عرض مشاركة واحدة
  #445  
قديم 04-21-2020, 06:44 PM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي


قصة عجيبة في سرعة تغيير الله تعالى الأحوال وتفريج الشدائد بين تاجرين مسلم ونصراني أفرنجي في القرن العاشر
_________________________

قال تعالى:" وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر"
وفي الحديث: "يضحك الله تعالى من قنوط عباده وقُرْب غِيَره" أي: تغييره للشدة التي لها قنطوا
ما بين غمضة عين وانتباهتها * يغير الله من حال إلى حالِ
وأخبار "الفرَج بعد الشدة" كثيرة جداً وقد أفردت بمؤلفات عديدة، وهنا أنموذج منها عجيب

وجدت بخط مفتي مكة المشرفة العلامة الأصيل المسند قطب الدين محمد بن علاء الدين أحمد النِّهروالي الحنفي (917- 990) في تذكرته المسماة «الفوائد السَّنِيَّة في الرِّحلة المدنية والرُّومية» ما نصُّه:
«أخبرني بعض الأصحاب قال: كان لي رفيقٌ من أهل اسكندرية يتَّجر في البحر يحكي لي: أنه استفاد مالاً كبيراً في سَفْرةٍ، فطمع، وأخذ جميع أمواله متوجِّهاً إلى الروم [أي: تركيا في عصرنا] ليستفيد ويربح، فلاقاه الفرنج، فأخذوا السفينة بجميع ما فيها، وأسروا كلَّ من فيها، واقتسموا المال والرِّجال.
قال التَّاجر: وأخذوني من جملة من أخذوه، ووضعوا الحديد في رجلي، وأجلسوني في طرف البحر على مقذاف [أي: مجداف] أقذف لهم، فتذكَّرتُ أهلي وأولادي وما كنتُ فيه من السَّعة والرَّفاهية، ونظرتُ الحالَ التي أنا عليها الآن فأهمَّني ذلك، ورأيتُهم قد اقتسموا جميعَ ما ملكتُه، فغلبني البكاء، وصارتْ دمعتي لا تنكفّ، وحُزني لم يزل في زيادة.
فرآني على هذا الحال شاب من النصارى [ طمس في المخطوط ] وحنَّ علي، وصار يسألني عن سبب بكائي، فذكرتُ له أولادي وحالتي التي كنت عليها، وأني هل يمكن أن أنظر إليهم أو أجتمع عليهم بعد هذا الحال؟!.
فأخذ القُندس [لعله بمثابة القبعة مصنوعة من فرو حيوان القُندس] من رأسه، ورماه إلى السماء ثم تلقَّاه وتناوله، وقال لي: أرأيت طلوع هذا القندس ونزوله؟.
قلت: نعم.
قال: من دون هذه المُدَّة يغيِّر الله الأحوال وتتقلَّب الدُّنيا بأهلها، ويأتي من لطف الله ما لم يكن في البال، فأبْقِ على نفسك، ولا تُكثر البكاء والحزن، فما دامت شِدَّة ولا سرور.
فتعجَّبتُ من كلام هذا النصراني، وأذهب الله تعالى ما بقلبي من الحزن والأسف، وصرتُ أنتظر فرَج الله تعالى.
وإذا بتجريدة [فرقة عسكرية للتدخل السريع] من المسلمين ظهرتْ على وجه البحر، وأحاطت بالسَّفينة التي أنا فيها، وأخذَتْه من غير قتال، فساقونا بسفينتنا إلى ليمان [أي: ميناء]، وأنزلونا، وأنزلوا جميع المال والأَسَراء، وأطلقوا جميع المسلمين، ووضعوا الأفرنج في القيود، وقالوا: من كان له مال في هذه السفينة من المسلمين فليأخذ حقَّه.
فأخذتُ جميع مالي بحيث لم يفُتْ منه شيء، وتوجَّهوا بي إلى كبير المسلمين، فذكرتُ له كيف أخذني الأفرنج، وكيف أخذوا مالي، فسلَّم لي جميع حقَّي، وقال لي: أتذهب إلى اسكندرية أم الروم؟.
فقلت: بل إلى الروم لأبيع هذه البضايع، ثم أتبضَّع وأرجع إلى اسكندرية.
فعيَّن لي غُراباً [سفينة شراعية صغيرة كثيراً ما تكون حربية] ووضع فيه جميع متاعي، وعيَّن معي من يوصلني إلى بلاد الروم.
وشرعوا يبيعون الأفرنج المأسورين (بيع من يزيد)، ورأيت الأفرنجي الذي ذكر لي تلك النصيحة يباع، فساومتُ فيه واشتريتُه، وذهبتُ لأعُدَّ ثمَنه، وإذا بكبير المسلمين طلبني وقال: تعجَّبنا من شِراك لهذا النَّصراني!.
قلت: يا أيها الأمير، وقضيتي معه أعجب وأغرب.
قال: وما هو؟!.
فأخبرتُه بما ذكر لي، فتعجَّب، وقال: هو هبة مِنَّا لك.
فأخذتُه وأطلقتُه، وتوجَّهتُ إلى الروم، وبعتُ ما معي، وكسبتُ فيه مثلَه، ثم تبضَّعتُ، ورجعتُ إلى اسكندرية.
وكان ذلك النَّصراني يجيء مع المستأمنين إلى اسكندرية للتجارة، فتأكَّدتْ بيني وبينه الصُّحبة، وكنتُ أرسل معه أموالي إلى بلاد الأفرنج فيتَّجر لي فيها، ويأتيني بربح كثير.
فلما طالت الصُّحبة، عرضتُ عليه في بعض الأيام الإسلام، فقال: وكم لي وأنا في خاطري أن تذكر لي ذلك، وإني قد أسلمتُ يوم شريتني وأطلقتني، وأنا في هذه الأسفار أستخرج أموالي من بلد الأفرنج وأجيء بها إلى الإسكندرية، وما كنتُ أظهرت لهم الإسلام خوفاً على مالي، وأنا الآن أُظهر الإسلام، فحسُنت معاملاته، وحسن إسلامُه إلى أن توفي رحمه الله تعالى».
• ما بين القوسين المعقوفين [ ] كتب لتوضيح بعض الكلمات.
https://t.me/arrewayahalthkafh
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس