عرض مشاركة واحدة
  #245  
قديم 12-03-2021, 11:33 PM
طارق ياسين طارق ياسين غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 1,070
افتراضي

.
- قد حِيلَ بين العَيْرِ والنَّزَوانِ.

يُضربُ فيمن يُحالُ بينه وبين مُرادِه.

وأولُ من قَال ذلك صَخْر بن عمْرو أخو الخَنْسَاء
قَال ثَعلبُ: غزا صَخرُ بنُ عمرو بني أَسدِ بنِ خُزَيمةَ، فاكتسحَ إِبِلَهم، فجاءهم الصَّرِيخُ، فركبوا فالتَقَوْا بذاتِ الأثل فَطعنَ أَبو ثَوْرٍ الأَسدي صَخْراً طعنةً في جَنْبِه، وأَفلتَ الخيلَ، فلم يُقْعَصْ مكانه وجَوِي منها فمرض حَوْلاً حتى ملَّه أهلُه، فسمع امرأةً تقول لامرأته سَلمى: كيف بَعْلُكِ؟
فقالت: لا حَيٌّ فُيرْجَى ولا مَيْتٌ فيُنْعى، لقد لقينا منه الأَمَّرَيْنِ.
وكانت تُسألُ أُمُّه: كيف صَخرٌ؟
فتقول: أَرجو له العافيةَ إِن شاءَ اللّهُ.
فقال: أَرى أُمَّ صَخْرٍ لا تَمَلُّ عِيادَتِي...

وقيل: فمَرَّ بها رجلٌ وهي قائمةٌ وكانت ذاتَ خَلْقٍ وأَوراكٍ، فقال لها: أَيُباعُ الكَفَل؟
فقالت: نعم عمّا قليلٍ.
وكان ذلك يَسْمَعُهُ صخرٌ، فقال: أَمَا واللهِ لَئِن قَدَرْتُ لأُقدِّمَنَّك قبلي.
ثم قَال لها: ناوِلينِي السيفَ أَنْظُرْ إِليه هل تُقِلُّه يدي؟
فناولته فإذا هو لا يٌقْلُّه فَقَال:

أَرى أُمَّ صَخْرٍ لا تَمَلُّ عِيادَتِي ... وملَّتْ سُلَيمَى مَضْجَعِي وَمَكَانِي
فأَيُّ امْرئٍ ساوَى بأُمٍّ حَلَيلَةً ... فلا عاشَ إلاَّ فِي شَقًا وهَوانِ
أَهُمُّ بأَمرِ الحزْمِ لو أَستطِيعُهُ ... وقد حِيلَ بين العَيْرِ والنَّزَوَانِ
وما كنتُ أَخشى أَنْ أَكونَ جَنازةً ... عليكِ ومَن يَغْتَرُّ بِالحَدَثَانِ
فَلَلْموتُ خيرٌ مِنْ حَيَاةٍ كأنَّها ... مَحَلّةُ يَعْسوبٍ برَأْسِ سِنانِ
لَعمْرِي لقد نَبَّهْتِ مَنْ كَانَ نَائِمَاً ... وأسْمَعْتِ مَنْ كَانتْ له أذُنَانِ

قَال أَبو عبيدةَ: فلما طالَ بهِ البلاءُ، وقد نَتَأَت قطعةٌ من جنبِه في موضع الطعنةِ، قيل له: لو قطعتها لَرجوْنا أَن تَبْرأَ، فَقَال: شأْنُكم!
وأَشفقَ عليه قومٌ فَنَهَوْه فأَبى، فأَخذوا شَفْرَةً فقطعوا ذلك الموضعَ فيَئِس من نفسِه وقال:

أَجارَتنا إنَّ الحُتوفَ تَنُوبُ ... على النَّاسِ كُلَّ المُخْطِئينَ تُصِيبُ
أَجارَتنا إن تَسأَليني فإنَّني ... مُقِيمٌ لَعمْرِى ما أَقام عَسيبُ
كأنِّي وقد أَدْنَوْا لِحَزٍّ شِفارَهُم ... مِن الصَّبْرِ دَامِي الصَّفْحَتَينِ نَكِيبُ

ثم مات فدُفن إِلى جَنب عَسِيبٍ، وهو جبلٌ يقربُ من المدينةِ.

العَيْرُ: الحمار الوَحِشِيّ، ويُطلق على الأَهليّ أيضا.
نَزَا يَنْزُو نَزْوًا وَنَزَوانا: وَثَب.

قال في "الصحاح": يقال: ضربه فأقْعَصَهُ، أي قتله مكانه. والقَعْصُ: الموتُ الوَحِيُّ. يقال: مات فلانٌ قَعْصاً، إذا أصابته ضربةٌ أو رميةٌ فمات مكانه. والقُعاصُ: داءٌ يأخذ الغنم لا يُلْبِثُها أن تموت. وفي الحديث: " وموتانٌ يكون في الناس كقُعاصِ الغنمِ " .
__________________
.
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ)
رد مع اقتباس