من طلع عليه الفجر وفي فمه طعام:
قال صلى الله عليه وسلم : "إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده ، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه" أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم ، وصححه هو والذهبي ، وأخرجه ابن حزم ، وزاد : "قال عمار (يعني : ابن أبي عمار راويه عن أبي هريرة) : وكانوا يؤذنون إذا بزغ الفجر" . قال حماد (يعني : ابن سلمة) عن هشام بن عروة : كان أبي يفتي بهذا . وإسناده صحيح على شرط مسلم . وله شواهد ذكرتها في "التعليقات الجياد" ، ثم في "الصحيحة" ، وفيه دليل على أن من طلع عليه الفجر وإناء الطعام أو الشراب على يده ، أنه يجوز له أن لا يضعه حتى يأخذ حاجته منه ، فهذه الصورة مستثناة من الآية : (وكلوا واشرلوا حتى يتبيق لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) ، فلا تعارض بينها وما في معناها من الأحاديث ، وبين هذا الحديث ، ولا إجماع يعارضه ، بل ذهب جماعة من الصحابة وغيرهم إلى أكثر مما أفاده الحديث ، وهو جواز السحور إلى أن يتضح الفجر ، وينتشر البياض في الطرق ، راجع الفتح. لأن من فوائد هذا الحديث إبطال بدعة الإمساك قبل الفجر بنحو ربع ساعة ؟ لأنهم إنما يفعلون ذلك خشية أن يدركهم أذان الفجر وهم يتسحرون ، ولو علموا هذه الرخصة لما وقعوا في تلك البدعة . فتأمل .
تمام المنة في التعليق على فقه السنة(417)