عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 11-07-2012, 06:34 PM
ام البراء ام البراء غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 952
افتراضي

قصة أصحاب الفيل

هَذِهِ مِنْ نعم الله عَلَى قُرَيْش فِيمَا صَرَفَ عَنْهُمْ مِنْ أَصْحَاب الْفِيل الَّذِينَ كَانُوا قَدْ عَزَمُوا عَلَى هَدْم الْكَعْبَة فَأَخذهم اللَّه.

كانت قريش آنذاك تعبد الأصنام، وأبرهة وجنوده نصارى -أهل كتاب- ودينهم أقرب حالاً من دين قريش، ورغم ذلك نصر الله قريشا لا لخيريّتهم بل حماية لبيته الذي سيشرفه ويعظمه ببعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- .

وَهَذِهِ قِصَّة أَصْحَاب الْفِيل:
َأَرْسَلَ أَبَرْهَة يَقُول لِلنَّجَاشِيِّ: إِنِّي سَأَبْنِي كَنِيسَة بِأَرْضِ الْيَمَن لَمْ يُبْنَ قَبْلهَا مِثْلهَا .
وَعَزَمَ أَبَرْهَة الْأَشْرَم عَلَى أَنْ يَصْرِف حَجّ الْعَرَب إِلَيْهَا كَمَا يُحَجّ إِلَى الْكَعْبَة بِمَكَّة وَنَادَى بِذَلِكَ فِي مَمْلَكَته فَكَرِهَتْ الْعَرَب ذَلِكَ وَغَضِبَتْ قُرَيْش لِذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى قَصَدَهَا بَعْضهمْ لَيْلًا فَأَحْدَثَ فِيهَا خرابا وهرب فَلَمَّا رَأَى أَبَرْهَة وحرسه ذلك قالوا: إِنَّمَا صَنَعَ هَذَا بَعْض قُرَيْش غَضَبًا لِبَيْتِهِمْ، فَأَقْسَمَ أَبَرْهَة لَيَسِيرَنَّ إِلَى بَيْت مَكَّة وَلَيُخَرِّبَنَّهُ حَجَرًا حَجَرًا .
فَلَمَّا سَمِعْت الْعَرَب بِمَسِيرِهِ أَعْظَمُوا ذَلِكَ جِدًّا وَرَأَوْا أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِمْ حماية الْبَيْت والدفاع عنه فدعوا إِلَى حَرْب أَبَرْهَة وَجِهَاده فَقَاتَلُوه فَهَزَمَهُمْ لِمَا يُرِيدهُ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ كَرَامَة الْبَيْت وَتَعْظِيمه .
فَلَمَّا اقترب أبرهة مِنْ مَكَّة نَزَلَ هناك وَأَغَارَ جَيْشه عَلَى سَرْح أَهْل مَكَّة مِنْ الْإِبِل وَغَيْرهَا فَأَخَذُوهُ وَكَانَ فِي السَّرْح مِائَتَا بَعِير لِعَبْدِ الْمُطَّلِب .

وأرسل أَبَرْهَة إِلَى مَكَّة وَأَمَرَ بِأَشْرَف قُرَيْش وَأَخبرهم أَنَّه لَمْ يَجِئ لِقِتَالِهُمْ إِلَّا أَنْ يصُدُّوهُ عَنْ الْبَيْت.
فَقَالَ عَبْد الْمُطَّلِب لرسول أبرهة: وَاَللَّه مَا نُرِيد حَرْبه وَمَا لَنَا بِذَلِكَ مِنْ طَاقَة هَذَا بَيْت اللَّه الْحَرَام وَبَيْت خَلِيله إِبْرَاهِيم فَإِنْ يَمْنَعهُ مِنْهُ فَهُوَ بَيْته وَحَرَمه وَإِنْ يُخَلِّ بَيْنه وَبَيْنه فَوَاَللَّهِ مَا عِنْدنَا دَفْع عَنْهُ.
ولما ذهب عبد المطلب إلى أبرهة :
وَقَالَ -أبرهة- لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ مَا حَاجَتك ؟
فَقَالَ عبد المطلب لِلتُّرْجُمَانِ: إِنَّ حَاجَتِي أَنْ يَرُدّ عَلَيَّ الْمَلِك مِائَتَيْ بَعِير أَصَابَهَا لِي.
فَقَالَ أَبَرْهَة لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: أَتُكَلِّمُنِي فِي مِائَتَيْ بَعِير أَصَبْتهَا لَك وَتَتْرُك بَيْتًا هُوَ دِينك وَدِين آبَائِك قَدْ جِئْت لِهَدْمِهِ لَا تُكَلِّمنِي فِيهِ ؟!
فَقَالَ لَهُ عَبْد الْمُطَّلِب: إِنِّي أَنَا رَبّ الْإِبِل وَإِنَّ لِلْبَيْتِ رَبًّا سَيَمْنَعُهُ .
قَالَ: مَا كَانَ لِيَمْتَنِع مِنِّي.
وَرَدَّ أَبَرْهَة عَلَى عَبْد الْمُطَّلِب إِبِله وَرَجَعَ عَبْد الْمُطَلِّب إِلَى قُرَيْش فَأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّة وَالتَّحَصُّن فِي رُؤوس الْجِبَال تَخَوُّفًا عَلَيْهِمْ مِنْ الْجَيْش ثُمَّ قَامَ عَبْد الْمُطَّلِب فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ بَاب الْكَعْبَة وَقَامَ مَعَهُ نَفَر مِنْ قُرَيْش يَدْعُونَ اللَّه وَيَسْتَنْصِرُونَ عَلَى أَبَرْهَة وَجُنْده.

فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبَرْهَة تَهَيَّأَ لِدُخُولِ مَكَّة وَهَيَّأَ فِيله وَكَانَ اِسْمه مَحْمُودًا، وَجهز جَيْشه.
فَلَمَّا وَجَّهُوا الْفِيل نَحْو مَكَّة برك!
وَضَرَبُوا الْفِيل لِيَقُومَ فَأَبَى، فَضَرَبُوه لِيَقُومَ فَأَبَى!
فَوَجَّهُوهُ رَاجِعًا إِلَى الْيَمَن فَقَامَ يُهَرْوِل!
وَوَجَّهُوهُ إِلَى الشَّام فَفَعَلَ مِثْل ذَلِكَ!
وَوَجَّهُوهُ إِلَى الْمَشْرِق فَفَعَلَ مِثْل ذَلِكَ!
وَوَجَّهُوهُ إِلَى مَكَّة فَبَرَكَ!

قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ(2)وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ(4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ(5))
-أبابيل: طَيْرًا مُتَفَرِّقَة , يَتْبَع بَعْضهَا بَعْضًا مِنْ نَوَاحٍ شَتَّى (تفسير الطبري)
-من سجيل: من طين (تفسير الطبري)
-مما جاء في معنى العصف: التِّبْن، وَرَق الْحِنْطَة، الْقِشْرَة الَّتِي عَلَى الْحَبَّة كَالْغِلَافِ عَلَى الْحِنْطَة، وَرَق الزَّرْع وَوَرَق الْبَقْل إِذَا أَكَلَتْهُ الْبَهَائِم فَرَاثَتْهُ فَصَارَ دَرِينًا .

وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَهْلَكَهُمْ وَدَمَّرَهُمْ .
**************
فائدة: رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَطَلَّ يَوْم الْحُدَيْبِيَة عَلَى الثَّنِيَّة الَّتِي تَهْبِط بِهِ عَلَى قُرَيْش بَرَكَتْ نَاقَته فَزَجَرُوهَا فَأَلَحَّتْ فَقَالُوا: خَلَأَتْ الْقَصْوَاء أَيْ حَرَنَتْ، فَقَالَ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( مَا خَلَأَتْ الْقَصْوَاء وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِس الْفِيل ).. وَالْحَدِيث مِنْ أَفْرَاد الْبُخَارِيّ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْم فَتْح مَكَّة: " إِنَّ اللَّه حَبَسَ عَنْ مَكَّة الْفِيل وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُوله وَالْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّهُ قَدْ عَادَتْ حُرْمَتهَا الْيَوْم كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ أَلَا فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِد الْغَائِب " .

المرجع: تفسير ابن كثير باختصار وتصرف يسير.
__________________
زوجة أبي الحارث باسم خلف
رد مع اقتباس