عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-11-2009, 01:46 AM
د.أحمد بن صالح الزهراني د.أحمد بن صالح الزهراني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 24
افتراضي نقاط في آخر مقال وأعتذر عن الزّلل ..

عندما أسلم عبدالله بن سلام رضي الله عنه جاء إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : إن اليهود قوم بهت، وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني ، فجاءت اليهود إليه ، فقال : أي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟ قالوا خيرنا وابن خيرنا ، سيدنا ، وابن سيدنا ، قال : ؟ أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام قالوا أعاذه الله من ذلك ، فخرج عبد الله فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، قالوا : شرنا وابن شرنا .

من المؤسف حقا أن تتبدّل مواقف الناس وآرائهم بحسب حظوظ النفس والأهواء .. فإذا أثنيت عليهم خيرا وكنت موافقا لهم في كلّ رأي فأنت أنت .. أقوالك خير الأقوال وأفعالك خير الأفعال ..

أمّا إذا خالفتهم – ولو كنت مخطئاً – فإنّك شرّ النّاس وأخبثهم ..

هذا والله طبع اليهود وليس طبع المسلمين فضلاً عن المؤمنين فضلاً عن السلفيين من طلاب العلم والدعاة ..

السلفي لا يجعل من نفسه أو جماعته أو حتّى شيخه فسطاطا للسنة ..

قال عبدالله بن محمّد الورّاق : « كنتُ في مجلس أحمد بن حنبل ، فقال : من أين أقبلتم ؟ قلنا : من مجلس أبي كريب ، فقال : اكتبوا عنه فإنّه شيخٌ صالح ، فقلنا : إنّه يطعن عليك ، قال : فأيّ شيءٍ حيلتي ؟ شيخٌ صالح قد بُلي بي » [السّير (11 / 317)] الله أكبر انظر هضم النفس وعدم الانتصار لها .. يثني على من يطعن فيه .. ولا أظنّ أحداً في عصرنا يقارن نفسه أو شيخه بالإمام أحمد .

إخوتي الكرام :

كلّ هذا الّذي نعانيه سببه التكتّل والتحزّب حول مواقف وآراء .. حتّى لو كانت لا تحتمل اجتهاداً فإّنّ الخطأ فيها أصلاً لا يرقى لأن تكون محلاً للعداء والبهتان ..
فليس كلّ خطأ يحتمل هذه المفارقة ..
ومن العجب كذلك أنّ البعض أصبح يفصّل له منهجاً يناسب اجتهاداته الشخصيّة .. حتّى لا يخرج هو ومن معه من السلفية ويرد عن نفسه .. وهذا من الظلم ، فالمناهج العلمية يجب أن تبقى محايدة تسع الجميع ..
وأنا أقول : إذا أردنا للسلفيّة أن تعود منهجاً إسلاميا يسع النّاس ويقربهم ويدنيهم لا يضيق عليهم وينفّرهم فلابدّ أن نراجع المواقف العلمية والدعويّة الّتي بناء عليها أكسبنا أنفسنا وصف السلفيّة والانتماء لها عداك عن اعتبار بعضنا رموزا لها نقدح في دين ومنهج كلّ من خالفهم ..

إخوتي الكرام :السلفيّة أوسع وأكثر يسرا ممّا صوّرها البعض .. وإذا أردنا أن نفهم هذه الفقرة فلنسأل أنفسنا :
أولاً : هل من شرط السّلفيّ أن لا يخطئ ؟
من قال ذلك ؟
أرجو أن لا يأتيني شخص بردود السلف على من أخطأ وذمهم له فهذه مسألة أخرى ، فالرد على المخالف مشروع ومندوب لا شك في ذلك ، لكن الشأن في جعل كل من خالف وأخطأ في فهم نصوص الشرع بأنّه ليس بسلفي ..

وإن كان ليس بسلفي بناء على الفهم السابق فهل من شرط السلفي أن لا يكون له صلة بغيره ألبتّة ؟
إذن فكيف يُهدى الناس ؟
هل يكفي أن ننشر رسائل السنة ونقول قامت الحجة عليهم ثم نبدعهم ونفارقهم ؟

كيف يُهدى الناس ؟ أليس لهؤلاء علينا حق الدعوة والبيان والتأليف ، وهل يكون ذلك بصدمهم من أول وهلة بأنّهم مبتدعة وأن معظّميهم الّذين نشؤوا على تعظيمهم مبتدعة فجرة ؟

يا قوم من قال إنّ هذا منهج السلف ؟

أنا أقسم بالله أنّ هذا لو كان منهج السلف لما قامت له قائمة ولظلّ منهج السلف كلاما في صحف لا يعرفه أحد ..

منهج السلف لا يعرف الانعزال والانكفاء بحجة أنّ الآخرين مبتدعة.. بل يقوم على التعاون والمشاركة .. فالمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على آذاهم .. هكذا قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم .

فرق بين المشاركة والتعاون في الخير وإنكار الخطأ ، ووبين المخالطة واللزوم والمجالسة لدرجة المجاملة والسكوت على الباطل ..

لقد خسر السلفيون مساحات كبيرة ومجالات كثيرة بسبب تصلبهم على أفهام لا علاقة للسلف بها .. فالسلف كانوا يعرفون قوتهم وثقلهم ويعرفون متى يكون الهجر مشروعا ومتى لا يكون كذلك ..

أنا لا ألوم من رأى نفسه ضعيفا فاعتزل المخالفين .. لكن لا يجوز له أن يتهم من اقتحم الميادين وزاحم المبتدعة على مساحات الدعوة فشاركهم في المعروف واعتزلهم في المنكر وقال كلمة الحق وداراهم وحبّب إليهم السنة وجلّى لهم الحق ..

لا يجوز اتهام هذا بالتمييع والدعوة للبدعة ، كما لا يجوز مطالبته بما لا يحقق مصلحة وإنّما يحقق مفسدة ويفوّت عليه مصلحة متحققة يراها ولكن الآخرين الذين يراقبون من بعد ولا يعرفون عن واقعه الدعوي شيئا لا يرونها ولا يدركونها فيطلقون التهم في حقه جزافا .. وهذا من البغي .

إخوتي :

لقد شغلت مسائل التبديع والهجر والحكم على الناس مساحة من أوقات المنتسبين للسلفية وشغلتهم كذلك عن واجبات أكبر وجعلوا منها حجّة لتعطيل شرائع والتكاسل عن واجبات بحجة مفارقة أهل البدع ..

وكل هذا سببه نقص العلم وفقدان ملكة الاستقلاليّة .. إذ أصبح الشباب عبارة عن مجموعات تابعة لفلان أو فلان ، فمجموعة همّها الدفاع عن فلان ومجموعة همّها القدح في فلان .. فإلى متى ؟

لهذا قلت لكل من راسلني وسألني : دعوا هذه المناكفة وانشغلوا بنشر الخير والسنن والعلم فهذا وحده كفيل بإزهاق الباطل ..
أخي لا تقاتل الظلمة .. أشعل القنديل فتزول الظلمة ..

لقد قرأت بعض مقالات أحمد بازمول فما وجدت فيها إلاّ صراخا وعويلاً على السلفية وصاحبها يظهر عليه الجهل .. ولا أتفق مع من زكّى تلك المقالات فصياغتها صياغة بغي واستعداء ..

لكني كذلك لا يعجبني كثرة الرد علي كلّ من هبّ ودبّ ودرج ..

ففي ذلك مأخذان :

أوّلهما تصوير الشيخ علي الحلبي وكأنّه هو رمز السلفية بحيث أصبح التجاوز أو الرد عليه مشكلة تحتاج إلى تكاتف الجهود ..وكثرة هذه المقالات في الدفاع عنه . وأنا على يقين أنّ الشيخ علي لا يرضى بهذا .

إخوتي الكرام : لو دققتم لوجدتم أنّ المشايخ الكبار ابن باز وابن عثيمين والألباني على كثرة الطاعنين فيهم بغير حق لكن ما أقل ما كتبنا في الدفاع عنهم .. لقد كانت أخلاق هؤلاء وعلمهم وقوتهم في الحق كفيلة ببيان الحق ..
فلماذا كلّ هذا الاهتمام بمن كتب ردا حتى لو كان فيه باغيا مخطئا ..

والمأخذ الثاني : إشغال الشباب بهذه الردود حتى والله راسلني إخوة من بلاد بعيدة يسألون عن هذا وهذا ..

أخيراً :

بالنسبة لما قلته سابقا حول المشايخ الذين ذٌكروا في مقالة الأخ الليبي وقولي إنّ جلّهم لا تكاد تقوم بهم الحجة العلمية ..
أولاً :
أقول : القول بأنّ فلانا من أناس حجّة الله على خلقه لا يصح إلاّ أن يكون معصوماً ..
ولا عصمة لأحد بعد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كائنا من كان ..
أو أن يكون كلامه مؤيدا بالإجماع .. فالحجة في الإجماع لا في كونه كلام شخص ما .. مهما بلغ في العلم والفضل ..

أمّا الحجّة العلميّة ، فأعني بها القدرة على نقد مقالات الخصوم وبيان خللها وزيفها ، وإظهار الحق بدلائله المتنوّعة ظهوراً يجعل الخصم بين موقفين لا ثالث لهما إمّا إنصاف الحق من نفسه وإمّا المكابرة والإصرار على الباطل..

إخوتي الفضلاء :
وهذه القدرة شيء آخر غير العلم بالسنة وغير الفقه في نفسه ..
فالعلماء بالله ودينه وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم كثيرون .. لكن ليس كلّهم أوتي هذه القدرة الّتي عنيتها في كلامي ..
وهذه القدرة لا تتبيّن فقط بكثرة شروح الكتب وكثرة الفتاوى وظهور فضل الإنسان في العلم واتباع السنة .. لا بل هذه قدرة زائدة لم يتحقق بها في مر العصور إلاّ القلّة ..
فشيخ الإسلام رحمه الله وتلميذه ابن القيم كمثال تحققت بهم هذه القدرة ..
وفي عصرنا تحققت في نظري في المشايخ الثلاثة ابن باز وابن عثيمين والألباني رحمهم الله أجمعين ..
أمّا من سواهم ودونهم فرأيي الشخصي - الذي قد يخالفني فيه البعض - أنّهم على فضلهم وعلمهم لم تظهر فيهم هذه القدرة ذاك الوضوح ولهذا قلت : (لا تكاد).. وأعني بذلك الشيخ العباد وفقه الله والشيخ ربيع وفقه الله أمّا الأسماء الأخرى فلا ، هذا رأيي الشخصي .

ثانياً :

بالنسبة للإخوان الذين يحتجون علينا في سيّد بأن ثلة من العلماء اتفق كلامهم في ذمّ كلامه .. إلى آخر ما قالوه ..
أقول : أنا لا أتحدث عن كلام سيّد ، فقد قلت إنّه أخطأ .. بل أفحش في الخطأ ..

بل أزيدكم من الشعر بيتا : أنا لا أتحدث عن سيد أصلاً ..

أنا كلامي عن شخص من إخواني له رأي مخالف في سيّد يتردد في المنطقة الوسط أي هو لا يثني عليه بإطلاق ولا يذمه بإطلاق .. أقول : هذا الذي أتحدث عنه هل أخرجه عن أهل السنة وأقول إمّا أن تتبرأ من سيد وتذمه بطلاق وتنهى عنه وعن كتبه ولا تثني عليه ابداً وإلاّ فأنت مبتدع مميع ..إلخ ؟

هذا هو الّذي أنكره ، وليس خاصا بسيّد بل بكل من أخطأ وخالف منهج السلف ..

ثمّ إني أسأل :

بالنسبة للإخوة الذين نتفق معهم على محبة الشيخ علي وفقه الله وأنّه على السنة ، ألم تصدر بيانات من اللجنة الدائمة وقع عليها كبار أهل العلم في المملكة ووافقهم على ذلك غيرهم - وبعضهم ممن يُحتج بكلامهم في سيّد - تتفق على وصف الشيخ علي بالإرجاء ؟

لماذا لم نرض بهذه الفتوى وهذا القول ونقول إن كبار أهل العلم وصموه بالبدعة فنحن نرضى بهذا الاتفاق من كبار أهل العلم ؟
لماذا نأخذ بقولهم أو بعضهم في سيّد ويكون حجة الله على خلقه بينما قولهم في الشيخ علي خطأ ..؟

الجواب أنّ هذا مسلك انتقائي ، بل نحن همّنا الحجّة والبرهان فإن كان ما قالوه صوابا فعلى الرأس والعين وإلاّ فكل يُؤخذ من قوله ويُرد ..

ونحن نظرنا فرأينا أنّ قولهم في الشيخ علي كان خطئا لا شك ولا ريب في ذلك ..

وكلامهم أو كلام غيرهم في سيّد أيضاً منه صواب ومنه خطأ وصوابهم وخطؤهم وخلاف غيرهم معهم كله في حيّز الاجتهاد السائغ ما دام لم يرفع أحداً فوق قدره ولم يهضم أحداً حقّه .. والله يتولى السرائر .
رد مع اقتباس