمة تؤدّون عبادة من أجَلِّ العبادات، نسأل الله تعالى ألا يكون عملنا فخرًا ولا رياءً ولا نزهة ولا طربًا، ونسأله تعالى أن يجعل جميع أعمالنا يُراد بها وجهه والدار الآخرة .

فأدّوا - أيها المسلمون - هذه العبادة كما أُمرتم من غير غلوٍٍّ ولا تقصير؛ ليحصل لكم ما أردتم من مغفرة الذنوب والفوز بالنعيم المقيم، قوموا في سفركم وفي إقامتكم بِما أوجب الله عليكم من الطهارة والصلاة وغيرهما من شعائر الدين، إذا وجدتم الماء فتطهّروا به للصلاة، ﴿فإن لم تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ [سورة المائدة: 6].

«أدّوا الصلاة جماعة ولا تتشاغلوا عنها بأي شغل؛ فإن الشغل يمكن قضاؤه بعد الصلاة» (1).
«صلّوا الرباعية قصرًا، فصلّوا الظهر والعصر والعشاء الآخرة على ركعتين من خروجكم من بلدكم إلى رجوعكم إليها» (2) «إلا أن تصلّوا خلف إمام يُتِمّ الصلاة فأتِمّوها أربعًا» (3).

«اجمعوا بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمعَ تقديم أو تأخير حسب ما يتيسّر لكم إن كنتم سائرين» (4) «أما إذا كنتم مقيمين في مكة أو مِنى أو غيرهما فالسنّة ألا تجمعوا» (م 1).

«وصلّوا من النوافل الوتر وراتِبة الفجر وما شئتم من التطوّع» (5) «إلا راتبتي الظهر وراتِبة المغرب وراتِبة العشاء» (6) فهذه الثلاثة من التطوّعات السنّة ألا تصلّوها، وأما ما عداها من التطوّع فإنه باقٍ على سُنّيته حضرًا وسفرًا.

تخلَّقوا بالأخلاق الفاضلة من الصدق والسماحة وبشاشة الوجه والكرم بالمال والبدن والجاه وأحْسِنوا إن الله يحب المحسنين، واصبروا على المشقة والأذى فإن الله مع الصابرين، «وقد قيل: إنما سُمِّي السفر سفرًا؛ لأنه يُسفر عن أخلاق الرجال» (م 2) ويُبَيِّنها ويظهرها.

فإذا وصلتم الميقات فاغتسلوا وتطيّبوا في أبدانكم في الرأس واللحية والبسوا ثياب الإحرام غير مطيّبة، البسوا إزارًا ورداءً أبيضيْن للذكور وللنساء ما شئنَ من الثياب غير متبرجات بزينة .
لا تجاوزوا الميقات بدون إحرام، أحْرِموا من أول ميقات تَمُرّون به؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقَّتَ المواقيت وقال: «هنَّ لهنّ ولِمَن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ» (7).

ومَنْ كان في الطائرة فلْيتهيأ للإحرام من قبل ثم ينوي الإحرام إذا حاذى الميقات قبل مجاوزته، ولا يجوز للإنسان أن يؤخّر الإحرام إلى جدة كما يفعله بعض الناس؛ «فإن هذا خلاف ما جاءت به السنّة» (8).

«وإذا أردتم الإحرام فأمامكم ثلاثة وجوه من الإحرام: إما التمتّع، وإما القِران وإما الإفراد» (9) «والتمتّع: أفضل لغير مَنْ ساق الهدي» (10).

وعلى هذا فإذا وصلتم إلى الميقات فأحرموا بالعمرة ثم سيروا إلى مكة مُلبِّين بتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك» (11).
«يرفع الرجال أصواتهم بذلك» (12)، أما النساء فلا يرفعنَ أصواتهنّ بها .


يُتبع بإذن الله - تعالى -.
__________

(1) أخرجه البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الأذان] باب: وجوب صلاة الجماعة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، رقم [608-609]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [المساجد ومواضع الصلاة] وبوَّب له مسلم بابًا سماه: باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلّف عنها، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، ت ط ع .
(2) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصلاة] رقم [337]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] رقم [1105] من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها.
(3) أخرجه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في [الموطأ] من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما في كتاب [النداء للصلاة] باب: صلاة المسافر وإذا كان إمامًا أو كان وراء إمام، رقم [316] وفي الجزء [1] صفحة [149] والحديث رقم [348].
(4) أخرجه البخاري -رحمه الله- في كتاب [الجمعة] من حديث عمر رضي الله عنه، رقم [1041-1042]، وأخرجه مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] من حديث ابن عمر رضي الله عنه، رقم [1145] وفي رواية له من حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه .
(5) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما في كتاب [الجمعة] باب: الوتر في السفر، رقم [945]، وأخرجه البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الجمعة] باب: المداومة على ركعتي الفجر، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم [1089]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: استحباب ركعتي الفجر والحث عليهما وتخفيفهما والمحافظة عليهما، وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم [1191]، وأخرجه مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت به، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، رقم [1136].
(6) أخرجه البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الجمعة] رقم [1038]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] رقم [1112]، وأخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى، رقم [4531] من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، ت ط ع .
(7) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الحج] رقم [1427]، وأخرجه الإمام -رحمه الله تعالى- في كتاب [الحج] رقم [2022] من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
(8) سبق تخريجه في الحديث السابق رقم [10] .
(9) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [الحج] باب: التمتع والقِران الإفراد بالحج وفسخ الحج لِمَن لم يكن معه الهدي، رقم [1460]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث جابر بن عبد الله الطويل -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الحج] باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم [2137] وفي رواية له من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [الحج] باب: وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقِران وجواز إدخال الحج على العمرة ومتى يحل القارن من نسكه، رقم [2109] .
(10) سبق تخريجه في الحديث رقم [10] .
(11) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الحج] رقم [1448]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الحج] رقم [2029] من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما.
(12) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الحج] باب: رفع الصوت بالإهلال، رقم [1447] من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الحج] باب: التقصير في العمرة، رقم [2190] [2191] من حديث جابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما.
(م 1) انظر إلى هذه المسألة في : [مجموع الفتاوى] ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في المجلد [26] صفحة [141].
(م 2) انظر إلى هذه المقولة في : كتاب [كشف الخفاء] المجلد [2] صفحة [465] رقم [11480] .
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس