عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-31-2013, 08:49 PM
أبومسلم أبومسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,410
Exclamation هل يُكفِّر الشيخ الألباني -رحمه الله- السَّاب للذَّات الإلهيَّة...؟!!


هل يُكفِّر الشيخ الألباني -رحمه الله- السَّاب للذَّات الإلهيَّة...؟!!


قد انتشرت فرية رمي الشيخ المحدث الألباني -رحمه الله- بالإرجاء بين بعض الرعاع الجهلة، مستدلين بعدة شبه، منها أنه يحصر الكفر بالإستحلال حتى في حكمه على الساب لله عزَّ وجلَّ، ومن أقوى أدلتهم على ذلك قوله رحمه الله في بعض أجوبته: "هذا من سوء التربية.."
فأتوا بفاقرة غرضهم فيها نزع ثقة الأمة من الألباني ثم اسقاطه؛ لأنه لم يجاريهم في باطلهم في مسائل التكفير بل قصم ظهورهم وعرَّاهم فجزاه الله خيراً على ما قدَّم.
ثم رأيت من جمع فتاوى الشيخ الألباني -رحمه الله- في مسألة حكم ساب الله تعالى وهو الشيخ اليماني شادي بن محمد بن سالم آل نعمان -حفظه الله- في كتابه الرائع "موسوعة العلامة الإمام مجدد العصر محمد ناصر الدين الألباني" فأحببت اقتباس ما نقل في هذا الموضوع ذباً عن عرضِ الشيخ الألباني -نوَّر الله ضريحه مدَّ بصره-.

[باب حكم سب الله ورسوله والدين

سؤال: هناك أناس يشتمون الذات الإلهية ورسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - والدين فهل يخرج هؤلاء من ملة الإسلام، وما التصرف الذي ينبغي أن يكون؟

الشيخ: أما هل يخرج من ملة الإسلام من يسب الذات الإلهية هذا بلا شك ما يحتاج إلى سؤال فضلاً عن جواب؛ لأنه هو الكفر الذي ذرَّ قرنه، ولكن الذي يمكن أن يقال في مثل هذه المناسبة: أن من صدرت منه كلمة الكفر له حالة من حالتين:

إما أن يعني ما يقول، وإما أنه لا يدري ما يقول ففي الحالة الأولى الجواب السابق أنه كافر مرتد عن دينه، ولو كان هناك حاكم مسلم يحكم بما أنزل الله فهذا يصدق عليه قوله عليه السلام: «من بدل دينه فاقتلوه» لو أن مسلماً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، لكن مثل القاديانية أنكر أن يكون محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - خاتم الأنبياء هذا يقتل؛ لأنه أنكر شيئاً معلوماً من الدين بالضرورة، ما بالك من سب الذات الإلهية؟! ما بالك من سب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؟! إلى آخره، فلا شك أن هذا يعتبر مرتداً وأنه يقتل ردةً، هذا في الحالة الأولى إذا كان يعني ما يقول.

أما إن كان لا يعني ما يقول فهنا لا بد من شيء من التفصيل، إما أن يكون أعجمياً يقول كلمة عربية لا يفقه معناها وهي الكفر أو أن يكون عربياً مستعجماً .. نسي اللغة العربية وما عاد يفقه فتكلم بكلمة الكفر وهو لا يفهم أنها كلمة كفر، وهذا المثال في بعض الكلمات السابقة سمعتم قول الرسول عليه السلام: «من حلف بغير الله فقد كفر» فما أكثر ما نسمع من المسلمين الحلف بغير الله كيف؟ لأنهم يجهلون أن الحلف بغير الله كفر، فهل هذا يحكم بكفره؟ هذا يدخل على التفصيل السابق: إن كان يعني فهو كافر، وإن كان لا يعني فهنا يأتي البيان.

لا بد أن يذكر هذا الإنسان بأن هذا الكلام الذي يقوله هو كفر فعليه أن يرجع عنه وإلا قطع رأسه، جاء في مسند الإمام أحمد بالسند الصحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه: «أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خطب يوماً في أصحابه فقام رجل وقال له: ما شاء الله وشئت يا رسول الله! فقال عليه السلام: أجعلتني لله نداً قل: ما شاء الله وحده» أجعلتني لله نداً، أي: شريكاً، ترى! هذا الصحابي الذي جلس في مجلس نبيه وقد آمن به وأنقذه الله به من الشرك إلى التوحيد لما قال له الرسول عليه السلام: «أجعلتني لله نداً» شريكاً، ترى! هل قصد أن يجعل رسول الله شريكاً مع الله؟ الجواب: لا؛ لذلك اكتفى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بتذكير هذا الرجل أن هذه الكلمة التي قلتها هي كلمة كفر لكن أنا أدري أنك لا تعني ما تقصد؛ ولذلك اكتفى بتذكيره ولم يطبق عليه حكم المرتد عن دينه؛ لأنه ما كان قاصداً لما يقول.

فمن نطق إذاً بكلمة الكفر وهو يدري ما يقول فهو المرتد وحكمه القتل، ومن كان لا يدري لسبب أنه لم يعرف الدقة في المعنى الذي تضمنه كلامه كما في حديث ابن عباس أو قال كلمة الكفر وهو يدري ما يقول لكنه قالها مضطراً، هذه صورة أخرى: فهو لا يكفر وفي ذلك نزل قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} (النحل:106).

كما جاء في كتب التفسير ولو أنه في السند شيء من الضعف لكن الآية معناها واضح جداً، وهذه الرواية توضح هذا المعنى أو تزيده بياناً وتوضيحاً أن المشركين لما أخذوا بلالاً وعدي بن حاتم الطائي وعذبوهما عذاباً شديداً، أما بلال فذلك الرجل الصبور الذي كان تحت العذاب الشديد يطلبون منه الإشراك بالله فما يكون منه إلا أن يقول: أحد أحد، وهم يعذبونه أشد العذاب عمار بن ياسر رضي الله عنه لم يصبر فعرضوا عليه لما جسوا نبضه وأن صبره نفد عرضوا عليه أنه يسب الرسول ويشتمه كما هم يشتمونه حتى يتركوا سبيله، فوافقهم فقال عن الرسول بأنه ساحر شاعر كذاب، فأطلقوا سبيله، لكن سرعان ما انتبه لخطئه فجاء إلى الرسول عليه السلام فذكر له ما فعل، وهذا من قوة إيمانه، فقال له عليه السلام: «كيف تجد قلبك؟ قال: أجده مطمئناً بالإيمان، فقال عليه السلام: فإن عادوا فعد» فإن عادوا إلى تعذيبك ولم تجد مخلصاً من العذاب إلا بأن تشتمني وقلبك عامر بالإيمان .. مطمئن بالإيمان فاتخذ هذه الوسيلة ما دام أنك لا تزال في إيمانك، إذاً: كلمة الكفر لا يدان بها القائل إلا بهذا التفصيل الذي لا بد منه، نعم.

مداخلة: من قالها في الغضب؟

الشيخ: كذلك يا أخي! لا يؤاخذ .. ربنا عز وجل ذكر في القرآن الكريم قصة موسى مع قومه حينما ذهب لمناجاة ربه، ولما رجع وفي يده الألواح من التوراة وأخبر الخبر من أخيه موسى بأن قومه عبدوا العجل من بعده أخذ الألواح وضربها أرضاً، لو فعل هذا مسلم بالقرآن الكريم عامداً متعمداً يكفر فكليم الله .. كلام الله الذي هو التوراة ما يفعل هذا عامداً، إذاً: الغضب أيضاً عذر لذلك كان من رأي بعض العلماء وهو الصواب أن حكم القاضي غضبان لا ينفذ، مطلق زوجته وهو غضبان لا ينفذ طلاقه، قال عليه السلام: «لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان» [1] لماذا؟ لأن الغضب يحول بين صاحبه وبين التفكير السليم، كذلك قال عليه السلام: «لا طلاق في إغلاق» [2] الإغلاق فسر بمعنيين:

المعنى الأول: الإكراه فإذا واحد أكره رجلاً لغاية في نفسه أن يطلق زوجته وهذا يقع كثيراً فذهب يطلقها، لا يقع هذا الطلاق؛ لأنه مكره.
فسر بالمعنى الثاني وهو الإغلاق، أي: الغضب، فإذا غضب الإنسان من زوجته في ظرف ما .. في حالة ما وذهب يطلقها هذا الطلاق لغو لا قيمة له، وقصة موسى عليه السلام مع الألواح أكبر دليل على أن صاحب الغضب لا يؤاخذ ولكن هذا الغضوب ينصح بأن يملك أعصابه، ونحن ننصح هؤلاء الذين يسارعون إلى تطليق زوجاتهم بحالة غضبية ننصحهم: يا جماعة اتقوا الله، وتذكروا قول الرسول عليه السلام: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب» [3] فنقول لهم: قد تسأل بعض الناس عن طلاقك لزوجتك في حالة الغضب فيطلقها منك وأنت تثق بعلمه لكن فيما بعد تندم ولات حين مندم؛ لذلك لا تغضب.

ويعجبني في هذه المناسبة حديث في صحيح البخاري: «أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال له: أوصني يا رسول الله، قال: لا تغضب» [4] كأنه وجدها كلمة ليس لها قيمة ... «قال: يا رسول الله أوصني، قال: لا تغضب، قال: يا رسول الله أوصني، قال له: لا تغضب» ثلاث مرات، كأن الرجل في الأخير فاء لنفسه وطبقها في حياته، قال: فوجدت الخير كله في ترك الغضب؛ لذلك الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب.

"الهدى والنور" (743/ 19: 05: 00)


===========================

[1] البخاري (رقم6739).
[2] صحيح الجامع (رقم7525).
[3] البخاري (رقم5763) ومسلم (رقم6809).
[4] البخاري (رقم5765).]

رد مع اقتباس