عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 10-28-2012, 04:16 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي ماذا بعد الحج ؟ لفضيلة الشيخ صلاح بن محمد البدير. الخطيب بالمسجد النبوي الشريف

ماذا بعد الحج ؟

2.

لفضيلة الشيخ صلاح بن محمد البدير
الخطيب بالمسجد النبوي الشريف. جزاه الله خيرا.

15/ 12/ 1424 هـ.

الحمد لله، الحمد لله الذي عمّت رحمته كل خير ووسعت، وتمّت نعمته على العباد وعظمت، نحمده على نعمٍ توالت علينا واتسعت، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنجي قائلها يوم تذهل كل مرضعة عما ابتهلت أرضعت، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، جاهد في الله حق جهاده حتى علت كلمة التوحيد وارتفعت، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ما ابتَهَلتِ الوفودُ بالمشاعر العظام وَدَعَت.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون ! اتقوا الله فإن تقواه أربح بضاعة، واحذروا معصيته فقد خاب عبد فرط في أمر الله وأضاعه، ﴿ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ۞ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [سورة الأحزاب 70 - 71].

أيها المسلمون: إن عبادة العبد لربه هي رمز خضوعه ودليل صدقه وعنوان انقياده، شرف ظاهر، وعزّ فاخر، العبودية أشرف المقامات، وأسمى الغايات، اختارها المصطفى لنفسه على سائر المراتب والمقامات.

فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قا ل: "جلس جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى السماء، فإذا ملك ينزل، فقال جبريل: إن هذا الملك ما نزل منذ يوم خُلق قبل الساعة، فلما نزل قال : يا محمد، أرسلني إليك ربك، أفملِكا نبيًا يجعلك أم عبدًا رسولا؟ قال جبريل: تواضع لربك يا محمد، فقال: (بل عبدًا رسولا) أخرجه (أحمد بإسناد صحيح).

أيها المسلمون: في الأيام القليلة الخالية قضى الحجاج عبادة من أعظم العبادات، وقربة من أعظم القربات، تجردوا لله من المخيط عند الميقات، وهلت دموع التوبة في صعيد عرفات على الوجنات، خجلاً من الهفوات والعثرات، وضجت بالافتقار إلى الله كل الأصوات بجميع اللغات، وازدلفت الأرواح إلى مزدلفة للبيات، وزحفت الجموع بعد ذلك إلى رمي الجمرات، والطواف بالكعبة المشرفة، والسعي بين الصفا والمروة، في رحلة من أروع الرحلات، وسياحة من أجمل السياحات، عاد الحجاج بعد ذلك فرحين بما آتاهم الله من فضله.

﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُون [سورة يونس: 58]، خير من الدنيا وأعراضها وأغراضها التي ما هي إلا طيف خيال، مصيره الزوال والارتحال، ومتاعٌ قليل، عرضة للآفات، وصَدَف للفوات.

فهنيئًا للحجاج حجُهم، وللعُبَّاد عبادتهم واجتهادهم، وهنيئًا لهم قول الرسول فيما يرويه عن ربه - عز وجل - قال : (إذا تقرب العبد إليَّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، وإذا أتاني مشيًا أتيته هرولة) أخرجه (البخاري).

حجاج بيت الله الحرام: اشكروا الله على ما أولاكم، واحمدوه على ما حباكم وأعطاكم، تتابع عليكم برّه، واتصل خيره، وعم عطاؤه، وكملت فواضله، وتمت نوافله ﴿وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ [سورة النحل : 53].

﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَّحِيم [سورة النحل : 18].

حجاج بيت الله الحرام: ظنوا بربكم كل جميل، وأملوا كل خير جزيل، وقوّوا رجاءكم بالله في قبول حجكم، ومحو ما سلف من ذنوبكم، فقد جاء في الحديث القدسي: (قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي" أخرجه الشيخان، وعن جابر أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل موته بثلاثة أيام يقول : (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل) أخرجه (مسلم).

وعند الحاكم وصححه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (حسن الظن بالله من حسن العبادة) .


يُتبع إن شاء الله – تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس