عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 12-24-2017, 05:59 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

ولذا أذكِّر بالأصول التالية :

1.
[ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب]. وهي إما أن تكون أسبابًا تؤدي إلى تحقيق الواجب مثل الاستطاعة للحج، أو شروطًا شرعية يترتب عليها صحة التحقيق، مثل الطهور واجب لصحة الطواف والصلاة. والصلاة واجبة، لكن لا تقبل إلا بدخول الوقت والطهور، وحكمهما الوجوب.
والزكاة واجبة يتوقف أداؤها على حصول الشرط بملك النصاب وتمام الحول، ولا يتم إلا بمعرفة مقدار الزكاة فهو واجب. ومثله كثير، فإن نوى ذلك ترتب عليه بإذن الله ما يرجو من الأجر والثواب.

2. [ما لا يتم المسنون إلا به، فهو مسنون]. لأن من حافظ على المستحبات، فهو للواجِبات أحفَظ، ومن ضيَّع المُستحَبات يوشِك أن يَتهاون في الواجبات، كالسنن، النوافل، والسواك، وغيره.

3. [ما يتوقف الحرام عليه فهو حرام] : هو ما كان مَشروعًا في الأصل، واقترن به عارضٌ أو قرينة أو محرم فأدى إلى تحريمه؛ كالزواج مشروع فإذا لم يكن نكاحا شرعيا بعقد شرعي بشروطه يتوقف عليه الزواج فيحرم، وكذلك النظر مشروع، ولكن الله - تعالى - أمر بغض البصر للرجال والنساء، عن المرأة الأجنبية والرجل الأجنبي لأنه قد يؤدي إلى الزنا فهو حرام، وكذلك البيع والشراء حلال، ولكنه إذا كان عند النداء لصلاة الجمعة أصبح حرامًا.

4. [ووسائل المكروه مكروهة] : كالذهاب إلى المسجد والصلاة لمن أكل البصل والثوم نيِّئًا، والأكل مُتكئًا، والنوم قبل العِشاء والسمر بعدها، إلا في طاعة.

5. [ووسائل المكروه مُتفاوتة في الدرجات] : فمنه ما هو أدنى درجات الكراهة، وما هو في أعلى درجات الكراهة، ويتعيَّن ذلك بالقرائن، فأعلى درجات الكراهة المُتشابهات؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث النعمان بن بَشير – رضي الله عنه : (إن الحلال بيِّنٌ، وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبِهات لا يعلمهنَّ كثير من الناس، فمَن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدِينه وعِرْضه، ومَن وقع في الشبُهات وقع في الحرام؛ كالراعي يَرعى حول الحمى يوشِك أن يقعَ فيه، ألا وإن لكل ملك حمًى، ألا وإن حمى الله محارمُه، ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلَحت صلَح الجسد كله، وإذا فسَدت فسَد الجسد كله، ألا وهي القلب) (متفق عليه).

ولم يمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – حتى بيَّن لأمته ما أحله الله – تعالى - وما حرّمه عليهم، وقد قال : (قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبدًا حبشيا، فإنما المؤمن كالجمل الأنف؛ حيثما قيد انقاد]. (صحيح] (السلسلة الصحيحة 937].

1. والكراهة تنزيهيَّة : وتطلق على ما ثبت النهي عنه، ولكن ثبت ما يصرفه عن التحريم. ومثال ذلك :

أ. النهي عن الشرب قائما، فقد ثبت النهي عنه في صحيح مسلم عن أنس بن مالك – رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب قائما، وثبت عنه في الصحيحين من حديث ابن عباس– رضي الله عنهما - (أنه شرب من زمزم قائما).

ب. النهي عن الشرب من فم القربة الذي ثبت النهي عنه في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة مالك – رضي الله عنه - قال: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب من فم القربة). وقد ثبت ما يصرف هذا النهي عن التحريم شُربه - صلى الله عليه وسلم - من فم القربة، ففي سنن الترمذي من حديث كبشة بنت ثابت الأنصارية – رضي الله عنه - قالت) : دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشَرِبَ من فِيِّ قِربةٍ معلقةٍ قائما) [صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، فقد بيَّن شربه من فَمِ القربة أن النهي إنما هو للتنزيه .[فالكراهة تنزيهيَّة، ولكن لا تصل إلى درجة التحريم، وليس للعبد أن يَتهاون بها.

2. كراهة تحريميَّة، فقد تأتي بمعنى الحرام : كما في قوله - تعالى - : ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾ [سورة الحجرات: 7].

وقوله – تعالى - : ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ۞ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ۞ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا ۞ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۚ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ۞ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ۞ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ۞ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ۞ كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا [سورة الإسراء 31 - 38].

ويترتب على ما يقوم به المكلف من أحكام إما :

1. الصحة : وهو حكم شرعي يتعلق بالأفعال التي يقوم بها المكلف على الوجه الصحيح الذي قررته الشريعة الإسلامية، ويسمى الفعل في هذه الحالة " صحيح "، والصحيح تترتب عليه آثاره الشرعية وثوابه مع احتساب أجره، سواء أكان من العبادات أو العقود، أو التصرفات.

2. البطلان : وهو حكم شرعي يلحق بأفعال المكلفين إذا جاؤوا به على غير الوجه المشروع، ويسمى الفعل في هذه الحالة " باطل "، ولا تترتب عليه الآثار الشرعية التي تترتب على الصحيح.
عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) (متفق عليه).


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس