أخي الكريم أبا سهل حفظكم الله تعالى وأكرمكم؛
على قدر ما سُررت بالمناقشة على قدر ما حَزنتُ لأسلوبكم في مخاطبة أخيكم مع أن المقام لا يحتاج مثل هذا العنف.
فلم أكن أتصور أن قوْلي (وتأمل معي -رحمك الله- المصالح المرسلة؛ فهي أعمال لم يعمل بها النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهل نقول عنها أنها خلاف السنة أم وَفق السنة؟!) سيؤدّي إلى إهانة أخيكم والاستهزاء به؛ فانظر -رحمكم الله تعالى- إلى كلامكم لي:
****************
(يبدو أخي الفاضل أنك خلطت خلطاً عجيباً بين الأمور التعبدية المحضة، )
(فيبدو أنك دخلت في منعطفٍ خطيرٍ، ألا وهو زلزلة أركان القواعد الشرعية عند العلماء المتعلقة بالبدعة والسنة، والتخبط فيها كخبط العشواء في الليلة الظلماء،)
(فأنت تنسب كلاماً لشيخ الإسلام - بالمعنى- وتعزو لمجموع الفتاوى، الجزء الثاني، أقول: فمع إني في شكٍ كبير جداً في نسبة هذا الكلام لشيخ الإسلام، إلا أنني أطالبك بذكر السياق الذي ذكر فيه شيخ الإسلام هذا الكلام، ورقم الصفحة، والطبعة.)
(فأنت سبحان الله! خلطت خلطاً عجيباً بيناً بين البدع والمصالح المرسلة،)
(أرجو منك أن تراجع كتاب "الاعتصام" للإمام الشاطبي المالكي -رحمه الله-، وكتاب "علم أصول البدع" لشيخنا المحدث علي الحلبي - حفظه الله-، ثم بعد ذلك استعن بالله فيما أنت ماضٍ فيه. )
*********************
أخي الكريم:
مداخلتي كانت جدّ مختصرة اقتضاها المقام، ولو(!) كنتُ أعلم بأني سأُهان بهذه الطريقة للجأتُ إلى التفصيل أو عدم المشاركة أصالة.
ومثالي الذي أوردته -بالمصلحة المرسلة- لا يعني من أني لا أفرق بين المفترقات وإنما أوردته فقط قصد التأمّل لذلك قلتُ (..فتأمّله!).
ولو تأمّلتَ -حفظكم الله- في الكلام لرأيتَ بأنّ كِلاَنا منطلقٌ من تعريفٍ للسّنة؛ فردّكم -وبهذا الأسلوب- كان بسبب أنك ارتكزت على التعريف الاصطلاحي للسنة والمعروف في كتب الأصول؛ ومن ذلك: (ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير ) على تفصيل في هذا التعريف لإخراج أو إدخال التعبدي أو العادي.
بينما أخوك أبو أسامة الذي أهنتَه واستهزأتَ به فهو انطلق من التعريف العام للسنة وهو كل ما لم يخالف الكتاب والسنة سواء من جهة المقاصد أو الوسائل.
ويوضحه:
أنك إذا قلت لفلان (خالفتَ السّنة) فهل نقول له: فاتَك الفَضْل وأجر المتابعة أو قد تستحق الوزر؟!
من المؤكد أن في المسألة تفصيلا!
ونرجع إلى مثالنا:
فالذي يسبح باليسرى؛ ماذا نقول له؟!
فهل يفوته بعض الفضل أم يفوته جميع العمل؛ بل –ربما - نقول: قد يستحق إثم المخالفة –زيادة!- ؟!
لذلك كانت بعض المسائل التي لم يكن فيها نصّ خاصّ ولكن احتوتها بعض النصوص العامة -اجتهادا- لا يمكن القطع فيها بمخالفة السنة هكذا -مطلقًا-!!
ولذلك -أيضًا- ما كان من (المصالح المرسلة –مثلاً!-) لم يكنْ مخالفًا للسّنّة معَ أنّ الشرع لم يتطرق إليها لا بإلغاء أو إثبات!! بل على العكس تماما فنقول: قدْ أصاب السّنّة!
....
عموما لا أريد أن أذهب إلى مزيد تفاصيل في توضحي المقصود حتى لا يتشعب الأمر أكثر.
وإنما أقول لكم -ناصحا- وسّع صدرك لإخوانك وأنت تناقشهم؛ فإنه مَا مِنْ أحدٍ يدّعِى عِلْماَ وإلاّ و(فوق كل ذي علْم عليمٍ).
وبالنسبة لاستهزائك بي فأجري على الله تعالى؛ وتبقى الأخوة الإيمانية بيننا فوق كل اعتبار!
حفظكم الله تعالى.