عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 05-12-2015, 04:00 AM
أبو عبد الله عادل السلفي أبو عبد الله عادل السلفي غير متواجد حالياً
مشرف منبر المقالات المترجمة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الولايات المتحدة الأمريكية
المشاركات: 4,043
افتراضي

الدرس السادس:

قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ - يَرْحَمُهُ اللَّهُ تَعَالَى- :
ثُمَّ الْمَقْبُولُ: إِنْ سَلِمَ مِنَ الْمُعَارَضَةِ فَهُوَ الْمُحْكَمُ .
وَإِنْ عُورِضَ بِمِثْلِهِ : فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ فَمُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ .
أَوْ لا ، وثَبَتَ الْمُتَأَخِّرُ فَهُوَ النَّاسِخُ ، وَالْآخَرُ الْمَنْسُوخُُ ، وَإِلَّا فَالتَّرْجِيحُ ، ثُمَّ التَّوَقُّفُ .

الشرح:

هذا تقسيم جديد للحديث الصحيح والحسن، من حيث وجود ما يعارضه من الأحاديث الصحيحة من عدمه.
وهو من هذه الحيثية قسمان:
قسم لا معارض له - وهو أكثر الأحاديث- ويسمى المحكم.
وقسم يوجد ما يعارضه ويسمى المختلف.
فالمختلف من الأحاديث: هي الأحاديث الصحيحة التي أوهم ظاهرها التعارض.
ويسميه بعض العلماء مشكل الحديث، والذي استقر عليه العمل أن المشكل غير المختلف، وهو خاص فيما أوهم ظاهره التعارض مع القرآن أو العقل.
وعند وجود اختلاف في الأحاديث فأول عمل ينبغي للباحث عمله هو البحث عن وجه من وجوه الجمع، مثل حمل الأمر على العموم والفعل على الخصوص، ومثل اختلاف الحال، ومثل حمل الأمر على الاستحباب والفعل على الجواز، وقد ذكر العلماء وجوها كثيرة جدا للجمع تصل إلى المائة وجه.
وإن لم يمكن الجمع فيلجأ الباحث إلى النسخ، وهو لا يثبت إلا بمعرفة المتأخر، ليكون ناسخا للأول.
وعند عدم وجود التاريخ، يلجأ إلى الترجيح، وله وجوه كثيرة جدا، منها ترجيح الأصح، ومنها ترجيح القول على الفعل، ومنها ترجيح بموافقة أدلة أخرى... وغيرها كثير.
وإن لم يمكن الترجيح فيتساقط الحديثان ولا يعمل بهما ويعمل بالبراءة الأصلية، أي الحكم من خلال الأدلة الأخرى بغض النظر عن هذين الدليلين.
تنبيهات: ألف العلماء في هذا العلم كتبا مستقلة وأول من ألف فيه الشافعي في كتابه اختلاف الحديث، وابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث، والطحاوي في مشكل الآثار.
تنبيه آخر: هذا العلم من الصعوبة بمكان، وهو صنعة الفقهاء أكثر منه صنعة المحدثين، وما ذكره الحافظ هو مذهب المحدثين، ولغيرهم مذاهب أخرى.
تنيبه آخر: لا يمكن أن يكون الحديثان صحيحان ومتعارضان في الحقيقة، وإنما يقع التعارض في ذهن الباحث، والعلماء متفاوتون في الفهم، ويفتح الله على الأخر ما لا يفتح لغيره، والواجب من طالب العلم أن لا يحكم فيه حتى ينظر في أقوال العلماء.
تنبيه آخر: إذا جاء الدليل نصا بالنسخ فلا يعمب بالجمع.
مثال على الجمع:
النهي عن الشرب واقفا وثبوت شربه صلى الله عليه وسلم واقفا:
فقال بعض العلماء الفعل دل على الجواز والقول دل على الاستحباب.
وقال غيرهم: القول على التحريم والفعل على الضرورة.
مثال على النسخ:
الأمر بالوضوء مما مسته النار، وثبوت صلاته صلى الله عليه وسلم بعد اكل ما مسته النار من غير أن يتوضئ، فقالوا الفعل ناسخ للأمر.
مثال على الترجيح: النهي عن صيام السبت، مع وجود أحاديث كثيرة تبيح صيام السبت مثل نهي عن صيام يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله يوما أو بعده يوما، فقال بعض العلماء أحاديث الإباحة مرجحة على حديث النهي، وبعضهم عكسه.
توضيح: الأمثلة لتوضيح الفكرة وليس ترجيحا مني لما ورد في المثال.
__________________
قال أيوب السختياني: إنك لا تُبْصِرُ خطأَ معلِّمِكَ حتى تجالسَ غيرَه، جالِسِ الناسَ. (الحلية 3/9).

قال أبو الحسن الأشعري في كتاب (( مقالات الإسلاميين)):
"ويرون [يعني أهل السنة و الجماعة ].مجانبة كل داع إلى بدعة، و التشاغل بقراءة القرآن وكتابة الآثار، و النظر في الفقه مع التواضع و الإستكانة وحسن الخلق، وبذل المعروف، وكف الأذى، وترك الغيبة و النميمة والسعادة، وتفقد المآكل و المشارب."


عادل بن رحو بن علال القُطْبي المغربي
رد مع اقتباس