عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 11-19-2020, 10:09 PM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 791
افتراضي

رثاء الشيخ أكرم زيادة للشيخ علي الحلبي.

آه يا أبا الحارث!!
ما كنت أظن أو أتوقع أن أبكيك يوما بكل هذا الدمع الساخن..
لأنني كنت دائما أتوقع أن أسبقك إلى الدار الأخرى قبل الدار الآخرة..
أيام جمعتنا قبل الإصابة في آخر ندواتنا في نصرة نبينا محمدا صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين..
(إنا كفيناك المستهزئين)
سبقتك في الحضور، وحضرت بعدي، ألقيت مداخلتي قبلك بربع ساعة، وكانت مداخلتك مسك الختام بعدي بربع ساعة من الدكتور بلال قدوم...
نزلنا الدرج سوية مع تباعد وحذر، ودخلت أنت الحمام، وغادرت أنا قبلك بدقائق لدخول الحظر حيز التنفيذ...
يومان بعد الندوة، ودعوة من مركزنا لتسجيل مقاطع لنصرة نبينا، واعتذرت لمرضي
وجاءت دعواتكم جميعا لي بالأجر والشفاء، ومنها دعوتك التي أظنها أصابت مني شفاء وأرجو أن تصيبني بأجرها..
اتصل بي شامل الإندونيسي يطلب مني سد مسدك في برنامج فتوى على الهوى لتلفزيون الإيمان في سورابايا فأعتذرت لمرضي
ولأعلم بعد قليل بمرضك ودخولك المشفى
أعلمت الإخوة بمرضي وطلبت دعاءهم
تواترت أخبار مجموعتنا بتحسن حالتك، وعناية إخواننا بك فاستبشرت خيرا
أصبحت مستبشرا خيرا، ولكن ما أن حان وقت الظهر حتى صدمت بصاعقة الخبر
استرجعت
حوقلت
ترحمت
دعوت
كتبت
وأنا بين المصدق والمكذب
وبين الواعي وفاقد الوعي
وحل وقت العصر
مضطرب الضغط
مرتفع السكر
ضيق التنفس والنفس
وأخذت جرعة إنسولين مضاعفة عشر مرات من غير وعي مني
وانهارت قواي
وسارع أولادي الطبيب والممرض والمخبري رضي الله عنهم وأرضاهم
وبدأ العلاج الفوري على مدار الدقيقة والساعة وبالتعاون مع غيرهم من أخصائيين زملاءهم عبر الاتصالات جزاهم الله جميعا خيرا
وكنا في خطر، فصرنا في أخطار
وكثرت رسائل التعزية والمواساة
وكل رسالة تدر الدمع
وكل اتصال يثير البكاء والنشيج
ولعل من رحمة الله أن جاء ذلك كله مع تواجد أبنائي معي لعلاج ذاك الخطأ الخطير
وكانوا يردون على بعض الرسائل والاتصالات على مدى ثمان وأربعين ساعة كنت أشعر بعلاجهم النفسي فيها أكثر من العلاج الدوائي
وبعد تقلص الخطر ولله الحمد
وبعد جهود الخيرين من إخواننا؛ عليان الغويري، وداود البكري، وعمه الفاضل، وهيثم أبو عمر المصري..
بدأت بأصابع ترجف، وبدن يهتز بالرد على بعض رسائل إخواننا من جميع أنحاء العالم، من إندونيسيا والهند وباكستان وماليزيا شرقا، إلى أمريكا وكندا والكاريبي غربا، ومن شمال أوروبا إلى جنوب خط الاستواء في أفريقيا جنوبا، يواسون ويعزون...
أربعون سنة وزيادة مرت على صحبتنا وصداقتنا وتعاوننا في خدمة ديننا، والدعوة إلى ربنا، وسنة نبينا في الحضر والسفر، حججنا معا صحبة شيخنا رحمه الله سنة ظ،ظ¤ظ،ظ*، واعتمرنا معا مرات ومرات مع إخواننا أهل فلسطين، وجمعتنا عشرات الرحلات من مشارق إندونيسيا إلى مغارب كندا وأمريكا...
عشرات الدورات..
عشرات الندوات
عشرات المحاضرات
مئات اللقاءات هنا وهناك في أرجاء مملكتنا الحبيبة
يكمل بعضنا بعضا، ويقوم بعضنا بعضا، ولربما جمعتنا الغرفة الواحدة في بعض أسفارنا فكنت أتعلم وأستفيد منك الكثير
والليلة _ وعلى ضعف ووهن _ أكتب بعض ما يجول في صدري، يسبقه دمعي، وأستغفر ربي لي ولك
وإن كنت منذ عرفتك قبل أكثر من أربعين سنة سباقا للخير دوما، وقد سبقتني إلى الجنة إن شاء الله ولا أزكيك على الله...
فإني لأرجو أن تستقبلني في الجنات كما كنت تستقبلني في الدنيا بالترحاب وفسح المكان لي بقربك في الندوات واللقاءات والمحاضرات يوم يجمعنا ربنا إخوانا على سرر متقابلين، وقد نزغ من قلوبنا الغل في جنات النعيم..
آه يا أبا الحارث!!
كم كنت تملأ دنيانا أملا؟!
دنيا والدتي التي كانت بمثابة والدتك رحمها الله
حين اعتقلتُ في أرض الكنانة الحبيبة سنة ظ¢ظ*ظ،ظ*، بغير جرم ولا سوء مني، ولكن ظلما وعدونا كمئات الألوف إن لم يكن الملايين مثلي
كنت كل يوم تطمئنها..
وكل يوم تتواصل مع عديد من المسؤولين للعمل على تسريع الإفراج عني
وتكللت مساعيك بالنجاح في الإفراج عني
وفي يوم إفراجي الأول لم تكد تفارقني، تذهب وتعود، ولا يخفى عظيم فرحك واستبشارك
كنت _ ولا زلت رغم رحيلك _ أكبر مني في قدرك، وإن كنت قد وُلدت قبلك، ولكنني لم أتقدم عليك يومآ، ولم تُقدم أنت نفسك عليَّ يومآ، ولكنك كنت وستبقى المقدم
طلب مني الأستاذ علي أبو هنية أن أكتب له شيئا عنك قبل سنين،
وقرأت تغريدته في عزمه على الكتابة
وهناك سنكتب بعض ما يليق بك
وأظن أن هذه الزفرات ستريح رئتي المتعبة
وسلام عليك يوم ولدت
ويوم مت
ويوم تبعث حيا
وإني لأرجو الله العلي القدير أن يجعلني وإياك في مقعد صدق عند مليك مقتدر
الشيخ أكرم زيادة حفظه الله تعالى
__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس