عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 04-06-2013, 01:42 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

نقل موفق -أختنا الكريمة "خولة"-؛ فجزاك الله خيرًا.

وهذا كلام قويٌّ للشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله ونفع به-في إنكار هذا الأمر المحدَث-:
(( حقيقة التغبير: هي إنشاد الأشعار الزهدية مع استخدام الدفوف.
والأشعار الزهدية أحدثتْها طائفة من المتزهدة لتنشد في مقابلة الغناء المحرَّم الذي انتشر في الدولة العباسية، انتشر الغناء المحرَّم، وانتشرت المعازف في أنواع من الألحان الموجودة في الكتب، ومعروفة.
فأحدثوا هذا في مقابلة ذاك!
وتدرج الأمر إلى أن صاروا يتقربون إلى الله بسماع الدف نفسه والطبول والمزمار، ويتقربون إلى الله بذلك، وينشدون الأشعار الزهدية، ويترنمون بهذه الأصوات بأشياء محزنة!!
ومعلوم أن هذه الآلات قد تستخدم بألحان يكون معها نشوة، وقد تستخدم بألحان يكون معها حزن ورِقة؛ فلهذا هم استخدموها في جانب الحزن والرقة والبكاء، وأثرت على النفوس.
فلما أثرت، وبكى مَن بكى من سماعها، وأثرت في القلوب وفي ترقيقها؛ ظنوا أن هذا مشروع؛ لأنها أحدثت أمرًا مشروعًا -وهو البكاء والخوف من الله-عز وجل-؛ فظنوا أنها وسيلة مشروعة!!
لهذا ألف كثير من أهل العلم في السماع وفي ذمِّه، وفي أنه مما أُحدِث، في مؤلفات كثيرة معلومة متداولة.
ثم آل الأمر بعد زمن أن يصحب هذا السماع رقص!!
والرقص ليس على صفة الرقص الموجود الآن في الصوفية؛ هو أول ما بدأ رقص وتمايل من التواجد -كما يقولون-، والتمايل من جراء أثر هذا السماع؛ فهو من جهة خوفه ورقته وترنمه وانشغاله بهذا السماع ورقة قلبه؛ أصبح يتمايل!!
ثم آل الأمرُ إلى أن أصبح التمايل مقصودًا، إلى أن صار هناك أناس يؤدونه!!
فصارت طقوسًا وشعائر عندهم مع مرور الزمن!
هذه -كلها- أمور لا شك أنها محدَثة، أرادوا منها -أي من سماع الأشعار أو المزامير- رقة القلوب، وأرادوا منها الاستعاضة عن سماع المعازف والسماع الشيطاني.
وآل بهم الأمر إلى أن كان سماعًا شيطانيًّا!!!
ومعلوم أن السماع الذي يحرِّك القلوب، ويبعث فيها الإيمان، ويبعث فيها الخوف، والرجاء والمحبة، وأنواع العبادات القلبية، ويُثمر العمل؛ إنما هو سماع (القرآن)؛ هذا هو السماع المشروع.
{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 21]، وقال -عز وجل- أيضًا-: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58] من شدة ما سمعوا وتأثُّرهم به.
وكما ذكر لك لما سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- قراءة أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- وحدثه، قال أبو موسى -رضي الله عنه- له: "لو علمتُ أنك تستمع لحبَّرتُه لك تحبيرًا".
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "زيِّنوا القرآنَ بأصواتكم".
فالقرآن حُجة الله الباقية، وهو في نفسه مؤثِّرر؛ ولكن -أيضًا- مطلوب أن يزين القرآن بالصوت؛ لأن الصوت من جهته يحصل نوع تأثير.
فالتأثير يكون بالكلام، وبنغمة الصوت؛ ولهذا أوتي داود مزمارًا، فكان داود إذا ترنم كأنما يسمعون مزمارًا.
وهذا التلذذ بسماع القرآن هو السماع الشرعي الذي تحيا به القلوب، ويقوى به الإيمان، وتعظم أنواع العبادات القلبية في النفس من خوف الله -عز وجل- وإجلاله وتعظيمه؛ بأن يُسمع كلام الملك العلام الجبار -جل جلاله وتقدست أسماؤه-.
فإذن هذا السماع هو سماع أهل الإيمان... )).
"شرح كتاب (الفرقان) لشيخ الإسلام" (377-379).
رد مع اقتباس