عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-17-2009, 07:04 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي أخطاء ومخالفات في الألفاظ

أخطاء ومخالفات في الألفاظ (1)

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيِّئات أعمالِنا، من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله تبارك وتعالى ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
الحمد لله الذي أوضح لنا سبيل الهداية، وأزاح عن بصائرنا ظلمة الغواية، بإرسال النبي المصطفى، والرسول المجتبى، نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم -، المبعوث رحمة للعالمين، وقدوة للسالكين، فقد تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
قال الله – تعالى -: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [سورة النساء 114].
إن الله - تعالى - خلق الإنسان خطاءً نسياً مفتناً إذا ُذكّر َذكر، وإذا استغفر الله وتاب وأناب ، تاب الله عليه، وبدل سيئاته حسنات. فعن أنس - رضي الله عنه - قال: أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) (حسن) انظر: [صحيح الترغيب والترهيب 3139].

ولذلك فإنه ينبغي الإنتباه والحذر، فإن كل شيئ مستطر، وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد.

نعم ... قد يزل اللسان، وقد يخطئ الإنسان، إما جهلا وإما تقليدا، وإما اتباعا للصحبة، والجماعة، وأئمة الضلال، أو للأعراف والعادات والتقاليد، وإما «هذا ما وُجدَ عليه الآباء»، فتبلغ الكلمة من سخط الله - عزّ وجل – ما لا يخطر له ببال، وقد تكون شركا، أو كفرا، فيا لسوء المآل، إن لم نتدارك أنفسنا بتوبةٍ نصوحٍ قبل انتهاء الآجال !!! .
فعن بلال بن الحارث - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله - تعالى - ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله – تعالى -، ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة) (صحيح). انظر: [صحيح الجامع 1619].

إن الأخطاء والمخالفات الشائعة في الألفاظ التي تجري على الألسن كثيرة جدا، لكنني رأيت أن أتطرق في هذه المحاضرة أولًا إلى الأخطاء التي تمس العقيدة للأهمية وباختصار وذلك ببيان الخطأ، وتصويبه مع الأدله ما أمكن؛ من هذه الأخطاء:

1. قول البعض إذا نُصِحَ بنصيحة ما، لتقصير في طاعة، أو لمخالفة شرعية: [أهم شيء النية «والإيمان في القلب، والتقوى ههنا»].
لا شك أن الإيمان والتقوى في القلب؛ والأعمال بالنيات، وأن أهم شيء النية؛ لكن إذا وافقت شرعًا؛ لا بمخالفته؛ لأن الإيمان [ما وقر في القلب، وصدقه العمل] و [قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان] كما عرّفه علماؤنا الأجلاء – جزاهم الله خيرا؛ وعلى ذلك لا بد من خضوع الجوارح أيضا لمراد الله – تبارك وتعالى - فإن كان الباطن يعمره الإيمان، فليظهر أثره على الجوارح، بل يجب على المرء المسلم أن يشكر من ينصحه، ويستجيب للحق الذي أمره الله – تعالى – به.

2. الإستغاثة بغير الله تعالى عند الكرب والشدة والإبتلاء: كالإستغاثة بالأنبياء والأولياء والصالحين فيما لا يستطيعه إلا الله – تبارك وتعالى -؛ ظنًا منهم أن لهم عند الله تعالى مكانة وكرامة؛ يدْعون أمواتًا وأحياء؛ لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا؛ ويتركون الحيّ الذي لا يموت؛ فيقعوا في شرك عظيم - والعياذ بالله -.
ومثله الإستغاثة بالجن والشياطين، والمشعوذين: وذلك بالتقرب إليهم بالشرك، والكفر، والمعاصي ليخدموهم وبعد ذكر الأقسام والعزائم عليهم، يقولون لهم: توكلوا بفعل كذا وكذا، فيما لا يقدر عليه إلا الله – تبارك وتعالى ــ كإلقاء محبة، أو بغضاء، أو إشفاء، أو إمراض، أو توفيق، أو تفريق.
إن هذا كله لا يملكه إلا مالك الملك، وملك الملوك الله – تبارك وتعالى -؛ وهو القائل جلَّ شأنه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا غ‍ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [سورة الفرقان 58 ــ 59].
إن من يدعونهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا حياة ولا نشورا، ولا يقدرون على جلب منفعةٍ لأحد، ولا دفع ضرٍّ عن أحد؛ فأين العقول ؟؟؛ قال الله - تعالى -: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} [سورة الأحقاف: 5].

3. ومثله الإستعانة بهم من دون الله - تعالى - في ما لا يقدر عليه إلا الله - تبارك وتعالى -:
فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : (يا غلام ! إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك، جفت الأقلام ورفعت الصحف) (حديث صحيح) انظر: [حديث رقم: 7957 في صحيح الجامع].
ومثله أيضا: إضافة المخلوقين إلى لفظ الجلالة الله - تعالى – «بواو الشرك» في الإستعانة والإستغاثة: فأضافوا: [النبيّ، وعليّ، والزهراء، والحسين، والبدويّ، والدسوقي، والجيلاني وغيرهم إلى الله - تبارك وتعالى -.
ووالله لو كانوا أحياءً لما رضوا بقولهم، ولتبرأوا منهم ومن أفعالهم، بعد إقامة الحجة عليهم.
وليس لمن يضيف المخلوقين إلى الخالق «الله تبارك وتعالى» «بواو الشرك» حجة إلا قولهم: [النية طيبة، وأن لهم مكانة عظيمة، ونحن اعتدنا على هذا اللفظ، ولا نقصد به الشرك، إنما نسمع الناس يقولون فنقول مثل قولهم] .انتهى .
إن النية وحدها لا تكفي إلا إذا كانت موافقة لما جاء به الشارع الحكيم، ولو كانت النية تكفي لما أنكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم - على الصحابي الذي قال له: (ما شاء الله وشئت يا رسول الله) وصحح له بقوله – صلى الله عليه وسلم -: (أجعلتني لله ندا، قل ما شاء الله وحده) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله وابن خزيمة رحمهما الله تعالى. انظر: [صحيح ابن خزيمة 4/ 106 رقم 2461].
وعن عبد الله بن يسار عن قتيلة بنت صيفي – وهي امرأة من جهينة - أن يهودياً - وفي رواية: [حبراً]- أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنكم تنددون وإنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، ويقولون: ما شاء الله ثم شئت) قال شيخنا الألباني: (حديث صحيح) انظر: [سنن النسائي 7/ 6 رقم 3773].

ومثل ذلك القول الخاطئ:" «توكلنا على الله وعليك»، و«ما لنا إلاّ الله وأنت».
وتصحيحه بقول: «ما لنا إلاّ الله، ثم أنت".
أما قول: «توكلنا على الله ثم عليك» فإن فيه خلاف؛ مِنَ العلماء مَنْ قال بعدم جوازه؛ لأن التوكل عبادة قلبية لا تنبغي إلا لله تعالى.
ومنهم من قال: لا بأس به مع ثمَّ؛ أي بمعنى: وكَّلتك واعتمدت عليك بعد الله - تعالى- في هذا الشأن مما يقدر عليه البشر-؛ والأوْلى قول: وكَّلتك؛ وأنت وكيلي.
قال فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في فتاوى نور على الدرب: [«متوكل على الله ثم عليك» لا بأس بثم، أما وعليك ما يصلح، لكن لو قال وكلتك أحسن من توكلت؛ لأن بعض أهل العلم يمنعوها، يمنعوا متوكل، فيقول وكلتك على كذا، أو أنت وكيلي، أو اعتمدت على الله ثم عليك، أو أنا ... بالله ثم بك، وما أشبه ذلك، إذا جاءت ثم زال المحذور، لكن متوكل لو ترك متوكل أحسن، وإلا فالمعنى صحيح، متوكل يعني أنت معتمدي في هذا الأمر، يعني يعتمد على الله ثم عليك بعد الله -جل وعلا-] اهـ.

4. الحلف بالأنبياء، والأولياء، والصالحين والآباء، أحياء وأمواتا، وبالأبناء وبغيرهم، كالحلف بالأمانة، والكعبة، والعيش، والملح، والشرف، والذمــّــة، والرأس، وغيرها من دون الله -تبارك وتعالى -.
قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون 117].
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (إن الله – تعالى - ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، من كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت) (صحيح) رواه (مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه). وفي رواية لابن ماجه من حديث بريدة - رضي الله عنه – قال : سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يحلف بأبيه، فقال: (لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق، ومن حُلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله) (حسن) انظر : [صحيح الترغيب واليرهيب جـ 3 رقم2951].
وعن بريدة - رضي الله عنه – قال: قال - صلى الله عليه وسلم – (ليس منا من حلف بالأمانة، ومن خبب على امرئ زوجته أو مملوكه فليس منا) (صحيح) رواه: (أحمد ، وابن حبان، والحاكم) انظر: [صحيح الجامع حديث رقم : 5436]. ‌

ومن الأخطاء: الحلف بقولهم: [ أسوق عليك الله، أو سايق عليك الله]:
وهل لعبد ضعيف أن يسوق الله على أحد . حاشا وكلا. أين الأدب مع الله - تبارك وتعالى - !!.

5. قولهم: [يا رحمة الله، ويا قدرة الله، ويا لطف الله، ويا رضا الله ورضا الوالدين].
وهذا قول خاطئ:
لأنه لا يستغاث بالرحمة، والقدرة، والرضا، وهي من صفات الفعل ويترك الإستغاثة «بالله - تبارك وتعالى - الرحمن الرحيم» الذي يملك هذه الصفات وغيرها والتي له أكملها وأتمها وأحسنها.
والصحيح دعاء الله - عزّ وجلّ - وسؤاله بقول: اللهم ارحمنا، اللهم الطف بنا، اللهم ارض عنا، أو: يا رب رحمتك نرجو، يا رب لطفك نرجو، يارب رضاك نرجو .. يارب ارض عنا ، اللهم رضّ والدينا عنا ...].
أو دعاءهُ والتوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى : كقول: [يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث...]. فقدَّم النبي صلى الله عليه وسلم دعاء الله تعالى ومناجاته بقوله: «يا حيّ يا قيوم» وهما إسمين من أسماء الله الحسنى؛ فالمدعو هو الله تبارك و تعالى، ثم سأل الله تعالى الرحمة بقوله: «برحمتك أستغيث»، والداعي أو المستغيث إنما توسّلَ بصفةٍ من صفات الله جل في علاه وهي: «الرحمة».

6 ــ قولهم: [لا بيرحم ولا بيخلي رحمة الله تنزل]:
يقال للقساة العصاة. وهذا لا يصح، وليس من الأدب مع الله - تعالى التلفظ به. وهو الذي لا يتحرك ساكن إلا بإذنه، فمن ذا الذي يمنع رحمة الله أن تنزل ؟؟.

7. قولهم: [الله يخون من يخون] ومثله قول البعض للظالم : [الله يظلمك كما ظلمتني ، الله يُظلم من يَظلم] : إن الله – تعالى اسمه - حرم الظلم على نفسه، وجعله بين عباده محرما، فهو - سبحانه - ليس بظلام للعبيد، ولا يجوز أن يوصف بهذه الصفات الشنيعة، وليس من الأدب مع الله – سبحانه – دعاءه بما لا يليق بجلاله وعظمته.

8. قولهم: [العصمة لله] وهذا قول خاطئ لأن العصمة بحاجة إلى عاصم يعصم، والله – تعالى - لا عاصم له.
وعلى ذلك نقول: [الكبرياء لله، العظمة لله، الجلال لله، الكمال لله - تبارك وتعالى -].ويصح أن نقول: العصمة لرسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في أمور الرسالة والنبوة.
أما في غيرها فهم بشر ينسوْن ويصيبون ويخطئون كبقية البشر لقول الله - تبارك وتعالى -: { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [سورة الكهف 110].
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمسا، فقيل له: أزيد في الصلاة ؟ فقال: (وما ذاك ؟ قالوا: صليت خمسًا. فسجد سجدتين بعدما سلم). وفي رواية قال: (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته، فليتحر الصواب فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين) (متفق عليه).


وأما أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن - زوجات رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فإنهن محفوظات غير معصومات.
ألحقنا الله - تعالى - بهنّ، وحشرنا معهنّ إنه ولي ذلك والقادر عليه.


يتبع إن شاء الله - تعالى -.

انظر : الجزء الثاني على هذا الرابط

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=2091
رد مع اقتباس