.... فأول ما يَبتدئ الحاجُّ القيامَ به: العمرة؛ وهي:
(عُمرةُ التَّمتُّع)
أعمـالُ العُمـرةِ
ثـلاثُ فوائـدٍ:
الأولـى: قد ثبت عن ابن عباسٍ -رضـي الله عنهما- تسميتُه العُمرة بـ (الحجِّ الأصغر) -كما في "مصنف ابن أبي شيبة" (13659)-.
الثَّانيـة: اعتمر النبيُّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- أربعَ عُمَرٍ في حياتِه الشَّريفة -كما في "شرح العُمدة" (26/73 و 253)-.
الثَّالثـة: وَوَرد عن ابن عمَر -رضـي الله عنهما- أنه كان يُهدي في العمرةِ بدَنةً بدنةً -كما في "الموطأ" (1/378)-.
وهذا -كما وصفه الشيخ ابنُ عثيمين في "فتاويه" (23/372)-: "مِن السُّنن المندثرة".
وقال الإمام النَّووي في "المجموع" (8/356): "اتَّفقوا على أنه يُستحب لمَن قصد مكة -لحجٍّ (أو عمرة)- أن يُهدِي هدْيًا من الأنعام، ويَنحرَه هناك، ويُفرِّقه على المساكين الموجودين في الحرَم".
وتفصيـل أعمـال العمـرة كالتَّالـي:
* الإحـرام:
1- عندما تصل -أخي المسلم- إلى ميقاتِ الإحرامِ: يُستحبُّ لك -قبل الإحرامِ- أن تغتسلَ، وتتطيَّب في بدنِك دون مسِّه لِباس الإحرام، وللرِّجال دون النِّساء.
ثم تَلبسُ ما ليس مَخِيطًا مِن الثِّياب: إزارًا لا يُفصِّل أعضاء بَدَنك، تستُر به جُزء بدنك السُّفلي، ورِداءً -كذلك- تستُر به جُزء بدنِك العُلويِّ؛ وهذا هو لِباس الإحرام.
ثم تُحرِم مستقبِل القِبلة قائلًا: (لبَّيك اللهم بعُمرة، متمتِّعًا فيها إلى الحجِّ، لا رياءَ فيها ولا سُمعة).
ثم تشترطُ قائلًا: (اللهم مَحِلِّي حيثُ حبَستَني)؛ حذرًا مِن أي عارِضٍ -كمَرض أو خوفٍ- يمنعُك مِن إتمامِ حجِّك.
فإن وقع لك شيءٌ مِن ذلك -وكنتَ قد اشترطتَ-؛ فيجوز لكَ التَّحلُّل -حينئذٍ- خروجًا من النُّسُك دون إيجاب دم الفِدية عليك.
وأمَّا مَن قطع حجَّه -مِن غير اشتِراطٍ-: فيجبُ عليه دمُ الفِدية، وقضاءُ حجِّه.
* التَّلبيـة:
2- ثم تُلبِّي -مكرِّرًا- قائلًا: لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريكَ لك لبَّيك، إن الحمدَ والنِّعمةَ لك والملكَ، لا شريك لك.
ولكَ أن تقول -أيضًا-: لبَّيك ذا المَعارِج، لبَّيكَ ذا الفواضِل.
أو: لبَّيكَ إلهَ الحقِّ.
أو: لبَّيك وسَعدَيْك، والخيرُ بِيَدَيْك، والرَّغباءُ إليكَ والعملُ.
أو: لبَّيك مرغوبًا أو مَرهوبًا، لبَّيكَ ذا النَّعماءِ والفضلِ الحسَن.
ويُسنُّ لك أن تَخلِط التَّلبية بالتَّكبير والتَّهليل.
ولا ينبغي أن تكون التَّلبيةُ جماعيَّةً متواطئةً بصوتٍ واحد؛ إلا للتَّعليم -وبِقَدْرِه-، ومِن غير اتِّفاقٍ وترتيبٍ لها أو حرصٍ عليها.
فإذا وقعتْ -دون ذلك-؛ فلا بأس.
3- وتظلُّ مُكرِّرًا التلبيةَ مستمرًّا بها حتى ترى أول بُيوت مكَّة. وحدُّها -اليومَ- مسجدُ التَّنعيم.
ويُسنُّ رفعُ الصوت بالتَّلبية -جدًّا-.
والنِّساء في ذلك كالرِّجال؛ إلا أن تُخشى الفتنةُ.
4- وليس للإحرام صلاةٌ مخصوصةٌ به.
لكن: مَن أدركتْه صلاة الفريضة في الميقات؛ صلَّى ثم أحرَم عقِب صلاتِه؛ كما صحَّ عن النبي -صلى اللهُ عليه وسلم-؛ فقد أحرَم -عليهِ الصلاةُ والسلامُ- بعد ذلك لمَّا انطلقتْ به دابتُه.
* محظـوراتُ الإحـرام:
5- فإذا قُلتَ: (لبَّيكَ اللهم عُمرةً) -التي هي عمرة الحجِّ-؛ حَرُم عليك -بالإحرام- لُبسُ المَخيط؛ كـ(الدشداشة)، والثَّوب، والقَميص، والسَّراويل، والجَوارِب، وغطاءِ الرَّأس؛ كالطاقيَّة والغُترة.
ومِن ذلك: الألبسة الداخليَّة -أيضًا-...
6- ومَن لم يجدْ نَعلَين؛ فلْيلْبس خُفَّيْن، ولا يَلزمهُ قطعُهما دون الكعبَين.
ومَن لم يجدْ إزارًا -مضطرًّا-؛ فلْيلْبس سراويل.
* أمـور لا حَـرج منها للمُحـرِم:
ولك أن تستعملَ (الشَّمسيَّة-المظلَّة-)، وحِزام النقود، وأن تلبس النظَّارة، والسَّاعة، والخاتَم -وما أشبه ذاك-.
7- ويَحرم عليك -بالإحرام- قصُّ الشَّعر، ومسُّ الطِّيب، والصَّيد، و الخِطبة، وعقدُ النِّكاح، والجِماع ودواعيه.
* مِـن فقـهِ إحـرامِ النِّسـاء:
8- وأما المرأةُ: فتُحرم بمَلابِسها المُعتادة -دون تخصيصِ ثوبٍ أخضر أو أبيض!!-؛ إذْ كل الألوان -في الألبسة الشَّرعيَّة بالنسبة للنِّساء- سواء؛ ما لم يكُن ثوبَ شُهرة.
ولكنْ: لا تُغطِّي المرأة وجهَها، ولا كفَّيها حالةَ إحرامِها، ولا تَلبس البُرقع، ولا النِّقابَ, ولا القُفَّازَين.
ولكن: يجوزُ لها -إذا مرَّت بالرِّجال- أن تُلقيَ على رأسِها غطاءً يَستُر وجهها دون أن تَشدَّه عليه.
يتبع إن شاء الله