الموضوع: الروح
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 05-18-2015, 01:15 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي وفاة الأرواح

وفاة الأرواح

كما أن الروح أمر عظيم من معجزات الله لا يعلم كنهها إلا هو – سبحانه -، فكذلك وفاة الأرواح من عظيم معجزاته الدالة على عظيم قدرته – جلّ في علاه - وهي على أنواع :

1. وفاة الروح والجسد دون موت : كما في قصة المسيح عيسى بن مريم – عليه الصلاة والسلام : قال الله – تعالى - : ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ۞ إِذ ْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [سورة آل عمران 55].

قول الله - تعالى - : ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ : يعنى : "إني قابضك من الأرض ورافعك إليّ".

امتنّ الله – تبارك وتعالى – على عِيسَى - عليه الصلاة والسلام - بأن أنقذه من مكر يهود فرفعه إليه جسدًا وروحًا "، ثم يعيده الله - تعالى - إلى الأرض في آخر الزمان إلى الأرض، ويقيم العدل، ويحكم بالإسلام، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، يمكث مدة، ثم يموت ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه.

وقال الله – تعالى - : ﴿وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ۞ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ۞ بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ۞ بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ۞ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا [سورة النساء 156ــ 159].

2. وفاة الروح دون الجسد عند النوم : وهي : "الموتة الصغرى" وذلك برفع الأرواح إلى بارِئِها عند النوم ثم تعاد إلى الجسد إن بقي لها حياة، وإلا فإنها تبقى ولا تعاد إلى الجسد لتستيقظ ، فتموت ، ويدل عليه قول الله - تبارك وتعالى – : ﴿اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [سورة الزمر 42].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم يقول : باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمهما، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين).
وفي رواية : (ثم ليضطجع على شقه الأيمن، ثم ليقل باسمك...).
وفي رواية : فلينفضه بصنفة ثوبه ثلاث مرات ... وإن أمسكت نفسي فاغفر لها) (متفق عليه).

وعن أبي ذر - رضي الله عنه – قال : (كان إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول : باسمك اللهم أحيا وباسمك أموت، وإذا استيقظ قال : (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور) (متفق عليه). ‌

3. قبض الروح عند الموت : وقد وكل الله - تبارك وتعالى - بها ملك الموت، وليس عزرائيل لقوله - جلّ شأنه - : ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [سورة السجدة : 11].

وعن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (مَن فارق الروح الجسد، وهو برئ من ثلاث دخل الجنة : من الكبر، والغلول، والدَّيْن). قال الشيخ الألباني : (صحيح). انظر : [سنن ابن ماجه 2/ 806 رقم 2412].

إن الروح إذا قبضها ملك الموت لا تفنى مع فناء الجسد إنما ترفع إلى بارئها، ثم تعاد إلى الجسد بعد الدفن للسؤال، وهو فتنة القبر : فإن كانت طيبة فروْحٌ وريحانٌ وربٌ غير غضبان، وإن كانت غير ذلك فسخط من الله وغضب - نسأل الله العافية -.

فعن البراء - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : (إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول :
أيتها النفس الطيبة ! اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من فيّ السقاء، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الطيب ؟ فيقولون : فلان بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا به إلى سماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي إلى السماء السابعة، فيقول الله - عز وجل - : اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوا عبدي إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، فيقولان له ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله، فيقولان له : وما علمك ؟ فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينادي منادٍ من السماء أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول : أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له : من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير ؟ فيقول : أنا عملك الصالح، فيقول : رب أقم الساعة، رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي.
وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول : أيتها النفس الخبيثة ! اخرجي إلى سخط من الله وغضب، فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون : فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، فيستفتح له، فلا يفتح له، ثم قرأ : ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فيقول الله - عز وجل - اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه !! لا أدري، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول هاه هاه !! لا أدري، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هاه هاه !! لا أدري، فينادي مناد من السماء : أن كذب عبدي، فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول : أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول : من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر ؟ فيقول : أنا عملك الخبيث، فيقول : رب لا تقم الساعة) (حديث صحيح) رواه : (أحمد، وأبو داود، وابن خزيمة، والحاكم، والبيهقي، الضياء – رحمهم الله) انظر : [صحيح الجامع رقم : 1676]. ‌


نسأل الله - تعالى العفو َ والعافية في الدنيا والآخرة .

اللهم اجعل أرواحنا وأرواح والدينا وأهلينا وأزواجنا وأحبتنا وذرياتهم أجمعين في أعلى عليين.


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس