عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-17-2019, 12:27 AM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 790
افتراضي ترتيب أهوال يوم القيامة وما يكون فيها.

ترتيب أهوال يوم القيامة وما يكون فيها.


اختلف أهل العلم في ترتيب أهوال يوم القيامة, تبعا لاختلافهم في الجمع بين الأحاديث الواردة في هذا الباب, لكن الذي عليه جمهور علماء أهل السنة والجماعة أن ترتيب أحداث ذلك اليوم يكون على النحو الآتي:

أولا: إذا مات ابن آدم قامت قيامته, لأن البرزخ هو أول منازل الآخرة؛ فإن نجى منه العبد فما بعده أيسر منه؛ وهو إما روضة من رياض الجنة,أو حفرة من حفر النار, فإذا نفخ في الصور نفخة الصعق مات كل من في السموات والأرض إلا من شاء الله.

ثانيا: ثم ينفخ في الصور نفخة البعث؛ فتعاد الأرواح إلى أجسادها التي يبعثها الله تعالى من عظم عجب الذنب, ويقوم الناس من قبورهم إلى أرض المحشر { يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [إبراهيم: 48].

ثالثا: يقف الناس في أرض المحشر حفاة عراة غرلا, وتدنوا منهم الشمس قدر ميل, ويلجمهم العرق كل بحسب عمله, ولكن الله يخفف على عباده المؤمنين في ذلك اليوم الذي مدته خمسون ألف سنة –وبحسب إيمان كل منهم- بجملة أمور منها:
1- أن عرقهم يقل تبعا لقلة ذنوبهم وكثرة طاعاتهم.
2- أنه يظل طائفة منهم في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
3- أنه يقيم لهم الحوض الذي من شرب منه شربة لم يضمأ بعدها أبدا.
4- يخفف على عباده المؤمنين طول ذلك اليوم حتى أنه ليكون بالنسبة للمؤمن كتدلِّي الشمسِ للغروبِ إلى أن تغربَ.
.
رابعا: ثم يقوم الناس مقاما طويلا حتى يتعجلون الحساب؛ فيسألون الأنبياء واحدا تلو الآخر ان يشفعوا لله تعالى كي يقيم الحساب؛ فيعتذر كل منهم حتى يأتون نبينا (صلى الله عليه وسلم) فيسألونه أن يشفع لهم عند الله في الحساب, فيقول: [أنا لها, أنا لها]؛ ثم يسجد عند العرش, ويحمد الله بما فتح عليه إلى أن يشاء الله؛ ثم يقال له: [يا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وسَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ], وهي (الشفاعة العظمى).

خامسا: ثم يبدأ عرض الأعمال على الأمم والعباد, وأول هذه الأمة عرضا هم أمة محمد (صلى الله عليه وسلم)؛ فتعرض أعمال هذه الأمة عليها, وتعرض أعمال كل واحد منهم عليه.

سادسا: ثم بعد العرض يكون تطاير الصحف وأخذها إما باليمين لأهل الإيمان, وإما بالشمال لأهل الخسران, وإما بالشمال وراء الظهر لأهل الكفران.

سابعا: ثم يبدأ الحساب على ضوء ما في الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا احصاها؛ فتشهد على الإنسان جوارحه بدل لسانه على ما قدم وأخر, وأسر وأعلن, وأول هذه الأمم حسابا هم أمته (صلى الله عليه وسلم).

ثامنا: ثم يوضع الميزان؛ ليوزن عمل كل إنسان, وعلى قدر رجحان طاعاته على سيئاته يكون ميل كفة الميزان لصالحه, والعكس كذلك, وبمقدار رجحان الميزان يكون الجزاء والوفاء, لأنه ميزان عدل وقسط, لا يغادر مثقال ذرة من خير أو شر.

تاسعا: ثم بعد الميزان ينقسم الناس إلى طوائف, وتقام ألوية الأنبياء؛ وتدخل كل أمة تحت لواء نبيها؛ فيأتي النبي ومعه الرجل, والنبي ومعه الرجلان, والنبي ومعه الرهط, والنبي وليس معه أحد, وأكثر تلك الأمم رهطا في ذلك اليوم هم أمة نبينا (صلى الله عليه وسلم).
ويحشر الكافرون أزواجا متشابهين مع ما كانوا يعبدون ويتبعون ويكفرون فيحشرون إلى النار, كما قال سبحانه: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ } [الصافات: 22، 23], وكما في حديث أبي سعيد الخدري: [إذَا كانَ يَوْمُ القِيَامَةِ أذَّنَ مُؤَذِّنٌ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ ما كَانَتْ تَعْبُدُ، فلا يَبْقَى مَن كانَ يَعْبُدُ غيرَ اللَّهِ مِنَ الأصْنَامِ والأنْصَابِ، إلَّا يَتَسَاقَطُونَ في النَّارِ].

عاشرا: ثم يصير الناس في الظلمة, وينصب الصراط على متن جهنم، فحينئذ ترى المؤمنين والمؤمنات، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، فيمشون بأيمانهم ونورهم ، كل على قدر إيمانه، وأما المنافقون فلا نور لهم يمشون به؛ فيسعون خلف المؤمنين ليقتبسوا من نورهم, فيضرب الله تعالى بينهم بسور له باب فيحجزهم عنهم, كما قال تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } [الحديد: 12 - 15].
فيلحق المنافقون بإخوانهم الكافرين إلى نار جهنم خالدين فيها وبئس المصير.

أحد عشر: ثم يجتاز أتباع الرسل الصراط وهو شديد الظلمة, أدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ، وأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ, دَحْضٌ مَزِلَّةٌ، فيه خَطاطِيفُ وكَلالِيبُ وحَسَكٌ, ويجتازه كل أحد من الأنبياء وأتباعهم من المؤمنين على قدر أعمالهم؛ فمنهم من يجتازه كلَمْحِ البَرْقِ، ثم كمرِّ الريحِ، ثم كَحضرِ الفَرسِ، ثم كالراكِبِ في رَحْلِه، ثمَّ كشَدِّ الرجُّل، ثم كمَشْيِه, ومنهم من يزحف زحفا. ولشدة ظلمة الصراط فإن الله تعالى يجعل لعباده نورا على قدر أعمالهم يتمكنون به من اجتياز الصراط, ويكون شدة نور كل منهم بقدر إيمانه في الدنيا؛ فمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مثل الجَبَلِ العَظِيمِ ومنهم من يُعْطَى نُورَهُ على إِبْهامِ قَدَمِهِ ، يُضِيءُ مرةً ، ويطفأُ مرةً ، فإذا أَضَاءَ قَدَمَهُ قدمٌ ( ومَشَى ) وإذا طُفِىءَ قامَ.
ثم أنهم بعد مرورهم على الصراط إما: ناج سالم, او ناج مجروح بالكلاليب على قدر ذنوب كل منهم, وإما من لا تسعفه أعماله فتخطفه الكلاليب إلى نار جهنم, وهم المعذبون من أتباع الرسل.

إثنا عشر: ثم إذا اجتاز الناجون الصراط وقفوا على باب الجنة؛ فلا تفتح أبوابها إلا للنبي (صلى الله عليه وسلم)؛ فإذا فتحت أبواب الجنة كان النبي (صلى الله عليه وسلم) أول الناس دخولا إليها, وكانت أمته أول الأمم دخولا, ثم يتبعهم سائر الأمم.

ثلاثة عشر: فإذا استقر اهل الجنة فيها تذاكروا إخوانهم الذين كانوا معهم في الدنيا ممن لم يجتازوا الصراط, فاستفقدوهم فوجدوهم في النار؛ فيستشفعون لهم؛ فيشفع الله فيهم من يشاء ويرضى من الملائكة والأنبياء والصالحين؛ فيخرجون منهم من عرفوه بآثار الطاعة والعبادة, حتى إذا بقي في النار من الموحدين ممن لم يعمل خيرا قط؛ يشفع الجبار فيهم فيخرجهم من النار بغير عمل عملوه ولا خير قدموه, فيدخلهم الجنة, ويعطيهم الدنيا وعشر أمثالها معها, ويبقى في الجنة فضلة ينشيء لها أقواما فيسكنهم إياها برحمته وفضله.

أربعة عشر: ثم ينادي مناد بعد ذلك و[يُقالُ لأهْلِ الجَنَّةِ: يا أهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ لا مَوْتَ، ولِأَهْلِ النَّارِ: يا أهْلَ النَّارِ خُلُودٌ لا مَوْتَ].

خمسة عشر: ثم يكون لأهل الجنة ما يشاؤون فيها من النعيم المقيم الدائم, وزيادة ذلك النظر إلى وجه الله تعالى, وهو أعظم نعيم وأكمله.
والله أعلم.
__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس