عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 06-14-2010, 05:52 AM
أم رضوان الأثرية أم رضوان الأثرية غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: فلسطين
المشاركات: 2,087
افتراضي


ألفاظ كفرية شركية في الساحة الفلسطينية للشيخ أسامة بن عبد الله الطيبي


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اقتفى آثارهم، واهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

فمن رحمة الله بهذه الأمة أن بعث لها رسولا {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة : 128]، فأصلح الله ـ عز وجل ـ به اعتقادات خطيرة، وأفعالا باطلة كانت سائدة عند الناس، ولم يُغفِل ـ عليه الصلاة والسلام ـ جانب اللسان، فقد ناله ما ناله من هذا الإصلاح النبوي، فأمر ـ عليه الصلاة والسلام ـ بحفظه وإمساكه.




* الأمر بحفظ اللّسان:

قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون : 1ـ 3]، وقال ـ تعالى ـ: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان : 72]، وقال عز من قائل: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق : 18].

وأخرج الإمام الترمذي في "سننه" وصححه العلامة الألباني في "صحيح سنن الترمذي"(351) عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تُكَفِّرُ اللسان فتقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا).

وأخرج الإمام الترمذي، وابن ماجه، وغيرهما، وهو في "صحيح الجامع"(1618) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا، يهوي بها سبعين خريفا في النار).

وإن ممّا يُؤسف له أن مجتمعنا الفلسطيني ـ ذلك المجتمع الذي كان جديرا وحقيقا بأن يكون أبعد المجتمعات عن معصية رب البريات ـ ـ لعل الله أن يرفع ما به من المحن والفتن، والبلايا والرزايا ـ قد وقع في بعض الألفاظ الشركية الكفرية التي تغضب رب الأرض والسموات.

وهأنذا ـ أخي القارئ ـ أضع بين يديك جملة من هذه الألفاظ الكفرية الشركية، لعلك ــ إن شاء الله ــ تكون من الموفقين للابتعاد عنها فيسلَمُ لك دينك، فتلقى الله سليما معافى من هذه الألفاظ، فبيان هذه الألفاظ من الشر الذي يجب معرفته لا لإتيانه، بل لاجتنابه؛ على حد قول الشاعر:

عرفت الشرَّ لا للشرِّ لكن لِتَوَقِّيهِ *** ومن لا يعرف الشرَّ من الخير يقع فيهِ






* ألفاظ كفرية شركية يجب الحذر منها:

أولا: شتم الذات الإلهية، أو شتم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أو سبّ الدين:

وهذا والعياذ بالله ممّا عمّ وطمّ في مجتمعاتنا ــ ولا حول ولا قوة إلا بالله ــ حتى أنك لتسمع هذا المنكر من الشيخ الطاعن في السن، والمرأة العجوز، والشاب، بل وتعدّى الأمر حتى شمل الأطفال الصغار، فرأينا بعض الآباء ـ والعياذ بالله ـ من يعلم أبناءه هذا المنكر القبيح غير مبالين ولا مكثرثين بما يترتب على هذا الفعل الشنيع من الكفر والردة عن دين الإسلام.

قال العلامة ابن عثيمين : في "المناهي اللفظية"(ص80): "قال أهل العلم: من سبّ الله، أو رسوله، أو كتابه، أو دينه فهو كافر، جادًّا أو لاعبا.

واستدلوا لذلك بقول الله تعالى في المنافقين الذين كانوا يسبون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة : 65]، فقال لهم بعد أن حكى استهزاءهم: {لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة : 66]".

وقريب من هذا المنكر قول العامة: "ما اتخلناش نكفر بربك"، "مَسبَّة الدين إجت عازِتها".


ثانيا: الحلف بغير الله:

فلا يجوز الحلف بغير الله مهما كان المحلوف به عزيزا أو شريفا كالحلف بـ "الرسول، أو الكعبة المشرفة، أو الأمانة، أو الشرف، أو العِرض....إلخ".

والحلف أيها القارئ الكريم لا يجوز إلا بالله، أو باسم من أسمائه الحسنى، أو بصفة من صفاته العليا، والأدلة على ذلك كثيرة عديدة، فمنها:

ما أخرجه أحمد، والترمذي، والحاكم، وهو في "صحيح الجامع"(6204) عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (من حلف بغير الله فقد أشرك).

وأخرج أبو داود، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(3253) عن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (من حلف بالأمانة فليس منا).


ثالثا: سب الدهر والزمان، وما شابه ذلك:

فبعض الناس إذا أصابته مصيبة ما تضجر وتسخّط، فتخرج منه عبارات تدلل على عدم الرضا بحكم الله وقضائه؛ فمنهم من يسبّ الدهر، ومنهم من يشتم الزمان، ومنهم من يلعن الحياة، وهلمّ جرا، وقد نهي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن هذا فقال: (قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم يسبّ الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلّب الليل والنهار). متفق عليه.

قال الإمام ابن القيم : في "زاد المعاد"(2/323): "فسابّ الدهر دائر بين أمرين لا بد له من أحدهما: إما سبه لله أو الشرك به؛ فإنه إذا اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك، وإن اعتقد أن الله وحده فإنه إذا اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك، وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك وهو يسب من فعله فقد سبّ الله".‌

فاحذر ـ أخي الكريم ـ من الوقوع بمثل هذا الفعل الشنيع، ولله درّ القائل:

نعيب زمانَنَا والعيب فينا *** وما لزماننا عيبٌ سِوانا

ونهجو ذَا الزمانَ بغير ذنبٍ *** ولو نطق الزمانُ إذًا هجانا


رابعا: قولهم: "الله في كلّ مكان" أو "الله موجود في كلّ الوجود":

يتعرض بعضهم للسؤال: (أين الله؟)، فيبادر بهذه الإجابة الخاطئة المنكرة: "الله في كل مكان"، وهذا الجواب من الخطأ بمكان، فقد أخرج الإمام مسلم في "صحيحه"(537) أن النبي سأل جارية كانت ترعى الغنم فقال لها: (أين الله؟) قالت: في السماء. قال: (من أنا؟) قالت: أنت رسول الله. قال: (أعتقها فإنها مؤمنة).

وقد سئل العلامة الفقيه ابن عثيمين: في "المناهي الفظية"(ص166ـ 167) عمن يُسأل: "أين الله؟"، فيجيب بالعبارة السابقة: "الله في كلّ مكان" أو "الله موجود في كلّ الوجود"، فأجاب بقوله: "هذه إجابة باطلة لا على إطلاقها، ولا تقييدها، فإذا سئل: أين الله؟ فليقل: "في السماء"، كما أجابت بذلك المرأة التي سألها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (أين الله؟) قالت: في السماء.

وأما من قال: "موجود" فقط. فهذا حيدة عن الجواب، ومراوغة منه.

وأما من قال: "إن الله في كل مكان". وأراد بذاته، فهذا كفر لأنه تكذيب لما دلت عليه النصوص، بل الأدلة السمعية، والعقلية، والفطرية من أن الله تعالى عليٌّ على كل شيء، وأنه فوق السموات مستو على عرشه".

والآيات الدالة على علو الله ـ عزّ وجل ـ وفوقيته، وأنه في السماء كثيرة وكثيرة جدا، فمن ذلك قوله ـ عزّ وجل ـ: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ}[الملك : 16].


خامسا: قولهم: يِخْلِف على الله:

فهذا العبارة نسمعها كثيرا حين يقول بعضهم شاكرا أخاه على معروف أسداه إليه: "يخلف عليك"، فيبادره الآخر بقوله: "يِخْلِف على الله"، فهذه العبارة باطلة؛ فمن ذا الذي يُخلِف على الله ـ تعالى ـ، بل الله هو الذي يُخلف على خلقه، كما قال ـ عزّ وجل ـ: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ : 39].
__________________
الحمد لله
رد مع اقتباس