عرض مشاركة واحدة
  #44  
قديم 05-06-2021, 04:00 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الرَّابع والأربعون
(24 رمضان 1441 هـ)



[كلمة في رثاء أحد الإخوة الفلسطينيِّين -رحمه الله، ورحم الشَّيخ-]
تُوفِّي فجر هذا اليوم- أخونا (أحمد العبَّاسي) من فلسطين، من القدس، وهو من الإخوة الذين كانوا يَدرُسون مرحلة الدُّكتوراه -عندنا في الأردن-، وزارني في مكتبتي بصحبة إخواننا المقادِسة والفلسطينيِّين -مرَّات ومرَّات-، وأشهد أنَّه ذو دِين وتقوى -ولا أُزكِّيه على الله-، وأشهد أنَّه ذو خُلُق وأدب، ولم تكن ابتسامتُه تُفارقه، وفُجِعنا بوفاتِه، وأظنُّه لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عُمره، وكانت عنده آمال كما هو الحال في كلِّ إنسان مسلم يبتغي وجهَ الله -سبحانه وتَعالى- ويُرضي نفسَه بِرضا ربِّه -تبارك وتعالى-.
وكان -أظنُّه- على وشك تقديم الدكتوراه، حتى بعض الإخوة يُلقِّبونه بالدُّكتور، وإن شاء الله يستحقُّها، وقد طواه الموت؛ لكن: ذِكراه ستبقى مؤثِّرة في نفوسِنا لما رأيناه منه من خُلق حسن، وأدب كريم، وحِرص، وفضل -ولا نُزكِّيه على الله-، وهو بين يدي ربِّه، سائلين الله -عزَّ وجلَّ- أن يتغمَّده برحمته، وأن يجمعنا وإيَّاكم وإيَّاه في جنَّة الله.
[الأسئلة]
1. السُّؤال:
ما هو الفرق بين الشِّرك والكفر؟
الجواب:
الذي أعتقده -وهو ترجيح شيخِنا الشَّيخ الألباني تبعًا لبعض أهل العلم-: أن الشِّرك هو الكفر، وأن الكفر هو الشِّرك، فكلُّ مُشركٍ كافر، وكلُّ كافرٍ مُشرك، والنَّتيجة واحدة: أن الكافر أو المشرِك قد حرَّم الله -تعالى- عليه الجنَّة ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ شِركًا أو كُفرًا.

2. السُّؤال:
زكاة عُروض التِّجارة: هل تُخرج عن عُروض التِّجارة؟
الجواب:
مسألة خِلافيَّة بين أهل العلم، وإن كان الجمهور على ذلك.
وذهب ابن حزم وبعض العلماء إلى القول الآخَر: أنَّه لا تجب فيه الزَّكاة المقنَّنة، تجب فيه زكاة مُطلَقة غير مقنَّنة.
لكن أنا أَميل إلى قول جمهور أهل العلم، وبخاصَّة اليوم- أن الأنظمة المحوسَبة في موضوع التِّجارة، تستطيع بضغطة زِرٍّ -واحدة- على الكمبيوتر أن تُخرج ما لكَ، وما عليكَ، وما عندك، وما بِعتَ، وما اشتريتَ، وما اقتَنَيت..إلى آخر هذه الأمور؛ فحينئذٍ: الأمر يَسير -إن شاء الله-تعالى-.

3. السُّؤال:
هل يجوز قضاء صلاة التراويح في وقت الضُّحى؟
الجواب:
النَّبي -عليه الصَّلاة والسلام- كان إذا فاتته صلاةُ الليل قضاها في النَّهار ثِنتَي عشرةَ ركعة،
إذا فاته حِزبُه -أو وِردُه- في الليل -يعني: وهو الإحدى عشرة ركعة- صلَّاها في النَّهار ثِنتَي عشرةَ ركعة.
وهذا الحديث في «صحيح الإمام مسلم»، من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله-تعالى-عنها وأرضاها-.

4. السُّؤال:
الذي نراه في بيت الله الحرام من التَّباعُد بين المصلِّين: ماذا تقول فيه؟
الجواب:
أوَّلًا: إلى الآن المسجد الحرام والمسجد النَّبوي لم تُقم فيه الصَّلوات بشكل مفتوح؛ وإنما الصَّلوات تُقام بعددٍ محدود من موظَّفي الحرم والمسؤولين وبعض الضُّيوف..وما أشبه ذلك..وهم أدرى بظرف بلادِهم وأوضاعهم -نسأل الله أن يعينَهم-.
وأما موضوع المباعدة: أيضًا ليس الأمر بِيد الشُّيوخ -فقط-؛ لأن هذا أمر متعلِّق بالهيئات الصحيَّة وبأولياء الأمور وبالمسؤولين.
نحن قلنا: لو أن الأمر بأيدينا؛ قد نَبحث..وقلنا بأن الأمر ممكن بأن يكون شِبرًا مسافة التَّباعُد بين النَّاس، وهذا -الحقيقة- أحسن.
وأنا -من هنا- أقول: حبَّذا لو أن المسؤولين في بيوت الله وفي المساجد -في الأردن، وفي بلاد الحرمَين، أو في مصر، وفي كل البلاد المسلمة الإسلاميَّة التي منعتْ وحظرت الصلاة في المساجد-خوفًا من الوباء-وباء الكورونا- أن تفتتح هذه المساجد، وأن يكون التَّباعد بين كلِّ مُصلٍّ مقدار شِبر، وهنالك إشارة في كلام شيخ الإسلام ابن تيميَّة لهذا المعنى؛ قال: (تَرْك التَّراص).
(تَرْك التَّراص)؛ يعني: شِبر، أو نِصف شِبر..نحو ذلك..ليس مترًا، أو مترًا ونصف!
هذه واحدة.
الأمر الثَّاني: أن يكون مع كلِّ مُصلٍّ سجادة صلاة خاصَّة به؛ بحيث إذا انتهى يأخذها معه.
الشَّيء الثَّالث: أن يلبِس كلُّ مُصلٍّ كمامة.
الشَّيء الرَّابع: أن يكون هنالك معقِّمات في المسجد، منتشرة في المسجد.
الشَّيء الآخَر: أن تُغلق مصادر المياه في المساجد؛ يعني: أن لا يكون هناك وجود للمياه -حتى لا يستعملها النَّاس-سواء في رمضان أو بعد رمضان-.
شيء آخر -أيضًا-: أن لا يكون هنالك مصاحف، من أراد أن يأتي بالمصحف؛ يأتي بمصحفه معه.
أظن أن هذه الخمسة شُروط -أو الستَّة شروط- إذا وُجدت؛ فإن شاء الله هي عامل مُهم -ومهمٌّ جدًّا جدًّا- مِن عوامل المحافظة على النَّاس وصحَّتهم، مع المحافظة على الصَّلاة في المساجد؛ بحيث تَرجع مساجدُنا إلى ما كانت عليه، وتكون قُدوة للمواطِنين في كلِّ بلد.
وللأسف -الآن-: بدأ النَّاس ينتشرون في الأسواق، وفي الطُّرقات، وبدأت الأمور تُفتح -وتَفتح-! والمساجد أَوْلى، ولا مانع من هذه الشُّروط..أرجو أن يتفكَّر فيها..
أنا لا أفرِض هذه الصُّورة؛ وإنَّما أنا (أَطرح)؛ من باب: التَّواصي بالحق والتَّواصي بالصبر..من باب التَّعاوُن على البرِّ والتَّقوى، والنَّاس بدؤوا يتساءلون، ونحن حريصون على الأمن المجتَمَعي، وأن لا يكون -هنالك- إثارة بين النَّاس، ونحن ضد هذا الموضوع.
فهذا طلبٌ من المسؤولين الأفاضل في وزارة الأوقاف -وعلى رأسهم معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلاميَّة: الأخ العزيز الصَّديق الكريم الدُّكتور محمَّد الخلايلة-وفقه الله-.
وكذلك -أيضًا- هي رسالة موجَّهة إلى المسؤولين سواء في رئاسة الوزراء، أو وزير الصحَّة، أو لجنة الأوبئة، كل هؤلاء يتَّخذون هذا القرار إذا نظروا في هذه الشُّروط التي أظنُّها لن يستصعِبَها الحريص على الصَّلاة في المساجد.
هذا ما ظهر لي، وهو اجتِهاد أرجو أن يكونَ قريبًا إلى الصَّواب، وأرجو أن يتقبَّله الإخوة الكرام من الجهات المسؤولة، وليس ذلك على الله بِعزيز، وجزاكم الله خيرًا سواء أخذتُم بما رأيتُه واقترحتُه، أو لم تأخذوا، الأمر في أعناقكم وفي رقابكم، وبينكم وبين ربِّكم، ونحن ندعو لكم بالتَّوفيق والسَّداد، والمزيد من فضلِه -سبحانه في عُلاه-.

5. السُّؤال:
هل بإمكانكم إتمام كتاب «تمام المنَّة» على منهج شيخِنا الألباني؟
الجواب:
النِّصف الأوَّل ممكن، أمَّا النِّصف الثَّاني غير ممكن.
النِّصف الأوَّل: نستطيع أن نُتمَّه بما أكرمنا الله -تعالى- به من عِلم وأدوات ونظر ومعرفة لمنهج شيخِنا.
أمَّا على منهج شيخِنا؛ فهذا رجاء، قد نستطيع! لأن شيخَنا كان ذا نظرٍ حادٍّ في الأمور، ونظر عميق في العلم والنِّقاط التي يَنظر فيها وينتقدُها.
ممكن أن يكونَ على منهجِه؛ لكن: ليس على قوَّتِه وعلى طريقتِه.
ألم ترَ أن السَّيف يَنقُص قدرُه ... إذا قيل إنَّ السَّيف أمضَى من العصا!؟
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يغفرَ للجميع.

6. السُّؤال:
هل يبدَّع من أفتى بجواز إخراج زكاة الفطر نقدًا، أو أنَّه أتى ببدعةٍ وخالف السُّنة -لأنَّه أصبح يوالَى ويعادَى على هذه المسائل-؟
الجواب:
هذا غير صحيح، لك أن تُخطِّئ هذا القول -تقول: هذا خطأ..هذا صواب-كسائر مسائل العلم-.
في كل كتب العلماء والفقهاء: انظُر «المجموع».. انظر «المغني».. انظر «فتح القدير» لابن الْهُمام.. انظر هذه الكتب -كلَّها-؛ ترى أن العلماء يُخطِّئ بعضُهم بعضًا؛ لكن: لا يؤثِّمون، ولا يُضلِّلون، ولا يُبدِّعون، ولا يوالون ويُعادون على هذه المسائل؛ بل يتناصحون، ويُذكِّر بعضُهم بعضًا.
للأسف الشَّديد -الآن-: نرى أن مَن كانوا يُتَّهمون بأنَّهم يُشدِّدون صاروا على غير هذه التُّهمة! وانكشفت الأمور؛ فصار المتَّهِمون لهم هُم المشدِّدين،وهم المتعنِّتين، وهم الذين يَطعنون ويَغمزون ويَلمِزون -للأسف..للأسف!-؛ لماذا؟!
هذه مسألة عِلميَّة..رجِّح ما تشاء، وناقِش كما تشاء؛ لكن: بالعلم والحلم والأدب والحجَّة والبيِّنة، وفي النِّهاية: هذه اجتِهادات لم تَنتَهِ عند مَن هم خيرٌ منا، ولن تنتهيَ عندنا ونحن دونَهم بمراحل!
فهذا أرجو أن يُفهم على وجهه، وأرجو أن يُدرَك على حقيقتِه.

7. السُّؤال:
هل يجوز صلاة راتبة الظُّهر متَّصلة بتشهُّد واحد مثل صلاة الظُّهر؟
الجواب:
صلاة الظُّهر تشهُّدان؛ فكيف يكون تشهُّد واحد؟ هذا أوَّلًا.
الأمر الثَّاني: النَّبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «صلاةُ الليل والنَّهار مَثنى مَثنى»؛ فالأصل أنَّها اثنتان فاثنتَان، ولا نتجاوزُ ذلك، و«خير الهدي هديُ محمَّد ﷺ».

8. السُّؤال:
هل يجوز للمرأة أن تصلِّي بزوجِها وأولادها إذا كانت حافظة للقرآن؟
الجواب:
لا، لها أن تُصلِّي ببناتِها.
أمَّا بزوجها وأولادها الذُّكور -وخاصَّة إذا كانوا كبارًا-: فلا.
الأصل: أنَّ الرِّجال قوَّامون على النِّساء، والمرأة لها أن تُصلِّيَ ببناتِها، بأسرتها..بأخواتها..بصديقاتها..جاراتها.
لكن مع التَّنبيه -هنا- إلى قضيَّة الاجتماع وما إلى ذلك مما نُشير إليه، ونَحذَر منه، خاصَّة بعض العمارات -الآن- والشُّقق السَّكنيَّة تجتمع!
هذا الاجتماع هو الذي جعل المسؤولين الصحِّيِّين يمنعون الصَّلاة في المساجد من أجل الاجتماع؛ فمن باب أولى: في البيوت.
أما في البيت الواحد والشقَّة الواحدة التي أهلُها مع بعض -طيلة الفترة-؛ هي الصُّورة مختلفة.
أما أن نجتمع وقت الصَّلوات أهل العمارة الواحدة، الدور الأول..الدّور الثّاني..كل دور -ممكن- يكون فيه شقَّتان أو ثلاث شُقق..؛ لا؛ هذا غير مقبول في هذه الظُّروف.

9. السُّؤال:
هل على الدَّين زكاة؟
الجواب:
الدَّين نوعان: إمَّا دَين حيٌّ، وإمَّا دَين ميِّت.
الدَّين الحي: عليه الزَّكاة كما لو أن المال في جيبِك.
أمَّا الدَّين الميِّت: فليس عليه زكاة إلا إذا جاءك، وأحياهُ الله بعد موتِه.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

10. السُّؤال:
إذا كان السَّفر غير سفر الطَّاعة: هل يجوز فيه الفطر؟
الجواب:
الذي يُسافر سفر غير طاعة: هل يسأل أنَّه يُفطر أو لا يُفطر؟ أو: يجوز له، أو لا يجوز؟
القضيَّة فيها تناقُض!
ومع ذلك؛ أنا أقول: هذا بحَثَه أهلُ العلم، واختلفوا فيه، وأنا أَميل إلى أنَّه (لا يُفطِر)، وهذا من باب تقليل الشَّر ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا.
أمَّا فوق إثمِه في سفره؛ نقول له: يجوز لك أن تُفطر؟!!
نحن نُغلق عليه الطَّريق، ونقول له: لا تُفطر؛ لأن سفرك فيه هذه المخالَفة الشَّرعية.
مع الإشارة إلى القول الآخر الذي يذكره أهلُ العلم.

11. السُّؤال:
ما هو أجر مَن قدَّم السحور لمسلم -سواء في رمضان أو غير رمضان-؟
الجواب:
النَّبي عليه الصلاة والسلام يقول: «في كلِّ كبدٍ حرَّى رطبةٍ أجر»، سواء في سحور، سواء في فطور، سواء في غداء، سواء في عشاء، سواء في رمضان، سواء في غير رمضان..هذا كلُّه -إن شاء الله- فيه أجرُه وثوابه.
لكن حديث: «مَن فَطِّر صائمًا؛ فَلَهُ مِثلُ أجرِه مِن غير أن يَنقص مِن أجورِهم شيئًا» هذا في الفطور الرَّمضاني، وليس عندنا دليل يجعلنا نقوله في السحور.

12. السُّؤال:
ما معنى قول القائل: (اللهمَّ لا تُخرجنا مِن فِكرك) -هذا يدعو به شخص في الإذاعة-؟
الجواب:
غريب هذا السُّؤال!! (مِن فِكرك)!! وهل يَغيب عن الله شيءٌ حتى يُخرج أو يُدخِل!؟! حاشا وكلَّا!
اللهُ -سبحانه وتعالى- يَعلم ما كان وما يكون وما هو كائن، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
لا تَخفى عليه خافية في الأرض ولا في السَّماء، ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾.
فلا يُقال: (لا تُخرجنا مِن فِكرك)! عِلم الله مُستوعِب لكل المخلوقات وكل الحقائق وكل الموجودات.
فالعبارة موهِمة -معذرةً-! وذلك: نحن نقول: لو أنَّه قال: اللهمَّ لا تُخرجنا من رحمتك..اللهمَّ لا تُخرجنا من جنَّتك.. -مثلًا-..نحن -الآن- لسنا نُدقِّق في العبارات التي نقترحها..ولكن نتكلَّم عن عبارة تتكرَّر -كما ورد في السُّؤال-.

13. السُّؤال:
ما هو الفهم الصَّحيح لكلام العلامة الألباني أن الإيمان بدون عمل لا يُفيد؛ فالله -عزَّ وجلَّ- حينما يَذكر الإيمان يَذكره مقرونًا بالعمل الصَّالح؛ إلا إن كان نتخيَّله خيالًا، من هنا مَن قال: (أشهد أن لا إله إلا الله..) ومات، من هنا هذا نستطيع نتصوَّره، لكن: إنسان يقول: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) ويعيش دهرًا مما شاء الله ولا يعمل صالحًا؛ فعدمُ عمله الصَّالح هو دليل أنَّه يقولها بلسانه ولم يدخل الإيمان إلى قلبه، فذِكر الأعمال الصالحة بعد الإيمان ليدل على أن الإيمان النافع هو الذي يكون...
الجواب:
معروفة هذه العبارة، وهي عبارة قديمة جدًّا، قالها في شرح الأدب المفرد في دمشق -ممكن في السِّتِّينيَّات، أو لعله قبل ذلك-والله أعلم-.
لكن: هذه العبارة -الحقيقة- يجب أن تُفهم بالنسبة لكلام شيخِنا من جهتَين:
الجهة الأولى: التَّصوُّر الدُّنيوي، فعلًا من النَّاحية الدُّنيويَّة هذا غير متصوِّر.
لكن: من الناحية الأخرويَّة متصوَّر، وقد جاءت النُّصوص بذلك: «أخرِجوا من النَّار مَن ليس في قلبِه إلا مثقال ذرَّة» هذا كيف نتصوَّره في الدُّنيا؟
لا أريد أن أقول: (مَن لم يعمل خيرًا قط)، لا؛ أريد أن أقول: «مثقال ذرَّة» كيف نتصوَّره في الدُّنيا؟ لكنَّه موجود في الآخرة، وعِلم الله به هو الذي يُحدِّد وجودَه وعدمَه، أمَّا نحن: لا نستطيع تصوُّرَه دنيويًّا.
الأمر الثَّاني أن قول شيخنا الذي انتصر له كثيرًا، حتى جعل بعض المتسرِّعين يتَّهمونه بالإرجاء وأنَّه مُرجئ..! حتى بعض الحمقى قال: (جهمي)! هذا لا يتَّقي الله في نفسه، ولا في شيوخ العلم، ولا في السُّنَّة، ولا في أهل السُّنَّة!
قُل: (أخطأ الألباني)، أمَّا أن تقول: (مُرجئ)، وأن تقول: (جهمي)، أو أن تقول: (فيه إرجاء) تتلاعب بالألفاظ -هكذا-! هذا لا يَصلح، ولا يليق، ولا يجوز -بأي حال من الأحوال لمن كان عنده قلبٌ أو ألقى السَّمع وهو شهيد-.
الإمام الألباني إمام من أعظم أئمَّة أهل السُّنَّة -في العصر الحديث-؛ لكنَّه بشر، ويصيب ويُخطئ، كالشَّيخ ابن باز وكالشَّيخ ابن عثيمين -ومن في طبقتِهم-، هم بشر؛ لكنَّهم أجِلَّاء وقامات عاليات في العلم والمعرفة والسُّنَّة.
لمن كان شيء من العلم وسويَّة من المعرفة أن يُخطِّئ؛ لكن: بأدب، وباحترام وتقدير وتبجيل، لا على مذهب (كفرَ الشَّيخ! رضي الله عنه!!) -والعياذُ بالله- في القصَّة التي يذكرها لنا شيخُنا -ووُجدت في أشرطتِه كثيرًا-وكثيرًا جدًّا-.
هذه -للأسف الشَّديد- أساليب لا تَليق بطلبة العلم، ولا ينبغي لمن يَنسب نفسَه إلى العلم.
الشَّيخ الألباني أشد من حاربَ الفرق المنحرِفة -سواء من المرجئة، أو من الخوارج، أو من الرَّوافض-.
بل: أنا لا أعلم -في هذا العصر- مَن هو على دِراية ومعرفة بالْفِرَق وبخباياها وخفاياها والجماعات والأحزاب مثل شيخِنا الشَّيخ الألباني، لا أقول هذا لأنَّه شيخُنا؛ ولكن أقول هذا لأنِّي أعرفه وأعرف غيرَه من إخوانه العلماء والأئمَّة، وكلُّهم على الرَّأس والعين؛ لكن: كلُّهم قد ميَّزه الله -تعالى- بشيء يَفوق به إخوانَه الآخَرين، ومما ميَّز الله به شيخَنا -رحم اللهُ الجميع- أنَّه كان ذا معرفة وخبرة عميقة -وعريقة- بالأفكار والمذاهب والْفِرَق والجماعات، ثم يُتَّهم بذلك؟!!
هذا عجبٌ عُجاب! ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.
[دعاء]
اللهمَّ اهدِنا للصَّواب، واشرح نُفوسَنا للحق، وتقبلنا، واقبَل منَّا، يا ربَّ العالَمين؛ إنَّك سميع مُجيب.
في هذه الأيَّام المبارَكات، وفي هذه الليالي المبارَكات: نسألك -اللهمَّ- أن تُثبِّتنا، وأن تَهديَنا، وأن تَهديَ بنا، وأن تُطيل أعمارَنا بالصِّحَّة والعافية والإيمان، وأن تُحسِن خواتيمَنا بِمنِّك وكرمك، وخواتيم إخواننا وأهلينا وأبنائنا وذرِّياتِنا، وعُموم المسلمين، وأن تَهديَ الضَّالين والكافرين، وما ذلك على الله بِعزيز.




انتهى اللِّقاء الرَّابع والأربعون

رد مع اقتباس