عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 10-12-2016, 02:15 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

الموقف الثالث :

ثلاث فتيات في العشرين من أعمارهن، حاسرات عن وجوهن، وربما ظهر جزء من شعرهن، يصعدن الطائرة بدون محرم. جلسن في المقاعد التي أمامي، وبقي مقعدان خاليان، جلس فيهما شابان ثم تبين لهما أن مكانهما خطأ، فانتقلا إلى مكان آخر ، ثم جاء رجل في الثلاثين من عمره، فجلس في المقعد الأخير، فبقي مقعداً خالياً يفصل بينه وبين الفتيات. بعد فترة مضت، انتبهت لمن أمامي، وقد شغلني أمر الفتيات وحجابهن وكنت أفكر في طريقة لنصحهن وتذكيرهن، نظرت أمامي فإذا الرجل قد انخرط في حديث مع الفتاة القريبة منه.

اندهشت وتفاجأت، وظننت أن رجلاً جلس في المقعد الخالي، فأخذ يتبادل معه الحديث، وعندما دققت النظر تأكدت أن الشاب يتحدث مع الفتاة، وقد استغرقا في حديثهما، وكأنه قريب لها، عزيز عندها.

سألت نفسي : لو كان محرم الفتاة معها هل يرضى لها بهذا الوضع ؟ وهل يرضى هذا الرجل لأخته أو ابنته أو زوجته أن تجلس بجانب رجل غريب فيحادثها وتحادثه كما يفعل هو ؟ هل يرضى بذلك من في قلبه ذرة إيمان ؟.

أيها الرجال الغيورين على نساءهم هل يرضيكم أن يحصل هذا لنسائكم وبناتكم ؟.

أيها الرجال المخلصون هل ترضون ذلك لنساء المسلمين ؟.

أيها الأوفياء الصادقون إن كنتم لا ترضوه لنسائكم فكيف تسمحون لهن السفر بدون محرم ؟.

ويا أشباه الرجال لماذا تتعرضون لنساء المسلمين ولا ترضونه لنسائكم ؟ والمؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

يا عقلاء إلى متى ونحن نتساهل في أعراضنا وعفافنا ؟.

يا شرفاء لماذا هذا التقصير والإهمال لمحارمكم وأهلكم ؟.

للأسف ذبحت الغيرة، ووئدت العفة، وقتلت الفضيلة بيد أهلها ...، بعد ما رأيت ما رأيت عزمت على الإنكار من باب الدين النصيحة، خاصة ونحن بين السماء والأرض، نتقلب بين أصبعين من أصابع الرحمن، فإن سكتنا ورضينا ربما هلكنا وأهلكنا.

بحثت في حقيبتي عن ورقة وقلم، ثم بدأت أسطر لها هذه الكلمات :

" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أختي في الله "الدين النصيحة" إن الإسلام يأمرك بالحجاب الكامل، فلا يحل لك الكشف عن وجهك، ولا يحل لك الحديث مع رجل أجنبي، فأنت بين السماء والأرض، استشعري أن الله يراك ويسمع قولك، فتوبي إلى الله واستغفري لذنبك، واذكري الله خير لك".

هذا ما أذكره من الكلام، ثم قمت فقدمت لها الورقة، فقرأت الورقة ثم أعطتها للرجل فقرأها، ثم سكتا عن الكلام تماماً حتى نهاية الرحلة.

فحمدت الله أن نصيحتي لهما أثمرت حينها، وأني أنكرت منكرا ... فربَّ كلمة يلقيها الإنسان يريد بها خيرا، تؤتي ثمارها بإذن الله. والدعوة واجب كل مسلم، لو قمنا بها حق القيام لانحسر الشر، ولم يتجرأ أهل الباطل بالجهر بمعاصيهم، ولانتشرت الفضيلة واندرست الرذيلة.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس