عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 12-16-2012, 06:27 PM
علي بن حسن الحلبي علي بن حسن الحلبي غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,679
افتراضي



....(طرق التحمّل)-وهو : سماع الحديث- :
....يُقصَد بـ (طرق التحمل)-أي: طرق السماع- : الطريقة العلمية المعروفة من الطرق التي أخذ راوٍ -ما- بها الحديثَ عن شيوخه.

....ونقدم بين يَدَيْ ذِكرنا طرقَ نقل الحديث وتحمّله أي:سماعه- وهي أنواع- فائدتين :


....الأولى :
....يصح التحمل-السماع- قبل وجود الأهليّة التي هي : صلاحيَة الشخص للرواية، واستعداده لها-؛ فتُقبل رواية من سمع الحديثَ قبل الإسلام وروى بعده.
....وكذلك: رواية مَن سمع قبل سنّ البلوغ وروى بعده.
....ومَنَعَ قومٌ ذلك ذلك ؛ فأخطؤوا : لأن الناس قبلوا روايةَ صغار الصحابة قبل بُلوغهم- : كالحسن والحُسين وابن عباس وعبدالله بن الزُّبير والنعمان بن بَشـير- وغيرهم- من غير تفريقٍ بين ما سمعوه قبل البلوغ أو بعده.
....ومِن أمثلة مَن سمع في حال الكفر: جُبَيْر بن مُطْعِم رضي الله عنه- كما في الحديث المتفق عليه -: أنه سمع النبي- صلى الله عليه وسلم -يقرأ في المغرب بـ (الطور).
....وكان جاء في فداء أسرى بدر قبل أن يُسلم.
....وفي رواية للبخاري:«.....وذلك أولَ ما وقر الإسلام في قلبي».


....الثانية :
....يصحُّ سماع الصغير إذا عَقَلَ وضَبَطَ:
....فعن الإمام أحمد بن حنبل أنه سئل : متى يجوز سماع الصبي؟
....قال : إذا عقل وضبط.
....فذُكر له عن رجل أنه قال : لايجوز سماعه حتى يكون له خمسَ عشرةَ سنةً!؟
....فأنكر أحمد بن حنبل قولَه ، وقال : بئس القول!
....ونقل القاضي عِيَاضٌ في كتابه «الإلماع » أن أهل الصنعة –أي : المتخصّصين من أهل الحديث- حددوا أول زمن يصح فيه السماع للصغير بخمـس سنين.
....وهذا رأي الجمهور .
....وحجّتهم في ذلك : ما رواه البخاري -وغيــره- من حديث محمود بن الربيع قال : عَقَلْتُ من النبي - صلى الله عليه وسلم - مَجَّـةً مَجَّها في وجهي من دلو وأنا ابن خمس سنين.
....وبوّب عليه البخاري-بقوله-: (متى يصحُّ سماع الصغير؟).
....وقوله :«مجّة» ؛ أي :رِشّة من الماء رشّها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِن فمه في وجهي.
....قال ابن الصلاح:
....والصوابُ: اعتبارُ التمييز ؛ فإنْ فَهِمَ الخطابَ ، ورَدَّ الجوابَ : كان مميِّزاً صحيحَ السماع -وإن لم يبلغ خمسًا-.

....وطرق تحمّل-أي: سماع- الحديث ثمانٍ :


....1 السماع من لفظ الشيخ:
....وهو أرفع الأقسام وأجلّها، وأعلى طرق التحمّل والسماع -عند الجمهور-.

....والسماع ينقسم إلى:
....-إملاء.
....-وتحديث من غير إملاء.

....والإملاء هو : أن يُسمِع الشيخُ طلابَه الحديثَ مِن لفظه-مباشرة-، أو بواسطة مَن يُسمع حديثَه ويسمع عند المحدثين:المستملي-؛ كل ذلك على تمهل وعدم استعجال؛ بحيث يكفي ذلك لتحقّق ما يَسمعونه وكتابته.
....وسواءً كان هذا الإملاءُ كان من حفظه أو من كتابه.

....والإملاء أعلى منزلةً من غيره من طرق التحمّل والسماع الآتي ذكرُها-وإن استَوَوْا في أصل الرتبة-.

....2 القراءة على الشيخ :
....ويسميها أكثر المحدثين : (عرضًا):
....وسبب ذلك: أن القارئ يَعرض على الشيخ ما يقرؤه كما يُعرض القرآن على المقرئ ـ.
....لكن ؛ قال الحافظابن حجر في « فتح الباري شرح صحيح البخاري» :
....بين (القراءة)، و(العرض) عمومٌ وخصوصٌ ؛ فالقراءة أعمّ من العرض ـ وتتحقق القراءة على الشيخ سواء قرأتَ عليه بنفسك ، أو قرأ غيــرُك عليه وأنت تسمع-.
....وكانت القراءة من كتاب أو حفظ.
....أو كان الشيخ يحفظ ما يُقرأ عليه، أو لا يحفظه، لكن :يُمسك أصله هو -أو ثقةٌ غيرُه-.
....ولاخلاف أنها رواية صحيحة ؛ إلا ما حُكي عن بعض مَن لا يُعتدّ بخلافه.


....3 الإجازة :
....وهي الإذن بالرواية -لفظًا أو كتابة-.
....واختلفوا أيضًا- في مرتبتها عمّا قبلها.
....وأصحّ الآراء: أنها دون القراءة على الشيخ والسماع منه-بدرجة كبيرة -جداً-.


....والإجازة سبعة أنواع :

....الأول :
....أن يجيز معيَّنًا لمعيَّن ،ن مثل أن يقول الشيخُ لتلميذ من تلاميذه-أو أكثر من واحد منهم- : أجزتكـ[ـم] كتابي هذا مثلاً-.
....واختلفوا في حكم الرواية والعمل بها:
....والذي عليه جمهور أهل العلم -واستقر عليه الرأي-: أنه يجوز الرواية بها، والعمل بها.
....نعم ؛ أبطلها جماعةٌ من المحدثين كشعبة- الذي قال : لو جــازت الإجازة لبطلت الرحلة.
....وهي إحدى الروايتين عن الإمام الشافعي.


....الثاني :
....أن يجيز غيرَ معيَّن لمعيَّن ؛ مثل أن يقول الشيخُ لتلميذ من تلاميذه-أو أكثرَ من واحد منهم-: أجزتكم مسموعاتي.
....والخلاف في جواز الرواية به هنا- أقوى من سابقه-وإن كان عمل كثير من متأخري المحدّثين على الجواز-.


....الثالث :
....أن يُجيز غيرَ معيَّن بلفظ العموم غيرَ معيّن-؛ كأن يقول الشيخ : أجزت المسلمين، أو: أهل زماني.
....والخلاف في حكمه أشدّ.
....والأظهر : المنعُ.


....الرابع :
....أن يجيزَ للمجهول ، أو بالمجهول:
....مثل أن يقول: أجزت لأحمد بن محمد.
....وفي هذا الوقت جماعة مشتركون بهذا الاسم ، ولا يعيِّن أحداً منهم.
....أو يقول: أجزت لفلان أن يروي عني كتابَ «السنن»، وهو يروي عدّةً من كتب «السنن»، ولا يعيِّن أيَّاً منها.
....وكذلك إذا قال: (أجزت لمن يشاء فلان)؛ فهذا فيه جهالةٌ -أولاً-، وتعليقٌ على شرطٍ بغيره! -ثانياً-.
....فالظاهر: أنه لا يصح.

....الخامس :
....أن يُجيز لمعدوم أي: غير موجود-؛ كأن يقول : أجزتُ لمن يولد لفلان!
....وله صورتان :
....-أن يعطف بالإجازة لمعدومٍ على موجود.
....-أوْ :الإجازة للمعدوم غير الموجود-مطلقاً-.
....والأول أولى بالجواز -قياسًا على تجويز الوقف على شخص -ما-وذرّيّته-.


....السادس :
....أن يجيز ما لم يتحمّله أي :يسمعه-؛ كأن يجيز غيرَه بما لم يسمعه هو أصلاً-؛ ليرويه هذا المجازُ .
....وهو ممنوع على الصواب.


....السابع :
....أن يجيز المجازَ بما هو به أُجيزَ ؛ كأن يقول : أجزتك مُجازاتي.
....وتسمى: (الإذن)
....وقد منع منه بعض مَن لا يُعتدّ به.
....والصحيح -الذي عليه العمل-: جوازه.


....4 المناولة :
....وهي أن يعطي الشيخُ الطالبَ أصلَ سماعه أو فرعاً مقابَلاً به كتابُه-, ويقول له : هذه روايتي عن فلان؛ فاروه عني.
....وهي صحيحةٌ.
....والأصل فيها ما علّقه البخاري في(كتاب العلم) -من«صحيحه»- :
....(أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب لأمير السرية كتاباً، وقال : لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا.
....فلما بلغ ذلك المكان: قرأه على الناس، وأخبرهم بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -).
....و(المناولة) ضربان :
....-مقرونة بالإجازة.
....-وغير مقرونة.

....فالمقرونة: أعلى مراتب الإجازة.
....وغير المقرونة؛ مثلُ: أن يناوله مقتصراً على قوله له : هذا سماعي!
....
....والرأي الصحيح أن (المناولة) أقل درجة من (السماع)، و(القراءة).
....وهو رأي الأئمة.
....والراجح-عندهم-:أنه لا تجوز الرواية بها.


....5 الكتابة :
....هي: أن يكتب الشيخ ما سمعه -أو بعضًا من حديثه- لحاضر عنده، أو غائب عنه- سواء كتب بخطه ،أو كُتب عنه بأمره، أو إذنه-.
....وهي ضربان :
....-مقرونة بالإجازة:
....وهذا الضرب -في الصحة والقوة- كالمناولة المقرونة بالإجازة,
....والضرب الثاني: الكتابة المجردة من الإجازة.
....وقد منع الروايةَ بها قومٌ ؛ منهم: القاضي أبو الحسن الماوردي الشافعي.
....وأجازها كثيرٌ من المتقدمين والمتأخرين ؛ منهم: منصور والليث بن سعد.
....ويكفي في الكتابة معرفةُ خط الكاتب.
....وقد اشترط بعضُهم البيِّنةَ!
....وهو رأيٌ ضعيفٌ.


....6 الإعلام :
....وهو إعلام الشيخِ الطالبَ أن هذا الحديث -أو الكتاب- سماعُه من فلان ؛ دون أن يأذن في روايته عنه.
....وقد جوّز الرواية به كثيرٌ من أصحاب الحديث والفقه والأصول والظاهرية ؛ منهم: ابن جريج وابن الصبّاغ.
....والصحيح: أنه لا تجوز الرواية به.
....لكن يجب العملُ به -إن صح إسناده-.
....وقطع بصحة هذا الرأي الغزاليّ في «المستصفى».


....7 الوصيّة :
....وهي: أن يوصي الشيخُ بكتاب يرويه عند موته- أو سفره- لشخص.
....وقد جوّز بعض السلف - رضوان الله عليهم - للموصى له أن يروي بتلك الوصية ؛ لأن في دفعها نوعًا من الإذن.
....وقد منعه البعضُ.
....لكنّ الصواب جوازه ؛ إذ إن الوصية أرفع رتبةً من الوجادة -بلا خلاف-.
....وهي معمولٌ بها عند الشافعي وغيره.
....فهذا أولى.


....8 الوِجَادة :
....مصدر للفعل (وجد)، وهو مصدرٌ لُغويّ غيرُ مسموع من العرب.
....وهي: أن يجد الراوي أحاديثَ بخطّ شيخٍ له -يعرفُه- لم يسمعها من الشيخ -نفسه-، ولم يأذن له الشيخ بالرواية عنه.
....وأما العمل بالوِجادة:

....فقد قال الحافظ الزيلعي في كتابه "نصب الراية":«(الكتاب)، و(الوجادة)، و(المناولة)- كلها- مرجوحات ؛ لما فيها من شبهة الانقطاع بعدم المشافهة».

....ونُقل عن معظم المحدثين المالكيين وغيرهم- أنه لا يجوز.
....وروي جوازُه عن الشافعي ونُظّار أصحابه.
....وقطع بعضُ المحققين الشافعيين بوجوب العمل بها -عند حصول الثقة-.
....وهذا حسنٌ-لو تحقّق-.
__________________
<a class="twitter-timeline" href="https://twitter.com/alhalaby2010" data-widget-id="644823546800181249">Tweets by @alhalaby2010</a>
<script>!function(d,s,id){var js,fjs=d.getElementsByTagName(s)[0],p=/^http:/.test(d.location)?'http':'https';if(!d.getElementB yId(id)){js=d.createElement(s);js.id=id;js.src=p+" ://platform.twitter.com/widgets.js";fjs.parentNode.insertBefore(js,fjs);}} (document,"script","twitter-wjs");</script>