الموضوع: الروح
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 04-06-2015, 05:49 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الروح

نفخ الروح في الجسد


1. الروح في أبينا آدم - عليه الصلاة والسلام – وعليه أدلة من الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة تبيّنه : من فضل الله - تبارك وتعالى - علينا معشر الإنس أن الله – جلّ وعلا - قد أمر الملائكة بالسجود لأبينا آدم - عليه الصلاة والسلام - سجود تحية وتكريم لا سجود عبادة وتعظيم، بعد أن خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وعلمه الأسماء كلها، وسخّر له ما في السموات والأرض، وجعله وذريته خلفاء في الأرض.

قال الله - تعالى - : ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ۞ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ۞ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ۞ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ [سورة الحجر 28 – 31] و [سورة ص : 72] .

وهذ يدل على أن هناك فارقًا زمنيًا بين خلق الجسد ونفخ الروح فيه.

وعن أنس - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : (لما نفخ في آدم الروح، مارت وطارت فصارت في رأسه فعطس، فقال : الحمد لله رب العالمين، فقال الله : يرحمك الله) (صحيح) رواه : (ابن حبان والحاكم). انظر : [صحيح الجامع حديث رقم: 5216].

‌ قال الله - تعالى - : ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ۞ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ [سورة المائدة 172 – 173].

يفسر هذه الآية الكريمة الحديث الشريف الذي رواه أبوهريرة - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : (لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، ثم جعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور، ثم عرضهم على آدم فقال : أي رب من هؤلاء، قال : هؤلاء ذريتك، فرأى رجلاً منهم أعجبه نور ما بين عينيه فقال : أي رب من هذا ؟ قال : رجل من ذريتك في آخر الأمم يُقال له داود، قال : أي رب كم عمره ؟ قال : ستون سنة، قال : فزده من عمري أربعين سنة، قال : إذن يكتب ويختم ولا يبدل، فلما انقضى عمر آدم جاء ملك الموت فقال : أَوَ لم يبقَ من عمري أربعون سنة ؟ قال : أوَ لم تُعْطِها ابنكَ داود ؟. فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته، وخطئ آدم فخطئت ذريته). انظر : [صحيح الجامع حديث رقم: 5208]. ‌

وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه – قال حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد). تحقيق الألباني : (صحيح) انظر : [صحيح الجامع حديث رقم: 4581]. ‌

2. ونفخ الروح في الجنين وهو في بطن أمه : قال الله - تعالى - : ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [سورة آل عمران : 6].

فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه – قال حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه مَلَكًا ويؤمر بأربع كلمات، ويقال له : اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد. ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة) (متفق عليه).

وحذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – من مضاهاة خلق الله – سبحانه، فنهى عن التصاوير إذ أنه سبحانه - هو الخالق البارئ المصوّر. الذي يقتضي أن لا يُتشبه بما انفرد به من الخلق والإيجاد والربوبية، وصنع التماثيل والتصاوير منافية لكمال الربوبية والعبودية لله – جلَّ في علاه -.

وأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن (أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون يقال لهم : أحيوا ما خلقتم). رواه البخاري (5606) ومسلم (2019). عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.

وأن (من صور صورةً كُلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروحَ وليس بنافخٍ فيها أبدا) (صحيح) انظر : [غاية المرام حديث رقم: 120].

وعن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهم – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (من صوَّر صورة عذبه الله حتى يَنفخ فيها - يعني الروح - وليس بنافخ فيها، ومن استمع إلى حديث قوم وهم يفرّون به منه، صُبَّ في أذنه الآنك يوم القيامة) (صحيح) انظر : [جامع الترمذي4/ 231 رقم 1751].

وفي رواية للبخاري : عن سعيد بن أبي الحسن قال : كنت عند ابن عباس إذ جاءه رجل فقال : يا ابن عباس إني رجل إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير ؟ فقال ابن عباس : لا أحدثك إلا ما سمعتُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعته يقول : (من صوَّر صورة فإن الله يعذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا)، فَرَبا الرجل ربوةً شديدةً - يعني انتفخ من الغيظ والضيق -، فقال ابن عباس : ويحك !! إن أبَيْتَ إلا أن تصنع فعليكَ بهذا الشجر، وكل شيء ليس فيه روح). انظر : [صحيح الترغيب والترهيب جـ 3 رقم 3054].

وعن سعيد بن أبي الحسن - رضي الله عنه - قال : (جاء رجل إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - فقال له : إني رجل أصوِّرُ هذه الصّوَرْ فافتني فيها، فقال : ادن مني، فدنا، ثم قال : ادن مني، فدنا حتى وضع يده على رأسه وقال : أنبئك بما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (كلُّ مُصَوِّرٍ في النار، يجعل له بكل صورةٍ صَوَّرَها نَفْسًا فيعذبه في جهنم). قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (فإن كنت لا بد فاعلاً فاصنع الشجر وما لا نَفْسَ له). (رواه البخاري ومسلم).

3. الأرواح جنود مجندة : من عظيم قدرة الله – تبارك وتعالى - أن الأرواح تتوافق وتتآلف عند تقارب المفاهيم والإعتقادات، وإن نأت الديار، وتباعد الزمان والمكان.

فعن عائشة - رضي الله عنه – قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف). (حديث صحيح) (رواه البخاري).

فأهل الإيمان يحبون أهل الإيمان، وأهل الفسق والفجور والعصيان يحبون من على شاكلتهم.

قال الله - تعالى - : ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [سورة الأنفال 63].


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس