عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 12-14-2010, 09:59 PM
أبو عثمان السلفي أبو عثمان السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 809
افتراضي

12) الأذكار


وفيه مسائل:
الأولى: أذكار الاستسقاء:
وهي كثيرةٌ؛ ذكر منها النووي في «الأذكار» عدداً، ثمَّ نقل عن الإمام الشافعي قوله: «ويكون أكثر دعائه الاستغفارَ، يبدأ به دعاءَه، ويفصل بين كلامه، ويختم به، ويكون هو أكثر كلامه حتى ينقطع الكلام، ويحثُّ الناسَ على التوبة والطاعة والتقرب إلى الله –تعالى-».
قلتُ: إشارةُ منه –رحمه الله- إلى قوله –تعالى-: {وقلتُ استغفروا ربّكم إنّه كان غفّاراً يرسلِ السماء عليكم مدراراً}.
الثانية: دعاء رؤية الريح:
روى مسلم في «صحيحه» عن عائشة –رضي الله عنها- قلت: كان النبي –صلى الله عليه وسلم- إذا عَصفت الريح؛ قال: «اللهم إني أسلك خيرها، وخير ما أُرسلت به، وأعوذ بك مِن شرها، وشر ما أُرسلت به».
وفي الباب أدعية أخرى.
الثالثة: الدعاء عند رؤية السحاب والمطر:
عن عائشة –رضي الله عنها أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى ناشئاً [أي: سحاباً لم يكتمل اجتماعه] في أُفق السماء ترك العمل وإن كان في صلاة، ثم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من شرها»، فإن مُطر قال: «اللهم صيِّباً هنيئاً».
وفي رواية: «اللهم صيّباً نافعاً»؛ أي: أسألك صَيّباً، أو اجعله صيّباً.
والصيِّب: هو المطر الذي يجري ماؤه.
والدعاء مُطلقاً –عند المطر- مُستحب؛ لما رواه الشافعي في «الأم» -ومن طريقه البيهقي في «المعرفة» مرسلاً عن مكحول-، أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة، ونزول الغيث».
وهو –على إرساله- فيه إبهام وضعف، ولكنه ينجبر بما له من شواهد ذكرها المنذري في «الترغيب»، وابن القيم في «زاد المعاد»، وجزم شيخنا الألباني في «سلسلة الأحاديث الصحيحة» بحُسْنِه.
الرابعة: الدعاء عند سماع الرعد:
في «موطأ مالك» -رواية أبي مصعب- عن عامر بن عبدالله بن الزبير، عن عبدالله بن الزبير؛ أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث، قال: «سبحان الذي يُسبح الرعد بحمده، والملائكة مِن خيفته»، ثم يقول: إنّ هذا الوعيد، لأهل الأرض لَشَديد.


علامات الساعة
وفي هذا الباب حديثان:
الأول: روى أحمد في «مسنده» عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تقوم الساعة حتى يُمطر الناسُ مطراً لا تُكِنُّ منه بيوت المَدَر، ولا تُكِنُّ منه إلا بُيوتُ الشَّعَر».
تُكِنُّ: تقي.
المَدَر: هو الطين المتماسك اليابس.
الثاني: روى أحمد في «مسنده» عن أنس أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تقوم الساعة حتى لا تُمطرَ السماءُ، ولا تُنبت الأرض..».
وسنده صحيح.


13) فوائد ومسائل

أولاً: روى الإمام مسلم في «صحيحه» عن أنس –رضي الله عنه- قال: أصابنا مطر ونحن عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فَحَسَر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ثوبَه حتى أصابه مِن المطر، فقلنا: لِم صَنعتَ هذا؟ قال: «لأنه حديث عهد بربه».
(فائدة هامة): ما زال أئمة العلم مِن أهل السنة يُوردون هذا الحديث في باب صفات الباري جل وعلا؛ إثباتاً لعلوه فوق خلقه –سبحانه-، واستوائه على عرشه؛ فقد رواه الإمام عثمان بن سعدي الدارمي في كتابه «الرد على الجهمية» ثم عقّب بقوله: «ولو كان [الله] على ما يقول هؤلاء الزائغة في كل مكان، ما كان المطر أحدثَ عهداً بالله من غيره من المياه والخلائق»، وكذا استدل به الإمام ابن أبي عاصم في كتابه «السُّنّة»، ومثلُهما الإمام الذهبي في كتابه «العُلوِّ للعليِّ العظيم» ضمن دلائله المتكاثرة على إثبات هذا الأصل العقائدي المهم الذي لم يفهمه حق فهمه كثير من العامة، وبعض (أشباهمم) من الخاصة.
ثانياً: روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «الشهداء خمسة...» فذكر منهم: «الغَرق».
أي: الغريق، «وهو الذي يموت غريقاً في الماء».
ويُستفاد مِن هذا الحديث في موضوعنا أن مَن غَرِقَ نتيجةَ الفياضانات والسيول الجارفة في الشتاء –أو غيره- وكان على دين وصلاح وحُسن حال يُرجى له الشهادة، كم هو نص حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
ثالثاً: روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري قال: احترقت بيتٌ بالمدينة على أهله، فحُدِّث بشأنهم النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: «إن هذه النار إنما هي عدو لكم، فإذا نِمتُم فأطفئوها عنكم».
وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تتركوا النارَ في بيوتكم حين تنامون».
وبوب الإمام البخاري على الحديثين (باب لا تُترك النارُ في البيت عند النوم).
و«حكمةُ النهي هي خشيةُ الاحتراق»؛ كما قال الحافظ في «فتح الباري» ثم قال: «قيّده بالنوم لحصول الغفلة به غالباً، ويُستنبط منه أنه متى وُجِدت الغفلة حصل النهي».
وقال القرطبي: «في هذه الأحاديثِ أن الواحد إذا بات ببيت ليس فيه غيرُه وفيه نارٌ، فعليه أن يٌطفئها قبل نومه، أو يفعل بها ما يُؤْمَن معه الاحتراق، وكذا إنْ كان في البيت جماعةٌ، فإنّه يتعين على بعضهم، وأَحقُّهم بذلك آخرهم نوماً، فمَن فرّط في ذلك كان للسُّنة مخالفاً، ولأدائها تاركاً».
قلتُ: يُستفاد مِن ذلك كلِّه الحذَرُ الشديدُ مِن إبقاء المدافئ بأنواعها كافةً مشتعلةً حالةَ النوم، لما في ذلك من خطر الاحتراق، أو الاختناق، وحوادثُ مأساويةٌ كثيرةٌ وقعت بسبب التساهل في ذلك، فتنبه.
رابعاً: روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي –صلى الله عليه وسلم قال: «اشتكت النار إلى ربها، فقالت: رب أكل بعضي بعضاً، فَأَذِنَ لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف؛ فأشدُّ ما تجدون من الحرِّ، وأشد ما تجدون من الزمهرير».
__________________
«لا يزال أهل الغرب ظاهرين..»: «في الحديث بشارة عظيمة لمن كان في الشام من أنصار السنة المتمسكين بها،والذابين عنها،والصابرين في سبيل الدعوة إليها». «السلسلة الصحيحة» (965)
رد مع اقتباس