عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-14-2016, 05:26 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

هل نأخذ بالحديث الضعيف أم لا ؟

السؤال :
هل نأخذ بالحديث الضعيف أم لا ؟.

الإجابة : للشيخ مشهور حسن سلمان حفظه الله - تعالى -.

نحن نعتقد اعتقادًا جازمًا لا شك فيه، أن دين الله كامل، وفي الصحيح غنية تمامًا عن الضعيف، ومذهب إمامَيْ الدنيا في الحديث، الإمام محمد بن اسماعيل البخاري والإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري، فمذهبهما أن الحديث الضعيف لا يؤخذ به على الإطلاق، وقد نص على ذلك الإمام مسلم في مقدمه صحيحه، فلا يجوز للرجل أن يحتج بالضعيف.

ومن أراد أن يحتج بالضعيف فإنما يحتج به بشروط ذكرها ابن حجر في (تبيين العجب في فضل رجب) ومدارها على الاعتماد على أحاديث صحيحة وردت في الباب فعاد الأمر للصحيح.

ورحم الله الذهبي القائل : (وأي خير في حديث اختلط صحيحه بِواهيه، وأنت لا تفليه، ولا تبحث عن ناقليه).
فالمطلوب أن نتثبت ويحرم على الواعظ وعلى الخطيب وعلى طالب العلم، وعلى المفتي أن يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى يتقين أن النبي قاله، بتصحيح أهل العلم المختصين في ذلك الحديث، فلا يكون الإنسان كحاطب ليل.

وأخبرني بعض الشاميين من العلماء، قال: بلوت الناس فوق المنابر، إن أراد الواحد منهم أن يوثق القصة أو الحديث الذي يقوله، وقد يكون صفحات طويلة فيقول : أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات، حتى يتثبت أن هذا الحديث مسند، وابن الجوزي قد قال عنه: (موضوع).

وإن لم يكن في الحقيقة شيء من مناقب الشيخ الألباني رحمه الله، إلا التدقيق على التصحيح والتضعيف، والاستدلال على الصحيح، وتوجيه أنظار الأمة بكاملها لذلك، كفاه فخرًا.
فهو مجدد بإجماع عقلاء الأمة في هذا الباب، ما أحد سبقه إلى بلوغ هذا الأمر حتى الرسائل العلمية والجامعية ما كانت تنتبه لهذه الأشياء، فتجد الواحد منهم، كبعض المفكرين والفقهاء يقيم بحثاً طويلاً ويؤلف كتاباً، كما فعل مالك بن نبي، أقامه على أحاديث ضعيفة وموضوعة، كتابًا طويلًا عريضاً والحديث الذي اعتمد عليه موضوع وكذب.

أما الشروط التي ذكرها ابن حجر للعمل في الحديث الضعيف كما نقلها عنه السخاوي في (القول البديع) فذكر شروطًا لو فحصنا هذه الشروط لوجدناها نظرية، ولا قيمة لها من العملية، فقال : يشترط للعمل في الحديث الضعيف في فضائل الأعمال شروط :

الأول:
ألا يكون ضعفه شديدًا، فأغلب الأحاديث التي يذكرها الناس هذه الأيام سقطت.

والثاني : أن يبين من يحتج بالحديث أنه ضعيف.

والثالث : أن يقوم مقام هذا الحديث الضعيف أصل صحيح في الدين، فماذا بقي؟.

فالنتيجة أن الحديث الضعيف لا يعمل به في فضائل الأعمال ومثال ذلك: صلاة الضحى قام في الشرع ما يأذن بمشروعيتها، فيأتينا حديث فيه ضعف؛ أنَّ لها من الأجور والفضائل كذا وكذا، فأنا أصلي الضحى من أجل الأصل الموجود في الشرع، لا من أجل الحديث في الأجور، فالحديث الضعيف أصبح لا فائدة منه.

فالصواب أن الحديث لا يعمل به، وفي الصحيح غنية عن الضعيف، ولا يوجد في ديننا حديث ضعفه يسير على الشروط المذكورة، إلا وقد قام أصل في الشرع من أجله نعمل بالطاعة.

ومن اللطائف التي تذكر في هذه المناسبة عن الشافعي، رحمه الله، أنه في كتابه (الأم) وغيره علق الفتوى على صحة أحاديث كثيرة، فيقول: إن ثبتت صحته فأقول به.

وكان الشافعي لما يلتقي بأحمد يتثبت منه من صحة بعض الأحاديث، وكان أحمد يتثبت منه من صحة فهم، لأن الشافعي يمتاز بذكاء ومعرفة قوية في العربية، وعدَّ بعضهم كلامه حجة في العربية لأنه لم يعرف عنه لحن في كلامه أبدًا، وكلامه قويٌّ جزل وهو صاحب حجة وبيان.

فكان - رحمه الله - يعلق القول في مسائل عديدة على فرض صحة الحديث، ومن بديع مصنفات ابن حجر، أن جمع هذه المسائل ودرس أسانيدها وبين صحتها من ضعفها في كتاب مستقل له، لكنه مفقود، والله أعلم.


التصنيف: شرح الأحاديث وبيان فقهها

تاريخ النشر: 23 جمادى الآخرة 1430 هـ - 16/ 6/ 2009 م.


__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس