عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 03-23-2012, 03:58 PM
خالد بن إبراهيم آل كاملة خالد بن إبراهيم آل كاملة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 5,683
افتراضي

السؤال الأول : هل حديث {إن لله تسعة وتسعين اسماً} صحيح ؟
الجواب: هذا الحديث وارد عن جمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يثبت إلا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وأخرج ذلك الشيخان إماما الدنيا محمد بن اسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري، وقد ورد أيضاً عن علي وسلمان وابن عباس وابن عمر رضي الله عن الجميع، أخرج ذلك أبو نعيم في جزئه الخاص في "التسع والتسعين اسم من أسماء الله تعالى" ولكن أسانيد ذلك ضعيفة ، فهذا حديث ثابت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولم يثبت إلا عنه، وقد ادعى ابن عطية الأندلسي في تفسيره "المحرر الوجير" أنه قد تواتر عن أبي هريرة رضي الله عنه، وليس الأمر كذلك عند التحقيق ، فقد رواه ثلاثة عشر نفساً عن أبي هريرة ست أو سبع منها ضعيفة والباقي آحاد غريبة ، فالحديث ثابت صحيح وليس بمتواتر ، وأما سرد الأسماء فقد وقع عند الترمذي وفيه إدراج ، ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنى الحديث إن لله تسعة وتسعون اسماً من أحصاها حفظاً وعملاً ؛ أي من حفظ أسماء الله تعالى وعمل بمقتضاها في هذه الحياة كانت له الجنة .

السؤال الثاني: رجل أوصى لابن ابنه وصية ، ثم سحب الوصية في حياة الجميع هل يجوز سحب هذه الوصية ؟

الجواب : ثبت في الصحيحن من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله {العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه إلا الوالد لولده} فلا يجوز لمن أعطى غيره عطية أو هبة أن يرجع فيها إلا الوالد لولده ومن يفعل يكون حاله والعياذ بالله كالكلب يعود في قيئه ، فالكلب هو الذي يجتر ويعود ويأكل ما أجتره وهذه صورة قبيحة جداً والعطية لا تجب بمجرد الوعد، والعطية يجوز الرجوع فيها ما لم يقبضها الموهوب له ، والقبض أن يتملكها وأن يثبت عليها، فلو أن رجلاً وعد آخر بهبة، أو عطية ، فلا يجب على الموهوب له أن يلزم الواهب ، ولكن من باب المروئات والأخلاق ومن باب المحافظة على الوعد ينبغي للمؤمن أن يفي بوعده .
ولكن متى لا يجوز للمؤمن أن يعود في هبته؟ إن قبضها من وهبت له وأثاب عليها، وكيف يثيب عليها؟ بقوله " جزاك الله خيراً" أو بالابتسامة أو بالدعاء ، فلو أن رجلاً أعطى زوجته شيئاً فابتسمت بوجهه أو شكرته فهذا الآن خرج من ملكه إليها ولا يجوز له أن يرجع عما أعطى . أما الوالد فله أن يعطي [ويرجع] – فالسائل يقول : رجل أوصى – وهذه الوصية هبة لابن ابنه والجد أب ، كما قال ابن عباس كما في صحيح بخاري واعتمد على قول الله تعالى عن يوسف: {واتبعت ملة آبائي ابراهيم واسحق ويعقوب} فجعل ابراهيم واسحق من آبائه وهما جدان له ، فالجد أب ويجوز للجد أن يرجع في هبته ، فكيف وإن كانت هذه الوصية لم تقبض بعد؟ فله أن يرجع ، ولا حرج في هذا الرجوع.
وهنا استطرد فأقول : لو أن رجلاً توفى وترك أولاداً ثم مات أبوه؛ أي والد هذا المتوفى ، فهل أولاد هذا الرجل يرثون من جدهم ؟ فهذه مسألة وقع فيها خلاف بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمذهب المعمول به في المحاكم الشرعية في بلادنا ، هو مذهب أبي حنيفة وممن قال بهذا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه – فإنهم يورثون ولد الولد ، من الجد عند وفاة الأب في حياة الجد نصيب الأب ما لم يزد عن الثلث فإن زاد عن الثلث فإنهم لا يعطونه إلا ثلثاً ، وقالوا لأنهم [أي الأولاد] يرثون وصية واجبة ، والوصية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد : {الثلث والثلث كثير } فلا يجوز لأحد أن يوصي للورثة ، ولا يجوز لصاحب مال أن يوصي بأكثر من الثلث فأبو حنيفة وهذا مذهب أبي بكر رضي الله عنه ، يرثون أولاد المتوفى من جدهم نصيب أبيهم مالم يزد عن الثلث،وهل بالإمكان أن يزيد نصيب أبيهم عن الثلث؟ نعم ، كأن يكون مثلاً لا يوجد ورثة إلا هؤلاء الأولاد وعم واحد لهم فإن وجد عمان فإنهم يأخذون نصيب الأب وكذلك إن وجد عم وعمتان وهكذا والله أعلم .

السؤال الثالث : رجل نذر أن ينفق على عائلة فقيرة ولكن بعد حين رزق الله هذه العائلة من يكفيها حاجتها ، فهل على هذا الناذر شيء؟

الجواب : الواجب على من نذر نذراً أن يفي به ، وإن رأى غيره خيراً ، فالعلماء علماء القواعد يفرقون بين النذر واليمين من حيثيات ، ومن بين هذه الحيثيات يقولون أن من حلف على شيء يميناً فرأى غيرها خيراً منها ، فليأت التي حلف وليكفر عن يمينه . أو فليكفر عن يمينه وليأت التي حلف ، وهذان لفظان في الصحيح ، فمن حلف على شيء ورأى غيره خيراً منه فله أن يأت الذي رآه خيراً ثم يكفر عن يمينه ، وله أولاً أن يكفر عن يمينه ثم يأت الذي حلف ، أما الناذر فلا يجوز له أن يتحول إلى شيء يراه خيراً من الذي قد نذره إلا إن نذر شيئاً لا يستطيعه . أو إن نذر شيئاً فيه حرام . فمثلاً رجل قال يا رب إن فعلت لي كذا وكذا لله علي أن أذبح مئة من الإبل وهو لا يحلم في يوم من الأيام أن يملك عشراً منها ، فضلاً عن أن يملك مئة منها فهذا ماذا عليه؟ هنا يأتي حديث النبي صلى الله عليه وسلم {النذر يمين ، وكفارته كفارة يمين } فنقول له : كفر عن يمينك أما رجل نذر أن يعطي عائلة فقيرة كما في السؤال نصيباً من المال فجاء آخر فأعطاها وما زالوا فقراء فهذا الرجل يجب عليه أن يفي بنذره فالنذر طاعة واجبة يدخلها الإنسان على نفسه فيجب الوفاء بها وقد مدح الله عز وجل أقواماً بوفائهم بالنذر فقال { يوفون بالنذر } فيجب على من نذر شيئاً أن يحفظه وأن يفي به إلا إن لم يقدر أو نذر شيئاً محرماً فحينئذ ينقلب إلى كفارة اليمين على خلاف في الشيء المحرم ، والله أعلم

السؤال الرابع : ما حكم إتيان الرجل امرأته في دبرها؟ وما كفارة ذلك ؟ وما السبيل في الخلاص من هذه العادة ؟

الجواب : هذه عادة قبيحة لم تعرفها العرب ، وإتيان الرجل امرأته في دبرها كبيرة من الكبائر ، فيحرم على الرجل أن يأتي وأن يتمتع بزوجته من جهة الدبر ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله " ملعون من أتى امرأته في دبرها"، فإن كان إتيان المرأة في موضع الحرث مع وجود النجاسة العارضة الطارئة ، وهي الحيض ، حرام، فما بالكم في إتيان ذاك المكان المكروه الذي فيه النجاسة الدائمة ، وليست النجاسة الطارئة فإتيان المرأة في دبرها حرام ، ويحرم على المرأة أن تطاوع زوجها في ذلك ، أما هل لهذا العمل من كفارة ؟ لا ، فهذا العمل أعظم من أن يكفر ، فالكفارات تكون في الشرع في الأشياء المشروعة بأصلها ، الممنوعة بوصفها ، فمثلاً : أن يأتي الرجل زوجته حلال ، لكن ان أتى الرجل زوجته في نهار رمضان ، فهذا أمر مشروع بأصله ممنوع بوصفه ، فيحرم على الرجل أن يأتي زوجته وهي صائم في نهار رمضان وهو صائم ، فهل هذا عليه كفارة ؟ نعم وكفارته صيام شهرين متتابعين أما رجل زنا في شهر رمضان فهذا الوصف ممنوع بالأصل ، فلا كفارة على من أتى امرأة بزنا في نهار رمضان – والعياذ بالله- لأنه أتى بشيء أعظم من أن يكفر ، فأمره إلى الله ، ومن حلف يميناً وعقد قلبه عليها فقد فعل شيئاً مشروعاً ، ويجب عليه أن يحفظ اليمين ، فإن رأى غيرها خيراً منها يأتي التي حلف ويكفر عن يمينه ، اما رجل حلف بالله كاذبأ وهو يعلم أنه كاذب في يمينه ، فهل عليه كفارة اليمين؟ لا كفارة عليه ، لأنه أتى بشيء ليس بمشروع بالأصل ولا بالوصف ، فهذا أتى بشيء أعظم من أن يكفر ، فما هي كفارته ؟ كفارته التوبة ، فالعبد يتوجه إلى الرب بنفس منكسرة ويتوب إلى الله وإن شاء السيد أن يقبل قبل ، وإن شاء أن يرد التوبة رد حتى يبقى العبد في هذه الحياة يشعر بالعبودية ويشعر بذل المعصية فيما بينه وبين الله جل في علاه وكذلك إتيان المرأة في الحيض ، مشروع بأصله ممنوع بوصفه فمن أتى زوجته وهي حائض فعليه كفارة وهي أن يتصدق بدينار او بنصف دينار ، قال الإمام أحمد " إن أتاها في أوج الحيض يتصدق بدينار وإن أتاها في آخر الحيض يتصدق بنصف دينار ، والمراد بالدينار دينار ذهب ، ودينار الذهب يساوي مثقال ، والمثقال يساوي أربع غرامات وأربع وعشرون بالمئة من الغرام في الذهب الخالص ، أما من أتى زوجته من الدبر فقد فعل فعلاً ليس بمشروع لا بالأصل ولا بالوصف ، فعليه التوبة إلى الله ، فلا كفارة عليه إلا أن يتوب إلى الله عز وجل ، أما ماهو السبيل إلى الخلاص من ذلك ؟ الخلاص أن يشعر الرجل لما يأتي أهله بأنه يفعل طاعة ، فقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { وإن أحدكم ليأتي شهوته ويكتب له بها أجره} وما منع الله الوطء في كتابه ثم أحله إلا ولفت النظر إلى ابتغاء الولد ، ولذا يسن للرجل لما يأتي أهله أن يقول " بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا " فيستحضر الولد الصالح ليكتب له الأجر ، فسبيل الخلاص أن يعلم أن الله قد ركب الشهوة في الإنسان من أجل بقاء نوع هذا الإنسان ، وأن يأتي أهله ابتغاء الولد وأن يذكر الله ومن سبل الخلاص من هذا أن يعلم الحرمة ، وأن يعلم أنه ملعون وأن زوجته التي تطاوعه ملعونة فيقلع عن هذا احتساباً ومن سبل الخلاص أن تيئس المرأة زوجها من هذا المكان ولا تمكنه منه فإن طاوعته فهي ملعونة أيضاً ، وقد ألف أبو العباس القرطبي والذهبي وابن الجوزي وغيرهم كتباً خاصة في تحريم هذا المحل .

السؤال الخامس : ما حكم رجل أتى زوجته وهو صائم صيام نافلة ؟

الجواب : من أتى زوجته وهو صائم صيام نافلة ، كمن صام نافلة ، فأكل، وحكمه فيه خلاف بين الفقهاء ، فذهب المالكية والحنفية إلى وجوب القضاء ، قالوا من تلبس بطاعة فأفسدها فيجب عليه أن يقضيها ، فيقضي يوماً مكانه ، ودليلهم على ذلك قالوا : الأدلة كثيرة منها قوله تعالى : {ولا تبطلوا أعمالكم} فهذا أبطل عمله ، ومنها قوله الأعرابي الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام وذكر له صيام شهر رمضان ، فقال : هل علي غيره ؟ قال { لا ، إلا أن تطوع} فقالوا : إن إلا هنا موصولة وليست مقطوعة ، فإن تطوعت ، فأصبح التطوع في حقك واجباً ، والصواب في هذه المسألة مذهب أحمد والشافعي ، ومذهبهم من أفسد صوماً تلبس به ، وكان هذا الصوم نافلة ، لا شيء عليه ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح الذي جاء في المسند ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء أتم وإن شاء أفطر } فإن أفطر فلا شيء عليه وهي كذلك ، إن كانت صائمة تفطر ولا شيء عليها .

السؤال السادس : هل يلزم من الشيء المحرم أن يكون نجساً ؟

الجواب : لا يلزم من الشيء المحرم أن يكون نجساً ، فأكل الشيء الضار مثل الطين حرام لكنه ليس بنجس ، والدخان حرام فمن صلى وفي جيبه علبة سجائر صلاته ليست باطلة ، لأن الدخان ليس بنجس ، ولو كان الدخان نجساً لكان كل من صلى وفي جيبه علبة سجائر صلاته باطلة ، فلا يلزم من التحريم التنجيس ، حتى أن الحشيشة والخمر ، على أرجح الأقوال ليستا بنجستين ، مع حرمتهما فلا يلزم من تحريم الشيء أن يكون نجساً .

السؤال السابع : لي مبلغ من المال عند شخص ، وعندما أذهب إليه مطالباً بحقي من المال أشرب عنده القهوة ، هل يدخل هذا في الربا ؟

الجواب : هذا سؤال يذكر عن أبي حنيفة أنه لما كان يذهب يتقاضى دينه من تاجر فكان لا يجلس في ظل بيته ، فلما سئل عن ذلك قال: "كل قرض جر نفعاً فهو ربا" فلا أريد قرضي أن يجر هذا النفع ، لكن هذا ليس بحديث ، وإنما هذه قاعدة فقهية صحيحة ، قال بها جمع من التابعين وعلى رأسهم قتادة ، وأسند ذلك عنه عبد الرزاق في المصنف في الثامن منه ، فكل قرض جر نفعاً فهو باطل وحرام ، فالقرض لا يجر النفع ، لأن القرض طاعة وعبادة ، ولمن أقرض غيره قرضاً حسناً كما ثبت في صحيح ابن حبان ، له نصف ثواب الصدقة ، فرجل أقرض رجلاً مئة دينار ، ثم أرجع له المئة دينار ، فللرجل الذي قد أقرض ثواب التصدق بخمسين ديناراً ، فثواب القرض الحسن نصف ثواب الصدقة ، لذا لا يجوز أن يبتغي من وراء قرضه أجراً .
وهنا السائل يقول : أنا أشرب عنده فنجان قهوة ، وأنا أزيد فأقول : يرسل إلي بهدية ، فهل هذا جائز ؟ إن كانت الهدية من أجل القرض فهي غير جائزة ، أما لو كانت علاقة بينك وبين هذا الشخص الذي أقرضته فتذهب إليه ، ويضيفك ويعطيك من غير القرض ، فقبول الهدية أمر جائز ، وضيافة فنجان القهوة لا أثر لها على القرض هذه الأيام ، فهذه الضيافة عرفية ، فلو جئته وأنت لست مقرضاً له ، فستشرب هذا الفنجان فلا حرج ولا حرمة فيه ، فالحرمة في أن تعطى شيئاً زيادة على القرض من أجل القرض . أما رجل أقرض رجلاً شيئاً ، فرد إليه قرضه ، فحفظ المقترض لمقرضه هذا الجميل ، فأراد بعد أن رد إليه قرضه أن يكرمه فهل في هذا حرج ؟ لا حرج في هذا ن فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : {من صنع إليكم معروفاً فكافئوه} وأقل المكافئة الشكر فيجب على من صنع معه معروف أن يكافىء من صنع معه معروفاً ، وأقلها أن تقول له : جزاك الله خيراً ، بارك الله فيك ، وماشابه ، فهذا أمر واجب ، فلو أنك زودت على الشكر هدية فلا حرج ، لكن إن كنت هذه الهدية تؤخذ بالتلميح أو بالتصريح ، وفيها شرط ضمني مع القرض ، تصبح هذه الهدية ربا .

السؤال الثامن : من فاته الركوع الأول من صلاة الكسوف أو الخسوف ، هل تفوته تلك الركعة ؟ أم يعتد بها ؟ وهل الخطبة بعد الصلاة سنة أم لا ؟

الجواب : أصبحت صلاة الخسوف ، ولله الحمد ، سنة مشهورة ، وشاعت وذاعت في الفترة الأخيرة ، بسبب الإقبال على العلم الشرعي فإنهم الطلبة يقومون بما يتعلمون ويظهرونه ، وأحسن سبيل للتعليم ، أن يظهر في الواقع ، فالقلة الذين يضبطون الأمور في التصور والذهن ، والكثرة يتعلمون بالتطبيق والعمل .
فكما حصل الكسوف من قريب ، ومن أشراط الساعة كثرة الخسوف والكسوف ، وقد أصبح كثيراً في الفترة الأخيرة .
وصلاة الخسوف والكسوف ركعتان ، في كل ركعة ركوعان ، نركع ثم نقوم ونقرأ الفاتحة وما تيسر ثم نركع ثم التسميع والتحميد ثم السجود فالسائل يسأل : رجل جاء ولم يدرك الركوع الأول من الركعة الأولى وأدرك الركوع الثاني من الركعة الأولى ، فهل يعتبر هذه الركعة أم لا ؟ فالمسألة مما وقع فيه خلاف بين أهل العلم ، وهي مذكورة في المبسوطات من كتب الفقهاء ، فقال الإمام ابن قدامة في المغني "إذا أدرك المأموم الإمام في الركوع الثاني ، احتمل أن تفوته ركعة "
قلت : وهذا الخلاف على الرواية التي تقول أنه يركع ركوعين وبعض الفقهاء يرون أن صلاة الخسوف تكون ثلاث ركعات في الركعة الواحدة ،فمن أدرك ركوعين من الثلاثة يعتد بها ركعة ، قال شارح المغني : " فأما على الرواية التي يركع أكثر من ركوعين ، فإنه يكون مدركاً للركعة ، إذا فاته ركوع واحد ، لإدراكه معظم الرك2عة وقال حكاه ابن عقيل : والصواب أن صلاة الخسوف في كل ركعة ركوعان ،والصواب أنه لا يعتد المسبوق بالركعة التي فاته فيها الركوع الأول ، بل يجب عليه بعد أن يسلم الإمام أن يأتي بركعة كاملة ، ويركع في هذه الركعة ركوعين ، لأن صلاة الكسوف عبادة والعبادة توقيفية ، فيقتصر فيها على ما يثبت من كيفيتها وفق النصوص الصريحة ، وهذا مذهب غير واحد من المحققين من أهل العلم .
أما الخطبة ، فعلى أرجح الأقوال إنها سنة ، فقد استحبها الإمام الشافعي واسحق ابن راهويه وابن المنذر وعامة أصحاب الحديث كما قال ابن حجر في الفتح ، وقد ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت بعد أن ذكرت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الركعتين ، قالت ثم قام فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال هما آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ، وترجم الإمام البخاري على هذا الحديث : باب خطبة الإمام في الكسوف ، وعلق فقال : وقالت عائشة وأسماء، خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبخاري إذا علق شيئاً في صحيحه ، وجزم به يكون صحيحاً عنده ، ولكنه ليس على شرطه ، والله أعلم ..

السؤال التاسع : ما حكم لبس الساعات والنظارات المذهبة للرجال ؟

الجواب : لون الذهب ليس كالذهب ،ولذا النظارة أو الساعة المطلية بالذهب ليست ذهباً ، فهي ليست حراماً على الرجال ولكن لا أرى ذلك حسناً لسببين : الأول : في ذلك ترفه أو تشبه بالمترفين والثاني : في ذلك مظنة للقدح في الدين ، فهذا كلما جلس في مجلس يقول : يا إخواني هذه الساعة ليست ذهباً ، وإنما هي لون ذهب ومطلية بالذهب حتى لا يتهم هذا الإنسان في دينه ، فإن أعز شيء على الإنسان دينه لذا قال العلماء من أتى المسجد والجماعة انتهت يصلي في المسجد منفرد وهذه الصلاة في المسجد منفرد أحب عند الله من الصلاة منفرد في البيت ، قالوا لماذا؟ قالوا : حتى لا يتهم بقلة الدين ، والاتهام بقلة الدين قديماً كانت سبباً لأن لا يزوج الإنسان ولا يباع منه ولا يشترى وهذا لما كان الدين عزيزاً ، فالإنسان عليه أن يبتعد عن أي سبب يجعل الناس يقدمون في دينه ،والموفق من وفقه الله .

السؤال العاشر : كيف كانت صفة زواج الصحابة رضي الله عنهم ، وكيف نستطيع أن نعمل عرساً على طريقتهم في هذه الأيام ؟

الجواب : الصحابة رضي الله عنهم أقل الناس كلفة وهم بعيدون كل البعد عن التكلف فكان الواحد منهم إن طلب امرأة هو الذي يحدد مهرها ، فمن السنة أن يحدد المهر الزوج وليس ولي أمرها وعلى ولي الأمر أن يتأكد من دينه وخلقه وإن كان ولي الأمر أراد أن يبيع ابنته فليطلب هو المهر، وأما إن كان يريد أن يشتري الرجال ، فيقول : أنا قبلتك لدينك ولخلقك وأنت الذي تحدد المهر ثم بعد ذلك الرجال لا يعرفون الغناء ولا يعرفون الرقص ، وهذا للنساء فمن السنة أن يحصل الغناء عند النساء من غير ان يسمع الرجال ومن غير خلطة الرجال بل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء الأنصار لما زفت امرأة إلى رجل منهم فقال : { هل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني } قالت عائشة : تقول ماذا ؟ قال : { تقول :
أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم
لولا الذهب الأحمر ماحلت بواديكم
لولا الحنطة السمراء ما سمنت غداريكم
فالنبي صلى الله عليه وسلم علم النساء كيف يغنين ، فالنساء يغنين فيما بينهن ولا حرج ، لكن يغنين بكلمات لا تتنافى مع الحشمة والخلق ، بخلاف كلام الفسقة والفجرة ، مما يلقى ويذاع عبر وسائل الإعلام ، أما الرجال فلا يعرفون الاجتماع في أعراسهم إلا على الوليمة فالمسلم إن فرح وأراد أن يظهر فرحه يطعم من يحب ، وقال الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة : "لم يكن رجال السلف الصالح يجتمعون في أعراسهم إلا على الوليمة فلم يكونوا يعرفون ضرب الكف بالكف ولا ضرب الكف بالدف ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال " ومن السنة أن يكون الاجتماع على الطعام بعد أن تزف العروس إلى عريسها وليس قبل ، فبعد أن يحصل الاجتماع بين العروسين يدعي الزوج أو ولي أمره الناس على طعامه وفي هذا الطعام ، ومعنى تقديم الطعام الحبور ، وتمام السرور في قبول هذه الزوجة وأنها على خلق وأنها على خير .
هذا باختصار حال السلف الصالح في زواجهم ، بعيداً عن الكلفة والتعقيد ، لأنهم يعلمون أن الزواج هو سترة على الزوجة ، كما أنه سترة على الزوج ، وحقيقة إن لم نهتدي بهديهم ونقتدي بما يفعلون في زواجهم ، فإن العنوسة كما نرى اليوم ستكون لا يكاد يخلو منها بيت ، فالسعيد من يسر ، فأكثر النساء بركة أقلهن مهراً ، ففرق بين أن ينظر الزوج إلى زوجته ويتذكر سهولة والدها ويسره فيهنأ بهذه الزوجة ، ففرق بين هذا وبين من كلما نظر إليها تذكر ديونه وهمومه ، فهذا لا بد أن ينعكس على الزوجة فالصورة الأولى كريمة وتكون البركة في حياتها أما الثانية مظهرية كذابة جوفاء ، كما هو شعار كثير من الناس إلا من رحم الله التي هي مظاهر دون حقائق ودون أخلاق ودون ديانة نسأل الله العفو والعافية .

السؤال 11 : ما رأيكم في كتاب فخر الدين الرازي " مفاتيح الغيب "؟

الجواب : كتاب مفاتيح الغيب تفسير الرازي ، فسر فيه القرآن ، خرج فيه عن منهج السلف في الأسماء والصفات فأول ، واختار مذهب الأشاعرة بقوة ، ورد كثيراً من الآيات والأحاديث ، واستطرد في ذكر الشبه ، حتى أنهم قالوا فيه : يذكر الشبهة نقداً ، ويجيب عليها نسيئة ، يذكر الشبهة ويفصل فيها ، ثم يقول الجواب عن هذه الشبهة يأتي فيما بعد ، وقد يأتي بعد عشرة أجزاء ، فتعلق الشبهة في النفس والجواب لا يبقى على البال ، وقد يفصل كثيراً في الشبهة ويردها بكلام موجز ، لا يسمن ولا يغني من جوع ، استطرد كثيراً في العلوم العقلية ، حتى قيل في تفسيره أنه حوى كل شيء إلا التفسير ، فبإيجاز هو نافع لطالب علم شبعان ريان من علم الشريعة يعرف الأصيل من الدخيل ، ويعرف الجيد من الرديء ، ويعرف الصحيح من السقيم ، أما أن ينشأ عليه طالب العلم المبتدىء في التفسير فلا ، والله أعلم ..

السؤال 12 : استأذنت زوجي ، وهو في أمريكا ، على الهاتف ، في صيام نافلة فلم يأذن لي ، فهل لي ان أصوم ؟

الجواب : نعم ،يجوز للمرأة أن تصوم صيام النفل ، وزوجها غير حاضر وإن لم يأذن وقد صح في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {لا تصوم امرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه } فإن لم يأذن الزوج وهو غير حاضر وغير شاهد فلا عبرة بإذنه فهذه المرأة استأذنت زوجها وهو غائب، ليس شاهد وهو لم يأذن لأن الإذن لحقه ولحضوره وجوده فإن كان موجوداً فلا تصوم النفل إلا بإذنه ، فإن كان حاضراً وعلى المرأة صيام واجب ، كالقضاء وكفارة اليمين والنذر ، فلا عبرة بإذن الزوج في الصيام الواجب .

السؤال 13 : ما حكم غيبة النصارى ؟

الجواب : الأحكام الشرعية لا تتعلق بالذوات وإنما تتعلق بالأفعال ،فالغيبة مذمومة في حق المسلم وفي حق النصراني ، ولكن غيبة المسلم أشد لأن للمسلم على المسلم حقوقاً ، لكن غيبة النصراني حرام ، فالسرقة مثلاً حرام من المسلم ومن النصراني ، فكما لا تجوز سرقة النصراني كذلك لا تجوز غيبته ، لأن الأحكام الشرعية كما قلنا ، تتعلق بالأفعال لا بالذوات ، وقد سئل ابن وهب تلميذ الإمام مالك عن غيبة النصارى فقال : أوليسوا هم من الناس ؟ قال السائل : بلى ، قال : فإن الله تعالى يقول { وقولوا للناس حسناً } فربنا قال {قولوا للناس} ولم يقل للمسلمين والناس تشمل مسلمهم وكافرهم وكتابيهم ، ويجب أيضاً على المسلم أن يحفظ لسانه من الغيبة فإن طال لسانه في الكتابي والكافر فسيجره ذلك لأن يطول في المسلم فإن طال في المسلم البعيد فسينتقل ذلك للمسلم القريب ، وقد ينتقل للرحم أيضاً ، بل ينبغي للمسلم أن يحفظ لسانه من الإيذاء ومن الشتم ، والسب حتى للحيوان ، فقد كان تقي الدين السبكي يوماً يمشي مع ابنه فنبحهم كلب فقال الابن ، وهو صغير : اخرس يا كلب يا ابن الكلب ، فغضب الأب وقال : لا تقل هكذا ، احفظ لسانك يا بني ، فإنك إن عودت لسانك على هذا الكلام فإنه سيخرج منك دون إرادتك ، فهذه تربية الإمام السبكي لابنه ، والذي أصبح يوماً علماً من أعلام الشافعية وكبرائهم ، فإن الإنسان لا يوضع له القبول في الأرض ولاينتفع الناس منه ، لا سيما إن كان طالب علم ، إلا إن عد أنفاسه ، وقبل أن يتكلم بكلمة يتأنى فيها ،وما ندم ساكت قط ، والكلمة كما قال بعض السلف : كالنور يخرج من الجحر ،فإن خرج لا يعود ، فعلى المسلم أن يحفظ لسانه من الغيبة والنميمة والكذب والإيذاء على الكافر والكتابي لأن الشرع حرم ذلك ، بغض النظر أنت تنم من أو تغتاب من ..

السؤال 14 : ولدي يصاحب رفقاء سوء ، فما نصيحتكم له ؟

الجواب : نصيحتي له ولغيره أن لا يصاحب إلا مؤمناً ، فربنا عز وجل يخبرنا عن أهل النار أول ما يقذف بهم في النار فإن الواحد منهم يبحث عن صاحبه ، لأنه لا يصل إلى النار إلا من خلال الصاحب السيء فقال تعالى { وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين } وهم القرناء ، ولذا القرين لا ينفع صاحبه يوم القيامة إلا إن كان مؤمناً ، قال تعالى { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } فالأصحاب بعضهم لبعض عدو يوم القيامة إلا المتقين ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم {لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي } ويقول الإمام الأوزاعي : "صاحبك رقعتك فيك" فالصاحب يرقع والصاحب التقي يجر صاحبه إلى الخير ، وقد قالت العرب : الصاحب ساحب ، وقال بعض الفلاسفة : قل من صاحبك أقل لك من أنت ، وقد قال الشاعر :
عن القرين لا تسل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
وصاحب أولي التقوى تنل من تقاهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
ويقول الخوارزمي :
لا تصحب الكسلان في حاجاته كم صالح بفاسد آخر يفسد
عدوى البليد إلى الجليد سريعة والجمر يوضع في الرماد فيخمد
وكان سفيان بن عينة – رحمه الله - يتمثل قول الشاعر :
لكل امرىء شكل يقر بعينه وقرة عين الفسد أن يصحب الفسد
فالعاقل في هذه الحياة يصحب إنساناً ينفعه يوم الدين ، فقد ثبت في صحيح قوله صلى الله عليه وسلم أن إنساناً يؤمر به في النار ويكون له أخ في الدنيا ، فيذهب إلى الله عز وجل ويبقى يطلب من الله ويلح على الله في الدعاء والسؤال ، ويقول : يا رب ؛ إن فلاناً أخي ، كنا نصلي معاً، ونصوم معاً ، ونفطر معاً ، وأدخلتني الجنة وأدخلته النار ، فيقول الله له : اذهب وخذ أخاك وأدخله الجنة ، فقد يدخل الإنسان الجنة بأخ يصاحبه في الدنيا ، فاحرص على أن لا تصاحب إلا من هو أعلى منك ديانة وعلماً ، فإن قصرت فلعل الله ينفعك به .

السؤال 15 : ما صحة حديث { من عرفني وعصاني سلطت عليه من لا يعرفني } ؟

الجواب : هذا ليس بحديث قدسي ، وإن شاع وذاع لكن قال ابراهيم بن محمد البيهقي المحدث ، قال في كتابه " المحاسن والمساوىء" في صفحة 500 منه ، قال : روي عن عبد الله بن سلام أنه قال : "قرأت في الكتب : قال الله تبارك وتعالى { من عرفني وعصاني سلطت عليه من لا يعرفني } فهذه حكمة ومعناها حسن ، وهي مليحة ، فالله جل وعلا سلط علينا نحن معشر المسلمين ، ونحن نعرفه وعصيناه ، من لا يعرفه من اليهود والكفار" فهذه حكمة قرأها عبدالله بن سلام في كتب قد نزلت على بعض الأنبياء سابقاً ..

السؤال 16 : ما صحة حديث { الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة } ؟

الجواب : هذا حديث شاع على ألسنة العوام هذه الأيام ، ويقول المحدثون : هذا حديث لا أصل له، فيحرم على الرجل أن يقول قال صلى الله عليه وسلم ويذكر الحديث ، فهذا حديث لا وجود له بإسناد في كتب الحديث ، وقال الإمام السيوطي في كتابه " الدر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة" بعد أن قرر أنه لا أصل له ، قال : ويغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم { لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة } ولو أن الإمام السيوطي رحمه الله ، قال : يغني عن هذا الحديث ما أخرجه الإمام أحمد في المسند، من حديث أنس من قوله صلى الله عليه وسلم {أمتي كالمطر ، لا يدرى ، الخير في أوله أم في آخره } لكان أقرب إلى { الخير في وفي أمتي...} من {لا تزال طائفة ...} والله أعلم ...

السؤال 17 : ما صحة قصة تلك المرأة التي لا تتكلم إلا بالقرآن ؟

الجواب : هذه قصة طويلة وجدتها مسندة عند ابن حبان في كتابه "روضة العقلاء" صفحة 49 ، وإسنادها واهٍ جداً ، فيه رجل اسمه محمد بن زكريا الغلابي ، وهذا الرجل قال عنه الدارقطني : متهم بالوضع ، وقال ابن حبان عنه : يروى عن المجاهيل ، وهذه القصة رواها عن بعض المجاهيل ، والقصة طويلة ، يرددها بعض الوعاظ والخطباء ،ويرددها بعض الناس في مجالسهم،أما نص القصة فهو : قال الإمام ابن حبان : أنبأنا عمرو بن محمد الأنصاري ، حدثنا الغلابي ، حدثنا ابرهيم بن عمرو بن حبيب ، حدثنا الأصمعي قال : بينا أنا أطوف بالبادية إذا بأعرابية تمشي وحدها على بعير لها ، فقلت : يأ أمة الجبار ، من تطلبين ؟ فقالت: {من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له}. قال: فعلمت أنها قد أضلت أصحابها، فقلت لها: كأنك قد أضللت أصحابك؟ فقالت: {ففهمناها سليمان وكلا أتينا حكماً وعلماً} فقلت لها: يا هذه، من أين أنت؟ قالت: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} فعلمت أنها مقدسية ، فقلت لها: كيف لا تتكلمين؟ قالت: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} فقال أحد أصحابي: ينبغي أن تكون هذه من الخوارج! فقالت: { ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولائك كان عنه مسؤولاً} فبينما نحن نماشيها، إذ رفعت لنا قباب وخيم، فقالت: {وعلامات وبالنجم هم يهتدون} قال: فلم أفطن لقولها، فقلت: ما تقولين؟ فقالت: {وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام} قلت: بمن أصوت وبمن أدعو؟ قالت: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة}{يا زكريا إنا نبشرك}{يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض}، قال فإذا نحن بثلاثة إخوة كاللآلىء، فقالوا: أمنا ورب الكعبة، أضللناها منذ ثلاث، فقالت: {الحمد لله الذي ذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور} فأومأت إلى أحدهم فقالت: {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه} فقلت: إنها أمرتهم أن يزودونا، فجاؤوا بخبز وكعك، فقلت: لا حاجة لنا في ذلك، فقلت للفتية: من هذه منكم؟ قالوا: هذه أمنا، ماتكلمت منذ أربعين سنة إلا من كتاب الله، مخافة الكذب، فدنوت منها، فقلت: يا أمة الله أوصني، فقالت: {ما أسألكم عليه أجرأً إلا المودة في القربى}، فعلمت أنها شيعية، فانصرفت .أ.هـ ، يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وقد أومأ إلى هذه القصة في الشرح الممتنع، في آخر السادس منه، يقول: يحرم جعل القرآن بدلاً من الكلام، وأنا رأيت زمن الطلب قصة في جواهر الأدب، عن امرأة لا تتكلم إلا بالقرآن، وتعجب الناس الذين يخاطبونها، وقالوا لها: أربعون سنة لا تتكلم إلا بالقرآن، مخافة أن تزل، ويغضب عليها الرحمن، نقول هي زلت، فالقرآن لا يجعل بدلاً من الكلام، لكن لا بأس للإنسان أن يستشهد بالآية على قضية وقعت .أ.هـ، فحتى لو أنها صحت ، فلا يجوز للإنسان أن يترك الكلام ، لأن أورع الناس وأتقاهم محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه ، وما فعلوا هذا ، ولو كان خيراً لفعلوه ، فالقصة ركبها الغلابي هذا ، فكذب فيها على الأصمعي .

السؤال 18 : ما أبرز ما قيل في كعب الأحبار، من حيث عدالته؟ علماً أن البعض يقول : إنه مجروح يروي الإسرائيليات؟

الجواب: الكلام عن كعب طويل جداً ، وكعب كان يهودياً فأسلم، ولم يعرف عن أحد أنه قدح فيه، وقد علم المزي في تهذيب الكمال له علامة الشيخين، البخاري ومسلم ، والصواب أن أصحاب الصحيحين ذكروه عرضاً، ولم يسندا شيئاً من طريقه، ولا نعرف له رواية يحتاج إليها أهل العلم.
وكذب على كعب كثيراً ، وكعب روى عن بني إسرائيل فأكثر، وكان بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم ينقل بعض ما روى، وكانوا يفحصون أخباره، وقد كانت له مهارة متميزة في تفسير الأخبار التي قد وردت عن أهل الكتاب، وصوابه في إنزال الأخبار، إن ثبت عنه ، أكثر من خطأه، ولكن الذي يصح عنه قليل، فرأى كثير من الرواة الكذابين والمطعون بهم مجالاً لأن يعلقوا ترهاتهم وأكاذيبهم على كعب، وإن لم يصح عن كعب أنه كذب، لكن كذبه في بعض الأخبار، فبعض الأخبار التي قصها لم تقبل منه، وإنما ردت عليه، فكل ما قيل في كذبه يحمل على تكذيب الرواية التي قالها وليس على أنه يختلق الكذب، هذا أعدل الأقوال فيه، ومن رامَ التفصيل، فقد تكلم عليه بكلام بديع طويل، فيه تحرير وتدقيق، ذهبي هذا العصر: الشيخ المعلمي اليماني، في كتابه "الأنوار الكاشفة" صفحة 105 ، وما بعد ، هذا باختصار، والكلام يحتاج إلى إطناب وليس هذا محله .

السؤال 19 : كتاب القول الثبت في صيام يوم السبت لابن حجر، هل هو مذكور في الفتح، وما هي كتب التراجم التي نرجع إليها لمعرفة كتب ابن حجر؟

الجواب : أحسن كتاب عن حياة الحافظ ابن حجر العسقلاني، أمير المؤمنين في الحديث هو "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر} لتلميذه المختص به السخاوي رحمه الله، وطبع حديثاً في ثلاث مجلدات وذكر السخاوي هذا الكتاب في الجواهر والدرر، في الجزء الثاني منه ص 664، وذكره السيوطي أيضاً في " نظم" ص 47، والكتاتي في فهرس الفهارس في الأول منه ص 247، وهذا الكتاب مفقود ، لا نعرف عنه وجوداً .

السؤال العشرون : هل ثبت حديث أو رواية لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيح ؟

الجواب : لقد كتب في ترجمة الصحابة جمع من العلماء ومن بينهم الحافظ أبو نعيم الأصبهاني له كتاب اسمه "معرفة الصحابة" ومن محاسن هذا الكتاب أنه يذكر لكل صحابي عدد الأحاديث التي له، فقال في ترجمة حمزة رضي الله عنه في الجزء الثاني في صفحة 673 ، قال: أسند عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديثين ، فحمزة لم يكثر الرواية بسبب تقدم وفاته ، فإنه قد مات في أحد .

السؤال الحادي والعشرون : هل النافع والضار والعارف والباقي من أسماء الله عز وجل ؟

الجواب : لم يثبت نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأسماء، لذا فلا يجوز لأحد أن يسمى بها، كعبد الباقي وكعبد النافع وكذلك العارف والضار.
والعلماء يمنعون من إطلاق العارف على الله، أو يقول أحد لما يسأل، فبدل أن يقول الله أعلم يقول الله يعرف ، وهذا كلام كفر لا يجوز ، لأنه يوجد فرق في اللغة بين العلم والمعرفة، ذلك أن المعرفة يسبقها جهل والعلم لا يسبقه جهل ، فإذا قلت: يعرف الله، فلازم ذلك أن يكون الله جاهلاً ثم عرف، فيحرم على المسلم أن يقول، الله يعرف ، أو يعرف الله ، وينبغي أن يقال: يعلم الله ، فالعارف ليست من أسماء الله وقد نصص على جمع من أهل العلم منهم : ابن اللحام في كتابه المختصر ص36، فقال: ولا يوصف سبحانه بأنه عارف،وذكره بعضهم إجماعاً، أما من قالها جهلاً فلا يكفر، ويعذر بها بالجهل ، ولكن إن عذر بها بالجهل ، فقد لا يسلم من الإثم .

السؤال 22 : هل نزع الخفين ناقض للوضوء ؟

الجواب: نزع الخف ناقض للمسح، وليس بناقض للوضوء، فمن توضأ ومسح على خفيه، ثم نزعهما يبقى وضوءه صحيحاً، ونزع الخفين ناقض للمسح إن أرجع الخفين إلى رجله دون وضوء بغسل، فهذا ينقض المسح لا الوضوء، لأن نواقض الوضوء توقيفية، ولم يقم دليل شرعي على أن نزع الخفين من القدم ناقض للوضوء، لذا من خلع خفيه بعد المسح أو بدلهما فلا يجوز له أن يمسح على خفيه ويبقى وضوؤه صحيحاً، لأسباب ثلاثة :
الأول : لم يقم دليل على نقضان الوضوء ، والأصل في النواقض التوقيف .
الثاني : أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وغيره: أن أبا بكر وعلياً رضي الله تعالى عنهما توضئا ومسحا ونزعا وصليا، فصلى أبو بكر وعلي بعد مسح وقد خلع كل منهما الخفين.
الثالث : نظائر المسألة؛ أرأيتم إن توضأ رجل ومسح على شعر رأسه، ثم ذهب إلى الحلاق ، فحلق شعر رأسه ، فلا يجب عليه وضوء جديد إذا أراد أن يصلي.
وهذا السبب الثالث دليل عقلي ، وليس أصلاً مسلماً به في المسألة ، وإنما يستأنس به، لأنه يوجد فرق بين شعر الرأس والخف، حيث أن الأول متصل والثاني منفصل، والعلماء يفرقون بين المتصل والمنفصل في أشياء كثيرة، فمثلاً شعر المرأة عورة لا يجوز النظر إليه، لكن إن قصته ورمته في الطريق فلا يحرم النظر إليه ، وكذلك لو قال الرجل لزوجته: يدك طالق فإنها تطلق، أما لو قال لها: ثوبك طالق فلا تطلق، فالخف ليس كالشعر من هذه الحيثية ، ولكن لما ثبت من الأثر وإعمالاً للقاعدة الأصلية من أن الأصل في النواقض التوقيف، ولم يرد نص على أن من نزع خفه الممسوح عليه يبطل وضوءه .

السؤال 23: هل مس العورة ينقض الوضوء؟
الجواب: الخلاف مشهور بين أهل العلم في مسألة مس العورة والواجب أعمال الأدلة كلها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: {من مس ذكره فليتوضأ} وسئل صلى الله عليه وسلم عن مس الذكر، فقال: {هل هو إلا بضعة منك} وقد ذهب شيخ الإسلام وجماهير الفقهاء إلى أنه إن مست العورة على أنها قطعة من الإنسان كما يمس الإنسان يده أو رجله فهذا مس من غير شهوة وإن تقصد مس ذاك المكان عامداً فلا يكون ذلك إلا بشهوة فجماهير أهل العلم يوفقون بين الأدلة كلها إعمالاً لها جميعاً، فيقولون: مس العورة بشهوة ينقض الوضوء، ومس العورة بغير شهوة لا ينقض الوضوء لأن قوله عليه الصلاة والسلام{هل هو إلا بضعة منك} إشارة إلى أن المس ليس بناقض إن كان يمس كما تمس سائر الأعضاء .
فالمرأة التي تغسل لابنها وتمس عورته لا ينتقض وضوئها وكذلك الحال أيضاً إن مست النجاسة فإن مس النجاسة لا ينقض الوضوء، وإنما الواجب غسل المكان الذي أصابته النجاسة .

السؤال 24: هل الاتصال بالهاتف بأحد الأقارب يعتبر من صلة الرحم ؟ وهل يجب على الرجل أن يصل ابنة عمه أو ابنة عمته، خاصة إذا كان هو الأقرب لها؟

الجواب : الواجب على المسلمين أن تكون صلاتهم حسنة مع بعضهم بعضاً ، والرحم قسمان : رحم عام ، ورحم خاص، والمسلم للمسلم رحم ، والرحم الخاص ممن اجتمعت أنت أصولك أو فروعك وإياه في رحم ، فانت تجتمع في رحم الأم مع إخوانك وأخواتك، وأبوك يجتمع مع أعمامك وعماتك في رحم واحد وخالاتك وأخوالك يجتمعون مع أمك في رحم واحد ، أو أن الرحم: من ترثهم ويرثوك، والمطلوب من الإنسان أن يقدم الأقرب فالأقرب والصلة عرفية فما يعد في أعراف الناس قطيعة فهو قطيعة وما يعد وصلاً فهو وصل، وليس الواصل بالمكافىء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فليس الواصل الذي يكافىء الناس إن جاؤوه أتاهم وإن هجروه هجرهم ، وإنما الواصل الذي يصل من قطعه فيجب على الإنسان أن يصل والراجح أن الذكور والإناث من الرحم وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها وعلل ذلك بقوله {إنكم إن فعلتم ذلكم قطعتم أرحامكم} فعمة الزوجة رحم لها ، وكذلك خالتها ، وابنة العم والعمة وابنة الخال والخالة ليستا من الرحم الخاص إلا في صور نادرة كأن تفقد المرأة جميع رحمها ولم يبق لها إلا ابن العم وهو القائم على أمرها وهو الذي تأتي وتشتكي المظلمة من الزوج أو الأهل إليه فحينئذ تلحق بالرحم الخاص ويجب عليه أن يتعاهدها بالشروط الشرعية من عدم المصافحة والخلوة وعدم المحادثة إلا فيما يعود بالنفع أو فيما تكون فيه حاجة والصلة العرفية أن الناس يزورون بعضهم في المناسبات الاجتماعية كالزواج والأفراح والأتراح والتهنئة في المناسبات التي لا مخافة فيها وهكذا والحديث والمرور اليسير هو من الصلة، والحديث بالهاتف نوع من الصلة ولكن لا يجوز الاقتصار عليه، ولكن وجوده خير من عدمه، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الحاكم وغيره قوله {بلوا أرحامكم ولو بالسلام} فالصلة بالهاتف من البلل فهو خير من القطيعة ولكن ليس هو الصلة المطلوبة وهذا الواجب يتفاوت باختلاف أحوال الأشخاص ؛ فالغني الواجب عليه في الصلة أن يتعاهد الفقراء من رحمه ، وقد صح عن أبي داود وغيره من حديث ابن مسعود أن الصدقة على ذي الرحم صدقتان ، والواجب على الجالس غير المقدار الواجب على العالم ، والمرابط على الثغور، فلما تتزاحم الحقوق يقدم الإنسان الأولى فالأولى ، ويجب على الجميع أن يكون واصلاً لرحمه على قدر استطاعته ولقد وجدت أن أصعب فرض في دين الله أن تعطي كل ذي حق حقه ، أن تعطي الزوجة حقها ، والرحم حقوقهم والأولاد حقوقهم والجيران حقوقهم والطلبة حقهم والشيخ حقه والعمل حقه والدنيا حقها وهكذا ، فهذا أصعب واجب والموفق من وفقه الله .

السؤال 25: كيف يتوضأ المريض بسلس البول والمستحاضة ؟ ومن لايستطيع المحافظة على وضوءه لفترة زمنية ؟

الجواب : يجب على كل مسلم الصلاة وإن لم يستطع الوضوء ولا يجوز له أن يقصر فيها ، وبعض الناس لمرض أو لكبر سن لا يستطيع أن يبقى على وضوء، فلعله وهو يتوضأ ينتقض وضوءه، إما بسلس بول أو سلس ريح أو الاستحاضة للمرأة ، فمثل هؤلاء يجب عليهم الوضوء لكل صلاة عند دخول الوقت فعند سماعه الآذان يتوضأ ويصلي بوضوءه هذا ما شاء من النواف ويكون هذا العذر في حقه معفواً عنه وبالآذان الثاني ينتقض وضوءه وهذا من الأحاجي والألغاز التي تذكر في كتب الفقهاء وهو أن هناك ناقض للوضوء وهو الأذان ففي حق من يكون الأذان ناقضاً للوضوء؟ فالأذان ينقض وضوء أصحاب الأعذار ، كالسلس والاستحاضة وما شابه، قول النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة {توضئي لكل صلاة } أي : لوقت كل صلاة وفي بعض الطرق زيادة {ولو قطر الدم على الحصير قطراً} ونقول لصاحب السلس توضأ لكل صلاة بعد دخول الوقت وصل ولو قطر البول على الحصير قطراً، وإياك أن تترك الصلاة ، وهذا عذر معفو عنه لأنه فوق الإرادة ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها .

السؤال 26 : ما المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم { حتى يأتي أمر الله } في حديث الطائفة المنصورة ؟

الجواب : حديث الطائفة المنصورة متواتر{لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم} وفي رواية عند أحمد {إلا الأواد تصيبهم} وهو ما يكدر الخاطر لكن لا يستطيع أحد أن يضرهم وأن تقطع شامتهم وأن يزيلهم لأن الزرع الذي زرعه الله لا يستطيع أحد كائن من كان أن يحصده ، فهذا زرع الله وهذه الطائفة باقية إلى يوم القيامة حتى يأتي أمر الله وفي رواية عند مسلم حتى تقوم الساعة ، فأمر الله : قيام الساعة ، فيرسل الله ريحاً تأخذ المؤمنين فلا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق .

السؤال 27: رجل نسي في صلاته السجدة الأولى أو الثانية ، ماذا عليه ، ومتى يكون سجود السهو ، قبل السلام أم بعده ؟

الجواب : سجود السهو على أرجح أقوال أهل العلم أنه واجب ، لأمر النبي به ، فمن أخطأ في صلاته بزيادة أو نقصان فيجب عليه أن يسجد للسهو ، ووقع خلاف بين أهل العلم في مكان سجود السهو ، أهو قبل التسليم أم بعد التسليم ؟ فالشافعية قالوا قبل التسليم بإطلاق ، والحنابلة والمالكية قالوا : ينظر للسبب، فإن كان من زيادة فهو بعد التسليم ، وإن كان من نقصان فهو قبل التسليم وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سجد قبل وسجد بعد ، فسجد قبل التسليم لما قام للثالثة ، ولم يجلس للأوسط ولما صلى خامسة سجد بعد التسليم ، واستقرأ المالكية والحنابلة الأسباب ، فوجدوا قاعدة مطردة : فمتى زاد النبي في الصلاة سجد بعد السلام ومتى أنقص النبي من صلاته سجد قبل السلام ، وهذا أرجح الأقوال أما من فاتته سجدة فيجب عليه أن يأتي بركعة بدلها ويلغي هذه الركعة التي نسي فيها السجدة ، فرجل في صلاة المغرب مثلاً وهو في الركعة الثانية يقرأ الفاتحة ، تذكر أنه ما سجد السجدة الثانية من الركعة الأولى فيلغي الركعة الولى وتصبح الثانية بالنسبة إليه أولى ، فلا يجلس للتشهد ويقوم ويجهر بالتي بعدها إن كان إماماً، أما إن قام للركعة الثانية وقبل أن يبدأ بالفاتحة سبح له المصلون فيجلس ويأتي بسجدة ثانية ويجب عليه سجود السهو لأنه قام قياماً زائداً ، وحسب القاعدة يسجد بعد السلام .

السؤال 28 : كم مسافة القصر للمسافر ؟ وكم مدة القصر ؟ وهل الجمع والقصر في السفر واجب أم مستحب ؟

الجواب : الجمع رخصة باتفاق العلماء وأما القصر فقد وقع فيه خلاف والراجح عند الفقهاء ، وهذا مذهب أبي حنيفة ، أن القصر غريمة ، ولا يحل للمسافر أن يتم ، وإن أتم أثم ، ويجب على المسافر أن يقصر ، لحديث عائشة {فرضت الصلاة ركعتان ركعتان فزيدت في الحضر وأقرت في السفر} فالأصل في القصر أنه غريمة ولا يجوز للمسافر أن يتركه .
أما الجمع فله أن يفعله ، وله أن يتركه ، وهو رخصة فقد ثبت أن النبي جمع في السفر وثبت أنه ترك الجمع ، فقد ثبت أنه قصر في منى ولم يجمع لأنه مستقر بها ، فالمستقر في مكانه لماذا يجمع؟ وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلمأنه كان إذا جد به السير جمع فمتى احتاج المسافر بل متى احتاج الإنسان للجمع جمع ، بالشروط الشرعية .
فالجمع رخصة والقصر غريمة ، فالمسافر إن صلى إماماً أو منفرداً يقصر ، أما إن صلى مأموماً خلف مقيم فإنه يتم ولا يجوز له أن يقصر ، فقد ثبت أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن إتمام المسافر خلف المقيم فقال : يتم ؛ تلك سنة أبي القاسم ، وقول الصحابي تلك سنة أبي القاسم ، لها حكم الرفع كما هو مقرر في علم المصطلح .
أما مسافة القصر فهذا مما وقع فيه خلاف بين أهل العلم وخلاف شهير بينهم لوجود الآثار وقد تضاربت عن الصحابة والتابعين في المسألة ، منهم من طول كأبي حنيفة وقال القصر يكون في مسافة 24 فرسخاً فأكثر ، وجماهير الفقهاء ومنهم الأئمة الثلاثة قالوا : المسافة للقصر تكون 16 فرسخاً ، والفرسخ يساوي خمسة كيلو مترات وأربعين متراً. فتكون مسافة القصر قرابة واحد وثمانين كيلو متراً ، وهذا يكون في الذهاب دون الإياب ، والشيعة يرخصون كثيراً وأرجح الأقوال ومذهب المحققين من العلماء ، أن العبرة في السفر بالعرف ، فما يسمى في أعراف الناس أنه سفر فله أن يقصر ، ويجمع إن احتاج للجمع ،إما جمع تقديم أو جمع تأخير ويفعل الأرفق به .

السؤال 29 : رجل عليه كفارة صيام شهرين متتابعين وأراد السفر فأفطر فهل يتم صومه؟ أم أنه يبدأ من جديد ؟

الجواب : صيام شهرين متتابعين يكون في حق من قتل مؤمناً خطأ أو من جامع زوجته في نهار رمضان أو من ظاهر فمثل هؤلاء عليهم صيام شهرين متتابعين فمن وجب في ذمته صيام شهرين متتابعين وطرأ عليه عذر شرعي ، يجوز له أن يفطر ، بشرط أن لا يتخذ السفر حيلة لأن يفطر فإن دعت حاجة وكان من عادته السفر ولم ينشىء السفر للفطر ، فله أن يفطر وكذلك المريض إن خشي على نفسه بل قد يكون الفطر في حق البعض واجباً فامرأة قتلت ابنها خطأ فوجب عليها صيام شهرين متتابعين فجاءتها العادة الشهرية فيجب عليها أن تفطر ويحرم عليها الصيام ومتى انتهت العادة يجب عليها أن تباشر الصيام وتتابع وكذلك المسافر بمجرد إقامته يجب عليه أن يتابع الصيام ومن أفطر يوماً من غير عذر يجب عليه أن يبدأ الصيام من جديد.
والمعتبر في السفر أن يسافر سفراً مباحاً أو سفر طاعة وسفر الطاعة مثل : الحج ، العمرة ، والجهاد ، وطلب العلم ، وصلة الرحم ، والسفر المباح مثل : سفر التجارة والتنزه الذي في غير معصية ووقع الخلاف بين أهل العلم فيمن سافر سفراً محرماً فهل يجوز له أن القصر والفطر ؟ والراجح عند أهل العلم أن لا يجوز له ذلك وهذا من باب التضييق على أهل المعصية، أما صيام النذر فالأفضل أن يرجئه إذا كان عليه سفر .

السؤال 30: إذا لم يستطع الرجل أن يعق عن ولده الذكر إلا بذبيحة واحدة ، فما عليه؟ وهل يجوز للمستطيع أن يوكل من يعق عنه خارج بلده ، في بلد يكون فيه سعر الذبيحة أقل بكثير من بلادنا ؟ وهل يعق الرجل عن ولده المتوفى قبل موعد العقيقة ؟

الجواب : العقيقة تكون في اليوم السابع فمن رزق مولوداً وعاش سبعة أيام فيجب عليه أن يفك رهنه بأن يذبح عقيقة ، فإن مات قبل السابع فلا شيء عليه .
والعقيقة تكون عن الجارية شاة ، وعن الذكر شاتان ، وفي حديث ابن كرز : عن الذكر شاتان متكافئتان فمن السنة أن تكون الشاتان متكافئتين ، أي متشابهتين، أما من لا يستطيع أن يعق عن الذكر إلا بشاة واحدة فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها ،أما من كان مستطيعاً أن يعق بشاتين ولكن عق بواحدة فقد قصر ، أما هل يجزى ذلك ؟ ففيه نزاع ، فقال الشوكاني في نيل الأوطار: أصل السنة شاة ، وتمامها اثنتان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين بشاة، وهذا كلام فيه نزاع، وأصح الروايات رواية النسائي: {عق النبي عن الحسن والحسين بكبشين كبشين } فوافقت السنة القولية السنة الفعلية ، ولذا الواجب على المستطيع أن يعق عن الغلام شاتين .
ويجوز للعم أو الجد أو القريب بأن يعق عنه لأن الذي عق عن الحسن والحسين جدهما أبو القاسم صلى الله عليه وسلم .
والعقيقة شرعت من أجل إشهار النسب فيذبح الإنسان لذلك ، وله أن يوزعها نيئاً ، وله أن يطهوها ويدعو إليها وله أن يتصدق ويدخر أو أن يهدي فالحكمة أن يشتهر بين الناس أن فلاناً رزق مولوداً .
ومن لم يستطع أن يعق في بلده ، فليس واجباً عليه أن يبحث عن أفقر بلاد المسلمين ، ويوكل رجلاً يذهب هناك ويذبح ولكن لو فعل أجزأه ذلك ، فلا يوجد عندنا دليل أن هذا باطل أو لا يجزىء ولكن السنة العملية عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم كانوا يعقون ويشهرون النسب .
ولا يشترط جنس الذبيحة سواء كان بلدياً أو رومانياً مثلاً أجزأ فالعبرة بنهر الدم .
ولا يشترط في العقيقة شروط الأضحية وإن قال بهذا بعض الفقهاء فلم يقوم دليل عليه والأفضل أن تكون بكبش أصلح كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم ..

السؤال 31: إذا لبث الحاج في مكة حتى الثامن من ذي الحجة ، ثم خرج إلى عرفة مباشرة دون المبيت بمنى ، فهل عليه شيء ؟

الجواب : من السنة أن يبيت الحاج بمنى يوم التروية ولا أعرف أحداً أوجبه ، فهو سنة فمن تركه فاته أجره، وحجه صحيح .

السؤال 32: هل في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم تحريك الأصبع بين السجدتين ؟

الجواب : ذهب إلى تحريك الأصبع بين السجدتين بعض المعاصرين من العلماء وقد ورد في حديث أخرجه عبد الرازق في المصنف برقم 2522 ، ومن طريقه أحمد في المسند في الرابع 317، والطبراني في الكبير في الثاني والعشرين ص 34 ،عن النوري عن عاصم بن كليب عن الشاشي عن أبيه عن وائل بن حجر الحضرمي رضي الله عنه وذكر صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومما فيها {وسجد ووضع يديه حذو أذنيه ثم جلس فافترش رجله اليسرى ، ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ، وذراعه اليمنى على فخذه اليمنى ، ثم أشار بسبابته ثم سجد } هذا الحديث خالف فيه عبدالرزاق جماعات كثيرة من الرواة ، فقد أخرج الحديث وفيه تحريك السبابة ولم يحدد موطن التحريك ولكن السياق يقتضي أن التحريك كان بعد السجدة الثانية وصرح بأن هذا التحريك كان بعد التشهد : ابن عيينة وشعبة وأبو الأحوص وأبو عوانة وزهير بن معاوية وموسى بن ابي كثير ، فالخلاصة أن تحريك السبابة بين السجدتين شاذ ، شذ عبدالرزاق فخالف غيره فلا تشرع الإشارة بالسبابة بين السجدتين وإنما بعد التشهد كما رواها عاصم بن كليب من حديث وائل بن حجر .
وهنا يطرأ سؤال : رجل مقطوع أصابع اليد اليمنى فهل يشرع له أن يشير بالسبابة اليسرى ؟ لا يشرع له ذلك لأنه لا يستطيع أن يفعل لإنعدام هذا المكان ، فلا يجوز له أن ينقل كمن قدمه مقطوعة فلا يشرع له في الوضوء غسل الساق ، والله أعلم ...

السؤال 33 : كيف يكون الخوارج ضلالاً وهم أصحاب نسك وعبادة ؟

الجواب : أما القول بأن الخوارج أصحاب نسك وعبادة ، فنعم ، فقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : {سيأتي أقوام يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لا يتجاوز حلاقيهم} لكن كيف يكون ضلالاً؟ لأن الفساد أصله في أمرين : إما فساد في الإرادة وهذه لما تفسد تقعد صاحبها عن عمل الصالحات ، وقد يقع في المحظورات ، وإما فساد في التصور ، يكون التصور خطأ ، فالإنسان يعبد ويجتهد ويكون تصوره لدين الله خطأ ، وكما أن النقصان من الطاعات معصية ، فإن الزيادة عن الواجب معصية ، وفساد الخوارج الذين كفروا علياً ومن معه فسادهم في التصور وفساد التصور أخطر من فساد الإرادة فمن فهم شيئاً في دين الله خطأ وتعدى على الدين ، وإرادته سليمة ، هذا أخطر على الإسلام والمسلمين ممن فهم الإسلام صواباً ، وإرادته فاسدة وتصوره صحيح ، فصاحب الكبيرة يزني ، يشرب الخمر ، ويعترف بالتقصير ، ويتوب ، أما صاحب البدعة كيف يتوب؟ هو يتصور أنه يعبد الله في هذه البدعة فكيف يتوب منها؟ والخوارج أهل هوى ، والخوارج كانوا ينازعون الأصحاب على الحكم، ولذا كفروا الناس ، وقد ظفرت بأثر للحسن البصري ذكره أبو حيان التوحيدي في كتابه "البصائر والذخائر" في الجزء الأول ص 156، يعطي إشارة على الفساد الموجود عند الخوارج، قال "أتى رجل من الخوارج إلى الحسن البصري ، فقال له : ما تقول في الخوارج؟ قال الحسن : هم أصحاب دنيا، قال : ومن أين قلت أنهم أصحاب ، والواحد منهم يمشي بين الرماح حتى تتكسر فيه، ويخرج من أهله وولده ، قال الحسن : حدثني عن السلطان ! هل منعك من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج والعمرة ! قال : فأراه إنما منعك الدنيا فقاتلته عليها" أ.هـ. أي أنك قاتلته على أن تكون صاحب رئاسة وصاحب سلطنة، فالخوارج أصحاب دنيا على رأي الحسن البصري والفساد في تصورهم .

السؤال 34 : لقد قمت بحساب صلاة الظهر عملياً باستخدام عود فوجدت أن ظل العود وقت الزوال أطول من طول العود نفسه ، فهل هذا ممكن ؟

الجواب : هذا الأخ لم يحسن ضبط وقت الظهر ، فلو أردنا ضبط وقت الظهر فكيف نضبطه؟ فالشمس كما تعلمون تسير من جهة المشرق وتتحول إلى جهة المغرب ، وتكون قبل وقت الظهر في كبد السماء ، ولو كنا في منطقة خط الاستواء فإن الظل في هذا الوقت يتلاشى بالكلية ، ولكن في بلادنا هذه فإن الظل لن يتلاشى أبداً، لأن الشمس لا تكون عامودية فإذا أردنا ضبط وقت الظهر، نقوم بالآتي : نأتي بشاخص، ويفضل أن يكون مدبب الرأس ، حتى يظهر الظل وطوله وقصره بوضوح من خلال هذا الرأس المدبب ، وهذا الشاخص يثبت في قاعدة والأحسن أن تكون دائرية ويرسم حول هذا الشاخص دوائر منتظمة ومتقاربة بمسافات متساوية وتعرض هذا الشاخص للشمس ، وننظر فيه قبل آذان الظهر بنصف ساعة مثلاً ، فيكون ظل الشاخص الآن في جهة الغرب ،ومع تحول الشمس إلى جهة الغرب فإن الظل ينقص ، ونعرف هذا النقصان من خلال الدوائر الموجودة على القاعدة ، لما يصير النقص في الظل على أكبر حال، ويستوي ويثبت هذا النقصان يكون هذا الوقت الصلاة فيه مكروهة أول زيادة في الطول بعد تمام النقص والتحول إلى جهة الشرق يكون هذا هو وقت آذان الظهر الشرعي .

السؤال 35 : هل يجوز أن تكون عصمة الطلاق بيد المرأة ؟

الجواب : إن الحقوق قسمان : مادية ، ومعنوية ، والحقوق المعنوية المجردة غير الحسية قسمان : شرعية وكسبية ، فالكسبية : التي يكتسبها الإنسان من خلال مهارته ويعرف من خلال العرف العام أنها لفلان دون فلان ، والشرعية هي ما أعطى الله من حق للإنسان ولا يعرف أنها لفلان دون فلان، ومثال الحقوق المعنوية الكسبية التي تكون لفلان دون فلان ويحصل عليها الإنسان بجد واجتهاد وكسب : حق الابتكار والاختراع والماركة المسجلة ، حق التأليف ، الخلوات .
والحقوق المعنوية الشرعية مثل : حق الشفعة ، حق المبيت عند الزوجة فمثل هذه الحقوق لا تكون لفلان دون فلان، بل لكل الناس فهي ليست حقوق كسبية . والحق المعنوي الكسبي يباع ويشترى ، فإن المال عند العلماء ماله قيمة عرفية محترمة ، أي قيمة لا تصادم نصاً؛ فالخنزير والخمر في شرع الله ليسا مالاً.
أم االحقوق المعنوية الشرعية المجردة فلا تباع ولا تشترى ، فلو ان ضرة ساومت ضرتها على ليلتها، مقابل مبلغ من المال ثم لم تعطها فلا يقضى عليها بأن تعطيها لأن هذا حق شرعي لا يباع ولا يشترى .
فالعصمة حق معنوي وقع فيه خلاف بين الفقهاء هل هو شرعي أم كسبي ؟ والراجح أنه شرعي محض، لأنه ليس خاصاً برجل دون رجل ، ولأن الله عز وجل لما قال : {الرجال قوامون على النساء} علل ذلك بأمرين فقال : {بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم } فالرجل هو الذي ينفق على المرأة ، والمرأة إن كانت غنية لا تنفق عليه ، فالتعليل شرعي محض، فالتفضيل بيد الشرع ، والشرع هو الذي بيده أن يأمر من الذي ينفق على من ، فالعصمة حق معنوي شرعي عند جماهير أهل العلم ، وهي عند أبي حنيفة حق كسبي بخلاف الأئمة الثلاثة ، ورأيهم هو الراجح والصواب ، لأن الرجل هو الأصلح لقيادة الأسرة .

السؤال 36: هل الرهان حلال أم حرام ؟

الجواب : الرهان أن كان طرف واحد فهو جعالة ، ولا حرج فيه، فرجل يقول لآخر: أتسابق وإياك ، فإن سبقتني أجعل لك كذا ، وإن سبقتك فلا شيء عليك، وأيضاً لو كانت الجعالة من طرف ثالث فهي حلال ، الرهان يكون من طرفين وجماهير أهل العلم يحرمونه ويعتبرونه قماراً، واستثنى من ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، استثنيا الرهان على ما يوقع الأبدان في الجهاد وعلى ما يفتح الأذهان في العلم .
قال ابن القيم : الفروسية فروسيتان : فروسية بالسيف والسنان، وفروسية بالعلم والبيان، ومن لم يكن من أهل هاتين الفروسيتين ، ولا ردءاً لأهلها، فهو كلٌ على نوع بني الإنسان، فابن القيم وشيخه يجوزان الرهان من الطرفين على مسائل العلم الظاهرة الثابتة في الكتاب والسنة وعلى أصول المسائل وعلى ما يقوي الأبدان في الجهاد، وأدلتهم قوية، فاستدلا على جواز الرهان من الطرفين على ما يوقع ويقوي الأبدان في الجهاد بقصة النبي صلى الله عليه وسلم مع ركانة- وهو رجل قوي لم يكن يستطيع أحد أن يصرعه- فالتقى ذات يوم مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : أتصارعني؟ فقال له النبي : نعم ، أصارعك! قال : من يغلب له شاة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: قبلت، فصارعه النبي صلى الله عليه وسلم فغلبه في المرة الأولى والثانية والثالثة وكان هذا في مكة ، قال أبو حنيفة : هذه المغالبة تجوز في ديار الكفر ولذا اتكأ أبو حنيفة على جواز الربا في ديار الكفر على هذا الحديث، وذهب جماهير الفقهاء إلى أن هذه منسوخة ولا ندري ما الناسخ؟ فابن تيمية وابن القيم رحمهما الله قالا: الرهان من الطرفين على المسائل التي تعين على الجهاد من أمثال : رمي الأهداف الدقيقة ، وما يقوي البدن جائز ، وكذلك المسابقة على المسائل الأصلية الكلية في العلم ،واستدلا على ذلك بمراهنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه كفار قريش في أيهما يغلب : الروم أم الفرس! فراهنهم على أن الروم سيغلبون الفرس خلال ثلاث سنوات فلما بلغ الأمر النبي صلى الله عليه وسلم قال له : هلا زودت لأن الله تعالى قال {وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين} والبضع من الثلاث إلى التسع، قال أبو حنيفة: هذا في ديار الكفر؛ فالمراهنة والمراباة بين المسلم والكافر في ديار الكفر جائزة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : هذا خطأ فهذا ليس بمنسوخ أولاً وليس في ديار الكفر دون ديار المسلمين ثانياً والحلال حلال في ديار المسلمين وديار الكفر والحرام حرام في ديار الإسلام وديار الكفرلذا من يعتمد على هذا الحديث فيفتي المسلمين في ديار الكفر أن يتعاملوا مع البنوك الربوية فهو مخطىء ولا يجوز الاعتماد على هذا الحديث في مثل ذلك.
وهذا حديث محكم وليس بمنسوخ وتجوز المراهنة من الطرفين على ما يوقع الأبدان وينقح الأذهان في مسائل العلم الكبار وفيما عداه لا تجوز المراهنة من الطرفين والله أعلم ..
ومن باب الفائدة الزائداة أن الإمام ابن القيم قد سجن بسبب هذه المسألة؛ سجنه السبكي عفا الله عنه ، وألف كتاباً كبيراً سماه "الفروسية الكبرى" ذكر فيه مئة دليل على صحة قوله .

السؤال 37: هل تجوز القراءة من المصحف في الصلاة ؟

الجواب : هذا العمل أقل الأقوال فيه الكراهية ، لأنه يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم العملي وهدي أصحابه.
وفرق بين من يقرأ عن ظهر قلب فيؤثر حفظ القرآن على سمته وهديه ، وبين من يقرأ القرآن عن حاضر، فهذا لا يجعل الإمام أو المصلي صاحب سمت فالناس اليوم في حاجة إلى أخلاق العلماء وسمتهم وهديهم كما هم بحاجة إلى علم العلماء ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {يؤم القوم أقرؤهم} فالقراءة عن حاضر تلغي هذا الحديث ؛ لأن جميع الناس يعرفون القراءة عن حاضر والعلماء مجمعون على وجوب حفظ الفاتحة ، وهذه القراءة تلغي هذا الاجتماع والقراءة من المصحف في الصلاة فيها عدة محاذير منها: أن يتشبع الإنسان بما لم يعط ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول {المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور} فهذا يصلي الناس خلفه وهم يقولون ما أحفظه ما أتقنه ، ما أجوده ، فهو متشبع بما لم يعط وأيضاً فيه حركة زائدة من تقليب الصفحات وما شابه ، والأصل في الصلاة السكون كما ثبت في حديث عبادة في صحيح مسلم {اسكنوا في صلاتكم} وأيضاً فيها مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أن يلقي الرجل ببصره إلى مكان سجوده ، فالأصل أن يقرأ الإنسان من حفظه ومن المحاذير أيضاً؛ أن يزهد الأئمة والمسلمين في حفظ القرآن ويخالف في قبض اليمنى على اليسرى ، لكن لو حصل اضطرار، كامرأة في بيتها لا تحفظ من كتاب الله وأرادت أن تصلي الكسوف أو الخسوف وأرادت أن تطيل فلها ذلك ، فقد ثبت أن عائشة رضي الله عنها كان لها مولى يصلي بها قيام رمضان وكان يقرأ من مصحف فهذا جائز للضرورة والله أعلم ..

السؤال 38 : زوجي يفرق بين المعاملة بيني وبين أخوته وأمه ، ودائماً أشعر أن حواجز بيني وبينه، فما حكم معاملته تلك؟

الجواب : أما الرجل فعليه أن يقدم أمه على زوجته يقدم رغبة أمه ، وأن يبرها على زوجته هذا أولاً والأمر الثاني : لا يعني ذلك أن يهمل الرجل زوجته وإن أثقل واجب في دين الله ، أن يعطي الإنسان كل ذي حق حقه، أن يعطي زوجته حقها ، وأمه حقها ، وهكذا....
فالواجب على الرجل أن يحسن معاملة الزوجة والزوجة لا تقاد بالعقل ومخطىء من ناقش زوجته وأراد أن يقودها من خلال الحجة والبرهان قال الله تعالى {أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} فالمرأة عاطفتها غالية وعقلها مغلوب بالنسبة إلى عاطفتها ولذا لما قال النبي عليه الصلاة والسلام عن النساء أنهن {ناقصات عقل ودين} المراد : أن عواطفهن أغلب من عقولهن ، ولا يمنع أن توجد امرأة عقلها أرجح من عقل الرجال، فقبل نحو مئة وخمسين سنة كان الناس في ليبيا يرجعون إلى امرأة فقيهة بزت الرجال، كانت تسمى "وقاية" وكانوا يقولون في معضلات المسائل: اذهبوا إلى وقاية فإن عصابتها خير من عمائمنا ،
والمرأة تقاد من خلال العاطفة والكلام الطيب فقد قال ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- في تفسير قوله تعالى{أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} قال:"يقدر الرجل أن يجعل كل حجة تذكرها المرأة أن يجعلها عليها" لأنها في الخصام غير مبين فهي بحاجة إلى الكلام الطيب وأن تملأ مشاعرها ولذا جوز الشرع أن يكذب عليها فيما لا يضيع لها حقاً ، وهذا هو سر التعامل مع النساء ، أن تحسس المرأة أنك بحاجة إليها ، وأنها سدت ما تريد من أمور منها، فحينئذ لا يوجد من هو أسعد منها، فهذه طبيعة المرأة.
فخطأ من هذا الزوج أن يشعرها بهذا الشعور وأن يهمل مشاعرها لكن مع هذا عليه أن يقدم أمه على زوجته وأن يعطي كل ذي حق حقه ، دون أن يشعرها بهذا الشعور، فلا يشعرها أن لها نداً من أم له أو أخت له، لكن يشعرها أنه لا يستغني عنها ، وأنها هي التي تملأ عواطفه وهي المقدمة عنده .
وأمرنا ربنا أن نحسن معاشرة النساء {وعاشروهن بالمعروف} وقال صلى الله عليه وسلم: {استوصوا بالنساء خير؛ فإنهن عوان عندكم} أي أسيرات محبوسات، فالمرأة أسيرة محبوسة عندك فأحسن إليها، وخيركم خيركم لأهله .
إن أزعجك شيء من المرأة غيبه عن لسانك وغيبه عن مشاعرك وعقلك، أخرج مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يفرك مؤمن مؤمنة إن لم يرض منها خلق رضي منها آخر} أي لا يبغض، فلا يجعل الشيء الناقص فيها هو وديدنه وبين عينيه وعلى لسانه ، فلن يسعد وتشتد معه الأمور ويبقى النكد يحيط به ، نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى..

السؤال 39: ما حكم الإكرامية التي يأخذها الموظف دون طلب منه وهي خارجة عن راتبه الذي يتقاضاه؟

الجواب: الواجب على العامل أن يتقن عمله {إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه} فإذا أتقنه ولم تستشرف نفسه هذ المال ، ولم يقصر ، ولم يصرح، ولم يلوح، فأعطي بطيب نفس شيئاَ من المال فلا حرج في هذا .
أما إن قصر حتى يعطى هذا المال، وبدأ يلف ويدور ويصرح، ويلمح فهذا حرام ، والله أعلم...

السؤال 40: هل صح في أحاديث الأبدال شيء؟

الجواب: لم يصح شيء في أحاديث الأبدال وعقيدة الأبدال والأقطاب والأوتداد والأغواث عقيدة فاسدة ولعل في بعضها بل في بعضها كفر صريح .
بعض الناس يعتقد أنه يوجد اثنا عشر بدلاً وأربع أغواث والملك لا يرزق أحداً ولا يميته إلا إذا استأذن منهم فهذه كلها خرافات ما أنزل الله بها من سلطان .
وقد ألف الإمام السخاوي كتاباً سماه : نظم الآل في حديث الأبدال}وصرح فيه بأن جميع حديث الأبدال موضوعة أو واهية .
فالأبدال والأقطاب والأوتاد والأغواث عقيدة فاسدة لم يرد فيها حديث .

السؤال 41: أريد الخروج مع زوجي لأداء صلاة الجمعة في المسجد وهو يرفض ذلك ؟

الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم يقول {لا تمنعوا إماء الله مساجد الله} فإذا رغبت زوجتك أن تأتي المسجد فلا تمنعها وإن كان ذهابها للمسجد هو الذي يفقهها ولا تستطيع أن تفقهها في بيتك لعدم المقدرة أو لعدم وجود وقت وفقهها فقط يكون في المسجد ، وهذا الفقه يسقط واجباً عينياً عنها كأن تتعلم أحكام صلاتها أو حيضها أو طهارتها وطلبت منك الذهاب فيجب عليك أن تلبي.
أما إن كان هذا العلم الشيء الزائد عن الحد الواجب وطلبت فلك أن تمنع، ولكن تكون خالفت إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم {لا تمنعوا إماء الله مساجد الله}.

السؤال42: هل البدء في صلاة تحية المسجد حال الآذان جائز؟

الجواب: متى استطعنا أن نجمع جميع الطاعات فهذا حسن فإن تزاحمت طاعتان في وقت واحد فالإنسان يفعل الأعلى والأغلى ويترك الأدنى .
فإنسان دخل والآذان يؤذن وأقل وقت بين الأذان والإقامة هو بين المغرب والعشاء خمس دقائق فيبقى واقف ولا يجلس حتى لا يخالف أمرالنبي صلى الله عليه وسلم فيردد مع الأذان ومن ردد مع الأذان ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال {اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته} وجبت له شفاعة النبي يوم القيامة، فنقول له ردد مع الأذان ثم صل تحية المسجد، اجمع بين الطاعات لكن لو أن رجلاً دخل المسجد والإمام على المنبر والمؤذن يؤذن للجمعة نقول له ابدأ بالصلاة ولا تردد مع الأذان لأن الترداد مع الأذان سنة، والاستماع إلى خطبة الجمعة واجب ، وهو بين أمرين: إما أن يصلي تحية المسجد والإمام يخطب وإما أن يصليها والمؤذن يؤذن ، والخطبة هي الأعلى والأغلى لأنها فريضة والترداد سنة، فمن الشائع عند الكثير من الناس اليوم لما يدخلون والإمام على المنبر والمؤذن يؤذن يبقى واقفاً يردد مع الأذان فلما يبدأ الإمام بالخطبة يصلي تحية المسجد، وهذا خطأ .

السؤال 43: رجل طلق زوجته طلقة واحدة ثم مات قبل انتهاء عدتها، هل ترث منه؟

الجواب: المرأة في العدة زوجة، والمرأة تنفصل عن زوجها تحديداً لما ترتدي ثيابها بعد غسلها من الحيضة الثالثة، فإن دخل عليها وهي تغتسل فله أن يقول لها: أرجعتك ، فإن ارتدت ثيابها بعد غسل الحيضة الثالثة تخرج أجنبية عن زوجها.
فمن مات زوجها وهي في عدتها ترث منه، لأنها زوجة، ففي العدة لها أن تتزين له وأن تتكشف عليه ومتى قبلها بشهوة أو مسها بشهوة أو جامعها انقطعت العدة ورجعت زوجة، فإن صبر ألا يمسها بشهوة ولا يقبلها ولا يجامعها ثلاث حيضات وهي في بيته، حينئذ تصبح أجنبية، فانظروا ما أعظم الشرع، ويحرم على المرأة أن تقضي عدتها خارج بيت زوجها، فأيها الأب لو جاءتك ابنتك وقالت لك: طلقني زوجي، فتجب عليك شرعاً أن تقول لها: اذهبي إلى بيته واعتدي عنده، والمصلحة الشرعية، بل المصلحة الدنيوية – واستغفر الله لهذا- فإن المصلحة الدنيوية هي في المصلحة الشرعية، فمن ظن أن له مصلحة في أمر دنياه بإجابة داعي هواه والخروج عن أمر مولاه فهو آثم ، فالمصلحة في الشرع لك ولهذه المرأة هي أن تقضي العدة في بيت زوجها لا بيت أبيها فإن أبى زوجها فهو آثم .

السؤال 44: من صام تطوعاً ، فأكل أو شرب ناسياً، فماذا عليه ؟

الجواب : بعض الفقهاء كالمالكية يفرقون بين صيام النفل وصيام الفرض، والصواب عند أهل العلم أنه لا فرق بين صيام الفرض وصيام النفل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {من أكل أو شرب ناسياً فإنما أطعمه الله وسقاه فليتم صومه} ولم يقل فرضه فمن أكل أو شرب في صيام الفريضة أو في صيام النافلة يتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه .

السؤال 45: هل يشترط في الآثار والأخبار لا سيما التاريخية منها ما يشترط في الأحاديث النبوية المرفوعة؟

الجواب: بلا شك ، فنحن نعتقد أننا لا نستطيع أن نفهم السنة إلا بفهم الصحابة والتابعين، لذا لا يجوز لنا أن نأخذ عن الصحابة والتابعين إلا ما ثبت .
والتاريخ فيه أعراض للناس ولا يجوز أن تقدح بأعراض الناس باخبار الكذابين وأخبار الضعفاء وأخبار الواهين لذا الواجب في الأخبار التاريخية والآثار السلفية الواردة عن الصحابة والتابعين أن نتثبت من صحتها قبل الاستدلال بها.
والقول بأن الخبر التاريخي والأثر يتوسع فيه ، نقول نعم يتوسع فيه ، لكن التوسع يكون من حيث أننا لا نتشدد فيه كما نتشدد في الحديث، فالحديث المرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيه تهديد ووعيد شديد {من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار} فليس الكذب عليه صلى الله عليه وسلم كالكذب على غيره، فالتشديد فيه من حيث هذه الحيثية ولكن الأصل في الأخبار أن نمحصها وأن نبحث عن صحتها وأي خبر في خبر اختلط صحيحه بواهيه وأنت لا تفليه ولا تبحث عن ناقليه .
ووجدت نقلين لإمامين أحدهما قديم والآخر معاصر فيهما التنصيص على وجوب التثبت من صحة الأخبار، فيقول شيخ الإسلام (في 13/247) "وهذا الأصل ينبغي أن يعرف؛ فإنه أصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات في الحديث والتفسير والمغازي وما ينقل من أقوال الناس وأفعالهم وغير ذلك} والنقل الآخر لشيخنا في السلسلة الصحيحة في الجزء الخامس ص 331 قال : " وقد يظن بعضهم أن كل ما يروى في كتب التاريخ والسيرة أن ذلك صار جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الإسلامي لا يجوز إنكار شيء منه وهذا جهل فاضح وتنكر بالغ للتاريخ الإسلامي الرائع ، الذي تميز عن تاريخ الأمم الأخرى بأنه هو وحده الذي يملك الوسيلة العلمية لتميز ما صح منه مما لم يصح، وهي نفس الوسيلة التي يميز بها الحديث الصحيح من الضعيف، ألا وهي الإسناد الذي قال فيه بعض السلف : لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ولذلك لما فقدت هذه الأمة هذه الوسيلة العظمى : امتلأ تاريخها بالسخافات والخرافات .
إذن الواجب أن نثبت ، والتاريخ فيه مدح وقدح لأعراض الناس وقد أمرنا ربنا بأن نتثبت، ولا يجوز لنا أن نلصق التهم بالفضلاء ونعتمد على قصص وردت عن الضعفاء أو متروكين أو عن كذابين أو عن مجهولين والله أعلم ...

السؤال 46: ما عدة المرأة المطلقة وماعدة المتوفى عنها زوجها؟

الجواب : أما عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً، كما قال الله تعالى {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربع أشهر وعشراً} فمن مات عنها زوجها سواء كانت صغيرة أو كبيرة سواء كان مدخولاً بها أم غير مدخول بها فمن كتبت كتابها ومات عنها زوجها قبل الدخول يجب عليها العدة أربعة أشهر وعشراً، تبقى في بيتها لا تخرج منه إلا عند الضرورة والحاجة ، فأم السنابل رضي الله عنها لما مات زوجها خرجت تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: {أمكثي في بيتك} وما لامها وما عنفها على خروجها فخروج المرأة المعتدة للفتوى جائز لأنه حاجة وضرورة، وكذلك خروجها لحاجياتها الأساسية لكن لا يجوز لها أن تبيت إلا في بيت زوجها فإن كانت لا تستطيع أن تبيت لمحاذير شرعية، أو لأن الحياة لا تصلح في هذا البيت كأن تكون عروساً مطموعاً بها بينها وبين أسلافها خلوة فتنتقل إلى بيت أبيها أو كأن تكون في بلاد غربة فتنتقل إلى بيت آخر تقضي فيه عدتها ولا تخرج منه إلا للحاجة والضرورة ، وفي العدة لا يجوز أن يصرح للمرأة بالزواج منها لكن التلميح والتلويح لا حرج فيه، لقوله تعالى{ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء} وذلك مثل رجل مات ابنه وترك زوجة عروساً ورأى هذه العروس فيها خير، وله ابن آخر مقبل على الزواج فأراد أن تكون زوجة لهذا الولد فيحرم أن يصرح بالنكاح لكن بالتلميح والتلويح ، كأن يقول لها : يا بنية أنت صاحبة خلق ودين فإن شاء الله لن تخرجي من هذا البيت أو نحو هذه العبارة .
والمرأة في العدة يحرم عليها: أن تكتحل تزيناً أما إن احتاجت إلى الكحل تطبباً جاز، ويحرم عليها الخضاب، وتطبباً جائز، ولا يجوز لها أن تتجمل أو أن تلبس المنمق من الثياب ولا يكون الحداد بالسواد، فإنه حداد الأعاجم ، سواء بالعلم على سطح البيت أو لبسه وهذا حداد الأعاجم وهي عادة قبيحة شاعت وذاعت بين المسلمين اليوم فمن فعله فهو متشبه بهم ،وملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فحزننا وفرحنا في داخلنا .
ولا حرج على المرأة في الحداد أن تنتقل من شقة إلى شقة أو إلى سطح البيت فإن خرجت لغير حاجة ثم تابت وعادت لا تبطل عدتها ولا تقضيها.
أما المطلقة فإن كانت غير مدخول بها فلا عدة عليها بنص القرآن {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن...}الآية وأما إن كانت من ذوات الحيض فعدتها ثلاث قروء {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} أي حيضات على الراجح من أقوال الفقهاء .
واما إن كانت يائساً أو صغيرة لم تحض فعدتها ثلاثة أشهر قال تعالى {واللائي يئسن من المحيض من نساءكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن} وهذا يدل على أن زواج الصغيرة جائز لأن الله قد جعل لها عدة .
وأما الحامل فأجلها أن تضع حملها {وإن كن أولات حمل فأجلهن أن يضعن حملهن}.
وأما إن كانت متوفى عنها زوجها وحامل فتتربص أبعد الأجلين .

السؤال 47: إذا توفي زوج عن زوجته وليس له فرع وارث مثل ابن أو ابنة كم ترث الزوجة في مثل هذه الحال؟

الجواب : الزوج له حالتان لا ثالث لهما وكذلك المرأة كما ورد في سورة النساء فإن كان للزوج فرع وارث ، ابن أو بنت؛ سواء من هذه المرأة أو من غيرها ومات ، فالزوجة ترث الثمن وإن لم يكن له ولد ، فالزوجة ترث الربع.
والزوجة إن ماتت ولها أولاد وإن كان هؤلاء الأولاد من غير هذا الزوج ، فالزوج يرث الربع وإن لم يكن لها أولاد لا من هذا الزوج ولامن غيره فالزوج له النصف .

السؤال 48: ما حكم تغيير لون الشعر سواء بالأصباغ أو بالحناء؟

الجواب : من السنة أن يختضب الرجل والمرأة بالحناء وخضاب الرجل يكون على الحال الذي استخدم عند الصحابة والتابعين ويكون في اللحية والشعر إن كان فيهما شيب ، أما في اليدين والرجلين فلا يجوز للرجل أن يستخدم الحناء إلا تطبباً ، أما من باب التزيين ففي هذا تشبه بالنساء فلا يحل له أن يحني رجله أو يديه إلا من باب التطبيب أما الشيب في اللحية أو الشعر وإن كان قليلاً فمن السنة أن يحني الشيب فقد صبغ النبي صلى الله عليه وسلم لحيته وشعرات الشيب قليلة .
أما من كان شعره أسوداً لا شيب فيه رجلاً كان أم امرأة فلا يغير ولا يحل ذلك .
وتغيير الشيب يجوز بشرط ألا يكون بالسواد فلما جاء والد أبي بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان شعر رأسه ولحيته أبيضاً أمره النبي بالصبغ وقال {جنبوه السواد} وقد صح عن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {سيأتي أقوام آخر الزمان يصبغون بالسواد كحواصل الحمام لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها} فذهب المحققون من العلماء وهذا مذهب الشافعي إلى حرمة تغيير الشيب بالسواد .

السؤال 49: ما حكم الرقص للنساء ؟

الجواب : قال الإمام النووي في كتابه المنهاج: {ويباح رقص ما لم يكن بتكسر وتثن كهيئة مخنث} فرقص النساء في الأعراس إذا كان فيه تثن وتكسر وفيه هز أرداف كما تفعل الفاجرات فهو حرام ، وأما الرقص الذي فيه ذهاب ومجيء للتعبير عن الفرح كما تفعل الجدات فهذا لا حرج فيه وقد قال إمام الحرمين: "الرقص ليس بمحرم فإنه حركات على استقامة أم اعوجاج ولكن كثرته تخرم المروءة " وهذا الرقص حيث لا يراها الرجال فهذا أمر جائز.
واما رقص الزوجة لزوجها فهو حلال على كل حال ، والله أعلم ...

السؤال 50: هل على سيارة الأجرة (التكسي) زكاة مال ؟

الجواب : الأصول لا زكاة فيها ؛ السيارات ؛ الدور ؛ الأراضي ؛ آلات الصناعة ؛ هذه لا زكاة فيها والزكاة في ريعها فإن تجمع مال وبلغ النصاب وحال عليه الحول وملك ملكاً تاماً فحينئذ تجب عليه الزكاة ، وإلا فلا ، والله أعلم ...
__________________

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.


To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس