عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 10-12-2016, 03:01 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

وتذكرت قصة فتاتيْ مدين : {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}.

إنها تمشي مشية الفتاة الطاهرة الفاضلة العفيفة النظيفة حين تلقى الرجال ، {عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} في غير ما تبذُّلٍ ولا تبرجٍ ولا تبجحٍ ولا إغواء.

جاءته لتنهي إليه دعوة في أقصر لفظ وأخصره وأدله، يحكيه القرآن بقوله : {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ}، ومع الحياء الإبانة والدقة والوضوح، لا التلجلج والتعثر والارتباك ،وذلك كذلك من إيحاء الفطرة النظيفة السليمة المستقيمة.

فالفتاة القويمة تستحيي بفطرتها عند لقاء الرجال والحديث معهم.

ولكنها لثقتها بطهارتها واستقامتها لا تضطرب الاضطراب الذي يُطمع ويُغري ويُهيِّج، إنما تتحدث في وضوح بالقدر المطلوب، ولا تزيد.

فإلى الذين يضيقون ذرعاً بهذه التكاليف، ويرون أن المحرم للمرأة قيد ثقيل وغل غليظ، إلى الذين يريدون التحرر من الفضيلة، والتحلل من القيم النبيلة.

إليكم دعوة تأمل وتدبر فيما أمر الله به من مصالح ومفاسد، دعوة محبة ونصح للرجوع إلى حياض الدين ومنابع الخير.

إليكم أبعث همسات قلب امرأة تبكي حال أختها المسلمة المؤلم،
حين تخلى عنها وليُّها القريب، وأعرض عنها قيّمها الحبيب، وأوكلها لنفسها، وتركها لهواها، وأسند إليها أمرها، فأصبحت تتخبط خبط عشواء، وتتقلب بين الأهواء والآراء، يطمع فيها المريض، ويستغل ضعفها الحقير، ويلعب بعواطفها اللئيم.

المرأة بدون وليِّها كطير مقصوص جناحيه، كلما ارتفع وقع. المرأة بلا محرمها فريسة سائغة، وصيد فريد، كلما انفرد وابتعد، كثر صائِدوه، وزاد لاقطوه، وقلّ مدافعوه، وفقد حماه .

المرأة بدون وليِّها لقمة ساقطة، وحلوى مكشوفة، يسقط عليها الذباب، ويتذوقها الذئاب .

المرأة بدون مُحرمها سلعة رخيصة، وتجارة كاسدة، يقلّ ثمنها، ويعزّ طلبها.

المرأة بدون وليِّها بيت بلا أركان، ومركب بلا ربّان، تلاطمها الرياح، وتلعب بها الأمواج.

لله ما أعظم هذا الدين وما أجمله، حيث عنى بالمرأة وكرَّمها، وصانها وحفظها، ومِن أعظم ما كرمها به هو أن جعل الرجل قيّماً عليها، قال تعالى- {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}.

ذكرت قريبة لي قصة حِجها مع ابنها البار، وأخذت تسرد لي الأحداث، وكانت تفخر بابنها وما كان يفعله معها في الحج من تفاني وبذل، وكانت تصف المواقف التي تمر بها، وكيف أنها كانت وابنتها كالأميرات – هكذا عبّرت – يجلسا جانباً وابنها وصديقه يرتبا لهما ويعدّا لهما كل ما يحتجنه، من مكان وطعام، وينظما لهما الرحلة بتخطيط موفق وتنظيم دقيق، ويسلكا بهما الطرق المختصرة، فكانت رحلة ميسرة مباركة موفقة، بفضل هذا المحرم الصالح، والابن البار.

هذه لفتة مختصرة عن المحرم في حياة المرأة، والمرأة في حياة المحرم، تشريع عادل ،وتكريم فاضل، وحياة هانئة مستقرة .

أخيراً أذكّر بقوله - تعالى - :
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}.

هذا حكم الله - عز وجل - وحكم رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فلا حكم لأحد بعد ذلك، ولا معقب لأحدهما.


د. أميرة بنت علي الصاعدي (بتصرف)

http://www.islamweb.net/media/index....ng=A&id=142524

*******************************

شكر الله للدكتورة الفاضلة أميرة بنت علي الصاعدي وبارك فيها، ونفع بها وبعلمها، ووفقنا الله - جلَّ في علاه - وإياها ونساء المسلمين إلى ما يحبه ويرضاه.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس