عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-07-2015, 01:44 AM
عبدالله التيمي عبدالله التيمي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Dec 2014
المشاركات: 15
افتراضي مسامحة المعسر أوانظاره للشيخ فالح جبر الظفيري

مسامحة المعسر أو انظاره
قال الله تعالى:{وَإِن كَانَ ذو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }(1)
إن في التجاوز عن المعسرين أجراً عظيماً ,وكذلك إمهالهم وإعطائهم فسحة كافية يسددون ما عليهم من دَيْن ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " كان رجل يُداين الناس ؛ فكان يقول لفتاه :( إذا أتيت معسراً فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا ). فلقي الله فتجاوز عنه "(2)
وقال صلى الله عليه وسلم :" حوسب رجل ممن كان قبلكم, فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسراً ، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر ، قال : قال الله عز وجل: نحن أحق بذلك منه ، تجاوزوا عنه"(3).
وعن النبي صلى الله عليه وسلم:" من نفّس عن غريمه ، أو محا عنه ، كان في ظل العرش يوم القيامة)(4).
وقال صلى الله عليه وسلم:" من أنظر معسراً فله كل يوم صدقة قبل أن يحل الدين ، فإذا حل الدين فأنظره بعد ذلك, فله كل يوم مثليه صدقة " (5)
فانظروا الأجر العظيم الذي غفل عنه كثير من الناس ، فتجد البعض ممن أغناهم الله قد أهملوا هذا الثواب ، وربما لم يسجل في صحيفتهم يوماً تجاوزاً عن معسر !
قال الشيخ ابن عثيمين :" إذا كنت تطلب شخصاً معسراً ،فإنه يجب عليك أن تيسر عليه, وجوباً لقوله تعالى: { وَإِن كَانَ ذو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ }(6) وقد قال العلماء – رحمهم الله- من كان له غريم معسر, فإنه يحرم عليه أن يطلب منه الدين ، أو أن يطالبه به ، أو أن يرفع أمره إلى الحاكم ، بل يجب عليه إنظاره .
ويوجد بعض الناس – والعياذ بالله – من لا يخافون الله ، ولا يرحمون عباد الله ، يطالبون المعسرين ، ويضيقون عليهم ، ويرفعون أمرهم إلى الجهات المسئولة فيحبسون ويؤذون ويمنعون من أهلهم ومن ديارهم ، كل هذا بسبب الظلم ، وإن كان الواجب على القاضي إذا ثبت عنده إعسار الشخص ، فواجب عليه أن يرفع الظلم عنه وأن يقول لغرمائه : ليس لكم شيء .
والمهم أن عليكم إذا رأيتم شخصاً يطالب معسراً أن تبينوا له أنه آثم ، وإن ذلك حرام عليه ، وأنه يجب عليه,وإنه يجب عليه إنظاره , لقوله تعالى :{ وَإِن كَانَ ذو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ }(1) وأنه إذا ضيق على أخيه المسلم ، فإنه يوشك أن يضيق عليه في الدنيا أو في الآخرة ، أو في الدنيا والآخرة معاً ، ويوشك أن يعجل له بالعقوبة ، ومن العقوبة أن يستمر في مطالبة هذا المعسر وهو معسر ، لأنه كلما طالبه ازداد إثماً ...)(2)
لماذا لا يتجاوز صاحب العقار عن الإيجار لهذا المحتاج الذي يسكن في ملكه ، هذا الذي يكدح على أسرة تثقل كاهله بالمتطلبات والحاجيات .
إن هذا المحتاج ( المستأجر) في شقاء وتعب مدة شهر كامل من أجل أن يسدد أجرة سكنه, فلا يبقى معه ما يكفي لحاجات أسرته وأطفاله ، فتجده يقصر في الإنفاق عليهم في جانب الطعام أو الكساء أو العلاج ، ويحاول أن يوفر ساعة أو ساعتين من الكهرباء ، فيغلق ( المكيف) على أولاده في هذا الحر الشديد من أجل أن يعطي صاحب السكن أجرته !!
فلماذا يا (صاحب العقار) لا تستغني عن الإيجار عدة أشهر في السنة أو شهرٍ أو شهرين ؟ ولماذا لا تتجاوز عن أخيك في أيام عسرته ؟ لماذا لا تخفف عنه قيمة السكن ليتنفس الصعداء قليلاً ، ويبارك لك الله في مالك ويدعو لك أخوك المسلم وأبناؤه؟
هل أنت في غنى عن فضل الله عز وجل ؟ هل أنت في غنى عن النجاة من كربات يوم القيامة؟ هل أنت مستغن عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" من سره أن ينجيه الله من كُرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه "(3)
هل أنت مستغن عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" من أنظر معسراً أو وضع عنه ، أظله الله في ظله "(1).
ألم تسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" والذي نفسي بيده !لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ـ أو قال لأخيه ـ ما يحب لنفسه [من الخير] " (2)؟
تصور لو أنك مكان هذا الشخص المستأجر عندك ، ألا تحب أن يسامحك صاحب العقار في بعض الأشهر ويخفف عنك في قيمته ؟ كم تكون فرحتك لو جئته بالإيجار ثم قال لك : أنت في حل هذا الشهر ؟
أيها الأخ إن " صفو العيش لا يدوم ، وإن متاعب الحياة وأرزاءها ليست حكراً على قوم دون قوم ، وإن حساب الآخرة لعسير, وخذلان المسلم شيء عظيم ... إن بعض غلاظ الأكباد وقساة القلوب ينظرون إلى الضعيف والمحتاج , وكأنه قذى في العين ، يُزلِقُونَه بأبصارهم في نظرات كلها اشمئزاز واحتقار ، ألا يعتبر هؤلاء بأقوام دار عليهم الزمان وعدت عليهم العوادي, واجتاحتهم صروف الليالي ، فاستدار عزهم ذلاً ، وغناهم فقراً ونعيمهم جحيماً "(3).
كان السلف يسامحون أصحابهم الأغنياء في القرض وليس فقط المحتاجين ، فلعثمان بن عفان رضي الله عنه على طلحة بن عبيدالله خمسون ألفاً رضي الله عنهما، فخرج عثمان إلى المسجد, فقال له طلحة : قد تهيأ مالك فاقبضه . قال : هو لك يا أبا محمد معونة لك على مُرُوءتك !

من كتاب فضل البذل والعطاء 70-74 للشيخ فالح جبر الظفيري

رد مع اقتباس