عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 03-23-2012, 04:00 PM
خالد بن إبراهيم آل كاملة خالد بن إبراهيم آل كاملة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 5,683
افتراضي

السؤال 101: إذا تضمن رجل من آخر سيارة (تكسي) وإذا المستثمر خولف مخالفة مرورية من قبل شرطي السير وسواء كان ذلك بحق أم بغير حق، فمن يتكلف دفع الغرامة ؟
الجواب : الأصل أن المسلمين عند شروطهم وعمر يقول – كما في البخاري تعليقاً- "الشروط مقاطع الحقوق" فإن وقع بينهما شرط فالشرط يفصل ، فإن لم يكن بينهما شرط ، فالعرف ، فننظر في أعراف السائقين المخالفة على من ، فنحمله المخالفة ، والأعراف العامة اليوم أن المخالفة على السائق.
واستطراداً نقول : إن العقوبة بالغرامة المالية مشروعة، على أرجح الأقوال ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم عن مانع الزكاة: {إنا آخذوها وشطر ماله ، عزمة من عزمات ربنا} فشطر المال هذا عقوبة بالغرامة المالية، وجوز هذا ابن القيم والشطاي.
أما مسألة تضمين (التكسي) فأجبنا عن ذلك في سؤال سابق فليراجع.

السؤال 102: طبيب وصف لي العلاج بالأساور ذات الذبذبات والموجات الكهرومغناطيسية ، أو الأساور النحاسية والمعدنية، فهل يجوز ذلك ؟
الجواب: أن يلبس الرجل الأساور لكي يتحلى بها أو السناسل فهذا لا يجوز، لأن فيه تشبه بالنساء، وخاتم الفضة لا حرج فيه، وخاتم الذهب حرام على الرجل ، وخاتم الحديد ثبت في مسند الإمام أحمد أنه حلية أهل النار، وكذا إسوارة الحديد.
أما لبس الأساور الطبية من باب التطبب والمعالجة ، فهذا أمر لا حرج فيه، وهذا من باب الضرورة فإن لم نجد علاجاً إلا هذا ، فلا حرج .

السؤال 103: هل يجوز لبس خاتم الدبلة ، وهل يجوز لبس خاتم الحديد؟
الجواب: الدبلة عادة كنسية ، أما الخاتم فسنة نبوية، وأما لبس خاتم الحديد فلا يجوز لأنه ثبت أنه حلية أهل النار.
أما قوله صلى الله عليه وسلم: {التمس ولو خاتماً من حديد} فنقول: أنه لايجوز للمفتي أن يفتي بناء على نص ويدع النصوص الأخرى ، فالعلماء يقولون : لبس خاتم الحديد مكروه أو حرام للحديث الوارد في مسند أحمد عن خاتم الحديد أنه حلية أهل النار، ولما ثبت عن ابن سعد في "الطبقات" أن عمراً ضرب يد رجل لأنه يلبس خاتم ذهب، فقال رجل بجانبه: يا أمير المؤمنين، أنظر أما أنا فخاتمي من حديد، فقال له عمر: ذلك شر ، إنه حلية أهل النار ، فخاتم الحديد عند عمر شر من الذهب، فحديث "التمس ولو خاتماً من حديد" يستفاد منه: أن المهر لا بد أن يكون ممولاً، وهذا مذهب جماهير أهل العلم، وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن هذا الرجل يحفظ الفاتحة وغيرها، فقوله{التمس ولو خاتماً من حديد} أي التمس شيئاً ذا قيمة ولو كانت قيمته يسيرة جداً ولو كان هذا الشيء خاتماً من حديد، واقتناء خاتم الحديد جائز ولا يلزم منه جواز اللبس فكما أنه يجوز للرجل أن يقتني الذهب ويقدمه مهراً ولا يجوز له أن يلبسه فكذلك خاتم الحديد.

السؤال 104: أيهما أفضل: العشر الأوائل من ذي الحجة أم رمضان؟
الجواب: أيام العشر من ذي الحجة أيام فاضلة فالله عز وجل خالق الزمان خلقها وفضلها على كثير من الأيام وأقسم عز وجل بلياليها فقال: {والفجر وليال عشر}، والليالي العشر هي ليالي العشر الأول من ذي الحجة، وقال تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات} وقال: {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} وعلق البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، بصيغة الجزم، قال : {ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} هي أيام العشر: والأيام المعدودات هي أيام التشريق.
وهذه العشر تنتهي بأفضل يوم خلقه الله على الإطلاق، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: {أفضل الأيام وأحبها إلى الله يوم النحر ثم يوم القر} ويوم النحر هو العاشر والقر الاستقرار بمنى، فيوم الأضحى أفضل أيام السنة، ولا يوم من أيام السنة يعدله، ولذا جعل الله بين يديه، حتى وصل إلى هذه الفضيلة التسع الأوائل من ذي الحجة، وفي البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه} قالوا: ولا الجهاد؟ قال: {ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء} وأخرجه أبو داود ولفظه: {ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام} قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: {ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء} .
وأما أيهما أفضل: العمل الصالح في رمضان، أم العشر من ذي الحجة؟ فقد ورد عن الترمذي من حديث ابن عباس قوله صلى الله عليه وسلم: {ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم بصيام سنة، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر} لكن هذا الحديث لا يصح في إسناده النهاس بن قهم، وهو ضعيف، فلو ثبت هذا الحديث لقلنا أن العمل الصالح في العشر من ذي الحجة أفضل من العمل الصالح في رمضان، وقد قال المحققون من العلماء إن العمل الصالح في نهار العشر من ذي الحجة أفضل وأحب إلى الله من العمل الصالح من نهار رمضان .
وأما العمل الصالح في ليال العشر الأخيرة من رمضان، هو أفضل وأحب إلى الله من العمل الصالح في ليال العشر من ذي الحجة مع مراعاة أن العمل الصالح في نهار رمضان له فضل وأن العمل الصالح في ليالي العشر من ذي الحجة له فضل، وكيف لا وقد أقسم الله عز وجل بالليالي العشر.
والله عز وجل خص هذه الأمة بليلة من العشر الأواخر من رمضان ألا وهي ليلة القدر ولحكمة شاءها الله عز وجل، رفعها الله لما أراد النبي أن يخبر أصحابه بها، وسمع جلبة في المسجد، والذي رفع منها هو التعيين والتحديد فحسب خلافاً للرافضة الذين زعموا أن ليلة القدر قد رفعت بالكلية .
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأول من ذي الحجة بطاعات منها: قوله صلى الله عليه وسلم: {فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير} وثبت في سنن أبي داود بإسناد جيد عن بعض أزواجه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم التاسع من ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، والاثنين والخميس، فيسن الصيام في هذه الأيام لا سيما يوم عرفة الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: {أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده} بخلاف عاشوراء الذي يكفر سنة ماضية وقد سئل ابن الجوزي عن سبب ذلك، فقال: يوم عرفة يوم محمدي ويوم عاشوراء يوم موسوي، ولما كان محمد صلى الله عليه وسلم أفضل من موسى ففضل عرفة على عاشوراء .
أما الحاج فالراجح عند أهل العلم أنه يحرم عليه أن يصوم عرفة، وقد وقع خلاف بين الفقهاء : هل صيام عرفة للحاج أنه مكروه أو حرام؟ والراجح أنه حرام، مع الإجماع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم عرفة في الحج، فقد ثبت عند البخاري من حديث أم الفضل بنت الحارث أن أناساً تماروا عندها يوم عرفة، هل كان النبي صائماً أم كان مفطراً؟ فقال قوم هو صائم، وقال آخرون هو مفطر، فكانت لبيبة فقيهة، فسكبت له لبناً قد شيب بماء في كوب، وأرسلته إليه، فشربه صلى الله عليه وسلم وفضت الخلاف، لذا يسن للحاج أن يفطر في عرفة امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام} فعيد الحاج يبدأ من عرفة ولا يجوز للإنسان أن يصوم يوم العيد .
وأفضل طاعة تؤدى إلى الله في هذه العشر : الحج لمن استطاع، ومن لم يستطع فأفضل طاعة في حقه أن يضحي.

السؤال 105: هل يجوز أخذ الشعر للمضحي؟ وهل هذا يشمل الزوجة والأولاد؟
الجواب: لا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يأخذ شيئاً لا من ظفره ولا من شعر بدنه، في أي مكان كان، فليتجهز قبل دخول العشر، فيقلم أظفاره ويتخلص مما زاد من شعر بدنه، فقد ثبت عن مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي}.
أما زوجه وأولاده فلهم أن يأخذوا، والحديث فيمن أراد أن يضحي فحسب، وكذلك غير المستطيع على الأضحية له أن يأخذ، فإن مرت أيام من ذي الحجة ثم استطاع فمتى نوى على الأضحية يمسك.
أما من أخذ من شعره وهو يريد أن يضحي فأضحيته صحيحة وليست مردودة وإنما وقع في مخالفة فلم يمتثل أمر النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم ...

السؤال 106: ما هو الضابط لقصر و طول الخطبة ، والصلاة يوم الجمعة، وكيف تكون الخطبة أقصر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ {ق} في الخطبة والأعلى والغاشية في الصلاة؟
الجواب: خطبة يوم الجمعة الأصل فيها الموعظة، وأن يقرب الناس فيها إلى الله وأن يرقق قلوبهم لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة {ق} على المنبر أحياناً فهذا هو هديه صلى الله عليه وسلم ولا يوجد شيء يرقق قلوب المؤمنين المتربين على حقيقة الدين أكثر من القرآن ولو أن خطيباً اليوم قرأ {ق} على المنبر ونزل، لقامت الدنيا عليه ولم تقعد،ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن السنة أن تكون الخطبة قصيرة والصلاة طويلة، فقد ثبت عند مسلم عن وائل قال: {خطبنا عمار بن ياسر فأوجز وأبلغ، فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان، لقد أبلغت وأوجزت، فول كنت تنفست [أي طولت] فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه ، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة} وثبت عن مسلم أيضاً عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين، وفي الجمعة {سبح اسم ربك الأعلى} و {هل أتاك حديث الغاشية}". لكن مع هذا كانت صلاته صلى الله عليه وسلم أطول، لأنه كان يركع بمقدار قيامه وهكذا، فكان يطيل في أذكار الهيئات والأركان، لذا كانت صلاته أطول من خطبته، وإن كان الظاهر خلاف ذلك، فمن ظن ذلك فقد فطن لأمر ونسي آخر، والله أعلم..

السؤال 107: هل يجوز بيع جلد الأضحية؟
الجواب: لا يجوز للمضحي أن يبيع شيئاً من جلد أضحيته، وصحح شيخنا الألباني رحمه الله، حديث أبي هريرة في مستدرك الحاكم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من باع جلد أضحيته فلا أضحية له} فلا يجوز بيع شيئاً من الأضحية ولكن له أن يتصدق بها.

السؤال 108: ما هو صحة حديث{اقرأوا على موتاكم سورة يس} ؟
الجواب: هذا حديث ضعيف جداً، أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وأحمد وغيرهم من طريق ابن المبارك عن أبي عثمان عن أبيه عن معقل بن اليسار، وأبو عثمان وأبوه، كما قال الإمام الذهبي في الميزان، مجهولان، فهذا إسناد مظلم، ولا يعمل به، وقرائتها لم يثبت فيها شيء كما قال الإمام الدار قطني.
لكن من السنة أن نلقن الميت "لا إله إلا الله" وهو يحتضر فإن قالها نسكت عليه، فإن تكلم بكلام غيرها، رجعنا ولقناه أن يقول" لا إله إلا الله" فيكون حرصنا عليه أن نجعل آخر كلامه من الدنيا"لا إله إلا الله" .

السؤال 109: هل يجوز كتابة اسم الميت على قبره من أجل تمييزه؟
الجواب: يسن أن يعلم قبر الميت بعلامة، ولا حرج في ذلك، ولا حرج أن يتقصد الرجل في زيارة قبر أبيه أو أمه أو قريبه، فقد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يزور قبر أمه فأذن الله له.
أما الكتابة على القبور فقد ثبت في سنن أبي داود والنسائي من حديث جابر بن عبدالله رضي الله تعالى عنه، قال: {نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه أو يكتب عليه} قال الإمام النووي في كتابه العظيم "المجموع" في المجلد الخامس ص298، قال: قال أصحابنا: وسواء كان المكتوب على القبر في لوح عند رأسه، كما جرت به عادة بعض الناس أم في غيره، فكله مكروه، لعموم الحديث ، كذا أطلق الكراهة، وظاهر النهي الذي في حديث جابر التحريم، وقد ذهب إلى تحريم الكتابة على القبور الإمام أحمد رحمه الله، وقد نازع في ذلك الحاكم في المستدرك فقال: ليس العمل عليه، فإن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم، وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف، وتعقبه الإمام الذهبي في كتابه التلخيص، فقال: ما قلت طائلاً، ولا نعلم صحابياً فعل ذلك، وإنما هو شيء أحدثه بعض التابعين ومن بعدهم فلم يبلغهم النهي.
وهاهي مقبرة البقيع ما زالت على حالها، الذي كانت عليه على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سيما قبور الأصحاب وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فلم نشاهد ولم نر شيئاً مكتوباً على القبور، ولم نر غرساً للأشجار، وهذه أعمال بدعية مخالفة لشريعة الله فلا يجوز لأحد أن يجصص على القبر، أو أن يكتب على القبر، ولا نغرس الأشجار، ولكن كما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع حجراً على قبر عثمان بن مظعون، ليعلمه ويميزه عن غيره من سائر القبور وهذا هو المشروع، والسعيد من وقف عند حد الشرع.

السؤال 110: هل يجوز للحاج الجمع بين الصلاتين في جميع أيام تأدية نسكه؟
الجواب: الحاج متى احتاج إلى الجمع يجمع، ويعمل الأرفق به تقديماً وتأخيراً وما لم يحتج إلى الجمع فإنه لا يجمع، والحاج يجمع بعرفة، ويجمع بمزدلفة فحسب، وغير ذلك يجمع إن احتاج وأما إن جلس في منى في أيام التشريق فهديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقصر فيها من غير جمع.
فهناك انفكاك بين عزيمة القصر ورخصة الجمع، فقد يقع قصر من غير جمع وقد يقع جمع القصر ، وقد يقع جمع من غير قصر كما في الحضر والله أعلم ..

السؤال 111: ما حكم اصطحاب الأطفال إلى المسجد عند الصلاة وعند حضور الدروس؟
الجواب: توجيهي لأولياء الأمور ألا يصطحبوا الصغار إلا بعد أن يرشدوا بأن يحافظوا على الهدوء حتى تقع الإفادة في الدرس والخشوع في الصلاة، ولا يجوز إحضار الصغير للمسجد إن كان يشوش ويزعج إلا إن كان مميزاً، أو غلب على ظن من يحضره أنه لا يشوش ويعرف حرمة المسجد ولا يشوش على غيره لا في الصلاة ولا في طلب العلم .

السؤال 112: امرأة تخرج من بيتها متزينة متبرجة ، فما حكمها؟ وماذا يترتب عن المسؤول عنها؟ والحكم عليه ماذا؟
الجواب: لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المتبرجات من أهل النار فذكر صنفين لم يرهما ومنهما المتبرجات وأمر بلعنهن ممن رأى متبرجة فيسن أن يلعنها، وإن ترتب على إسماعه إياها اللعن، فليلعنها في نفسه ليحصن نفسه من شرها، فإنهن يشبهن الكافرات في أفعالهن، فإن عاملهن الله بعدله هلكن ودخلن النار والعياذ بالله .
وهذا الوعيد كما يشمل المتبرجات فإنه ضرورة وبلوازم النصوص يشمل أولياء أمورهن من الأزواج، والآباء والإخوة، فيجب على الرجل أن يتفقد امرأته وأخواته وبناته، وأن يأمرهن بلباس الحجاب والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته} والله يقول: {قوا أنفسكم وأهليكم النار} فكما أن الله أمرك بالصلاة فإن الله يأمرك أن تقي بناتك وزوجتك النار، والناس اليوم مقصرون، والكل يشكو من الفساد،والكل له نصيب من سبب هذا الفساد، فالنساء اللاتي نراهن في الطرقات، لنابهن صلة، فعلينا أن نعظ، وأن نأمر، وأن ننصح، ونبرئ ذمتنا، ويجب على من له ولاية ، يجب عليه أن يستخدم ولايته فيعظ ويهجر، ويضرب إن لزم الأمر، مع ملاحظة أن اجتثاث الشر من النفس مقدم على اجتثاثه بالقوة، لكن هذا أمر يجب علينا أن نبرئ ذمتنا منه بين يدي الله عز وجل.
ونرجو أن نجد حياً واحداً من أحياءنا، ألا نجد فيه متبرجة، وأن يضرب هذا الحي مثلاً لغير من الأحياء فنعمل جاهدين على محاربة هذا الأمر بالحسنى والإرشاد والتعليم، وكل إن فعل الواجب عليه، فبإذن الله يقل هذا الشر ، والشر يزداد بسكوت أهل الخير، فسكوت الصالحين وكلام الصالحين هو أكبر أعوان ظهور الفساد في المجتمعات ، فيا من رزقتم صلاحاً لا تسكتوا ، تكلموا، انصحوا، وأمروا، لعل الله عز وجل ينفع بكلامكم ، إن كنتم صادقين وتوجهتم إلى الله بالدعاء لهم، لعل الله ينفع ببركة دعائكم وطاعتكم وأمركم ونهيكم ، والله الموفق .

السؤال 113: رجل كان يرتكب بعض المعاصي ، وأراد أن يتوب ويرجع إلى الله ودخل في ماله مال حرام، رغم أن المال من اليانصيب والكومسيون ، ولا يملك الآن إلا منزله، ويعيل أولاده بما يرضي الله سبحانه وتعالى، ما حكمه ؟ وماذا يفعل؟
الجواب: بالنسبة لليانصيب ، وهو قمار، فالواجب عليه أن يتصدق بمقدار ما أخذ، وهذا لله في ذمته، يدفعه عندما يتيسر له، ولو أنه في كل فترة دفع شيئاً منه، حتى يبرئ هذه الذمة، فأرجو أن يزول الإثم عنه.
أما ما يخص بعض المخلوقين إن أخذ منهم مالاً بالطرق غير المشروعة، فيجب عليه أن يستسمح منهم، أو أن يجدول هذا الدين معهم حتى يقدر عل السداد.
وأما المخالفات بسبب تطفيف المكيال والأيمان والغش، فهذا أمر بينه وبين الله، ويجب عليه أن يكثر من الطاعات التي تغلق مداخل الشيطان، فيكثر من الصدقات ويخرج هذه الأموال في عموم سب الخير، حتى يبرئ الذمة، فإن كنت لا تستطيع الآن وصدقت الله وعلم الله منك صدقاً، وعزمت على ذلك، فأنت إن شاء الله على خير، وبإذن الله تسد ما أخذت وابدأ متى توسعت بالسداد .

السؤال 114: ما هي الأدلة على عدم جواز الجماعة الثانية في المسجد الواحد، ولماذا لم يجز هذا الأمر؟
الجواب: الأصل في المسجد الذي فيه إمام راتب أن يجتمع المسلمون فيه على إمام واحد في صلاة واحدة، فكما أنهم يتجهون إلى قبلة واحدة، ويتبعون نبياً واحداً ويعبدون رباً واحداً، فالمطلوب منهم أن يصلوا صلاة واحدة.
والمتخلف عن الجماعة، واحد من اثنين: إما أنه قد قصر، فلو صلى جماعة وراء جماعة، فلن يسد تقصيره، وإما أنه معذور، فإن رأى الجماعة قد انتهت فيصلي منفرداً [ويكون قد أخذ أجر الجماعة كما جاء في الحديث {من توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً}]
وقد ثبت في صحيح ابن خزيمة وسنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الله يحب أن تكون صلاة المؤمنين واحدة} وثبت في معجم الطبراني الأوسط أن النبي صلى الله عليه وسلم رجع من ناحية من نواحي المدينة ومجموعة من أصحابه، ووجد الجماعة قد انتهت فقفلوا إلى بيوتهم وصلوا في بيوتهم فرادى، وما صلوا جماعة ثانية.
فماذا يوجد تصريح أشد من هذا التصريح؟ ترك صحبه الصلاة خلفه صلى الله عليه وسلم وتركوا الصلاة في مسجده والركعة بألف وصلوا في بيوتهم،.
وثبت عن عبد الله بن مسعود أنه دخل هو ومجموعة من أصحابه المسجد، ووجد الجماعة قد فرغت فصلوا فرادى، أخرج ذلك الطبراني في المعجم الكبير بإسناد جيد .
فالأصل الحرص على الجماعة بعد الأذان، فالنبي يقول عمن ترك صلاة الفجر وتخلف عنها مع الجماعة يقول: منافق معلوم النفاق، فلو أن رجلاً صلى الفجر الجماعة الثانية دوماً في المسجد فهل هذه الجماعة الثانية ترفع عنه صفة النفاق؟ لا ترفع عنه النفاق ، ولذا لم تعرف الجماعة بعد الجماعة أبداً إلا في القرن السابع وما بعد ، كما قال الزركشي في كتاب "إعلام الساجد في أحكام المساجد" وكما قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وهذا مذهب جماهير أهل العلم، فهذا مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله ،
وللمسألة نظائر ، فلو أن جماعة أتوا والإمام قد فرغ من الجمعة فلا يصلون الجمعة بعد الجمعة، وأيضاً لو أنهم دخلوا والإمام قد جمع بين الصلاتين فلا يجمعون بعد جمع الإمام، فنظائر المسألة تؤكد كراهية الجماعة الثانية.
ونصص الإمام مالك في (المدونة) على أن صلاة الناس فرادى أحب إلى الله من صلاتهم في الجماعة الثانية قال: لو أن الإمام أذن وتمهل الإمام في المدة المعتادة ، ولم يأت أحد يقيم ويصلي، فلو جاءت جماعة بعد صلاته أكره لهم أن يصلوا جماعة ، وصلاة الإمام وحده هي الجماعة ، ذلك أنه لا يوجد في الإسلام جماعات فيجتمعون على إمام واحد، ولا يعرفون الفرقة، فلا يتفرقون على الأئمة، هذا الشره وهذا الدين.
وعاب الله على أقوام باتخاذهم مسجداً ضراراً، وبين السبب فقال: {كفراً وتفريقاً بين المؤمنين} وفي تكرار الجماعة يحدث تفريق، وقد ذكر ابن العربي المالكي في "أحكام القرآن": وقد استنبط بعض فقهائنا من هذه الآية كراهية الجماعة الثانية؛ لأن الله علل منع اتخاذ مسجد الضرار بالتفريق والجماعة الثانية فيها تفريق.
وقال صلى الله عليه وسلم : {لقد هممت أن آمر بالصلاة ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار} فقوله {لا يشهدون الصلاة} الألف واللام فيها للعهد وليست للجنس، أي الصلاة المعهودة وهي التي أمر المنادي أن ينادي بها، ولو كانت جنس الصلاة لقالوا : نصلي في بيوتنا، فكان الواجب أن يشهدوا تلك الصلاة وغيرها لا يجزئ عنها، ولو كانت الجماعة الثانية مشروعة لما كان هنالك معنى للأذان ، فالمؤذن على من ينادي؟ ولقد أثر عن بعض السلف أنه كان الواحد منهم إذا رفع المطرقة وسمع الأذان لم يضعها وكان بعضهم يقول: ما فاتتني تكبيرة الإحرام منذ أربعين سنة وقال آخر ما أذن المؤذن إلا وأنا في المسجد .
فجمهور علماء المذاهب والأئمة الفقهاء لا يرون جواز الجماعة الثانية؛ فأبو حنيفة نقل كراهيتها عنه تلميذه محمد بن الحسن الشيباني، ومالك نقل عنه الكراهية تلميذه ابن القاسم، والشافعي نصص على عين المسألة في كتابه "الأم" بل أورد نقلاً لم أظفر به مسنداً، ولو وجدناه مسنداً لكان نقله هذا قاضياً على أصل المسألة فقد قال الشافعي في "الأم": {وقد ورد أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تخلفوا عن صلاة الجماعة فصلوا على مرأى منه ومسمع فرادى ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم}، وياليتنا نجد كتاب الإمام البيهقي"تخريج أحاديث الأم" حتى لا يبقى هذا الأثر مبهماً معمىً ، ونرجو الله أن نجده والأيام حبالى وما ندري ماذا ستلد.
ومن الناحية الأصولية فإن مسألة الجماعة الثانية يتوجب المنع على القاعدة [الأمر المحدود بين طرفين إن فات فلا يجب قضاؤه بالأمر الأول، وإنما قضاؤه يحتاج إلى أمر جديد] هذا على قول أهل التحقيق من علماء الأصول، وعلمنا هذا من استقراء النصوص، ولذا قال الله تعالى: {فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} فلو كان عرف الشرع أن من فاته الأمر يجب عليه القضاء لكان هذا الأمر لغواً وحشواً ولا فائدة منه، فمن فاتته الجماعة وهي واجبة، ولها حدان، فقضائها لا يحتاج إلى الأمر الأول؛ أي مرغبات الجماعة ، كما احتج بذلك جمع من الحنابلة ممن يجوزون الجماعة الثانية وعلى رأسهم ابن قدامة في كتابه "المغني".
وأما ما يستدل به الذين يجوزون الجماعة الثانية من أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما رأى رجلاً دخل المسجد فوجد الجماعة قد انتهت فقال: {من يتجر [أو يتصدق] على هذا} ففيه دليل للمانعين وليس للمجوزين، فقد ورد في بعض رواياته: {فانصرف كي يصلي وحده} فقال بعض الشراح: (في هذا إشارة إلى أن المعهود عند الصحابة أن من فاتته الجماعة صلى وحده ، فلما دخل ذلك الرجل وانصرف كي يصلي وحده ونظر النبي صلى الله عليه وسلم إليه ورأى الحزن في وجهه وعلم حرصه على الجماعة وأنه ما تعود ولا تعمد التخلف عن صلاة الجماعة قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن حضر الجماعة: {من يتجر على هذا} وفي رواية {من يتصدق}، ويتجر ويتصدق فعل مضعف العين ، بمعنى أنه فعل متعد ويحتاج إلى فاعل ومفعول به، فهذه الحادثة تحتاج إلى متصدق ومتصدق عليه، فلما تصدق عليه هذا الرجل تصدق عليه بأربع وعشرين أو ست وعشرين ركعة، [فالذي يتصدق ويتجر هو المليء] أما لما يدخل جماعة متأخرون، وقد تعودوا أو تعمدوا التخلف فوالله لو أنهم صلوا مرات ومرات جماعة بعد جماعة بعد جماعة ما نالوا الأجر الذي أدركه من صلى مع الإمام الرتب فهذه صورة خاصة لمن لم يتعمد ولم يتعود التخلف عن الجماعة ومن أدرك الصلاة مع رجل له صلة بالجماعة الأولى .
وأما من يصلي في هذه الصورة إماماً؟ أقرؤهم للقرآن وصلاة الجماعة مع من أدرك الصلاة مع الإمام الراتب أفضل من الرجوع إلى البيت والصلاة فرادى في المسجد أفضل من الصلاة فرادى في البيت؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: {أفضل الصلاة صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة} فصلاة المكتوبة في المسجد أفضل ولو كانت فرادى، لكن لو رجع إلى بيته وصلى مع أهله جماعة أو مع من تخلفوا مثله فالصلاة في البيت جماعة أفضل من الصلاة في المسجد فرادى، فهذه الصورة نقول بها ونقول بعمومها على الضوابط والقيود الواردة فيها من غير توسع ولا مدعاة لصلاة الكسالى.
أما أثر أنس الذي علقه البخاري، فقد وصله غيره، إذ قد ورد عند البيهقي في "المعرفة" و "الخلافيات" : ((أن أنس دخل وعشرين من أصحابه في مسجد بني رفاعة أو بني ثعلبة أن مسجد الساج، فصلوا ثم انطلقوا)) وفي رواية: ((أذن ثم أقام ثم صلى بهم ثم ركبوا وانطلقوا)) فهذا المسجد الذي فيه أنس بمن معه من أصحابه كان مسجداً على الطريق وكان على سفر ولذا أذن فيه، وعامل هذا المسجد معاملة من يصلي فيه أول مرة والمساجد التي على الطرقات وليس لها أئمة راتبون يجوز الصلاة فيه جماعة على إثر جماعة ولا حرج في ذلك، والله أعلم ..

السؤال 115: هل يجوز للمسلم أن يتبرع بأحد أعضاءه أثناء حياته ويحتسبه عند الله عز وجل ؟ وهل له أجر على ذلك؟ وهل يجوز للمسلم أن يوصي بالتبرع بأحد أعضاءه مثل الكلية أو العينين بعد موته، ويحتسبه عند الله ، وهل يؤجر على ذلك؟
الجواب: إن من العبارات الخاطئة والآثمة والمخالفة لما علم من الدين بالضرورة ، ما نسمعه: انتقل فلان إلى مثواه الأخير وهذا لازمه أن البعث غير موجود، فإن القبر ليس مثوى الإنسان الأخير، لأن الوفاة هي انتقال من دار إلى دار، والروح محبوسة في البدن ،وبالوفاة تنفك من هذا السجن .
والعلماء يقولون إن الإنسان يعيش في أربعة دور: الجنين في بطن أمه ، والدنيا، والبرزخ، والجنة أو النار، ويقولون: إن سعة حياة البرزخ بالنسبة إلى الحياة الدنيا، كسعة حياة الدنيا بالنسبة إلى سعة حياة الجنين في بطن أمه، فلو قدر لنا أن نخاطب الجنين في بطن أمه ونخبره أنه يوجد بعد هذه الدار التي أنت فيها دار واسعة وفيها كذا وكذا من الدور والبحار والجبال والسعة ، فلعله لا يصدق، ويقول أنا مرتاح هنا، ولا يوجد أوسع من هذا المكان! وكذلك أيضاً فإن الحياة الموجودة في البرزخ غير هذه الحياة ولذا ليس بمجرد وضع الإنسان في القبر نقول إنه يتحلل، وانتهى الأمر ، فالأمر ليس كذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: {يبعث الميت على ما مات عليه} لذا فإن للإنسان كرامة في حياته وبعد الممات فلو أن الإنسان يهلك ويتحلل ولا يوجد هناك حياة فنقول: تبرع ، لكن بما أننا علمنا حياة أخرى العقل لا يدركها فلا يجوز لنا أن نفتي بأن يعبث بأي شيء من بدن الإنسان.
وأيضاً التبرع مقتضاه الملك، فلا يجوز لي أن أتبرع بشيء لا أملكه وبما أننا لا نملك أنفسنا فلا يجوز لنا أن نتبرع كما لايجوز للإنسان أن ينتحر لأنه لا يملك نفسه.
ثم نقول: لماذا نستبشع ونستقبح من تبرع إحدى عضوين ظاهرين له؟ فلو أن رجلاً تبرع بيده أو رجله لكان أمراً قبيحاً، فلماذا إذا كان العضو باطناً لا يستقبح التبرع به، أما إن كان ظاهراً يستقبح؟
ثم لا يمكن للطبيب أن يعطي للمتبرع بأحد عضويه ضماناً بأنه لا يحتاج إليه ، فكيف للإنسان أن يتبرع بكلية مثلاً قد يحتاج إليها.
والمرض قدر لله عز وجل، والمريض إن صبر فله الأجر العظيم يوم القيامة ويجعلهم في منازلهم التي ما استطاعوا أن يصلوا إليها بطاعة وعبادة، إلا المرض والابتلاء، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {يود أهل العافية لو قرضت جلودهم بمقاريض يوم القيامة لما يرون من الأجور لأهل البلاء} لذا من ابتلي فليصبر، وأما أن ينتزع بأشياء لا نملكها في حياة لا نعرفها ولا نعرف أضرار التبرع عليها.
ومسألة التبرع نازلة من النوازل التي لا يوجد فيها نص شرعي ظاهر ولا يوجد فيها اجتهاد للأقدمين من العلماء فالمعاصرون منهم المبيح، ومنهم الحاظر، والذي يمل إليه قلبي وأحبه لنفسي وإخواني أن يغلق هذا الباب ولا يفتح، فهذا هو الأسلم وهذه فتوى المحققين من العلماء المعاصرين.
وقد يستشكل هذا بمسألة سحب الدم والتبرع به؛ فنقول: إن سحب الدم مختلف وله أصل شرعي وهو الفصد والحجامة والدم عضو متجدد بخلاف بقية الأعضاء فهي غير متجددة، فافترق الدم عن بقية الأعضاء من هذه النواحي والله أعلم.

السؤال 116: هل يجوز لمن يلثغ بحرف الراء وينطقه غيناً هل يجوز له الإمامة؟
الجواب: من كان ألثغاً فله أن يؤم الناس إن كان أحفظهم فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {يؤم القوم أقرؤهم} لكن إن كان يتساوى حفظه مع حفظ غيره ممن نطقه سليم، فنطق السليم مقدم على نطقه.
وهذا شيء ليس بمقدوره والواجب عليه أن يقرأ بما يقدر ويبقى عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم {يؤم القوم أقرؤهم على عمومه} فالنبي صلى الله عليه وسلم قدمه فنقدمه، هذا ما أراه راجحاً والمسألة فيها خلاف بين الفقهاء .

السؤال 117: ما صحة هذا الحديث الذي ينشر ويوزع على الناس مطبوعاً على الورق؟ وهو: {إذا اقترب الزمان، كثر لبس الطيالسة، وكثرت التجارة، وكثر المال، وعظم رب المال بماله، وكثرت الفاحشة، وكثر النساء، وكانت إمارة الصبيان، ويطفف بالمكيال والميزان، ويربي الرجل جرو كلب خيراً له من أن يربي ولداً، ولا يوقر كبير، ولا يرحم صغير، ويكثر الزنا حتى إن الرجل ليغشى المرأة على قارعة الطريق فيقول أمثلهم في ذلك الزمان : لو اعتزلتم الطريق ويلبسون جلد الضأن على قلوب الذئاب أمثلهم في ذلك الزمان المداهن} ؟
الجواب: هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك (3/343) والطبراني في الأوسط برقم(4860) من طريق سيف بن مسكين ، قال حدثنا مبارك بن مضالة عن المنتصرين عمارة بن أبي ذر الغفاري عن أبيه عن جده رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحاكم: (تفرد به سيف بن مسكين) قال الذهبي : (قلت هو واهٍ) وفيه منتصر بن عمارة بن أبي ذر هو وأبوه مجهولان وضعفه إلا ما الهيثمي في مجمع الزوائد (7/325) وصح من هذا الحديث: كثرة النساء وكثرة المال، وصحيح منه آخره فقد صح عن أبي يعلى من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق، فيكون خيارهم يومئذ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائط} وصحح شيخنا الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة برقم (481) بمجموع طرقه، قوله صلى الله عليه وسلم: { لاتقوم الساعة حتى يتسافدوا في الطريق مثل تسافد الحمير}.
وبعض الناس ينشر أحاديث في الأمة ولا يسأل عن صحتها، فإن كانت كذباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو يعمل على نشر الخرافة في الأمة فلا يحل لرجل أن ينشر شيئاً على أنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أن يقول حديثاً حتى يتيقن أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال هذا الحديث، وذلك بأن ينظر في كتب أهل صنعة الحديث أو أن يسألهم وإلا فيدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: {من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار} .

السؤال 118: ما هو حكم التسمية بالأسماء التالية: محيي الدين، إيمان ، عبد المنعم؟
الجواب: الأسماء في الشرع لها أهميتها واعتنى بها النبي صلى الله عليه وسلم عناية متميزة، فقد غير أسماء غير واحد من أصحابه، رضي الله عنهم، وبين أن أحب الأسماء إلى الله : عبدالله، عبدالرحمن، وأصدقها: الحارث وهمام .
والنظر بالجملة في الأسماء التي غيرها النبي صلى الله عليه وسلم يخلص إلى قواعد قد نصص عليها العلماء، وقد جمع الإمام الصاغاني كتاباً في الأسماء التي غيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فمن الأسماء الممقوتة في الشرع، ما يضاد العقيدة الصحيحة أي مافيه تعبيد لغير الله عز وجل، مثل: عبدالنبي، أو عبدالحسين، وكذلك إذا حمل الاسم معنىً قبيحاً الشريعة ستنفر منه، أو يحمل في طياته معنى لا يحمد، وإنما يذم، فمنها مثلاً: نهاد، وهذا الاسم معناه: المرأة التي برز ثدياها، ومنها وصال، ومعناها: الجماع، وغير ذلك من الأسماء التي تحمل معنى قبيحاً.
ومن القواعد أيضاً في الأسماء المنصوص عليها عند أهل العلم أن لا يكون فيه تشبه بأسماء الكفار فلا يجوز للرجل أن يسمي ابنه أو ابنته باسم فيه تشبه بالكفار، وتزداد الحسرة والأسف لما نجد أن الأمر تعدى أسماء الأشخاص إلى أسماء المحلات التجارية التي أصبحت تسمى بأسماء أعجمية، وسبب ذلك الشعور بالهزيمة، فمن سنة الله تعالى التي لا تتبدل ولا تتغير، أن الصغير يحاكي الكبير وأن الجاهل يحاكي العالم وأن المغلوب يحاكي الغالب، وكثير من أفراد هذه الأمة غلبوا في نفوسهم وهزموا، وأصبح الكفار هم القدوة وهم الأسوة لهم، فهم يجارونهم، ويحاولوا أن يتشبهوا بهم، لذا وقعت اللعنة من النبي صلى الله عليه وسلم على من تشبه بالكفار، والتشبه مما يشمله الأسماء .
ثم من القواعد الكلية في الأسماء أن لا يكون في الاسم تزكية أي أن لا يزكي الرجل في الاسم، فربنا يقول: {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} فلا يجوز لإنسان أن يسمي ابنه (محيي الدين) ولا يجوز للمرأة أن تسمى (ساجدة) ولا (إيمان) وأيضاً (ناصر الدين) وما شابه من هذه المعاني والإمام النووي رحمه الله ، كان لقبه (محيي الدين) وكان يغضب وينزعج من هذا اللقب، وكان يقول: (من لقبني بمحيي الدين فإني لا أجعله في حل) .
وأيضاً من القواعد في الأسماء أن لا نسمي الرجل باسم وتضيفه لاسم لم يثبت لله عز وجل في كتاب أو سنة، فأسماء الله توقيفية، فربنا يقول: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين} فبعد أن نزه الله نفسه بالتسبيح عن كل نقص مدح أنبياءه لأن أنبياءه لا يصفون الله إلا بما يستحق من أسماء الجلال والجمال والكمال، فلا يجوز أن نستنبط من عقولنا اسماً لربنا بغير اعتماد على نص، و[المنعم] لم يرد كاسم لله لا في كتاب ولا سنة، و[الإنعام] صفة من صفات الله، لكن لا يجوز أن نسمي باسم نضيفه إلى صفة، فالصفات في الشرع بابها أوسع من باب الأسماء والله لا يدعى ولا يسأل إلا بأسماءه ولا يجوز استنباط اسم من صفة، فمثلاً الله يقول: {قل الله يفتيكم في الكلالة} فلا يجوز أن تقول إن الله (مفتي) فيصبح هذا اسم، والاسم لا بد له من دليل خاص.
وينبغي علينا أن نعتني بأسماء الأبناء ، فالمسمى له نصيب من حقيقته، فقد استشار عمر رضي الله عنه، فيمن يتولى له بيت المال، فدل على رجل فقال له: ما اسمك؟ قال: كنيز، قال: ما اسم أبيك؟ قال خبيء، قال: والله لا نولي بيت المال من كان يكنز وأباه يخبي.
ومن الناس من يسمي ابنه بأسماء أو مفردات وردت في القرآن من غير أن ينظر إلى حقيقة المعنى، فليست العبرة بورود الاسم في القرآن، فمثلاً كلمة (حمار) وردت في القرآن، فهل يجوز لأحد أن يسمي ابنه حمار؟ وكذلك كلمة(سجى) وردت في القرآن، ومعناها الظلام ، وهو شرعاً مذموم، فليس اللجوء إلى القرآن مسوغاً لأن يكون الاسم حسناً ولنا في أسماء الصحابة والتابعين أسوة ولا بأس أن يسأل الإنسان عن معنى الاسم الذي يريد أن يسميه، والله الموفق.

السؤال 119: ما هو حكم الدعاء بـ((اللهم إني لا أسألك رد القضاء وكني أسألك اللطف فيه)) ؟
الجواب: هذ دعاء شائع بين الناس وهو دعاء خاطىء آثم، مخالف للشريعة، بل مخالف لأصول العقيدة، وهو يلتقي مع عقيدة فاسدة قالها رجل معتزلي اسمه النظام، وله شيء يسموه (طفرة النظام) وهي تقول: "إن الله قبل أن يوجد هذا الخلق أوجد لهم قوانين ولا يوجد صلة لله بخلقه" وكل أفعال المضارع في القرآن ترد عليه.
والرسول صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن صلة الأرحام وحسن الجوار وحسن الأخلاق تزيد في الأعمار، والدعاء يرفع البلاء، فالمسلم يدعو: ((اللهم إني أسألك العفو والعافية)) فيرفع عنه من البلاء ما شاء، فالدعاء والقضاء يتعالجان، أيهما كان أقوى غلب.
ومن لوازم الدعاء بـ(اللهم إني لا أسألك رد القضاء.....) أن ما كتب لا يبدل ولا يغير، وأن الله لا صلة له بالناس ولا بالكون، على وفق طفرة النظام العقيدة الفاسدة.
ونحن نسأل الله في دعاءنا الشفاء، ونقول يا رب اشفني، فإذا كان هذا قد كتب ولا يغير، فلماذا الدعاء إذن، وقد ثبت عند الاسماعيلي في مستخرجه بإسناد جيد، كما قال ابن كثير في كتابه (مسند الفاروق) أن عمر كان يدعو ويقول: ((اللهم إن كنت كتبتني شقياً، فامحني واكتبني سعيداً)) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {اللهم إني أعوذ بك من درك الشقاء وجهد البلاء وسوء القضاء، وشماتة الأعداء} فتعوذ النبي صلى الله عليه وسلم من سوء القضاء، والله يقول: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}، وليلة القدر يمحو الله ما يشاء ويثبت ما يشاء، وهذا شيء غيبي لا نعرفه، وللطاعة بركة، وللمعصية شؤم، وبركة الطاعة تكون في المال والأهل والذات والعمر، وشؤم المعصية كذلك، فلو أن رجلاً عمل طاعة ووضعها في صخرة في باطن الأرض، فإن بركتها وثمرتها لا بد أن تظهر في حياته، ولو أن رجلاً عمل سيئة، وأخفاها عن أعين الناس فإن حسرتها وشؤمها لا بد أن تظهر في حياته.
وبالنسبة لقوله صلى الله عليه وسلم {رفعت الأقلام وجفت الصحف} فهذا أمر يخص الجنين، ثم الملائكة في كل عام تأخذ ما يلزمها بشأن هذا الإنسان وتفعل ما يوكلها الله به، والتغيير الذي يطرأ هو بالنسبة إلى ما عند الملائكة، وليس إلى ما في علم الله عز وجل، والله أعلم ..

السؤال 120: هل هذا حديث{إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن}؟ وحديث{الجار قبل الدار}هل هو صحيح؟
الجواب: ليس هذا بحديث، لكن معناه صحيح ووجدته مسنداً عند ابن شبة في "تاريخ المدينة" من قول عثمان رضي الله عنه، فليس هو من قول الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما حديث {الجار قبل الدار} وجدت له طريقين عن علي رضي الله عنه، وأخرجه مرفوعاً الخطيب البغدادي في كتابه "الجامع لأخلاق الراوي وأداب السامع" وسنده ضعيف جداً فيه ابن وهو متروك، وله إسناد آخر عند العسكري في كتابه "الأمثال" عن علي أيضاً وفيه مجاهيل، وحديث هذا حاله عند علماء الصنعة يكون الضعف شديداً وقد نصص على ضعف الطريقين السخاوي في كتابه "المقاصد الحسنة" .

السؤال 121: ما هو حكم تشغيل المسجل في غرفة لطرد الجن وفك السحر ولا يستمع إليه أحد؟
الجواب: السحر حق، والعين بنص الوحيين، فقد قال تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد}، وقال: {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر} وقال صلى الله عليه وسلم: {العين حق}، ولكن ما العلاج؟ فاللجوء إلى المشعوذين كفر بالله رب العالمين، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم {من أتى عرافاً فصدقه بما قال، فقد كفر بما أنزل على محمد، وإن لم يصدقه لا ترفع له صلاة أربعين يوماً}.
والرقية والعلاج تكون من إنسان، ولا تكون من الجمادات والذوات، وقال الله في كتابه: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً} وقال بعض السلف: (ما جلس أحد مع القرآن وقام سالماً فإما له وإما عليه) وتلا هذه الآية.
وحتى تنفع الرقية ويقع بها الشفاء بإذن الله لا بد من اليقين والتسليم والإذعان إلى أن القرآن شفاء، لذا قال تعالى: {ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}، فمن كان شاكاً لا ينتفع.
ولا بد للراقي أن يرقي بالشروط الشرعية، فيرقي بالآيات والأحاديث، وكما قال ابن القيم: (القرآن سلاح، قوته بقوة راميه) لذا بعض الناس يقرأ ولا ينتفع المريض، فكلما ازداد الإنسان تقوى وهدى وعلماً وخوفاً من الله فالمرجو أن يقع النفع، والأمر من قبل ومن بعد بيد الله عز وجل.
فلا يجوز أن نظن أن القرآن رقية للبيت، فالسحر يقع على الإنسان والمسحور يقرأ عليه، أما أن نقرأ على الحيطان والجدران، فهذه ليست رقية شرعية، ولم تؤثر عن أحد.
لكن البيت الذي فيه سحر يقرأ فيه، ويقرأ الإنسان فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان لا يدخل البيت الذي فيه سورة البقرة ثلاثة أيام بلياليها.
ويجب أن نعتني في بيوتنا ونقرأ بأنفسنا فيها ولسنا بحاجة إلى آلات التسجيل، ولا سيما أننا أمرنا إذا قرئ القرآن أن نستمع إليه، أما أن نشغل المسجل ونخرج من البيت ونظن أن هذا البيت لا تدخله الشياطين، فهذا قول فيه توسع ليس بمرضي.

السؤال 122: ما هو حكم المناقشات والمجادلات عن أمور فرضية ليست بواقعة؟
الجواب: المناقشة والمجادلة في أمور فرضية، غير واقعة، لا ثمرة تحتها ولا فائدة منها، فهذا أمر فيه كراهية شديدة، لا سيما إن كانت تخص الأحكام الشرعية.
وانشغال الإنسان بالأمر الذي لا يعنينه، وليس بواقعي، ويترك الشيء الذي يعنيه، وسيسأل عنه بين يدي الله، فهذا ترف وسفه.
وتؤثر أجوبة حكيمة عن العلماء الأقدمين في هذا الباب، قال سائل يوماً للشعبي- وكان فيه دعابة رحمه الله- قال له: ما اسم امرأة إبليس ؟ فقال الشعبي: "ذلك عرس لم أشهده"، وجاء رجل إلى عالم فقال له: ما اسم الذئب الذي أكل يوسف عليه السلام؟ فقال: إن الذئب لم يأكل يوسف، فقال: ما اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف؟ فبعض الناس أسئلته على هذا النحو، فهو يريد أن يسأل ليتكلم.
والمؤمن لسانه من وراء قلبه فهو لا يسأل ولا يتكلم إلا إن كان هناك ثمرة وفائدة، فإذا أردت أن تعرف هل الرجل على هدى أم غير غير ذلك، فانظر إلى حفظه للسانه، فقد قال عليه الصلاة والسلام: {إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً تهوي به في جهنم سبعين خريفاً}.
ومثل هذه الأسئلة من اللغو وكره السلف الخوض فيها، وسئل غير واحد عن مسائل فكانوا يقولون: هل وقعت؟ فيقول السائل: لا، فيقول الواحد منهم: دعها حتى تقع.
فنحن نتعلم لنعمل لا ليصبح لنا كلام كثير وفلسفة كثيرة وتصدر المجالس.

السؤال 123: هل هذه الألفاظ شرعية: فلان دينه ناقص أو لا دين عنده، فلان لا أرضى دينه، فلان لا ضمير عنده، فلان لا إنسانية عنده؟
الجواب: ليست هذه الألفاظ سواءً منها المشروع ومنها الممنوع، وأسوأها وأقبحها آخرها، وهو لا إنسانية له، ولا ضمير له، وهذه ألفاظ ماسونية هدفها تمييع الدين وتمييع الشرع أن يكون هو المقياس في المدح والذم، وهذا المعيار يستوي فيه المسلم والكافر، وربنا يقول: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون}.
والمعيار الشرعي أن نقول: فلان ليس على هدى، ليس على استقامة، لا يتقي الله ، وما شابه فهذه معايير شرعية فلفظ إنسانية لفظ عام ، الدين لا وجود له فيه .
أما أن نقول: فلان دينه ناقص ، لا أرضى دينه، فهذه عبارات شرعية، ليست ممنوعة ولا محظورة، والدليل على ذلك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن النساء: {ناقصات عقل ودين}، لأنهن لا يصلين في المحيض وهن معذورات، ولا يقضين ما فاتهن من صلاة في أثناء الحيض، فالمرأة يقال عنها ناقصة دين وهي معذورة ، أليس من باب أولى أن يقال من ترك صلاة وهو غير معذور ناقص دين.
وكذلك قولنا: فلان لا أرضى دينه، فهذا أيضاً لفظ مقبول شرعاً، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {إذا أتاكم من ترضون دينه فزوجوه} ، فقد يأتيني فلان ولا أرضى دينه.
وعدم رضى دينه أن يكون مقصراً في الواجبات والطاعت، أي لا أرضى التزامه وعمله في الدين، وليس المقصود الإسلام ، فمن قال لا أرضى الإسلام فقد كفر، فالمقصود برضى الدين عمله والتزامه هل هو ملتزم أم مقصر.

السؤال 124: ما هو حكم بيع الدخان؟
الجواب: الدخان حرام، وقد أفتى مئات من أهل العلم بحرمته وربنا يقول: {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} فالدخان خبيث.
وهناك أدلة فطرية سهلة تدلل على خبث الدخان؛ فلو أن إنساناً صائماً في رمضان وأذن وهو في المسجد وهو مولع بالدخان هل يجرؤ أن يتناول الدخان في المسجد ؟ والجواب قولاً واحداً: لا، لكن هل يجرؤ على تناول الدخان في الحمام ؟ الجواب : نعم.
وهل توجد نعمة بعد أن يشربها الإنسان يدوس المتبقي فيها برجله؟ ومن الحقائق – وهذا من سنة الله الكونية- أنه لا يوجد دابة ولا بهيمة ولا حشرة تقرب شجرة الدخان قبل التصنيع فتأكله، ومن سنة الله أيضاً: أن الأرض التي يزرع فيها الدخان لا تقبل نبتة أخرى.
والدخان من المسلمات اليوم أنه ضار، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {لا ضرر ولا ضرار}، وضرر يتعدى للغير، فهو ضار، وبالاقتصاد، ويتعدى ضرره للولد، فمن الأدلة التي أصبحت شبه يقينية اليوم أن ولد غير المدخن أذكى بكثير من ولد المدخن وولد غير المدخن عنده مناعة للأمراض أكثر بكثير من ولد المدخن.
فالدخان حرام، أفتى بحرمته جمع من الأقدمين والمعاصرين لخبثه وضرره، وما حرم تناوله حرم بيعه وشراؤه وزراعته وصناعته، فهو حرام بيعاً تناولاًشراءً صناعة، زراعة، والمال المجني منه حرام، والذي يشتغل في تصنيعه ماله حرام.


السؤال 125: هل يجوز القيام للمعلم النصراني؟ وما صحة الاستدلال بهذا الأمر بقول الشاعر: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولاً؟

الجواب: بيت الشعر المذكور ليس بحسن، فإن المعلم لن يكون رسولاً، والنبوة هبة من الله لا مكتسبة بالجد ولاجتهاد.
وأما القيام للمدرس لا سيما إن كان نصرانياً لا يجوز بل يحرم التعلم في مدارس النصارى، فهذا أمر خطير ويحرم على الرجل أن يعلم أبناءه في مدارس النصارى.
ووجدت كلاماً بديعاً لعالم من الاقدمين وهو ابن الحاج، في كتابه "المدخل" تعرض في كتابه في موطنين إلى خطورة الدراسة في مدارس النصارى.
فذكر في كتابه في (الجزء الأول ص 190-191) و(الجزء الثاني/330) كلاماً حسناً وسأنقل شيئاً من الموطن الثاني، قال بعد كلام: (وإذا كان ذلك كذلك، فيخاف على الولد الذي يدخل كتاب النصارى أن ينقش في قلبه ما هم عليه أو بعضه ولا أعدل بالسلامة شيئاً- نسأل الله السلامة بمنه- ومن أقبح ما فيه وأهجنه وأوحشه: أن الولد يتربى على تعظيم النصارى والقيام لهم الذي قد تقدم منعه في أهل الخير والصلاح، وعدم الاستيحاش من عوائدهم، وسماع اعتقاد أديانهم الباطلة، حتى لو خرج الصبي من مكتبهم لبقي على عاداتهم في التعظيم لهم، وعدم الاستيحاش منهم ومن أديانهم الباطلة وأنه إذا رأى معلمه الذي علمه الحساب والطب قام إليه وعظمه كتعظيم ما اصطلح عليه بعض المسلمين مع بعض من الغالب، وكذلك يفعل مع كل من صاحبه في مكتب معلمه النصراني من جماعة أهل دينه فيألف هذه العادات الذميمة المسخوطة شرعاً ولا يرضى بهذه الأموال من له غيرة إسلامية، أو التفات إلى الشرع الحنيف.
فأن يجعل الأب ابنه في مدارس النصارى بحجة أنهم متقدمون في العلم، أو تدريسهم أفضل، فهذا لا يقبله من عنده غيرة وحمية، فإنهم يشربون الأولاد الباطل فينشأ الولد على تعظيم الباطل ، وقد يدخل في قلبه – من حيث يدري أو لا يدري- شيء على دينه أو بنيه من الشبه، والشبهة أشد من الشهوة، فالشهوة نزوة ثم تزول، أما الشبهة تبقى مستقرة في العقل مسيطر ةعلى القلب.
وكان ابن تيمية يقول لتلميذه ابن القيم رحمهما الله: (يا بني اجعل قلبك كامرآة، ولا تجعله كالإسفنجة، فإن الشهوة أو الشبهة إذا سقطت على المرآة عكستها، وإذا سقطت على الاسفنجة مصتها، وإن أثرها ربما يظهر في يوم من الأيام ولو في سكرات الموت.
فالقلب في لحظات الموت والسكرات يفرز الشهوات والشبهات فكثير ممن يلقن لا إله إلا الله عند الموت فلا يحسن أن يقولها فليحرص الإنسان على قناعاته ويحرص على أبناءه.
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما عوده عليه أبوه
فإياك أن تسلم أبناءك إلى أعداء الدين ونسأل الله العفو والعافية.

السؤال 126: إذا أراد أحد الذهاب للمسجد ومنعته أمه من الخروج ولم يستطع الخروج هل يناله إثم أم أمه؟
الجواب: إن أمر الوالدان بأمر فيجب على الابن أن يطيع، في غير معصية الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : {لا طاعة إلا بمعروف}.
وأمرنا ربنا أن نرفق بوالدينا وإن أمرانا بل إن جاهدانا على الكفر، فالله عز وجل، وصى بهما خير، فقال{وإن جاهداك على أن لا تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً}.
فالوالدان باب من أبواب الجنة والسعيد والهنيء من حفظ أبويه، فإن كانت لك أم أو أب فاحرص عليهما فإنهما أقرب إليك لدخول الجنة من الجهاد في سبيل الله فلما جاء شاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه أن يجاهد فقال: {أحية أمك؟} قال : نعم، قال: {الزمها ؛ فإن الجنة عند قدميها}.
لكن إن أمرت الأم أو الأب بعدم الصلاة في المسجد فلا طاعة لهما ، وذكر الإمام البخاري في صحيحه عن الحسن البصري قال: (إن منعته أمه عن العشاء في جماعة شفقة عليه لم يطعها) .لأن الجماعة في حق غير المعذور فرض، وقد بوب البخاري (باب وجوب الصلاة).
لكن في غير معصية تجب الطاعة لا سيما الأم ولنتأمل قوله تعالى: {وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً} فالجبار الشقي في الدنيا من لم يكن باراً بأمه، ومن كان باراً بأمه، فإنه رقيق هني، حياته سهلة ميسورة.
والبر ميدان فسيح لا حد له، فكل يفعل حسب همته وحسب قربه من ربه، فعن بعض السلف أنه كان لما يأكل يفتت لأمه الطعام لقمات، فيقال له لماذا لا تأكل فيقول: أخشى أن أضع في فمي لقمة تشتهيها أمي ، وكان قتادة بن دعامة البصري إن تكلم مع أمه لا يسمع له صوت فلما كان يسأل عن ذلك كان يقول: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}.
فعند الوالدين الجناح يخفض، فإن كان الإنسان صاحب شهادة أو منصب اجتماعي ، صاحب مال وجاه، محلق في آفاق الناس، عند الوالدين هذا الجناح يطوى ويخفض ولا يبقى كبيراً كما هو عند سائر الناس كما هو عند أبويه.
ولا تخفى علينا قصة جريج العابد، فإمه تنادي عليه وهو في صلاته، فيقول: ربي؛ صلاتي أم أمي؟ ثم لم يستجب لها، وهو في صلاة نفل، فدعت عليه فقالت: (اللهم لا تمته حتى ينظر في وجوه المومسات)، فاتهمته بغي بأنها حملت منه فهدمت صومعته، وأخذ للملك، فسأل ما الخبر؟ فأخبر، فقال: ائتوني به، فتحققت دعوة أمه عليه، برؤية وجوه المومسات، فوضع أصبعه على الجنين وهو في بطنها وقال: من أبوك؟ فقال: فلان الراعي، والقصة معروفة والشاهد فيها دعوة أمه عليه، فرؤية وجوه المومسات معصية وحسرة، وما نراه في الطرقات من المتبرجات هو من الدعوات علينا ومن شؤم معاصينا نسأل الله السلامة، فإن أمرت الأم بترك السنة، تطاع وتترك السنة.

السؤال127: ما الفرق بين محمد وأحمد؟
الجواب: من المعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم، خير الخلق وأحبهم إلى الحق ونبينا صلى الله عليه وسلم له أسماء عديدة ومن الأسماء التي ذكر في القرآن محمد وأحمد.
والفرق بين الاسمين، أن محمداً: جمع للفضائل وجميع الصفات الطيبة والحسنة المحمودة، وأما أحمد فمعناه: أنه بلغ الغاية في كل صفة من هذه الصفات، فبلغ الغاية في الكرم وبلغ الغاية في الشجاعة، وبلغ الغاية في كل خصلة من خصال الخير على وجه الإنفراد.
ولذا قال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}، أي لكم جميعاً، لكم أيها الآباء، لكم أيها العمال، لكم أيها الأبناء، وهكذا، فإن محمداً صلى الله عليه وسلم هو القدوة لجميع الناس، لأنه محمد وأحمد، فلا يلحقه أحد في وجوده، وطاعته وتقواه، وسائر الخصال الخيرة،نسأل الله رب العرش العظيم أن يرزقنا الاقتداء به ، صلى الله عليه وسلم.
وكلمة "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله" ينبغي لكل مسلم أن يقف طويلاً عندها، فمعنى قولنا "أشهد أن لا إله إلا الله" أي ؛ يا رب لا أعبد إلا أنت، والعبادة: كمال الحب مع كمال الخضوع، فأينما يجد الإنسان قلبه الطمأنينة والرضا مع كمال الخضوع فهو معبوده، لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: {تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتفش}، فهذا معنى قولنا: "أشهد أن لا إله إلا الله" أي لا معبود بحق إلا الله.
وأما قولنا "وأشهد أن محمداً رسول الله" أي لا متبوع بحق إلا رسول الله، فكما أنك توحد ربك بالعبادة، فإنك توحد نبيك وتفرده بالإتباع.
أما العلماء فلا يتبعون لذواتهم وإنما يتبع بيانهم وحججهم وأدلتهم، فالأئمة الأربعة رحمهم الله ،فكان الواحد منهم يقول: (إذا بلغكم قول عنا يخالف قول نبينا فارموا بقولي عرض الحائط)، وكان أبو حنيفة يقول: (يحرم على الرجل أن يقول بما قلنا حتى يعلم من أين أخذناه) .
وسئل الشافعي مرة: يقول الرسول كذا وكذا فما تقول أنت؟ قال: (سبحان الله! أتراني خارجاً من الكنيسة؟ أترى على وسطي زناراً؟ تقول لي قال رسول الله فما قولك أنت؟ ما قولي إلا قول رسول الله ).
فالعلماء أدلاء، هم الذين يدلون على الاتباع، ونحن نتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا معنى قولنا " أشهد أن محمداً رسول الله" .

السؤال 128: توفي شخص وله سبعة أولاد وأوصى لشخص بكامل الورثة، وهي دكان عليه دين، ماذا يفعل الأولاد ، هل يقيمون دعوى في المحكمة أم ماذا؟
الجواب: إن كان هذا الشخص الموصى له من ضمن الأولاد فهذا أمر حرام لا يجوز ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {لا وصية لوارث}. ومن أوصى لوارث بشيء زائد فوصيته هدر باطلة لا يعمل بها.
وأما إن أوصى بجميع ماله لشخص آخر، ليس من الورثة، فإن أقصى ما يمكن أن يوصي الرجل لغير الورثة: الثلث، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد لما أراد أن يخرج من ماله بسبب مرض لحقه، فقال له: {الثلث والثلث كثير}، ثم قال له موجهاً: {إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم فقراء يتكففوا الناس}، وفي هذا إشارة إلى أن الرجل إن كسب ماله من حلال وورثه منه أولاده وكان قد رباهم على تعظيم دين الله فإن الأجر لا حق به، وهذا الأجر أعظم من أجر الصدقة.
فهذه الوصية نعمل بالمشروع منها وهو الثلث، ونأخذ منه الثلثين ويردان إلى الورثة.
وينصح باللجوء إلى قاضي شرعي في المحكمة فيقوم بحصر الإرث وتوزيعه على الورثة بالطريقة الشرعية ، فإن لم يكن قاضي شرعي، فطالب علم يتقن الميراث.
وعلم الميراث أخبرنا أن من أوائل العلوم التي ترفع ، حتى أن الرجل يطوف الأرض ولا يجد من يقضي له بقضية ، فيا طلاب العلم احرصوا على علم الميراث، حتى لا يبقى هذا العلم مهجوراً وهو علم مانع سهل يحتاج إلى وقت يسير بعد حفظ القواعد ، وفقنا الله لما يحب ويرضى.

السؤال 129: هل يجوز الجمع بين الأضحية والنذر؟ وهل يعق عن الميت؟
الجواب: فكما أنه لا يجوز الجمع بين الصلاة والزكاة لأنهما طاعتان مستقلتان وكل طاعة لها سبب ، فكذلك النذر طاعة لها سبب والأضحية طاعة لها سبب.
والعجب من الناس أنهم في الطاعة والعبادة يحاولون الاقتصاد وفي الدنيا والشهوات والملذات يكرمون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فالنذر طاعة يوجبها الرجل على نفسه، والأضحية طاعة واجبة بسبب عيد الأضحى، فلا يوجد أي مجال للجمع بينهما، وكذلك لا يجمع بين العقيقة والأضحية، فكلها طاعات لها أسباب- فينبغي أن تقع كما أوجبها الشرع.
وأما العقيقة فلا يخص الميت بالعقيقة، فهذه طاعة تحتاج إلى دليل خاصن ولا يوجد، أما من لم يعق عنه فله أن يعق عن نفسه، لكن لا على وجه الوجوب ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قد عق عن نفسه بعد النبوة، وفعله لا يدلل على الوجوب، وإنما على الندب.
أما الولد فيعق عنه في يومه السابع فإن مات قبل السابع فلا عقيقة عليه ،إما إن مات بعد السابع فتجب العقيقة على المستطيع.

السؤال 130: ما المقصود بالحديث الشريف: {لعن الله النامصة والمتنمصة}؟
الجواب : النمص: أخذ الشعر كما في "القاموس" والشعر الذي ينبت على الجسد لا يجوز الأخذ منه إلا بإذن من الله، وقد حدد لنا الشرع مواطن الأخذ رجالاً ونساءاً، فأوجب الشرع حلق العانة كل أربعين يوم، وكذلك نتف الإبط .
وأما الأخذ من سائر الجسد فلا يجوز، فلا يجوز مثلاً للرجل أن يحلق شعر صدره، وكذلك المرأة، فالشرع حدد مواطن الأخذ فلا نتعداها.
وأخطر ما يمكن أن يتصور في النمص الوجه، والنامصة ملعونة، والتي تنمص للنساء والتي تسمى كوافيرة، فهذه ملعونة، فكيف إذا كان يزيل شعر النساء رجل ، فهذا ملعون من باب أولى.
وجاءت امرأة إلى ابن مسعود تسأله عن النمص، فقال: (إن الله لعن النامصة في كتابه)، فرجعت وقرأت كتاب الله فلم تجد أية واحدة فيها ذكر للنمص، فرجعت إليه وقالت: يا أبا عبدالرحمن لقد قرأت كتاب الله بين دفتيه ولم أجد واحدة فيها ذكر للنمص، فقال ابن مسعود: (ألم تقرأي قول الله {وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فاتنهوا} قالت : بلى، قال : (فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن النامصة والمتنمصة، فقالت له: يا أبا عبدالرحمن، إن زوجتك تنمص، فقال لها: (يا أم يعقوب، والله لو كان الأمر كما تقولين ما جامعناهن في البيوت) أي لا أجتمع معها تحت سقف واحد.
فكيف ترجو بركة زوجتك وهي ملعونة، وكثير من الناس اليوم لا يجدون الطمأنينة والراحة في البيوت فيقضون أوقاتهم في المقاهي وخارج البيت.
والإنسان لن يكون إماماً إلا إن كانت زوجته وأولاده قرة عين له، فتأملوا قول الله: {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين}، فبعد أن تكون زوجتك وذريتك قرة عين لك، حينئذ: {واجعلنا للمتقين إماماً} فمن لا يظهر خيره على غيره من أهل بيته فمن باب أولى ألا يفيض خيره على غيره من الأبعدين.
فالمرأة لماذا تنمص؟ إن النساء ينمصن لبعضهن بعضاً، فعلى الرجل أن يعتني بزوجته، وأن يأمرها إن كانت تنمص ، ويقول لها: اتق الله وكفي عن ذلك، فإن في هذا لعن، وهو كبيرة من الكبائر، والرجل لا ينال بركة الشيء الملعون ، نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى.

السؤال 131: ما حكم الاستماع للأناشيد الإسلامية، إن كانت مع الدف أو [الدرمز]؟
الجواب: أما [الدرمز] فهو آلة موسيقية وهي لا تجوز سواء كانت على الكمبيوتر أو غيره، والآن يدخلون أصوات الآلات الإيقاعية على الكمبيوتر، وهي تأخذ نفس الحكم.
وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي رواه البخاري من حديث أبي مالك الأشعري قال: {ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف}، فلا بد أن يأتي قوم يتكلمون باسم الإسلام ويتكلمون بالحلال والحرام، يقولون: إن المعازف حلال، وهذا واقع الآن، ومن يسمع للفضائيات ومن يؤتى بهم لهذه الشاشات ممن لا يتقون الله ويتساهلون في الأحكام ولا يعتمدون على ، قال الله وقال رسول الله ، وإنما يريدون أن يسهلوا على الناس فيقولون حلال حلال، حتى الربا حلال والآلات الموسيقية حلال.
والنشيد: نشد أي رفع صوته بالشعر، فهذا هو النشيد، والغناء حرام لذاته، فلو أخذنا أغنية وأبقينا على لحنها، وبدلنا كلماتها أتصبح نشيداً، أم تبقى غناءاً؟ تبقى غناءاً فلو قال رجل أريد أن أسمع نشيد أم كلثوم ، فهل هذا يصبح حلالاً؟ لا ، فالعبرة بالحقائق لا بالأسماء.
والناس اليوم يسمعون الغناء ويقولون عنه نشيد، والأشرطة الموجودة اليوم التي تحمل اسم (النشيد الإسلامي) هي في حقيقة أمرها غناء، والأحكام مبنية على الحقائق والمعاني ، وليست على الألفاظ والمباني فهي أغاني وليست أناشيد.
أما النشيد فهو حلال، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لحسان بن ثابت رضي الله عنه: {أهجهم وروح القدس معك}.
والنشيد المرنم أيضاً حلال، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأنجشة لما يحدو: {يا أنجشة رويدك ، رفقاً بالقوارير} والحداد هو قول الشعر مرنماً، فكان أنجشة يحدو بالنساء في السفر، وكان البراء بن مالك بالرجال، فلما كان يحدو كانت الجمال تسير وتسرع في السير، وهذا يزعج النساء اللواتي يركبن الجمال ، فكان يقول له النبي صلى الله عليه وسلم : {رويدك}أي خفف الحداء لا تنزعج النساء بسبب سرعة سير الإبل.
فقول الشعر مرنماً لا حرج فيه، حتى في حق الرجال، أما الغناء فحرام، فإن صاحبه آلات موسيقية فهو حرام من وجهين، فإن كان الغناء يحمل في معانيه الخنا والفجور، والدعوة للفاحشة من ذكر العشق والحب، فهذا حرام من ثلاثة أوجه، وأما إن كان يحمل معانٍ كفرية، فهذا من أكبر الكبائر، وكثير من الأغاني منها ألفاظ كفرية، فمن سمعها واطمأنت لها نفسه، ولم ينكرها فهذا نخشى عليه، فسماع الغناء اليوم في غالبه حرام من أكثر من وجه، لأنه تجتمع فيه مجموعة محاذير نسأل الله أن يرزقنا أن نصون أسماعنا وأبصارنا عن الحرام.
ولما كان أهل الخرافة في زمن الشافعي وأحمد، أحدثوا قصائد زهدية يغنونها ويترنمون بها [مع استخدام بعض الآلات] فسئل الإمام أحمد والإمام الشافعي عن التغبير[وهو القصائد الزهدية المذكورة] فقالا: (هذا شيء أحدثته الزنادقة يريدون أن يشغلوا به الناس عن القرآن].
وقال الإمام ابن القيم في كتابه "مسألة السماع" : (كلام الله هو القرآن، والغناء قرآن الشيطان، وحب كلام القرآن وقرآن الشيطان نقيضان لا يجتمعان) وسئل الفضيل بن عياض عن الغناء فقال: (رقية الزنا) فالذي لا يستطيع الزنا يرقيه الغناء، فمن علامات أهل الإيمان أنهم ينزعجون من قرآن الشيطان ؛ لأن قلوبهم متعلقة بكلام الرحمن ،والفرق بين هذين كالفرق بين الخالق والمخلوق، والله أعلم ..

السؤا ل132: لماذا يختلف العلماء في الآراء، ومن أتبع عند الاختلاف، وكيف أحكم على الصحيح منهم؟
الجواب: أما أسباب الإختلاف الفقهاء والعلماء، فكثيرة وتحتاج إلى جملة محاضرات والكلام أصولي، ولكن على الإنسان أن يتبع الدليل إن وجد في المسألة .
وإن لم يوجد في الدليل ، ووجد أقوالاً متعددة لفقهاء متعددين ، فمن يتبع؟ منهم من قال: يتبع الأكثر، ومنهم من قال: يتبع الأعلم ، ومنهم من قال: يتبع الأورع ، ومنهم من قال : يتخير ؛ أي يختار أي واحد شاء.
والشرع طلب ممن لا يعلم أن يسأل من يعلم حتى يضيق عليه باب الهوى، ففي القول بالتخير فتح لباب الهوى، فهو أضعف هذه الأقوال.
وأصوب هذه الأقوال: على الإنسان أن يسأل العامل بالدليل، كما قال الله عز وجل: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، بالبينات والزبر} أي بالحجج والبراهين، فلا يقال عالم إلا بحجته.
فإن كانت المسألة نازلة، لا يوجد فيها دليل فالمطلوب من الإنسان أن يسأل أعلم من يظن، ويستأنس برأيه، ويعبد الله عز وجل، والتقليد لا بد منه، لكنه يكون عند الضرورة فهو كالميتة عند الضرورة والحاجة.
وخلاف العلماء فيما بينهم خلاف عقول والقلوب مستقيمة، وخلاف العوام فيما بينهم خلاف قلوب، فهذا يونس بن عبدالأعلى الصدفي التقى مع الإمام الشافعي، فتناظرا في بضع وعشرين مسألة فلم يتفقا على مسألة، فأخذ الشافعي بيد الصدفي وقال: (ألا يسعنا أن نكون أخوة، وإن لم نتفق بمسألة) لكن لو أن عاميين تناظرا في مسألة، فلعلهم بحاجة إلى من يحجز بينهم.
فالأصل في الخلاف المعتبر أن يكون الخلاف في العقل، ولا يكون بين المسلمين ضغينة في المسائل التي هي محتملة للخلاف والتفصيل يطول والمسألة مبسوطة في "الموافقات"، وانفصل البحث معه بالذي قلته ، ومن بركة العلم عزوه إلى قائله.

السؤال 133: ما حكم من تخفف الحاجب أو تزيل منطقة الشارب بقصد التزين لزوجها؟ وإذا كان يشبه الرجال في هذا المنظر للمرأة ، أليس هذا ينافي قول الرسول صلى الله عليه وسلم {بارك الله في المرأة الحلساء الملساء وبارك الله في الرجل الشعور}؟
الجواب: أما هذا الحديث المذكور، فكذب لا أصل له، فالسائلة اعتمدت وقبضت بيدها على ماء فلم تجد شيئاً تشد به.
أما المسألة: فالزوج رأى هذه الزوجة عند خطبتها ورآها على هذه الحال، وقبل بها، وهل أصل خلقة المرأة أن يكون لها شارب ثخين أوخشن، أو أن يوجد على ساقيها أو على بدنها شعر خشن؟ لا ، ولكن من كثرة الأخذ وشدته هي تقوي وتخشن هذا الشعر، ولو بقيت على خلقتها وعلى سجيتها ما كان هذا حالها، والشر لا يأتي إلا بشر، فما دام أن الزوج رآها على هذه الحال، فلتترك حالها هكذا، فالمرأة المطلوب منها ألا تأخذ شيئاً من بدنها إلا بإذن من ربها، وكذلك الرجل.
أما إن وجد حالات نادرة ليست هي الطبيعية بين الناس، فهذه صاحبتها تسأل عنه ، وهذه لها أحكامها الخاصة بها، أما بالجملة فالقاعدة ما ذكرنا، والله أعلم ...

السؤال 134: رجل تزوج امرأة، وبعد أن أنجب منها ولداً، تبين له أنها لا تسمع إلا قليلاً، وعلماً بأن أهل الزوجة لم يخبروا الزوج بذلك حتى أن الزوج وهو يتحدث معها لا تسمع بعض الكلام فماذا يفعل هنا الزوج؟ هل يطلق من أجل ذلك العيب الذي فيها، أم يصبر ويحستب الأجر عند الله ولا يطلقها؟
الجواب: نقول للسائل: هداك الله! أما علمت بعدم سماعها إلا بعد أن أنجبت؟ هذا عجب! وهو غير متصور أبداً ومن وجد عيباً ظاهراً في امرأة لم يخبر به قبل أن يدخل بها، له أن يردها كما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يدخل بامرأة وجد في بطنها كشحاً (داء) فقال لها: {الحقي بأهلك}، وفي هذا تشريع منه لسائر المسلمين ، وفي هذا بيان لأولياء الأمور لا سيما النساء فقد لا تظهر العيوب البدنية لولي أمر، وتكون معلومة للأم، فعلىالأم أن تخبر الزوج، ويجب على ولي الأمر بيان العيب .
أما وقد تم الدخول، وهذا العيب حاصل معها فسكوتك محسوب عليك، فأمسك زوجتك ، بارك الله لك فيها، وابق عليها.
وأما إن لم تقنع بها، فلك أن تتزوج غيرها، فامسكها وابقها على ولدها.

السؤال 135: ما هو حكم البيع بالتقسيط؟ وما الأدلة على ذلك؟ وهل هناك شروط وقيود في البيع بالتقسيط إذا كان جائزاً؟
الجواب: بيع التقسيط لا محذور منه، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي اليسر أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال{من أنظر معسراً أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله} لكن بشرط أن يكون السعر واحداً ولا يزاد عليه في السعر، فالمحتاج لا يزاد عليه لحاجته تماماً كالدائن، فإن جاء الرجل وطلب الدين نعطيه احتساباً، فمن أعطى غيره ديناً فله أجر نصف الصدقة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فليس للدائن أن ينتفع بقرضه فيأخذ شيئاً زائداً عن القرض الذي قدمه.
وهذا الإنسان المحتاج الذي اشترى نسيئة، لا يجوز أن يكون هناك سعرين إن كان نقداً بكذا وإن كان نسيئة بكذا..
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا} فلا تجوز الزيادة من أجل تأخر الزمن وأما البيع بالتقسيط ويبقى السعر هو هو، فهذا من الإمهال، وصنع المعروف مع الناس وهذا فيه خير وفيه أجر، والله أعلم .

السؤا ل136: ما هي كيفية التيمم ، ومتى يصلح؟
الجواب: التيمم يكون عند عدم وجود الماء، وعند وجوده والتضرر باستخدامه لمرض أو لحرق أو لشج في رأسه أو بدنه، أو لشدة البرد ويغلب على ظنه الهلاك، وإن نصح الأطباء بعدم استخدام الماء.
والتيمم ضربة واحدة، على أرجح الأقوال، للوجه والكفين، وليس للمرفقين، والحديث الذي فيه{التيمم ضربتان، ضربة لليدين والمرفقين، وضربة للوجه} حديث ضعيف والصحيح أنه ضربة واحدة ، فهذا يجزئ.

السؤال 137: هل يجوز مسح القدمين من فوق الجوارب، ولو كانت مخرمة؟
الجواب: المسح رخصة ثابتة عن أكثر من سبعين صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أن علمائنا جعلوا المسح على الخفين من عقائدنا لأن المسح على الخفين أصبح وسطاً بين الخوارج الذين لا يرون المسح على النعال، وبين الروافض الذين يجوزون المسح على القدمين دون جوربين، وقال الإمام الطحاوي في عقيدته المشهورة ما نصه: (ونرى المسح على الخفين في الحضر والسفر لما ثبت فيه من الخبر والأثر) .
وأما المسح على الخفين أو الجوربين إن كانا مخرقين فلا حرج فيه، ورحم الله ابن حزم، فإنه قال: (وهل كانت خفاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مخرقة).
وبعض الناس يتحرجون من المسح على الجوربين في الصيف، وهذا التحرج ليس له أصل، إلا إن ترتب على المسح كراهية رائحة، ويقع الإيذاء للمصلين، فالأصل في الإنسان أن يتفقد رائحة رجليه، فإن ترتب على المداومة على المسح كراهية رائحة للقدمين ، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: {من أكل من هاتين الشجرتين فلا يقربن مصلانا} ورائحة الجوربين الكريهة أشد من رائحة الثوم والبصل، فهذا المحذور فقط ، وإلا فمن حيث المشروعية فمشروع ولا حرج فيه، وأما الجوارب الشفافة التي للنساء فما دام أنها جورب فيجوز المسح ،ومن وقع في قلبه شيء فليدع ((كنا ندع ما لا بأس به مخافة ما فيه بأس)) وأما النص جاء في المسح على الجوربين .

السؤال 138: هل يجوز لعب كرة القدم؟
الجواب: الرياضة مشروعة وحسنة، وقد مارسها وحث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالنبي صلى الله عليه وسلم مارس مجموعة رياضات منها: المصارعة، فكان أقوى الخلق، وكان هناك مصارع اسمه ركانة لا يغلب ، فأراد الله به خيراً فجاء للنبي صلى الله عليه وسلم فتراهن معه من يغلب يأخذ شاة، وكان لا يستطيع أحد أن يرميه الأرض، فتصارع مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، فرماه الأرض ثم عاد فرماه الأرض ثم أشفق عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: {لا نغلبك ونغرمك}، فأرجع إليه شاتين فأسلم، لأنه كان يعتقد أنه لن يغلبه أحد من البشر، فعلم أن الذي غلبه غلبه لقوة غير قوة البشر، فأراد الله به الخير في غلبته فليس دائماً الذي ظاهره الشر هو الشر ، فهناك أشياء ظاهرها شر وهي خير، وهناك أشياء ظاهرها الخير هي شر، فكم من إنسان عصى الله معصية، فانكسر قلبه بين يدي الله، وكم إنسان عبدالله بطاعة فأصابه عجب وكبر وخيلاء ورياء، فهلك ودخل النار نسأل الله العفو والعافية.
وألف الإمام السيوطي رسالة حسنة سماها: "المسارعة إلى المصارعة" لذا أن يوقح الرجل من أهل السنة بدنه بأن يتصارع هو وأخوه لا حرج في هذا، وأن يمارس الإنسان الرياضة ويتقوى فيها لا حرج .
وقد مارس النبي صلى الله عليه وسلم المسابقة، فسابق بنفسه بين الخيول- وهذا في صحيح البخاري- ومارس بنفسه مسابقة الأقدام، وكان يقول: {عليكم بالنَسلان} [لما شكوا إليه الإعياء] والنسلان الركض [الإسراع في المشي] نهايه.
وتسابق هو وعائشة في سفرة من الأسفار فأمر أصحابه أن يتقدموهما، فتسابق معها فسبقها، وبعد مضي سنوات طلبت عائشة أن تسابق الرسول صلى الله عليه وسلم فأمر الصحابة أن يتقدموه فسابقته فسبقته، لما بدن صلى الله عليه وسلم، فقال لها : {هذه بتلك}، وفي هذا إشارة إلى حسن العلاقة والممازحة والتودد والتحبب بين الرجل وزوجه، فمن منا – بالله عليكم- يجرؤ أن يتسابق هو وزوجته الآن، هذا هدي النبي عليه الصلاة والسلام.
فالرياضة التي تقوي البدن، ولا سيما في حق الشاب الذي هو قوة وطاقة ويحتاج إلى ما يقوي بدنه، فلا حرج في ذلك.
لكن الذي ننكره اليوم أشياء بالذات في كرة القدم،منها: أولاً : هدر الأوقات، وإضاعة الأموال، فعلى جلدة يجتمع عشرات الألوف، وهذا هدر للطاقات وهدر للدخل العام وهدر لقوة المجتمع الاقتصادية، فبمباراة يحضرها خمسون ألفاً فكل منهم يضيع ساعتين فهذه مئة ألف ساعة، وأضعافها أيضاً على التلفزيون، فهذه مئات الآلاف من الساعات الضائعة، كم بها يتقدم المجتمع في عطاءه؟
فالذي ننكره تضييع أوقات الأمة في هذه الأشياء أما أن يمارس الرجل الرياضة وأن يتقوى بدنه لا حرج في ذلك، وهذا لا ننكره، وفي هذه المناسبة أهمس في أذن أخواني الخطباء والأئمة ، اتقوا الله واحرصوا على أوقات الناس فلا تصعد على المنبر وأنت لا تتقي الله في أوقات الناس يحضر لك مئتي رجل في يوم الجمعة، اعلم إن كنت تخطب نصف ساعة فاعلم أنك تأخذ من أوقات المسلمين مئة ساعة، فعليك أن تتقي الله في هذه المئة فحضر واتعب، فأنت تتكلم نصف ساعة لكن تخاطب مئتي رجل، مجموع ما يحضر ضرب الوقت يساوي الوقت المهدور في حياة الأمة.
وأمر آخر ننكره في الرياضة، قلب الموازين؛ فمن أبطال الأمة اليوم؟ ومن نجوم الأمة؟ فالأمة في ظلمات تحتاج إلى نجوم تضيء لها الطريق فهل يا ترى حال أمتنا بحاجة إلى نجوم من أمثال لاعبي الكرة، والمطربين والممثلين؟ هل الظلام الذي نحن فيه تضيئه هذه النجوم؟ أم أننا بحاجة إلى علماء وصلحاء وأتقياء يعملون على إضاءة طريق الأمة وإخراجها من الظلمات إلى النور، بإذن الله عز وجل؟ فهذا الأمر الثاني الذي ننكره، وهو قلب الموازين، وتسمية الأبطال والنجوم الذين هم ليسوا بنجوم ولا أبطال.
فأمة مغلوبة مقهورة، والدم المسلم من أرخص الدماء، التي تسيل على الأرض ، ودم الكلب في الغرب أغلى وأنفس من دم المسلم بل من دم الشعب المسلم بأكمله، فأمة كهذه بحاجة إلى أبطال حقيقيين ولسنا بحاجة إلى أمثال هؤلاء.
وأمر ثالث ننكره في كرة القدم والرياضة: التشرذم والعصبية الجاهلية، النبي صلى الله عليه وسلم سمع في المسجد رجلين يتلاحيان، واحد من الأنصار وآخر من المهاجرين، فقال رجل: يا للأنصار، وقال الآخر: يا للمهاجرين، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: {أجاهلية وأنا بين ظهرانيكم ؟} فعد ذلك جاهلية.
واليوم بسبب هذه الكرة تظهر الجاهلية العفنة وتظهر الإقليميات والعصبيات التي قتلها الشرع وعمل على محاربتها، ورفع الشرع شعاراً ذكره ربنا في القرآن فقال: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} فالكرم بالتقوى وليس بالجنس ولا بالعصبية.
ثم ننكر أن تكون الرياضة ملهاة للناس وأن تشغلهم عن الخير وأن تشغلهم عن الواجبات سواءً الدينية أو الدنيوية .
وأمر آخر ينكر فيها، إظهر الفخذ، قال صلى الله عليه وسلم: {يا جرهد غط فخذك، فإن الفخذ عورة}، وأقبح ما ينكر في هذا الرياضة النسائية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فهذا ما ننكره في كرة القدم والرايضة أما ممارستها وتقوية البدن فهذا لا حرج فيه، إن أعطيت حجمها وما قصر الإنسان في سائر الواجبات.

السؤال 139: ما هو حكم لعبة الملاكمة؟
الجواب: الملاكمة ممنوعة في الشرع لكن فرق بين أمرين في الملاكمة، ففرق بين المتدرب الذي يوقح بدنه ويقويه في اللعب فهذا أمر لا حرج فيه، وبين أن يحترف الرجل الملاكمة ويمارسها ويضرب الخصم على الوجه ويؤذيه ويطرحه أرضاً ، فهذا ممنوع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يقبح الوجه} فلا يجوز للأب ولا للمدرس ولا لأحد أن يضرب آخر على وجهه.
والملاكمة هي كلها ضرب على الوجه، فضلاً عن الارتجاج في الخلايا الموجودة في الدماغ بسبب اللكمات على الرأس فهي ضارة .
فالاحتراف في الملاكمة وممارستها ممنوع وليس بمشروع والتدرب على حركاتها والتقوي فيها حلال لا حرج فيه.

السؤال 140: هل هذا حديث، وهل هو صحيح أم ضعيف: {من حلف بالأمانة فليس منا}؟
الجواب: أخرج هذا الحديث الإمام أحمد وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح من حديث بريدة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ليس منا من حلف بالأمانة، وليس منا من خبب امرأة على زوجها أو خبب مملوكاً على سيده} خبب : أفسد ،وليس منا أي : ليس من صنيعنا ، ليس من هدينا، فهو عمل حرام.

السؤال 141: رجل استدان من آخر قبل عشرات السنين مبلغاً، وكان قد غفل عنه، ثم اعترف بمبلغه الآن، وأوصى بسداده، فكيف يكون ذلك: أبالقيمة القديمة، أم بالقوة الشرائية؟
الجواب: الأصل في المال بقوته، ولا انفكاك بين قوته الشرائية وقيمته، أرأيتم لو أن رجلاً استدان من آخر مئة دينار، وأخذ منه ورقتين من فئة الخمسين ، وحفظ هاتين الورقتين، ثم بعد أيام قليلة ألغيت هذه العملة ، فرد عليه ورقتيه بعينيهما بأرقامهما ، فهل يكون برأ ذمته بهذا الرد؟ لا
والمال كل شيء له قيمة عرفاً، بشرط أن تكون محترمة، فالخمر والخنزير ليسا مالاً، والعبرة في الأموال بقوتها الشرائية.
لكن بمقدار غياب الإسلام عن واقع الناس، تقع عندهم اضطرابات اقتصادية وأمنية، ومن سنة الله جل في علاه، فيمن يقرأ الآيات والأحاديث، يعلم علم اليقين أن من شؤم الذنوب والمعاصي أول شؤم لها أن يذهب الرغد، وأن يدخل على الناس الضنك والشدة والسنين، قال صلى الله عليه وسلم: {ليس السنة ألا تمطروا ولكن السنة أن تمطروا ثم تمطروا ثم تمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً}.
والإسلام مصلح للزمان والمكان وعبارة الإسلام صالح لكل زمان ومكان غير صحيحة، فنقول الإسلام هو المصلح للزمان والمكان، حتى ننفي الإصلاح عن غيره، فبمقدار البعد عن الإسلام تقع اضطرابات اقتصادية وأمنية .
وتخيلوا معي المجتمع الأول الذي كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كل رجل يقول " لا إله إلا الله" رجل أمن، سلاحه عنده في بيته كطعامه وشرابه، ولذا جاء أشد حكماً- على الإطلاق- في الشرع الحرابة، لأن الأسلحة متوفرة بين الناس، فوجد استقرار أمني لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم من أخطأ يسجنه في المسجد، فكان المسجد سجناً لأنه كان ينقصه أن يكون قريباً من الله جل في علاه.
ثم كان هناك استقرار اقتصادي، فأصل رأس المال للدولة الذهب، والناس في أصل رأسمالها في السوق، فالذهب هو الذي يباع به ويشترى، فقيمة القوة الشرائية للمال ليست بيد جهة معينة، تستطيع بين عشية وضحاها أن يكون الذي يملك مئة ألف يصبح فإذا هي عشرين ألف، أربع أخماس المال يضيع ، كيف ضاع؟ لا أحد يدري، وهذا لعدم الاستقرار .
والأموال الآن هي عبارة عن كوبونات للأشياء في المجتمع ، فلو فرضنا أن هناك قطراً من الأقطار مثلاً هذا المسجد ، فيه طاولة ومنبر وشبابيك وخزائن فهذه موجودات هذا القطر، الأموال كوبونات لهذه الأشياء، فإن بقيت الأمور الموجودة هي هي، والكوبونات كبرت وكثرت، فإن وجد مئة غرض في هذا المسجد ووجد مئة كوبون فيصبح قيمة كل غرض كوبون، فإن بقيت الأغراض هي هي، وأصبحت الكوبونات مئتين، يصبح لكل غرض كوبونان، فإن أصبحت ألف لكل غرض عشرة كوبونات، بمعنى أن قيمة كل كوبون تقل لأن الموجودات ثابتة.
وكما أننا نكفر بالنظام الشيوعي، الذي يمنع الفرد من التملك، فإننا أيضاً نكفر بالنظام الرأسمالي، الذي الربا هو عمود فقري له، فلا يوجد نظام رأسمالي إلا وفيه الربا، لأنه مع مضي الزمن، تقل قيمة القوة الشرائية للأشياء، وهذا ما يسمى في علم الاقتصاد بالتضخم .
وبعض من أعمى الله بصيرته وأشدد على هذا وأعيد بعض من أعمى الله بصيرته جوز الربا، قال: لأنني آخذ القوة الشرائية للأشياء، فالقوة الشرائية بالطريقة الاقتصادية المحسوبة كل سنة تقل سبعة في المئة، فأنا لما آخذ الربا فأنا أحافظ على القوة الشرائية، فهذا أسقط حكماً على غير موضعه، فكأن النظام الرأسمالي من ديننا، وأسقطت الحكم عليه، والمطلوب منا أن نعري هذا النظام، ونبين أننا لا نؤمن به لذا لا يجوز أن نلبس حكماً شرعياً لواقع هو أصلاً غير شرعي، وهذه هي عقدة جواب السؤال، وقد سألته من أحد إخواننا في هذا المسجد، قال: لي قريب ووصى وكان في وصيته أنا أسأل أنا، قال استدان من بعض أقاربه مالاً ثم مات، والآن يطالب أصحاب الدين بالقوة الشرائية للدين في ذاك الزمان، وأخذ منه أربعين ديناراً وقالوا : لن نقبلها بعشرة آلاف دينار؛ لأنها كانت مقابل أرض، والأرض الآن قيمتها ارتفعت.
فهذا التضخم هل الإسلام فيه نصيب، أم أنه موجود لأن الإسلام غائب؟ هو موجود لأن الإسلام غائب، فهو موجود بحكم أننا نعيش في نظام اقتصادي رأسمالي.
إذن الجواب أن العبرة بالقوة الشرائية لكن في مثل هذه المسائل القلقة، فيما أفتى به غير واحد من أهل العلم ، واستقر رأي غير مجمع من المجامع الفقهية التي تناقشت في مثل هذه المسألة، إلى أن هذه المسائل يحكم فيها كل على حدة، وقد سألني أخ عراقي، قال: اشتريت سيارة من رجل، وكان للدينار العراقي قيمة، وكان مضطرباً ، فعلقنا ثمن السيارة بالدولار، وبدأت أسد كل شهر مبلغاً ثم بدأ الاضطراب الشديد، للدينار العراقي مقابل الدولار ، قال: حتى أصبحت ذمتي مشغولة لصاحب السيارة بمبلغ لا أستطيع عليه ولا أحلم به أنا وعشيرتي جميعاً لو كانوا مجتمعين ، وأنا حريص على أن أبرئ ذمتي فذهبت إلى بائع السيارة وقلت له: أنا دفعت لك الثلث وبقي ثلثان ، وأنا أسامحك بما دفعت وخذ السيارة وبرئ ذمتي فأخشى الله عز وجل ، وأخشى الدين، فلم يقبل، فماذا علي؟ فالجواب في مثل هذه المسائل هو التحكيم ، يحكم بمثل هذه المسائل ذوا عدل من طرف البائع ومن طرف المشتري، ويسددان ويقاربان ويسهلان ويجعلان الطرفين متحابين، يسامح كل منهما الآخر.
وهذه المسائل وجدت لغياب الشرع ، فإعطاء قاعدة مطردة فيها ظلم، وهذه المسائل فيها تسديد ومقاربة، ولا يوجد فيها حكم قاطع واحد .
والمحكم يكون من أهل الديانة وممن يعرف بالتجارة ويعرف بالتقدير، يقدر ويتقي الله عز وجل، والمحكما يلزمان الطرفين بفض النزاع، ويكون الحكم على قدر الاستطاعة، يراعيان ثمن السلعة، ومقدار التغيير [وأموال الشخصين] فيسددان ويقاربان على حسب ما ييسر الله لهما.
ومن المجامع الفقهية الذين قرروا هذا الحكم ، المجمع الفقهي برئاسة الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد نسأل الله عز وجل أن يعافيه ويشافيه.

السؤال 142: هل يكفي ذكر الاستعاذة في بداية القراءة من الركعة الأولى، أم هي مطلوبة في بداية القراءة من كل ركعة؟
الجواب: المسألة فيها خلاف بين الفقهاء، وأرجح الأقوال في هذه المسألة مذهب الشافعية وهو القراءة بالاستعاذة في أول كل ركعة؛ لعموم قول الله عز وجل: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} فالاستعاذة تكون عند قراءة القرآن .
بعض أهل العلم قال: التسبيح في الركوع والتحميد والدعاء والتسبيح في السجود، هذا يأخذ حكم قراءة القرآن وما فيه انشغال عن العبادة والطاعة، فلما تقوم للركعة الثانية فلا داعي للاستعاذة.
قلنا: النص {فإذا قرأت القرآن} وهل من ذكر في الركوع والسجود ودعا، هل هذا يقرأ القرآن؟ لا، وكيف ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود.
ولذا أرجح الأقوال أن المصلي كلما قرأ الفاتحة يبدأ بالاستعاذة، ثم البسملة ويقرأ الفاتحة.

السؤال 143: ما هو حكم الإماء اليوم؟ وهل يجوز التمتع بهن دون عقد شرعي؟
الجواب: هذه المسألة تشغل كثيراً من الناس ولا طائل تحتها ولا ثمرة منها، ولا سيما في هذا الزمان.
ويجوز للمسلم أن يتمتع بالأمة دون أن يعقد عليها، فربنا يقول: {والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ،فإنهم غير ملومين} والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {احفظ عورتك إلا من زوجتك أو أمتك}، فالرجل لا عورة له على زوجته ولا على أمته.
والأصل في الأمة ، العبدة، والأصل في العبيد أن يكونوا سبايا الحرب.
وحكم العبيد ليس منسوخ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد التحق بالرفيق الأعلى والإماء موجودة، ولا يجوز أن نقول إن هناك نسخ بعد وفاته، إذ الوحي لا ينزل بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .
والأمة يتسرى بها، وسمي تسري لسببين؛ الأول: إدخال السرور على النفس، والثاني : لأن مجامعة الأمة تكون بالسر دون العلن فليس كالنكاح.
والإماء لها أحكام فقهية ولو أن رجلاً جمع أحكام الإماء لوجد عجباً.
ومن أحكامها التي تلزمنا أنه لا يجوز للرجل أن يطأ أمة قد وطأها غيره، فإن كانت هناك أمة عند رجل فباعها، فلا يجوز للآخر أن يطأها حتى يستبرئها بحيضة، حتى لا تختلط الأنساب، وإذا كانت حبلى لا يجوز التمتع بها حتى تضع.
ولا يجوز للرجل أن يهدي أمته إلى غيره فيتسرى بها، ثم ترجع إليه، فتكون مشاعاً بين الناس، هذا أمر غير مشروع.
والأمة إن حملت يحرم التفريق بينها وبين ولدها، ويحرم بيعها، وتسمى في الشرع (أم الولد) وأم الولد حرة، ولدها يعتقها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المعروف لما سأله عن أشراط الساعة، قال: {أن تلد الأمة ربتها}، أي أن يكثر السراري، فيتمتع الرجل بالسراري ،فتأتي منها الأولاد فالولد يعتق الأم ، فتصبح ام كأنها أمة للولد، فتصبح حرة من وجه، أمة وجه، حرة: تلحق بسائر الأحرار، وأمة من حيث العدد تبقى زائدة على الأربع.
والشرع حث الناس على العتق، وأوجب عتق الرقاب في كفارات معينة، ومن أعتق رقبة فإن الله عز وجل، يعتق منه العضو بالعضو، فرغب الشرع في عتق الرقاب.
فالإماء التمتع بهن جائز، والحكم غير منسوخ، لكن ضمن ضوابط وقواعد.
والشرع حث على المكاتبة، أن يكاتب السيد عبده على مبلغ فمتى أعطاه إياه أصبح حراً وأعتقه فيعتق نفسه بنفسه، وهذا يسمى العبد المكاتب، وكانت عائشة رضي الله عنها، تقول: ((المكاتب عبد ما بقي درهم)) فآخر درهم هو الذي يحرره.
ومن اللطائف أن يقال: إن الأمة كلما كانت بشعة، وكلما كانت شنيعة المنظر، كان سعرها أغلى، لأن الذي يشتري الإماء ويختارها الزوجة، فيؤتى بها على أنها خادم للبيت.
ومن العجائب أن غير واحد من علمائنا ألف كتباً في كيفية تقويم العبيد، وكيفية إعطاء السعر، وكيفية فحص وتقليب العبيد، وذكر الشيخ المحقق عبد السلام هارون- ابن خالة المحدث أحمد شاكر- رحم الله الجميع، ذكر رسالتين تراثيتين في هذا الباب في كتابه " نوارد المخطوطات" ، والله أعلم .

السؤال 144: رجل كان صائماً صيام تطوعي، فدعي إلى طعام فهل يجيب الدعوة أم لا؟
الجواب: نعم ؛ يجيب الدعوة، والدعوة التي يجب على كل مسلم أن يلبيها الدعوة العامة، فإن دعي دعوة عامة يجيب.
وله أن يأكل فإن لم يأكل يصلي، كما ورد في الحديث، أي يدعو لصاحب الطعام.
والمسألة فيها خلاف ، الحنفية والمالكية يوجبون عليه أن يتم وقالوا إن أفطر فعليه القضاء، والراجح ليس هذا، وهذا القول مرجوح، لما ثبت في مسند الإمام أحمد أنه قال: ((الصائم أمير نفسه ، إن شاء صام، وإن شاء أفطر)) فإن شاء أكل وإن كان صائماً يجب عليه التلبية، ولا يلزم من إجابة الدعوة أن يأكل الطعام، فقد أجيب الدعوة ولا أكل لأن الطعام هذا محمى عنه، فتلبية الدعوة أمر، وتناول الطعام أمر آخر.

السؤال 145: هل صحيح أن باب الاجتهاد قد أغلق؟
الجواب: هذه المقولة ليست بصحيحة، بل هذا التعبير ليس بتعبير علمي.
ومنهم من قال: أغلق في القرن الرابع، ومنهم من قال في الخامس، ومنهم من قال: آخر مجتهد ابن دقيق العيد، ومنهم من قال: بعد أبي حامد الغزالي لا يوجد مجتهد مطلق، وغير هذا والكلام كثير.
ونقول: يا ترى! أين باب الاجتهاد حتى نراه، فنكشف عنه، فنعلم هل هو مغلق أم مفتوح؟ هل يوجد شيء يسمى باب الاجتهاد؟ لا؛ هنالك شيء يسمى : شروط الاجتهاد، وفضل الله عز وجل ليس حكراً على أحد، فقد يفتح الله على المتأخر ما لم يفتح على المتقدم وإن كان المتقدمون بالجملة خير من المتأخرين بالجملة، وليس بالآحاد، فلماذا يحصر ويحد فضل الله.
والوقائع التي تنزل بالأمة لا حد لها، والنصوص من الكتاب والسنة محدودة، فلا جواب على هذه الوقائع التي لا حد لها إلا بالاجتهاد، ولا تزال طائفة من هذه الأمة قائمة على دين الله حتى قيام الساعة، وما من نازلة من النوازل إلا ولها حكم شرعي، وكما هو الراجح عند علماء الأصول ، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، لأن العصابة والفئة الظاهرة قائمة حتى قيام الساعة.
إذن القول بأن باب الاجتهاد مغلق، لازم ذلك فساد عريض، وأن هناك أحكاماً كثيرة ونوازل عديدة لا نعرف لها حكماً وكفى [بذلك] هذا القول شراً وفساداً.
فالاجتهاد ليس له باب، ومن قال: باب الاجتهاد مغلق أو مفتوح فهو يغالط نفسه، والاجتهاد له شروط، فيحرم على الرجل أن يجتهد حتى تتوفر فيه شروط الاجتهاد.
والراجح عند الأصوليين أن الاجتهاد يتجزأ، فقد يجتهد الإنسان في مسائل دون مسائل، فالاجتهاد أقسام وتجزؤه ممكن، وفيما يذكر، أن أعلم الناس بالحلال والحرام معاذ، وأعلم الناس بالفرائض زيد، وأعلم الناس بالقضاء علي، وهكذا، فهذا فيه إشارة إلى تجزؤ الاجتهاد، فقد يكون الإنسان مجتهداً في باب دون باب، لكن المسألة الواحدة لا يتصور أن يجتهد الإنسان فيها بمعزل عن نظائرها، في فنها وفي بابها، فالاجتهاد في الباب أدق وأحسن من الاجتهاد في المسألة.
وهذا القول بأن باب الاجتهاد قد أغلق يشبه مقولة رددها ابن الصلاح رحمه الله، فذكرها في كتابه " علوم الحديث" زعم فيها أن باب التصحيح والتضعيف لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرغ منها، فلا يوجد في زمن ابن الصلاح فيما بعد من يصحح ومن يضعف .
والعلماء لم يقبلوا مقولته هذه. ورد غير واحد عليه؛ منهم: ابن حجر في "النكت على ابن الصلاح" والزركشي في "النكت على ابن الصلاح" بل صنف السيوطي رحمه الله تعالى ، رسالة مفردة في الرد على ابن الصلاح، في دعواه هذه، وسماها"التنقيح في الرد على مسألة التصحيح" فإذن الاجتهاد له شروط، متى تحققت بغض النظر عن الزمان والمكان يجتهد المسلم، ومتى تعطلت أو تخلفت هذه الشروط فيحرم على الإنسان أن يجتهد، والله أعلم...

السؤال 146: هل يجزئ ذكر الأذكار وقراءة القرآن من غير تمتمة، أي من غير تحريك الشفتين، وهل هذا يعتبر من مقام التفكر ولا يحسب له أجر، وهل التفكر والأذكار وقراءة القرآن متساويان في الأجر؟
الجواب: بعض الناس يصلي، فيقول (الله أكبر) في نفسه، ويقرأ الفاتحة في نفسه، وهكذا، وهذه صلاة باطلة، بإجماع العلماء.
حتى أن الإمام النووي في كتابه "الأذكار" وقد حرم على الجنب أن يقرأ القرآن قال: (ويجوز للجنب أن يمرر القرآن على قلبه) ففرق بين حديث النفس وتمرير القرآن على القلب، وبين تحريك اللسان بقراءة القرآن.
وربنا يقول لنبيه: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} فالقراءة لا بد لها من تحريك لسان، بل المالكية زادوا على وجوب تحريك اللسان، أن يسمع المصلي نفسه، فيجب عليه أن يسمع نفسه دون تشويش على غيره، والجماهير قالوا تحريك اللسان يكفي، ولا يتصور تحريك اللسان إلا مع إسماع النفس.
فلا تجوز صلاة من مرر الفاتحة وغيرها على قلبه، فهذه صلاة باطلة بإجماع العلماء.

السؤال 147: ما صحة حديث {درهم ربا أشد من ست وثلاثين زينة}؟
الجواب: هذا الحديث يروى مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير مخرج، ويروى موقوفاً عن عبدالله بن سلام، رضي الله عنه.
ولي جزء مفرد في هذا الحديث وطرقه، لم يطبع بعد، انفصل معي البحث على أن أرجح الأقوال فيه ما قاله الإمام البيهقي في "الشعب" وغيره من المحدثين أنه موقوف، وأنه من كلام عبدالله بن سلام، وليس مرفوعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان شيخنا رحمه الله يصحح إسناد الإمام أحمد مرفوعاً ، والله أعلم ..

السؤال 148: ما رأيكم في قاموس "المنجد"؟
الجواب: للأسف أقول: إن هذا القاموس غزا؛ لا أقول المدارس والجامعات والمكتبات، بل للأسف غزا البيوت، وفي كثير من البيوت يعتمد على هذا القاموس لأنه سهل.
لكن هذا القاموس فيه سموم عظيمة ولا يجوز لأحد أن يقرأ فيه، إلا إن كان شبعان ريام من علوم الشريعة، يعرف من خلال ما وهبه الله إياه من علم الصحيح من السقيم، والجيد من الرديء، والأصيل من الدخيل.
هذا القاموس وضعه النصارى ،وأول ما طبع سنة 1908، وكتبه راهب نصراني هو الأب لويس معروف اليسوعي، ووضع قسم الأعلام منه، راهب نصراني آخر، هو الأب فرَانْديد توت ، يسوعي أيضاً، وطبع أول ما طبع في المطبعة الكاثوليكية.
هذا القاموس فيه بعض الآيات خطأ ولا يوجد فيه ((قال الله)) ويقولون أحياناً ((في القرآن)) ولا يوجد فيه صفة للقرآن بأنه مقدس أو عظيم، ويكثرون من ذكر الأسفار والتوراة والإنجيل خاصة، ولا يوجد فيه حديث نبوي واحد، ونحن نعرف لغة العرب من القرآن والحديث والشعر الجاهلي، وللآلوسي كتاب حول ما يستشهد به على كلام العرب.
وهذا القاموس فيه إرجاع إلى مجلات النصارى ،ولا يوجد فيه إرجاع إلى مجلة قام عليها المسلمون أبداً.
وهذا القاموس لا يوجد فيه ذكر للمصطلحات الإسلامية فمثلاً: كل أعياد النصارى كالشعانين والفصح وغيرها كلها موجودة فيه بالتفصيل، أما المصطلحات الإسلامية فغير موجودة فيه، حتى البسملة يقولون هي(بسم الأب والابن والروح القدس) فهذه البسملة الموجودة عندهم.
فهذا القاموس خطير جداً لا يجوز لأحد أن يقرأه وقد وجدت رسالة نافعة طيبة للدكتور إبراهيم عوض سماها: "النزعة النصرانية في قاموس المنجد" فمر بهذا القاموس ودرسه دراسة جيدة، وذكر في هذه الرسالة النزعة النصراينة بتأصيل وتمثيل، من قرأها يعلم علم اليقين أن هذا القاموس وضع للتبشير، ووضع لتروج بضاعة النصارى وعقائدهم على المسلمين.
فينبغي أن يقاطع هذا القاموس وهناك بديل عنه مثل "القاموس المحيط" و"المعجم الوسيط" وغيرها ، والله أعلم ..

السؤال 149: هل يجوز شراء ثمن الذهب بالشيكات البنكية؟
الجواب: من المجمع عليه ؛ بناءً على حديث أبي سعيد الخدري، وحديثه أخرجه الستة يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: {الذهب بالذهب يداً بيد، ومثلاً بمثل}، والشيك ليس مثلاً بمثل، إلا نوع واحد من الشيكات ، وهو الذي لا يعطى لصاحبه إلا وقد اقتطع عند البنك قيمته، وهو الشيك المصدق ، فالشيك المصدق مال، لأن البنك لا يعطيه لأحد إلا وقد حبس عنده قيمة هذا الشيك، فإذا اشتريت بشيك مصدق ذهباً تكون قد اشتريت ذهباً يداً بيد، فالشيك والمال واحد، هذه كوبون، وذاك كوبون.
أما الشيك غير المصدق، لا يجوز شراء الذهب به، لأنه لا يكون يداً بيد، وكم من إنسان يحمل الشيك ولا يوجد رصيد ولا يكون يداً بيد، إلا إذا كان الشيك مصدقاً.

السؤال 150: ما كيفية غسل الجنابة؟
الجواب: غسل الجنابة بإيجاز يبدأ بأن يزيل النجاسة عن العورة يغسل مكان العورة ثم يتوضأ وضوء للصلاة وإن كان عارياً، ومن فعل ذلك يكتب له الأجر لمتابعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان يغتسل في مكان يجتمع فيه الماء يؤخر غسل رجليه، وإن كان يغتسل في مكان فيه بالوعة، ويتصرف فيه الماء يتوضأ ويغسل رجليه.
وتأخير غسل الرجلين إلى ما بعد الانتهاء من الغسل، أو غسل الرجلين بعد مسح الرأس في الوضوء، ثابت في الأحاديث الصحيحة، فهذا يحمل على وجود البالوعة وتصريف الماء، وذاك يحمل على اجتماع الماء كما قال الإمام البيهقي رحمه الله .
ثم بعد ذلك يغسل رأسه، ثم يغسل شقه الأيمن ثم يغسل شقه الأيسر ثم يعمم الماء ثم يغسل قدميه، إن أخر غسلهما ،ثم يكون جاهزاً للصلاة ولا حاجة للوضوء كما ثبت عن ابن عمر عند الدارقطني.
والغسل من غير جنابة أيضاً هذه طريقته لأنها هذه صفة غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن اغتسل على هذا النحو، كتب له أجر المتابعة.
والغسل وسيلة ويجوز أن يسقط الحدث الأصغر والأكبر وأكثر من سبب، فلو كانت المرأة جنباً وحائضاً وانقطع حيضها واغتسلت لإزالة الجنابة والحيض بغسل واحد، جاز، وإن نوى الرجل بغسله يوم الجمعة وكان جنباً، إن نوى به الجمعة مع الجنابة أجزأ ذلك، كما لو وجدت النجاسة على رجله، فغسل رجله في الوضوء، وأسقط النجاسة ، جاز ذلك.
وبوب الإمام البيهقي في سننه ما يجزئ، وأثر أبي قتادة مع ابنه لما أمره بإعادة الغسل، لم يكن ابنه استحضر غسل الجمعة،وتبويب البيهقي يؤذن بذلك، ونصص على ذلك ابن رجب في قواعده.
وأما الماء لا بد أن يكون مطلقاً؛ فإن وجد الصابون على البدن، ثم جاء الماء فأزال الصابون، أسقط الجنابة، أما إن وضع الصابون داخل الماء فلا يجزيء، فلا بد أن يكون الماء مطلقاً وأن لا يكون خرج عن وصف الماء.
وسبب البدء في غسل العورة، فالتخلية قبل التحلية، فهو يخلي نفسه من النجاسة قبل أن يتحلى بالنظافة، ومس الفرج أثناء الغسل لا ينقض الوضوء، إلا إن كان بشهوة، وإن وقع مس بين الرجل وزوجه، ممن التذ انتقض وضوء، ومن لم يتلذ لم ينتقض وضوءه، فالحكم يدور مع اللذة، جمعاً بين الأحاديث، والجمع بين الأحاديث مقدم على إهمال بعضها كما قال شيخ الإسلام.
أما أذكار الغسل فهي أذكار الوضوء، فنبدأ بالتسمية وننتهي بـ"أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين" ولا داعي للوضوء بعد الغسل إلا من انتقض وضوءه أثناء الغسل.
__________________

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.


To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس