عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 04-12-2013, 10:50 PM
أبومسلم أبومسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,410
افتراضي

19- وقال الشيخ الإمام الألباني -رحمه الله- في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" عند تخريجه لحديث رقم 2652:


[ من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان:
براءة من النار وبراءة من النفاق
.

روي من حديث أنس وأبي كاهل وعمر بن الخطاب.
1 - أما حديث أنس، فله عنه أربعة طرق:
الأولى: عن أبي قتيبة سلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو عن حبيب بن أبي ثابت عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره.
أخرجه الترمذي (2 / 7 - شاكر) وأبو سعيد ابن الأعرابي في " المعجم " (ق 116 /2) وابن عدي في " الكامل " (ق 103 / 2 و 116 / 1) وأبو القاسم الهمداني في " الفوائد " (ق 19/ 1) والبيهقي في " الشعب " (3 / 61 / 2872) .

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن أعله الترمذي بالوقف، فقال: " وقد روي هذا الحديث موقوفاً، ولا أعلم أحداً رفعه إلا ما روى سلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو عن حبيب بن أبي ثابت عن أنس. وإنما يروى هذا الحديث عن حبيب ابن أبي حبيب البجلي عن أنس بن مالك قوله".

قلت: ثم وصله هو وابن عدي من طريق وكيع عن خالد بن طهمان عن حبيب بن أبي حبيب (زاد الترمذي: البجلي) عن أنس نحوه موقوفاً عليه لم يرفعه. قلت: وهذا ليس بعلة قادحة لأنه لا يقال بمجرد الرأي، فهو في حكم المرفوع، لاسيما وقد رفعه عبد الرحمن بن عفراء الدوسي: حدثنا خالد بن طهمان عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره نحوه هكذا دون ذكر حبيب. أخرجه ابن عدي. والدوسي هذا صدوق، ومثله شيخه خالد بن طهمان إلا أنه كان اختلط، فلا أدري أسقط منه ذكر حبيب في السند أم من الناسخ، ولعل هذا أقرب، فقد قال ابن عدي: " وهذا الحديث قد ذكر فيه حبيب بن أبي حبيب، فروى عنه هذا الحديث طعمة بن عمرو، وخالد بن طهمان، رفعه عنه طعمة، ورواه خالد عنه مرفوعاً وموقوفاً، ولا أدري حبيب بن أبي حبيب هذا هو صاحب الأنماط، أو حبيب آخر؟! ".

قلت: فمن الظاهر من كلام ابن عدي هذا أن في الرواية المرفوعة عن خالد بن طهمان (حبيب بن أبي حبيب) ، فهو يرجح أن السقط من الناسخ. ثم هو قد ذكر ذلك في ترجمة حبيب بن أبي حبيب صاحب الأنماط، ولا أرى أن له علاقة بهذا الحديث، لاسيما وهو متأخر الطبقة، فإنه من أتباع التابعين، روى عن قتادة وغيره، فهو إما حبيب بن أبي حبيب البجلي كما هو مصرح به في رواية الترمذي، وإما حبيب بن أبي ثابت كما في رواية الترمذي وغيره، لكن وقع في رواية ابن عدي: " عن حبيب - قال أبو حفص: وهو الحذاء ".

فلعل الحذاء لقب حبيب بن أبي ثابت عند أبي حفص، وهو عمرو بن علي الفلاس الحافظ، فتكون فائدة عزيزة لم يذكروها في ترجمة ابن أبي ثابت. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وجملة القول: إن الحديث يدور على حبيب بن أبي ثابت أو حبيب بن أبي حبيب، وكلاهما ثقة، لكن الأول أشهر وأوثق، إلا أنه مدلس، فإن كان الحديث حديثه فعلته التدليس، وإن كان الحديث حديث ابن أبي حبيب البجلي -وبه جزم البيهقي كما يأتي- فعلته اختلاط خالد بن طهمان الراوي عنه، لكنه يتقوى بمتابعة طعمة له، وكذلك يتقوى في حال كون الحديث محفوظاً عن الحبيبين، كما هو ظاهر لا يخفى لذي عينين.

الثانية: ثم قال الترمذي: " وروى إسماعيل بن عياش هذا الحديث عن عمارة بن غزية عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا. وهذا حديث غير محفوظ، وهو مرسل، وعمارة بن غزية لم يدرك أنس بن مالك ".

قلت: وصله ابن ماجه (798) : حدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا إسماعيل بن عياش به، ولفظه: " من صلى في مسجد جماعة أربعين ليلة لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء، كتب الله له بها عتقاً من النار ". وأخرجه ابن عساكر في " التاريخ " (12 / 275) من طريق آخر عن إسماعيل بلفظ: " الظهر "، مكان " العشاء ". ورواه سعيد بن منصور أيضاً في " سننه " كما في "التلخيص الحبير" (2 / 27) عن إسماعيل، وهو ضعيف في غير الشاميين، وهذا من روايته عن مدني، كما قال الحافظ، وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في "العلل" وضعفه، وذكر أن قيس بن الربيع وغيره روياه عن أبي العلاء عن حبيب بن أبي ثابت: قال: " وهو وهم، وإنما هو حبيب الإسكاف ".
الثالثة: عن يعقوب بن تحية قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن أنس مرفوعاً بلفظ: " من صلى أربعين يوماً في جماعة: صلاة الفجر، وعشاء الآخرة أعطي براءتين ... " الحديث. أخرجه أبو المظفر الجوهري في " العوالي الحسان " (ق 161 / 1 - 2) والخطيب في " التاريخ " (14 / 288) وابن عساكر (15 / 127 / 2) من طرق عن يعقوب به. أورده الخطيب في ترجمة يعقوب هذا، وسماه يعقوب بن إسحاق بن تحية أبو يوسف الواسطي، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، إلا أنه ساق له بعض الأحاديث التي تدل على حاله، وقال الذهبي: " ليس بثقة، وقد اتهم ". ثم ساق له بسنده المذكور عن أنس مرفوعاً: " إن من إجلالي توقير المشايخ من أمتي "، وقال: "قلت: هو المتهم بوضع هذا". وأورد هذه الطريق ابن الجوزي في "العلل" من حديث بكر بن أحمد بن يحيى الواسطي عن يعقوب بن تحية به. وقال: " بكر ويعقوب مجهولان ". ذكره الحافظ وأقره، وفاته أن بكراً قد توبع عند الخطيب وغيره، كما أشرت إلى ذلك آنفاً بقولي في تخريجه: " من طرق عن يعقوب ". فالعلة محصورة في يعقوب وحده.
الرابعة: عن نبيط بن عمرو عن أنس مرفوعاً بلفظ: " من صلى في مسجدي هذا أربعين صلاة لا تفوته صلاة، كتبت له براءة ... " الحديث.

قلت: ونبيط هذا مجهول، والحديث بهذا اللفظ منكر، لتفرد نبيط به ومخالفته لكل من رواه عن أنس في متنه كما هو ظاهر، ولذلك كنت أخرجته قديماً في " الضعيفة " (رقم 364) فأغنى ذلك عن تخريجه هنا. ومن الغرائب أن بعض إخواننا من أهل الحديث تسرع فكتب مقالاً نشره في "مجلة الجامعة السلفية " ذهب فيه إلى تقوية هذا الحديث المنكر، متجاهلاً جهالة نبيط هذا، ومخالفة متن حديثه للطرق المتقدمة. ولقد اضطررت أن أقول: " متجاهلاً " لأنه في رده على الغماري في بعض أحاديث التوسل قد صرح بأن توثيق ابن حبان لا يوثق به عند العلماء! ثم رأيناه قد وثق هو به، فوثق نبيطاً هذا تبعاً له، وليس له إلا راو واحد، ومع ذلك ففيه ضعف. ولله في خلقه شؤون. ومما يؤكد نكارته الشاهد الآتي لحديث الترجمة:

2- وأما حديث أبي كاهل، فيرويه الفضل بن عطاء عن الفضل بن شعيب عن منظور عن أبي معاذ عن أبي كاهل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... ، فذكر حديثاً طويلاً، وفيه: " اعلمن يا أبا كاهل أنه من صلى أربعين يوماً وأربعين ليلة في جماعة يدرك التكبيرة الأولى، كان حقاً على الله عز وجل أن يرويه يوم المعطش ". أخرجه الطبراني (18 / 361 - 362) والعقيلي (ص 353) في ترجمة الفضل هذا، وقال: " إسناده مجهول، وفيه نظر ". وقد ساقه المنذري بطوله في " الترغيب " (4 / 139 - 140) من رواية الطبراني، ثم قال: " وهو بجملته منكر، وتقدم في مواضع من هذا الكتاب ما يشهد لبعضه، والله أعلم بحاله ".

والخلاصة: فالحديث بمجموع طرقه الأربعة عن أنس حسن على أقل الأحوال، وبقية الطرق إن لم تزده قوة. فلن تؤثر فيه ضعفاً. والله تعالى أعلم. ثم رأيت البيهقي رحمه الله جزم بأن حبيباً في الطريق الأولى هو حبيب ابن أبي حبيب البجلي أبو عمير، وأن من قال في السند: " حبيب بن أبي ثابت فقد أخطأ ". ثم ساقه من طريق طعمة، ومن طريق خالد بن طهمان على الصواب. فأحدهما يقوي الآخر كما سبق. والله تعالى أعلم.

3 - وأما حديث عمر بن الخطاب، فأخرجه ابن ماجه وابن عساكر كما تقدم في الطريق الثانية عن أنس مع بيان علته.
(تنبيه) : تبين فيما بعد أن الحديث سبق مخرجاً في المجلد الرابع برقم (1979) لكن لما رأيت أن
تخريجه هنا أوسع وأنفع منه هناك رأيت الاحتفاظ به هنا. " وما قدر يكن "] .اهـ


رد مع اقتباس