عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 01-14-2024, 03:04 PM
أبو عثمان السلفي أبو عثمان السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 809
افتراضي

📌 فوائد منهجية مِن كتاب «تمييز ذوي الفطن»: (6)
🔴 الوقاية مِن الفتن...

«♦️ التَّمسك بسنة النَّبي صلى الله عليه وسلم وسنَّة الخلفاء الرَّاشدين المهديين:
▪️ودليله حديث العرباض -أيضًا-؛ لأنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم أنذر (بوقوع الفتن والاختلاف بين أُمته)، وذكر الحلٌَ الذي نحن بصدده، وصاحب السُّنَّة لتجرده للسُّنَّة وتجرده عن كلِّ هوى ناج -إن شاء الله- في مواطن الفتن؛ لأنَّه عوَّد نفسه ألا يأتمَّ إلا بالمتبوع بحقّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، والرَّسولُ صلى الله عليه وسلم تكلم كثيرًا عن الفتن وما قصَّر في التَّبليغ، ولذلك فما مِن كتاب مِن كتب السُّنَّة الشٌَاملة إلا وفيه باب للفتن، (فصاحب السُّنَّة يرجع إليها ويُسلِّم لها تسليمًا)، و(المحروم مِن السُّنَّة) يرجع عند حلول الفتن إلى (عقله وتجاربه وتحكيم عواطفه وتحكيم استنتاجات شيوخه) ولو كانوا مِن أبخس النّاس حظًّا في معرفة السُّنَّة!

📌 فالأول على السُّنَّة ثابت مثبت...
🔥 والثاني في ظلمات فكره متخبط...

🔹 ومن أدلته -أيضًا- ما رواه أبو واقد الليثي -رضي الله عنه- قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه قال ونحن جلوس على بساط:
«إنها ستكون فتنة».
قالوا: كيف نفعل يا رسول الله؟
قال: فردَّ يده إلى البساط فأمسك به، قال: «تفعلون هكذا»، وذكر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا أنها (ستكون فتنة). فلم يسمعه كثير مِن الناس، فقال معاذ: تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: ما قال؟
قال: يقول: «إنها ستكون فتنة».
قالوا: فكيف لنا يا رسول الله، أو كيف نصنع؟
قال: «ترجعون إلى أمركم الأول»...

🎯 ومِن أروع الآثار السَّلفيَّة في هذا الباب ما رواه معمر بإسناد صحيح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «قال معاوية: أنت على ملَّة عليّ؟
قلت: ولا على ملة عثمان، أنا على ملة محمد صلى الله عليه وسلم».
▪️قال طاووس: «يعني: ملة محمد صلى الله عليه وسلم ليست لأحد».

◼️ هذا حصل بعد الخلاف الذي كان بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما-، فلم يجد ابن عباس -رضي الله عنهما- غضاضة مِن أن يَقصُر مرجعه فيه على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف لو كان الأمر فيمن بعدهم؟!

🌴 وفي ذكر سنة الخلفاء الراشدين مقرونة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم تنبيه على ردِّ كلِّ مختلف فيه إلى ما كان عليه السّلف الأوَّل، (وهذا الضابط يُعدُّ مِن أهم الضوابط)؛ لأنَّه يعصم مِن كثير مِن الخطأ في الاستدلال، كما يعصمُ مِن (متابعة فِرق الضلال)؛ لأنَّه كلما استدلَّ مُستدلٌّ على مسألة مطروقة قيل له: مَن سلفك في هذا؟ فيقلُّ الخلاف، ويَفتضِح المُتسلِّق (المُستخفُّ بالأسلاف).

⚫ ملاحظة:
ذکرت هاهنا دواءين للنَّجاة مِن الفتن متتابعين، وهما: (السمع والطاعة لولي الأمر)، و(التَّمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسُنَّةِ الخلفاء)؛ لأنَّ اجتماع النّاس يحصل مِن جهتين هما:
(اجتماع أديان، واجتماع أبدان).
▪️ فاجتماع الأديان أن يكونوا على طريقة واحدة في أصول دينهم، كما قال الله -تعالى-: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا﴾، واجتماع الأبدان هو أن يجتمعوا على أمير واحد، ولا يتفرقوا عليه بأجسامهم بالسَّعي في الخروج عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»...
فالأوَّل أخصُّ بإصلاح دينهم، والثاني أخصُّ بإصلاح معاشهم، ولذلك روى أبو عبدالرحمن السلمي عن عبدالله بن المبارك قال:
👈🏽👈🏽 «مَن استخفَّ بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخفَّ بالأمراء ذهبت دنياه، ومَن استخفَّ بالإخوان ذهبت مروءته».

♦️ وقد جاءت الشَّريعة بأكمل نظام في هذين، ولذلك نهى الله عن التَّفرق في الأديان في غير ما آية، منها قوله -تعالى-: ﴿إنَّ الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شيئًا لست منهم في شيء﴾، كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التَّفرق بالأبدان، فقال: «مَن خرج مِن الطاعة، وفارق الجماعة ثم ماتَ: ماتَ ميتة جاهلية». [رواه مسلم]

إلى أن قال -وفقه الله-:
◼️ «وقد جعل أهل العلم قول النبي صلى الله عليه وسلم السَّابق: «ترجعون إلى أمرك الأول» ضابطًا في هذين البابين: تفرق الأديان، وتفرق الأبدان.
فقالوا: إذا اشتبه على المرء أمر فتنة نظر فيما كان عليه أمر الجماعة قبل حدوث الفتة؛ لأنَّ في الفتنة تتنوَّع الآراء، ويدخل فيها المتكلفون فيُشبِّهون الأمر على غيرهم، فينظر الموفق في الهدي الأول ويلغي ما عداه، وفي تطبيقه ما يأتي:

⭕ عند ظهور (فتنة التّفرق) إلى طوائف، فلو أنَّه كلما ظهرت فرقة نظر المرء في سيرة السَّابقين ووزن علمها وعملها بها لتبيَّن له وجهها، ولذلك كان الموفَّقون مِن المتقدمين مِن هذه الأمة يرجعون إلى الصَّحابة كلما ظهرت فتنةُ جماعة أحدثت في دين الله، فإمَّا أن تموت البدعة في مهدها، وإما أن ينحسر نطاقها ويشار إليها ببنان الاتِّهام، كما حصل عند ظهور فرقة القدرية في عهد بعض الصحابة....».

إلى أن قال -وفقه الله-:
«⭕ وأما (فتنة الدِّماء)، فإنَّه لما ظهرت أوَّل فتنة وهي فتنة مقتل عثمان -رضي الله عنه- نظر المُوفَّقون إلى ما كان عليه الناسُ قبل الفتنة فلزموه، ولما كانت فتنة الخروج على عليٍّ -رضي الله عنه- فكذلك، ولمَّا كانت وقعة الحرَّة فكذلك، ولما كان خروج ابن الأشعث فكذلك، وهكذا...

🎯 وأمَّا المَخذولون(1): فحسُنت ظُنونهم بأنفسهم ولم يعبأوا بمن سبقهم مِن الأولين مِن المهاجرين والأنصار، ومِن تبعهم بإحسان، (فانطلقوا يجرون أذيال الفتنة، حتى إذا انغمسوا فيها علموا أنهم كانوا يلهثون وراء سراب)(!)......

▪️وهل يُظنُّ في الخوارج الأولين وقوعُهم في فتنة تفريق الجماعة الأولى لو أنهم أخذوا بهذا التأصيل الذي أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
▪️ وهل يُظنُّ في (الحاقدين على أصحاب رسول الله)(2) صلى الله عليه وسلم وقوعُهم في مفارقة الجماعة لو أخذوا بهذا؟!
👈🏼 ومِن الغرائب أنَّ هؤلاء وجميع الفِرق التي فارقت الجماعة مِن أوَّل يوم يدَّعون أنهم يجتهدون لجمع الأمَّة على كلمة سواء!! ولذلك يقال لهم: ارجعوا إلى الجماعة الأولى ولا تتفرَّقوا عنها، ثم بعدها يُنظر في ادِّعائكم وحدةَ الأمَّة، فإن لم يستجيبوا ويرجعوا إلى هدي الصَّحابة فاعلموا أنَّما يتبعون أهواءهم...
👈🏽 فهؤلاء وأشكالُهم هم الذين فرّقوا المسلمين، وفارقوا أهل الحقِّ منذُ التَّاريخ الأوَّل، فكلُّ دعوة منهم للاجتماع فهي دعوةٌ كاذبةٌ يراد منها تمييع دعوة الحقِّ».
[📗 «تمييز ذوي الفطن بين شرَف الجهاد وسرف الفتن» (ص79- 84) باختصار]

ــــــــــــــــــ
(1) لا كثَّرهم الله! [محمد بن حسين]
(2) قلتُ: أمَّا اليوم فأصبح الرَّوافض معهم مفاتيح بيت المقدس!! وبالجري وراءهم ستنتصر الأُمة على أعدائها(!)
فالحمد لله على نعمة الإسلام، والسُّنَّة، والعقل.
[محمد بن حسين]
__________________
«لا يزال أهل الغرب ظاهرين..»: «في الحديث بشارة عظيمة لمن كان في الشام من أنصار السنة المتمسكين بها،والذابين عنها،والصابرين في سبيل الدعوة إليها». «السلسلة الصحيحة» (965)
رد مع اقتباس