عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-22-2013, 08:05 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي كيف يكون حجك مبرورا ؟.

كيف يكون حجك مبرورا ؟.

5.
ومن أجمع خصال البر التي يحتاج إليها الحاج - كما يقول ابن رجب - ما وصَّى به النبي ﷺ أبا جُرَيٍّ الهجيمي حين قال له: (لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تعطي صلة الحبل، ولو أن تعطي شسع النعل، ولو أن تنزع من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق، ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض) (1) رواه أحمد.

6. واعلم أن مما يتحقق به بر الحج الاستكثار من أنواع الطاعات، والبعد عن المعاصي والمخالفات، فقد حث الله عباده على التزوُِّد من الصالحات وقت أداء النسك فقال - سبحانه - في آيات الحج: ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ [سورة البقرة: 197].

ونهاهم عن الرفث والفسوق والجدال في الحج، فقال - عز وجل -: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [سورة البقرة: 197].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) (متفق عليه).

والرفث هو: الجماع؛ وما دونه من فاحش القول وبذيئِه.
وأما الفسوق: فقد روِيَ عن ابن عباس - رضي الله عنهما- وغير واحد من السلف أنه المعاصي بجميع أنواعها.
والجدال: هو المِراء بغير حق، فينبغي عليك - أخي الحاج - إذا أردت أن يكون حجك مبرورًا أن تلزم طاعة ربك، وذلك بالمحافظة على الفرائض، وشغل الوقت بكل ما يقربك من الله جل وعلا من ذكر ودعاء وقراءة قرآن وغير ذلك من أبواب الخير، وأن تحفظ حدود الله ومحارمه، فتصون سمعك وبصرك ولسانك عما لا يحل لك.

7. ومن الأمور التي تعين العبد على أن يكون حجه مبرورا، أن يستشعر حِكم الحج وأسراره، وفرقٌ كبير بين من يَحج وهو يستحضر أنه يؤدي شعيرة من شعائر الله، وأن هذه المواقف قد وقفها قبله الأنبياء والعلماء والصالحون، فيذكر بحجه يوم يجتمع العباد للعرض على الله، وبين من يحج على سبيل العادة، أو للسياحة والنزهة، أو لمجرد أن يسقط الفرض عنه، أو ليقال: «الحاج فلان».

8. وأخيرًا فإن من علامات الحج المبرور أن يستقيم المسلم بعد حجه فليزم طاعة ربه، ويكون بعد الحج أحسن حالًا منه قبله، فإن ذلك من علامات قبول الطاعة.

قال بعض السلف: «علامة برِّ الحج أن يزداد بعده خيرًا، ولا يعاود المعاصي بعد رجوعه».

وقال الحسن البصري رحمه الله: «الحج المبرور أن يرجع زاهداً في الدنيا، راغباً في الآخرة».

أخي الحاج هذه هي أهم صفات الحج المبرور وعلاماته، فاجتهد في طلبها وتحصيلها عسى أن تفوز بثواب الله ورضوانه، أسأل الله أن يجعل حجك مبرورا، وذنبك مغفورا، وسعيك مشكورا].ِ ا هـ.


__________

(1) ولحديث أبي جُرَيّ جابر بن سليم - رضي الله عنه - روايات عدة منها؛ قال: «رأيت يصدر الناس عن رأيه، لا يقول شيئا إلا صدروا عنه، قلت: من هذا قالوا: رسول الله ﷺ قلت: «عليك السلام يا رسول الله مرتين» قال: (لا تقل عليك السلام، فان عليك السلام تحية الميت، قل السلام عليك). قال: قلت: «أنت رسول الله ؟» قال: (أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضرٌّ وَدَعَوْتََهُ كَشفهُ عنك، وإن أصابكَ عامٌ سَنَةً فَدَعَوْتََهُ أنبتها لك، وإذا كنتَ بأرضٍ قفراءَ أو فلاةٍ فضلّتْ راحلتُكَ فدَعَوْتَهُ ردّها عليك). قلت: «اعهد لي»، قال: (وإياك وإسبال الإزار، فإنها من المخيلة، وإن الله لا يُحِبُّ المخْيَلَة، وإن امرؤ شتمك وعيَّرَكَ بما يعلم فيك، فلا تعيّرْهُ بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه). (صحيح).

هاء الضمير في قوله (وَدَعَوْتََهُ): تعود إلى أقرب مذكور وهو الله -تبارك وتعالى-؛ وليس رسوله صلى الله عليه وسلم.

وزاد بعد قوله: (لا تسبن أحدا) قال: «فما سببتُ بعده حرًا ولا عبدًا ولا بعيرًا ولا شاة».

ورواه أحمد مختصرًا من قوله: (أدعو إلى الله وحده ... الخ . دون قوله: (وإن امرؤ شتمك ... الخ). وقال بدلها: (ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي). وسنده صحيح أيضا.

وله طريق ثالث بسند صحيح أيضا في [السلسلة الصحيحة برقم 1352] بلفظ: [لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تُفرغ من دلْوِكَ في إناء المُسْتَسْقي، ولو أن تُكَلّمَ أخاك ووجْهُكَ إليه منبسط، وإياك وتسبيل الإزار، فإنه من الخيلاء، والخيلاء لايحبها الله - عز وجل - وإن امرؤ سبّكّ بما يعلم فيك فلا تسبهُ بما تعلم فيه، فإن أجرهُ لك، ووباله على من قاله]. (صحيح).
وفي رواية أخرى نحوه، وزاد في آخره: (ولا تسبن أحدا فما سببتُ بعدهُ أحداً ولا شاةً ولا بعيرا]. الحديث.

والجملة الأخيرة منه وإن امرؤ شتمك. لها شاهد من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعا بلفظ: (إذا سبك رجل بما يعلم منك، فلا تسبّهُ بما تعلم منه، فيكون أجْرُ ذلك لك، ووبالهُ عليه). وإسناده حسن أو أعلى. انظر: [السلسلة الصحيحة 3/ 99 رقم 1109].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس