خيانة المعلم
بِسْم الله الرحمن الرحيم
إن الأصل في كل ولاية أن تسند إلى القوى الأمين ، فالقوة سبب وجودها ، والأمانة سبب دوامها وصلاحها .
والمعلم له ولاية على من هو في معيته من طلابه ومن يجلس إليه .
فأما القوة في باب التعليم فتكون بملكة يقتدر بها على نشر العلم النافع المثمر للعمل الصالح .
وأما الأمانة فتكون بمراعاة جملة من المسائل من بينها :
١- أن يجلس للتعليم مخلصاً لله قاصدا نفعهم ، فإن أول الخيانة أن يتخذهم مطية لشهواته أو سلما لهرم تطلعاته من طلب شهرة أو صدارة .
٢- أن يراعي في تعليمهم حاجتهم ( واجب وقتهم ) ، فمن الخيانة أن يعلمهم ما يسد به نقص نفسه دون ما هم بحاجته .
٣- أن يبدأ معهم بصغار العلم قبل كباره ، فمن الخيانة أن يكلفهم ما لا يطيقون ؛ فيفسد عليهم قلوبهم ، ويبدد طاقاتهم ، ويضيع أوقاتهم .
٤- أن يعلمهم الأدب كما يعلمهم العلم ، فمن الخيانة أن يسد جوعهم ويتركهم عراة ؛ فالعلم غذاء ، والأدب ستر وزينة .
٥- عليه أن يعلمهم بالمجان بلا فروض طاعة ولا هالات قداسة ، فمن الخيانة أن يتخذهم جنداً وعساكر ؛ فقوله ( لذاته ) معلم وليس بملزم .
هذه إشارات تدل على أخواتها .
والموفق من المعلمين من لازم اتهام نيته واستشعار ضعفه ، فطريق التعليم كالنفق المظلم تاه فيه خلق كثير ضاعت فيه أعمارهم وأستنفدت فيه طاقاتهم ولم يخرج منه إلا من صحب معه قناديل الربانية بفتيل الإخلاص .
والله هو الموفق والهادي .
***