عرض مشاركة واحدة
  #536  
قديم 01-23-2023, 08:26 PM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي



الأسباب التي دعت السخاوي إلى التجريح في الضوء اللامع

باستقراء مادة التراجم الواردة في "الضوء اللامع"، تظهر الأسباب الحاملة للسخاوي على تجريح المترجمين، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

أ- متابعة السخاوي لشيخه ابن حجر: وتقيده بأقواله في الرجال، ولقد صرح الشوكاني بهذا السبب الحامل للسخاوي على الوقيعة في العلماء فقال فيما قد نقلنا بعضه آنفا:"... وليت أن صاحب الترجمة صان ذلك الكتاب الفائق عن الوقيعة في أكابر العلماء من أقرانه، ولكن ربما كان له مقصد صالح، وقد غلبت عليه محبة شيخه الحافظ ابن حجر، فصار لا يخرج عن غالب أقواله، كما غلبت على ابن القيم محبة شيخه ابن تيمية ....

ويتجلى حب السخاوي لشيخه، وتقيده بأقواله وأفكاره في صور مختلفة نذكر هنا من بينها:

أ- تقليده في ذكر القدح والتجريح: ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره الشوكاني عند ترجمة محمد بن عطاء الله الرازي (ت829هـ)، فإنه قال:"... وقد انتقصه الحافظ ابن حجر ووصفه بالكذب، وكذلك قال السخاوي".

والمتأمل في الضوء اللامع يقف على مواضع كثيرة، قد تابع السخاوي فيها شيخه ابن حجر في نقل وصف جارح في حق المترجم له، كقوله عند ترجمة علي بن محمود الحنبلي المعروف بابن المغلي (ت828هـ):"... لكن وصفه شيخنا بالزهو الشديد، والبأو الزائد، والإعجاب البالغ..."، وقوله عند ترجمة فتح الله بن مستعصم الداودي التبريزي (ت816هـ):"قال شيخنا وكانت خصاله كلها حميدة إلا البخل والحرص والشح المفرط حتى بالعارية...".

ب- وكثيرا ما كان السخاوي يصف من يترجم له بوصف يكون سببه حادثة جرت للمترجم مع ابن حجر، ففي ترجمة قانباي الجركسي (ت866هـ) قال: "ونالته السعادة وعظم، وصارت له كلمة نافذة، ووجاهة تامة مع تدين ووثوق برأي نفسه، وظنه التفقه، ومزيد طيش وخفة، وهذيان كثير، ورفع صوت بما يستحيا منه حتى إنه قال لشيخنا: أنت شيخ الإسلام وأنا فارس الإسلام".

ت- والسخاوي في "الضوء اللامع" مهتم بذكر ما كان يحصل بين شيخه وذريته، وبين من يترجم له من منازعات ومناقشات، وذلك مشعر بانحطاط منزلة المترجم عنده، ففي ترجمة محمد بن أحمد بن صالح الشطنوفي القاهري(ت873هـ) قال: "وهو الذي حاقق ابن شيخنا وأفحش وصمم على المعارضة، وتألم والده شيخنا من ذلك".

ج- ولقد أدى تعلق السخاوي بابن حجر إلى تعقب من يعترض عليه، وينتقده في بعض ماورد في بعض كتبه، ففي ترجمة يوسف بن شاهين الجمال القاهري سبط ابن حجر قال السخاوي في أثناء ذكر جملة من تصانيف المترجم: "... والنجوم الزاهرة بأخبار قضاة مصر والقاهرة، وقد رأيت هذا الكتاب خاصة، وهو مختصر لخص فيه رفع الإصر من نسختي وكتب من هوامشها ما أثبته من تراجم من تأخر، وزاد أشياء منكرة وأساء الصنيع جدا، حيث وصف تصنيف جده بقوله: وجدت فيه بعض إعواز في مواضع منها إسهابه في بعض التراجم وإجحافه في بعضها..."، ثم قال السخاوي: "قلت: والإنكار عليه في هذا الصنيع أنه لو فرض صحة قوله، فكيف وتلك الكلمات رام أن يعلو بها فهبط، ومن القبائح التي رأيتها في هذا المختصر أنه عقد فصلا فيمن حصلت له محنة بعد دخوله في المنصب... وكذا عقد لمن ولي القضاء من الموالي ترجمة، وذكر لبعض أصحابه أنه قصد بذلك أن يكون له بهم أسوة إذا ولي، وبالله يا أخي اعذرني فيما أشرت إليه فحق شيخنا مقدم".

ب- تعصب السخاوي ضد بعض أهل عصره من الأقران المعاصرين: فممن بسط فيهم لسانه منهم:

1- برهان الدين إبراهيم بن عمر البقاعي (ت885هـ): الذي قال فيه: "...وما علمته أتقن فنا ولا بلغ مرتبة العلماء، بل قصارى أمره إدراجه في الفضلاء، وتصانيفه شاهدة بما قلته..." بينما البقاعي علامة محدث حافظ، قال الشوكاني فيه:"... وبرع في جميع العلوم وفاق الأقران"، ثم نبه الشوكاني على ما في كلام السخاوي من حط وإجحاف فقال:"... لا كما قال السخاوي أنه ما بلغ رتبة العلماء بل قصارى أمره إدراجه في الفضلاء، وأنه ما علمه أتقن فنا، قال وتصانيفه شاهدة بما قلته، قلت: بل تصانيفه شاهدة بخلاف ما قاله، وأنه من الأئمة المتقنين المتبحرين في جميع المعارف، ولكن هذا من كلام الأقران في بعضهم بعض بما يخالف الإنصاف لما يجري بينهم من المنافسات تارة على العلم وتارة على الدنيا، وقد كان المترجم له منحرفا عن السخاوي والسخاوي منحرفا عنه، وجرى بينهما من المناقضة والمراسلة والمخالفة ما يوجب عدم قبول أحدهما على الآخر ومن أمعن النظر في كتاب المترجم له في التفسير الذي جعله في المناسبة بين الآي والسور، علم أنه من أوعية العلم المفرطين في الذكاء، الجامعين بين علمي المعقول والمنقول، وكثيرا ما يشكل علي شيء في الكتاب العزيز، فأرجع إلى مطولات التفاسير ومختصراتها فلا أجد ما يشفي، وأرجع إلى هذا الكتاب فأجد ما يفيد في الغالب...".

وفي الحق فلقد ملأ السخاوي ترجمة البقاعي في الضوء اللامع"، بالحط الكثير والانتقاص الفاحش الفظيع حتى أفرط، وذلك دعا الشوكاني إلى أن يقول قبيل نهاية ترجمة البقاعي من كتابه "البدر الطالع" "وقد ترجم له السخاوي ترجمة مظلمة كلها سب وانتقاص، وطولها بالمثالب، بل ما زال يحط عليه في جميع كتابه المسمى ب "الضوء اللامع"، لأن المترجم له كتب لأهل عصره تراجم، ونال من أعراض جماعة منهم، لا سيما الأكابر الذين أنكروا عليه، فكان السخاوي ينقل قوله في ترجمة أولئك الأكابر ويناقضه وينتقصه".

2- عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت911هـ): ترجم السخاوي للسيوطي في"الضوء اللامع" ترجمة مظلمة "غالبها ثلب فظيع، وسب شنيع وانتقاص، وغمط لمناقبه تصريحا وتلويحا".

ومن جملة ما ذكر السخاوي في حق السيوطي:

• أنه لم يمعن الطلب في كل الفنون.
• أنه أخذ من كتب المكتبة المحمودية وغيرها، كثيرا من المؤلفات التي لا عهد لكثير من العصريين بها في فنون عدة، فغير فيها ونسبها لنفسه.
• أنه بليد، قليل الفهم لاعترافه على نفسه بأنه إذا نظر في مسألة حسابية، فكأنما يحاول جبلا يحمله.
• أنه ادعى الاجتهاد المطلق، وليس أهلا لذلك، إلى غير ذلك من الأمور التي نقمها السخاوي ومن شايعه على السيوطي.

ولقد رد السيوطي على هذه التهم في بعض ما ألف، وأفرد ما ورد عند السخاوي في "الضوء اللامع" من حط وتشنيع بجزء مفرد سماه: "الكاوي لدماغ السخاوي.كما دفع الشوكاني هذه المطاعن، وأجاب عنها ثم قال:"والسخاوي رحمه الله وإن كان إماما غير مدفوع، لكنه كثير التحامل على أكابر أقرانه، كما يعرف ذلك من طالع كتابه"الضوء اللامع"، فإنه لا يقيم لهم وزنا بل لا يسلم غالبهم من الحط منه عليه، وإنما يعظم شيوخه وتلامذته، ومن لم يعرفه ممن مات في أول القرن التاسع قبل موته،أو من كان من غير مصره، أو يرجو خيره أو يخاف شره".

ولما جمع السيوطي في أعيان عصره كتابا، ترجم فيه للسخاوي ترجمة مظلمة وصفه فيها ب "المحدث المؤرخ الجارح" ثم قال:"أكب على التاريخ فأفنى فيه عمره، وأغرق فيه عمله وسلق فيه أعراض الناس، وملأه بمساوئ الخلق، وكل ما رموا به إن صدقا وإن كذبا، وزعم أنه قام في ذلك بواجب وهو الجرح والتعديل... وإنما نبهت على ذلك لئلا يغتر به، أو يعتمد على ما في تاريخه من الإزراء بالناس خصوصا العلماء ولا يلتفت إليه".

ت– تعصب السخاوي ضد أصحاب وتلاميذ خصومه من الأقران المعاصرين: وذلك حمله على تجريح هؤلاء التلاميذ، والنيل منهم ومن مشايخهم في مقام واحد، كنحو قوله في ترجمة عبد الجبار بن علي الأخطابي تلميذ السيوطي: "ولا يخلو من هوس كشيخه"، وقوله في ترجمة أحمد بن تاني بك الشهاب: "تردد لابن الكمال السيوطي...وبالجملة فهو من نمطه لظنه الوصول بغلطه ولذا بعدته بعد أن خبرته".

3- طبقات المتكلم فيهم في الضوء اللامع

للناظر في الضوء اللامع أن يقف على طبقات المتكلم فيهم من قبل السخاوي بتجريح أو تنقيص تصريحا، أو غمز أو لمز تلويحا، فمن هؤلاء: العلماء والقضاة والسلاطين، ونقباء الجيش، والمباشرون للأوقاف، والنساء.
ومن الملاحظ أن أكثر الطبقات عرضة للنقد والتجريح من قبل السخاوي هي طبقة العلماء، خصوصا أكابر أقرانه الذين يجمعهم به التخصص الواحد.

4- مظاهر القدح والتجريح الواردة في الضوء اللامع: من خلال تتبع السخاوي في كتابه "الضوء اللامع" تبين أن النواحي التي يقع فيها القدح والاعتراض والنقد تتلخص في الآتي:

1. السيرة الذاتية للمترجم له:
وتتفرع من هذه الناحية فروع عدة منها:
1- السلوك الديني للمترجم له:

ومن الأمثلة على ذلك في هذا الجانب: ما أورده السخاوي في ترجمة أحمد بن إبراهيم بن ملاعب السرميني الحلبي الفلكي (ت824هـ) حيث قال:"كان أستاذا ماهرا في علم الهيئة... وعمل التقاويم...انفرد بذلك بحلب... ولذا كانت سائر نوابها تقربه مع نسبته لرقة الدين، وانحلال العقيدة وترك الصلاة وشرب الخمر، بحيث لم يكن عليه أنس الدين".

والحاصل أن السخاوي قد أكثر– الطعن في بعض المذكورين في "الضوء اللامع"- من جهة الدين، فهو تارة يصف الرجل بأنه "ممن لم يذكر بعلم ولا دين، بل يوصف بنقيضهما..."، وتارة يقول:"... ولم يكن بمحمود في ديانته"، وتارة ثالثة يقول:"... ولم يشتهر بدين ولا تقوى".

ومما قد يلحق بهذا الجانب الطعن في المترجم من جهة كونه على معتقد يحكم السخاوي ببطلانه، ككونه:"يعتقد أن الشمس فعالة وأنها تستحق العبودية" أو بكون "شعره ينعق بالاتحاد المفضي إلى الإلحاد"، أو أن المترجم غلب عليه "الميل إلى تصوف الفلاسفة وكان داعية إلى هذه البدعة" أو أنه كان "ينتحل في التصوف مذهب ابن عربي"، أو"أنه كانت تنسب إليه أشياء" يعني في كلامه في العقليات،أو أنه "كان دينا عاقلا... لا يكتب على شيء يخالف الشرع، لكنه ينسب للتشيع".
2- السلوك الأخلاقي للمترجم له: كوصف الرجل بأن فيه عجلة وحدة خلق، أو بأنه كان فيه "زهو وإعجاب"، أو أنه فيه حرص وحب للدنيا، أو أنه كان شرها في طلب الوظائف"، إلى غير ذلك من الصفات التي تدل على خلق ذميم، وطبع مستهجن.

ب- السيرة العلمية للمترجم له:

وإنما أفردت السيرة العلمية بالذكر، وإن كانت داخلة في السيرة الذاتية للمترجم له، لورود مطاعن كثيرة بخصوصها في "الضوء اللامع"، فمن ذلك:

1- وصف المترجم له بقلة الفهم: كقول السخاوي في ترجمة عبد الله بن محمد الميموني القرافي (ت857هـ):"... ولم يرزق مع قوة حافظته فاهمة، بل كان بعيد التصور والفهم جدا، لا يهتدي لاستحضار ما يلتمس منه من مسائل كتبه، بل يسرد الباب بتمامه ليصل سامعه للغرض منه ...".
2- وصف المترجم له بقلة البضاعة في العلم: كنحو قول السخاوي في ترجمة أحمد بن عبيد الله الشرواني القاهري الحنفي (ت844هـ): "... وتنقلت به الأحوال إلى أن ناب في الحكم... مع قلة البضاعة في الفقه والمصطلح، ولذلك حفظت عنه عدة أحكام فاسدة".
3- عدم بلوغ الطبقة العليا في العلم: فمن ذلك قول السخاوي في ترجمة أحمد بن أبي بكر الشهاب الحموي المعروف بابن بسام:"... ولكن كانت طبقته في العلم متوسطة، بل منحطة عن ذلك".
4- الإكثار من النقل لغرائب مذهب فقهي معين: من ذلك قول السخاوي عند ترجمة علي بن يوسف بن الجلال الحلبي الدميري المالكي (ت 803هـ):"... وكان كثير النقل لغرائب مذهبه، شديد المخالفة لأصحابه حتى اشتهر صيته بذلك".
5- الحكم على شعر المترجم له بالضعف: فمن ذلك قول السخاوي عند ترجمة عبد الله بن أحمد النفزاوي المغربي المالكي (ت 850هـ تقريبا): ... غير أنه متوغل في أمور الصوفية... سريع النظم مع لحنه، وربما يقع له الوسط " .
ولسنا هنا نسترسل في ذكر المطاعن المتعلقة بالسيرة العلمية للمذكورين في "الضوء اللامع"، لأن ذلك شيء كثير يمكن الوقوف عليه من خلال تتبع الكتاب.
5- منهج السخاوي في ذكر مثالب المترجمين في الضوء اللامع: يمكن الوقوف على منهج السخاوي في ذكر مثالب المترجمين: من خلال استقراء "الضوء اللامع"، ويتلخص هذا المنهج في الآتي:
1- قد ينتهج السخاوي صياغة معينة في الترجمة، كالتزام الأسلوب المسجوع، ولقد وقع له ذلك في ترجمة السلطان قايتباي الجركسي المحمودي الأشرفي (ت901هـ)، يقول الشوكاني مشيرا إلى صنيع السخاوي في ترجمة السلطان المذكور: "... وقد طول السخاوي ترجمته في الضوء اللامع، وذكر كثيرا من محاسنه التي لا يهتدي إليها غيره من الملوك، ولكنه كدر صفوها فجعل الترجمة من أولها إلى آخرها سجعا باردا جدا، ولم يفعل ذلك في ترجمة غيره، والسبب أنه كان معاصرا له".
2- ربما أمسك السخاوي عن ذكر مثالب المترجم، بعد شروعه فيها، كقوله في ترجمة محمد بن أحمد السفطي القاضي (ت 854هـ): "... وارتدع به المباشرون والجباة ونحوهم، كل ذلك بالعنف والشدة والبطش المخرج عن حيز الإعتدال، والملجئ إلى التصريح بما لا يناسب منصبه حتى في الطرقات، والركوب بدون شعار القضاة إلى غير ذلك مما أنزه قلمي عن إثباته هنا....
3- قد يقدم السخاوي ذكر الأوصاف الشريفة للمترجم ثم يتبعها بما يفيد التنقيص والتجريح، كما اتفق له ذلك عند ترجمة إبراهيم بن عبد الله العرياني (852هـ)، فإنه لما ذكر جملة من سيرته العلمية قال: ".. ولكنه مع هذه الأوصاف الشريفة، ضيع نفسه بكثرة إسرافه على نفسه، ومجاهرته بالمعاصي...".
ربما صدر السخاوي تجريحه للمترجم بقوله:"ويذكر" وهي صيغة تدل على التضعيف والتمريض، وذلك كقوله عند ترجمة عبد الله بن محمد الدواخلي: "... ويذكر بمحبة في النميمة والتفاتن".
5- قد يحتاط السخاوي أثناء ذكره للتجريح، أو عند نقله عن غيره، ولذلك ربما قال في "ترجمة رجل: "... وينسب لتعاطي المنكر فالله أعلم بسره"، أو قال:"...لا أعلم عليه في دينه إلا الخير، ولا أتكلم بما يتقول به الغير...".
تلك هي أهم معالم المنهج العام عند السخاوي في التجريح لبعض من ذكرهم في "الضوء اللامع"، ولابد ههنا من الإشارة إلى أن كل تنقيص أو تجريح وارد في الكتاب المذكور آنفا، له أسلوبه وطابعه الخاص به.
6- نماذج من المتكلم فيهم في الضوء اللامع: ولقد رأيت هنا إيراد نماذج من المتكلم فيهم في"الضوء اللامع"، لسبب من الأسباب الحاملة للسخاوي على التنقيص والتجريح، ولقد آثرت أن تكون هذه النماذج من مشاهير الأعلام، أومن أكابر أقران السخاوي، كما رأيت أن أنبه في أثناء ذكر هذه النماذج، على انتقادات الشوكاني للسخاوي من هذه الجهة.
1- أحمد بن إسماعيل بن عثمان التبريزي الكوراني (ت793هـ قرين السخاوي في الطلب، لأنه أخذ عن ابن حجر، قال السخاوي في ترجمته بعد أن ذكر صلته بالظاهر جقمق:"... فانهالت عليه الدنيا، فتزوج مرة بعد أخرى لمزيد رغبته في النساء، مع كونه مطلاقا، وظهر لما ترفع حاله ما كان كامنا لديه من اعتقاد نفسه الذي جر إليه الطيش والخفة..." يقول الشوكاني – متعقبا السخاوي – في ترجمة التبريزي:"وقد ترجمه صاحب الشقائق النعمانية ترجمة حافلة... وذكر له مناقب جمة تدل على أنه من العلماء العاملين، لا كما قال السخاوي".
2- أحمد بن علي بن عبد القادر أبو العباس المعروف بابن المقريزي (ت 845هـ) المؤرخ المشهور: انتقده السخاوي لما ترجمه في عدة مواضع من الترجمة، ونختار من هذه المواضع، هذا الموضع الذي يقول فيه منبها على مكانة المقريزي في التاريخ :"... وصارت له فيه جملة تصانيف كالخطط للقاهرة، وهو مفيد لكونه ظفر بمسودة الأوحدي كما سبق في ترجمته، فأخذها وزادها زوائد غير طائلة"، ولما وقف الشوكاني على انتقاد السخاوي اعترضه قائلا: "والرجل غير مدفوع عن فضل لا سيما في التاريخ وما يتعلق به".
3- محمد بن خليل الرملي المقدسي (ت 888هـ): الآخذ عن ابن حجر: ترجمه السخاوي ووصفه بعدم الإتقان في الحفظ والنقل، كما ذكر أنه ليس بالمتين في فهمه وعقله، ولقد تنبه الشوكاني إلى هذا التنقيص، فقال مشيرا إليه في خاتمة ترجمة الرملي:"... وانتقص السخاوي وبالغ في ذلك على عادته المألوفة في أكابر أقرانه".
4- محمد بن محمد بن عبد الله الخيضري (ت تقريبا بعد 900هـ) : أحد الملازمين لابن حجر: قال الشوكاني في ترجمته: "وقد ترجمه السخاوي ترجمة طويلة كلها ثلب وشتم كعادته في أقرانه، ومن أعجب ما رأيته فيها من التعصب أنه قدح في مؤلفات المترجم له، ثم قال إنه ما رآها، وهذا غريب، ولكنه قد أبان العلة في آخر الترجمة فقال: وبالجملة فهو ممن فيه رائحة الفن ، بل هو من قدماء الأصحاب، وأحد العشرة الذين ذكرهم شيخنا – يعني ابن حجر- في وصيته، وإن فعل معي ما أرجو أن يجازى بمقصده عليه".
5- يوسف بن تغري بردي أبو المحاسن ابن الأتابكي (ت 874هـ) المؤرخ صاحب "المنهل الصافي": ترجمه السخاوي وذكر كثيرا من أو هامه وغلطاته الواقعة في كتبه، بيد أن الشوكاني تعقبه بأن ابن تغري بردي من معاصريه، وقد أكثر من الحط عليه، وأطال ترجمته متتبعا لغلطاته.
خاتمة الدراسة
كانت هذه الدراسة عرضا وصفيا تحليليا لبعض المطاعن الواردة في "الضوء اللامع" للسخاوي، ولابد هنا من التنبيه على جملة من النتائج التي خلصت إليها هذه الدراسة، فمن ذلك:
1- بعض ما ورد من تجريح في "الضوء اللامع"، قد يكون السخاوي مستقلا به، أو تابعا فيه غيره (ابن حجر في إنباء الغمر، أو المقريزي في الدري العقود)، أو متوقفا فيه.
2- ليس كل تجريح وارد في"الضوء اللامع" يمكن التوقف فيه، وعدم الإعتماد عليه، إذ ربما حكم السخاوي على المترجم بغالب ظنه، من غير أن تبعثه على الحكم عصبية أو هوى أو تحامل .
3- لسنا نتوقف في الأخذ بما ورد في "الضوء اللامع" من أخبار ومعلومات، لأنه مصدر تاريخي مهم في بابه، ارخ لفترة حاسمة من تاريخ الأمة الإسلامية.
4- من مقتضيات عدم التوقف في الأخذ بما ورد في "الضوء اللامع" من مطاعن، وضع منهج علمي يقربنا من الحقيقة، وقد يصل بنا إلى اليقين والإنصاف ومن معالم هذا المنهج:
أولا: مقارنة ماورد في "الضوء اللامع"، بما ورد عند السخاوي نفسه في كتب أخرى، لترجيح آخر ما استقر عليه رأيه بخصوص المتكلم فيهم .
ثانيا: عرض ما ورد عند السخاوي من مطاعن في "الضوء اللامع"، على الكتب الموازية في مادته، وخاصة على كتب من تأخر عنه كالشوكاني وغيره .
ثالثا: محاكمة السخاوي إلى قواعد علم الجرح والتعديل، وهي تلك القواعد التي سطرها في كتابيه "الإعلان بالتوبيخ" و"فتح المغيث شرح ألفية الحديث".
وبعد: فإننا لن نستطيع الأخذ بمعالم هذا المنهج العلمي الصحيح، حتى نرى "الضوء اللامع" قد أخرج في تحقيق علمي رصين، ينفي عنه تحريف الناشرين، وهفوات الطابعين، وتصحيفات الناسخين.

âœچ��
نقلتها من مقالة: آراء الحافظ السخاوي في أهل عصره من خلال "الضوء اللامع"
د. محمد ر ستم
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس