عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-28-2009, 09:24 AM
عبدالله الشريده عبدالله الشريده غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
الدولة: شمالي (الاغوار)
المشاركات: 34
Post سنّة الجمعة القبليّة

[59] * سنّة الجمعة القبليّة :
كان  يخرج من بيته يوم الجمعة ، فيصعد منبره ، ثم يؤذّن المؤذّن ، فإذا فرغ أخذ النبي  في خطبته(2).
ولو كان للجمعة سنّة قبلها ، لأمرهم النبي  بعد الأذان ، بصلاة السنّة ، وفعلها هو  . ولم يكن في زمن النبي  غير الأذان بين يدي الخطيب .
قال الشافعي : ((وأحب أن يؤذّن مؤذّن واحد ، إذا كان على المنبر ، لا جماعة مؤذنين)) ثم ذكر عن السائب بن يزيد : أن الأذان كان أوّله للجمعة حين يجلس الإمام على المنبر ، على عهد رسول الله  وأبي بكر وعمر ، فلما كانت خلافة عثمان ، وكثر الناس ، أمر عثمان بأذان ثان ، فأذّن به ، فثبت الأمر على ذلك .
وعلّق عليه بقوله : ((وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه ، ويقول : أحدثه معاوية . وأيّهما كان ، فالأمر الذي على عهد رسول  أحبّ إليّ))(3).
ومن الجدير بالذّكر أن الأذان الذي أحدثه عثمان ـ رضي الله عنه ـ كان على الزَّوْراء ، وهي دار في السوق ، ووقع التصريح بالسبب في يعض روايات حديث السائب ، ففي بعضها : ((فلما كان خلافة عثمان ، وكثر الناس ، وتباعدت المنازل ، . . . ))(4).
وفي بعضها : ((ليعلم الناس أن الجمعة قد حضرت))(5).
ونقل القرطبي عن الماوردي في هذا الأذان : ((فعله عثمان ، ليتأهب الناس لحضور الخطبة ، عند اتّساع المدينة ، وكثرة أهلها))(6).
وهذا السبب لا يكاد يتحقق في عصرنا هذا إلا نادراً ، وذلك في مثل بلدة كبيرة تغص الناس على رحبها ، كما كان في الحال في المدينة المنورة(1)، ليس فيها إلا مسجد واحد يجمع الناس فيه ، وقد بعدت منازلهم عنه لكثرتهم ، فلا يبلغهم صوت المؤذّن ، الذي يؤذّن على باب المسجد . وأما بلدة فيها جوامع كثيرة ، لا يكاد المرء يمشي فيها خطوات حتى يسمع الأذان للجمعة من على المنارات ، وقد وضع عليها الآلات المكبّرة للأصوات ، فحصل بذلك المقصود الذي من أجله زاد عثمان الأذان ، ألا وهو إعلام الناس .
وإذا كان الأمر كذلك ، فالأخذ حينئذ بأذان عثمان من قبيل تحصيل الحاصل ، وهذا لا يجوز ، لا سيما في مثل هذا الموضع الذي فيه التزيّد على شريعة رسول الله  دون سبب مبرر ، وكأنه لذلك كان علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وهو بالكوفة ، يقتصر على السنّة ، ولا يأخذ بزيادة عثمان ، كما قال القرطبي في ((تفسيره))(2).
والخلاصة : أننا نرى أن يكتفي بالأذان المحمّدي ، وأن يكون عند خروج الإمام ، وصعوده على المنبر ، لزوال السبب المبرر لزيادة عثمان ، واتّباعاً لسنّة النبي  (3).
إذا تقرر لك هذا ، وعلمت أنّ أذان عثمان لم يكن في المسجد ، وإنما نقله هشام بن عبد الملك إلى المشرفة ، ومن ثم بين يديه ، وتبعه على ذلك مَنْ بعده مِنْ الخلفاء إلى زماننا هذا ـ كما بسطه الشاطبي وغيره (4)ـ تبيّن لك بوضوحٍ أنه لا مكان لسنّة الجمعة القبليّة ، اللهم إلا أن يُقال : إن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ كانوا يصلونها ، عندما يشرع النبي  في الخطبة !! ولو فعلوا لنُقل إلينا .
فإن قُلْتَ : إن النبي  أمر الدّاخل إلى المسجد ، وهو يخطب ، أن يصلي ركعتين .
قُلتُ : هما تحية المسجد ،لأنه لم يأتِ بهما ، فقال له : ((قم ، فَصَلّ ركعتين))(1).
ووقع في ((سنن ابن ماجه))(2)من حديث أبي هريرة وجابر قالا : جاء سُلَيْك الغَطَفَانيّ ، ورسول الله  يخطب فقال له النبي  : أصلّيت ركعتين ، قبل أن تجيء ؟ قال : لا . قال فَصَلَّ ركعتين وتجوّز فيهما .
قال أبو شامة : ((قال بعض مَنْ صنّف في عصرنا : قوله : ((قبل أن تجيء)) يدلّ على أن هاتين الرّكعتين ، سنة للجمعة قبلها ، وليستا تحية للمسجد(3).
كأنه توهم أن معنى قوله : ((قبل أن تجيء)) قبل أن تدخل المسجد ، أنه صلاحهما في بيته ، وليس الأمر كذلك ، فقد أخرج هذا الحديث في ((الصحيحين))(4) وغيرهما(5)، وليس في واحد منها هذا اللفظ ، وهو قوله : ((قبل أن تجيء)) .
وفي ((صحيح البخاري)) عن جابر قال : جاء رجل والنبي  يخطب الناس ، يوم الجمعة ، فقال : صلَّيت يا فلان ؟ قال : لا . قال : قُمْ ، فاركع(6).
وفي ((صحيح مسلم)) عن جابر قال : جاء سُلَيْكٌ الغَطَفَانيّ يوم الجمعة ، ورسول الله قاعدٌ على المنبر ، فقعد سليك قبل أن يصلّي ، فقال له : ((يا سليك ! قُمْ فاركع ركعتين ، وتجوَّز فيهما))(7).
فقول النبي  : ((قم)) دليل على أنه لم يشعر به ، إلا وهو قد تهيّأ للجلوس ، فجلس قبل أن يصلي ، فكلمه حينئذ ، وأمره بالقيام ، وجوّز أن يكون صلّى الركعتين عند أوّل دخوله إلى المسجد ، قريباً من الباب ، ثم اقترب من رسول الله  ، ليسمع الخطبة ، فسأله : ((أصلّيت)) قال : لا .
فقوله ـ فيما أخرجه ابن ماجه ـ ((قبل أن تجيء)) يحتمل أن تكون معناه : قبل أن تقترب مني ، لسماع الخطبة ، وليس المراد : قبل أن تدخل المسجد، فإن صلاته قبل دخول المسجد غير مشروعة ، فكيف يسأل عنها !! وذلك أن المأمور به ، بعد دخول وقت الجمعة ، إنما هو السعي إلى مكان الصّلاة فلا يشتغل بغير ذلك ، وقبل دخول الوقت ، لا يصح فعل السنّة ، على تقدير أن تكون مشروعة))(1).
ويؤيّد صحة الكلام السابق :
أولاً : قال الحافظ المزي في لفظة ابن ماجه ((قبل أن تجيء)) : ((هذا تصحيف من الرواة . إنما هو ((أصليت قبل أن تجلس)) فغلط فيها الناسخ)) وقال أيضاً : ((و ((كتاب ابن ماجه)) إنما تداولته الشيوخ ، لم يعتنوا به ، بخلاف صحيحي البخاري ومسلم ، فإن الحفّاظ تداولوهما ، واعتنوا بضبتهما وتصحيحهما)) قال : ((ولذلك وقع فيه أغلاط وتصحيف))(2).
ثانياً : أن الذي اعتنوا بضبط سنن قبلها وبعدها ، وصنّفوا في ذلك من أهل الأحكام والسنن وغيرها ، لم يذكر واحد منهم هذا الحديث في سنّة الجمعة قبلها ، وإنما ذكروه في استحباب فعل تحيّة المسجد ، والإمام على المنبر ، واحتجّوا به على مَنْ منع مِنْ فعلها في هذه الحال ، فلو كانت في سنّة الجمعة ، لكان ذكرُها هناك ، والترجمةُ عليها ، وحفظها ، وشهرتها ، أولى من تحية المسجد(3).
ثالثاً : أن النبي  لم يأمر يهاتين الركعتين ، إلا الداخل ، لأجل أنها تحية المسجد ، ولو كانت سنة الجمعة ، لأمر بها القاعدين أيضاً ، ولم يخص بها الدّاخل وحده(1).
فإن قُلْتَ : لعله  صلّى السنّة في بيته ، بعد زوال الشمس ، ثم خرج ؟ قلتُ لو جرى ذلك لنقله أزواجه ـ رضي الله عنهن ـ كما نَقَلْنَ سائر صلواته في بيته ، ليلاً ونهاراً ، وكيفية تهجّده ، وقيامه بالليل ، وحيث لم يصح شيء من ذلك ، والأصل عدمه ، دلّ على أنه لم يقع ، وأنه غير مشروع .
وأما الحديث الذي رواه أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن ياسر في ((حديث أبي القاسم
علي بن يعقوب)) : (108) عن إسحاق بن إدريس ثنا أبان ثنا عاصم الأحوال عن نافع عن عائشة مرفوعاً بلفظ : ((كان يصلّي قبل الجمعة ، ركعتين في أهله)) .
فهو باطل موضوع ، وآفته إسحاق هذا ، وهو الأسواري البصري ، قال ابن معين : ((كذّاب يضع))(2).
وتفرّد هذا الكذّاب ، برواية هذا الحديث من الأدلة الظّاهرة على ما قلناه .
فإن قُلْتَ : إن الجمعة ظهرٌ مقصورة ، فلها سنة قبلها ، مثلها .
قُلتُ : هذا الكلام بمعزلٍ عن التحقيق من وجوه :
الأول : لا يجوز القياس في شرعية الصّلوات(3).
الثاني : أن السنة ما كان ثابتاً عن النبي  من قول أو فعلٍ ، أو سنّة خلفائه الراشدين ، وليس في مسألتنا شيء من ذلك(4)، ولا يجوز إثباتُ السنن في مثل هذا بالقياس ، لأن هذا مما انعقد سببُ فعله في عهد النّبيّ  ، فإذ لم يفعله ، ولم يشرعه ، كان تركه هو السنة .
الثّالث : أن الجمعة صلاةٌ مستقلّة ، تخالف الظّهر في الجهر والعدد والخطبة ، والشروط المعتبرة لها ، وتوافقها في الوقت ، وليس إلحاق مسألة بموارد الاتفاق أولى من إلحاقها بموارد الافتراق ، بل إلحاقها بموارد الافتراق أولى ،لأنها أكثر مما اتّفقا فيه(1) .
الرابع : أخرج البخاري في ((صحيحه)) عن ابن عمر قال : صليت مع النبي  سجدتين قبل الظهر وسجدتين بعد الظهر ، وسجدتين بعد المغرب ، وسجدتين بعد العشاء ، وسجدتين بعد الجمعة(2) .
وهذا دليل على أن الجمعة عندهم غير الظهر ، وإلا ما كان يحتاج إلى ذكرها لدخولها تحت اسم الظهر ، ثم لم يذكر لها سنة إلا بعدها ، فدلّ هذا على أنه لا سنّة قبلها(3) .
الخامس : هب أن الجمعة ظهر مقصورة ، فالنبي  ، لم يكن يصلى في سفره سنة للظهر المقصورة ، لا قبلها ولا بعدها ، وإنما كان يصليها إذا أتم الظهر ، فصلى أربعاً ، فإذا كانت سنته التي قبلها في الظهر المقصود ، خلاف التامة ؛ كان ما ذكروه حجة عليهم لا لهم ، وكان السبب المقتضي لحذف بعض الفريضة ، أولى بحذف السنة الراتبة ، كما قال بعض الصحابة : لو كنت متطوعاً لأتممت الفريضة(4) .
فإن قُلت : فما معنى قول البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ في ((صحيحه)) : باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها :
حدثنا عبدالله بن يوسف أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن الرسول الله  كان يصلّي قبل الظهر ركعتين ، وبعدها ركعتين ، وبعد المغرب ركعتين في بيته ،
وبعد العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف ، فيصلّي ركعتين(1) ؟
قُلتُ : مراده من هذه الترجمة : أنه هل ورد قبلها وبعدها شيء ، ثم ذكر هذا الحديث ، أي : أنه لم يرد إلا بعدها ، ولم يرد قبلها شيء ، والدليل على أن هذا مراده : أنه قال في ((كتاب العيد)) : باب الصّلاة قبل العيد وبعدها(2) .
فترجم البخاري للعيد . مثل ما ترجم للجمعة ، ولم يذكر للعيد إلا حديثاً دالاً على أنه لا تشرع الصّلاة قبلها و بعدها ، فدلّ ذلك على أن مراده من الجمعة ما ذكرناه(3) .
((ولهذا كان جماهير الأئمة ، متّفقين على أنه ليس قبل الجمعة سنة موقتة بوقت ، مقدّرة بعدد ، لأن ذلك إنما يثبت بقول النبي  أو فعله ، وهو لم يسن في ذلك شيئاً ، لا بقوله ولا بفعله ، وهذا مذهب مالك والشافعي وأكثر أصحابه ، وهو المشهور في مذهب أحمد))(4) .
وقال العراقي : ((ولم أر للائمة الثلاثة ندب سنة قبلها)) .
وعلّق عليه المحدّث الألباني بقوله : ولذلك لم يرد لهذه السنّة المزعومة ذكر في ((كتاب الأم)) للإِمام الشافعي، ولا في ((المسائل)) للإِمام أحمد، ولا عند غيرهم من الأئمة المتقدّمين فيما علمت .
ولهذا فإني أقول : إن الذين يصلّون هذه السنّة ، لا  الرسول اتّبعوا ، ولا الأئمة قلّدوا ، بل قلدوا المتأخرين ، الذين هم مثلهم في كونهم مقلّدين غير مجتهدين، فاعجب لمقلّد يقلّد مقلّداً(5).
مما تقدّم : تبيّن لك خطأ من يصلّون بين الأذانين يوم الجمعة ، ركعتين أو أربعاً ، ونحو ذلك ، معتقدين أن ذلك سنّة للجمعة قبلها ، كما يصلّون السنّة قبل الظهر ، ويصرّحون في نيّتهم ، بأنها سنّة الجمعة !! لأن النصوص صريحة في أنّ الحقّ أن الجمعة لا سنة قبليّة لها ، وليس بعد الحقّ إلا الضَّلال ، نسأله تعالى أن يهدينا جميعاً إلى معرفة الدّين ، وأن يوفقنا للعمل به ، مخلصين له الدّين ، متعبين سنّة سيّد الأولين والآخرين ، اللهم آمين .

القول المبين في أخطاء المصلين
تأليف
الفقير إلى عفو رّبه
أبو عبيدة مشهور بن حسن بن محمود بن سلمان
__________________
ابوايوب الاثري
==
النصيحه هي المسؤوليه المشتركه في العمل الدعوي(المدخلي)

فـ: الحمدُ لله أنَّنا سلفيُّون:
لا حزبيُّون..
ولا عصبيُّون..
ولا عنصريُّون..
ولا مقلّدون..
ولا لغير الله مُقدّسون..
(ش علي الحلبي)
رد مع اقتباس