عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 08-06-2010, 02:16 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

[الحَلْقة التَّاسعة]


إنَّ الحمْدَ للهِ، نَحمدُهُ، ونَستعينُه، ونَستغفِرُه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا، وسيِّئاتِ أعمالنَّا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هادِي له، وأشهدُ أن لا إِلَه إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أما بعدُ:

فإنَّ أصدقَ الحَديثِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضَلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ، وبعدُ:

فلقاؤنا متجدِّد بالخير والعِلم النَّافع والعمل الصَّالح -إن شاءَ اللهُ-، نتواصى فيه بالحق والصَّبر ممتَثِلين ومُتمثِّلين بما أرشدنا إليه قولُ ربِّ العالمين: {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الإنسَان لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبر} [العصر]؛ فانطلاقًا مِن هذا الأساس، وصُدورًا عن هذا النَّهج؛ ننطلقُ -بمنَّة الله وعَونه- في إتمام أحكام الصِّيام في شهر رَمضان الذي نسألُ الله -عزَّ وجلَّ- أن يتقبلَ -منَّا ومنكُم- صِيامَه وقيامه -بمَنِّه وكرمه-جلَّ في علاه، وعَظم في عالي سَماه-.
بعد قوله -تبارك وتَعالَى-: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة:187] ماذا قَالَ؟ قَالَ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (إلى اللَّيل): أول اللَّيل، نصف اللَّيل، وسط اللَّيل؛ هذا ما جاءَتْ السُّنَّة المشرَّفة ببيانه.

وفي هذا دليل عمليٌّ تطبيقي: أن السُّنَّة النبويَّة مُبيِّنة لِمُجمَل القُرآن، ومُخصِّصة لعامِّه، ومُفصِّلة لما يحتاج التَّفصيل، ومُقيِّدة لما فيه إطلاق؛ لذلِك النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقولُ: «ألا إني أوتيتُ القُرآنَ ومِثلَه مَعَهُ»؛ بل النَّص القُرآني يؤكِّد على هذا المعنى -في بَيان منزلةِ السُّنَّة مِن القُرآن-: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].

فعندنا تنزيلان: تنزيل القُرآن؛ وهو الأصْل، ثم تَنزيل السُّنَّة؛ وهو البيان، وكلمة (البيان) تشمل ما ذكرت؛ مِن تقييد، أو تخصيص، أو تفصيل، حتى بعض أهلِ العِلمِ -وهم جمهور العُلمَاء- يقولون: (أو نسخ)؛ فالسُّنة قد تنسخ القُرآن، ثم اختلفوا: هل السُّنة المتواترة -فقط-؟ أم السُّنَّة حتى الآحاديَّة -أي: ما وردت عن آحادِ الصَّحابَة-؟

القولُ الأرجح هو الذي انتصَر إليه الإِمامُ العلامة محمد الأمين الشَّنقيطي -وهو مِن أجلِّ أئمة علم أصول الفِقه في هذا الزَّمان- في كتابه «أضواء البيان»؛ حيث بيَّن أنه إذا صحَّ الحَديثُ عن النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-سواء أكان هذا الحَديث مُتواترًا، أو آحاديًّا-؛ فنحنُ نقولُ بأنه يَنسخ القُرآن.

ومِن باب الفائدة الزَّائدة أقولُ:

توهُّم بعضِ النَّاس، وزعمهم أن الحَديث الآحاديَّ لا يُقبَل في العقيدة -وهذه مَسألة أخرى-، وأن الحَديثَ المتواترَ هو الذي يُقبَل في العقيدة -فقط-؛ هذا زَعمٌ فاسِدٌ ردَّه الإِمامُ ابن القيِّم -رَحِمهُ اللهُ- في كتابه «الصَّواعق المرسَلة» ردًّا قويًّا عظيمًا جدًّا مِن عشرات الوجوه، وبيَّن أنه إذا صح الحَديثُ؛ فهو حُجة في باب العقيدة -كما هو حُجَّة في باب الأحكام-، والمفرِّق لم يَأتِ إلا بالظُّنون والأوهام -كائنًا مَن كان-.

فقوله -تَعالَى-: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيلِ}: جاء البيان النَّبوي لِكشف حقيقتِه، وإظهار وجهِه، وبيان عُمومِه.

ففي «الصَّحيحَيْن» -البخاري ومُسلم-: عن عمر -رضيَ اللهُ-تَعالَى-عنهُ- قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-: «إذا أقبلَ اللَّيل مِن هَا هُنا» وأشار إلى جهةِ إقبال اللَّيل؛ إلى جهة المشرِق «وأدبَرَ النَّهار مِن هَا هُنَا» إلى جهة المَغرِب، «وغربتِ الشَّمسُ؛ فقد أفطرَ الصَّائمُ».

إذًا: هذه ثلاثُ علاماتٍ؛ بعضُها مَوصول ببعضٍ.

أمَّا أن تكون جالسَّا فيغيب قُرص الشَّمس عنك وراء عمارة، أو وراء جبلٍ شاهِق، والشَّمس لا تزال ساطعة ليس فيها علاماتُ الغُروب -مِن إقبال اللَّيل، وإدبار النَّهار-، فقط غابَ عن عينِك قرصُ الشَّمس، ثم تظن وتتوهَّم أنه قد حلَّ لك الفِطر؛ فهذا غلط!

إذا غابت الشَّمس؛ لا بُدَّ أن يكونَ معها وصفانِ آخَران:

الوصفُ الأوَّل: إقبال اللَّيل.

والوصف الثَّاني: إدبارُ النَّهار.

وهذا يُكشَف بأقل نظرةٍ إلى جهة الشَّرق المقابلة لجهةِ الغَرب؛ الشَّمس تغرب في الغَرب، لكن الشَّرق -بالجهة الأخرى- يأتينا فيه ظلام -أيضًا-، وحتى يكاد في وسط [السَّماء] يَبدأ النَّهار بالخُفوت والتَّضاؤل والانحسار؛ فلا يَجوز أن ننظرَ -فقط- إلى الشَّمس دون النَّظر إلى الوصفَين الآخَرَين اللَّذَين علَّق الشارعُ الحكيم الفِطرَ بِوُجودهما مع غروب الشَّمس -سواءً بسواء-.

وهُنالِك حديث جليل يُبيِّن لزوم عدمِ التَّكلُّف في ذلِك.

يعني الآن يقول بعض النَّاس: الشَّمس وراء هذا الجبل، وممكن أن يكونَ وراء الجبل جبلٌ آخَر. .! وما أشبه . . !

هذا تكلُّف!!

إذا غابت الشَّمس عن ناظرِك وراءَ جبل -أكرِّر- مع وجودِ الوَصفَين الآخَرَين اللَّذَين تعلَّق بهما الحُكم -من إقبال اللَّيل، وإدبار النَّهار-؛ فقد وجب الفطرُ، أو جاز الفِطر.

وهُنالِك حديث في «الصَّحيحَيْن» وفيه بعض الزِّيادات من «مُسنَد الإِمام أحمد»، و«سُنَن أبي داود»، و«مصنف عبد الرزاق»، جمعها شيخنا الإِمام الألباني -رَحِمهُ اللهُ- جمعًا لطيفًا، وعنهُ ننقل:

عن عبد الله بن أبي أوفى -رضيَ اللهُ-تعالى-عنهُ- قَالَ: «كُنا مع رسولِ الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- في سَفرٍ وهو صائمٌ [في شهر رَمضان]» زيادة: «في شهر رَمضان» في روايات يَزيدُ بعضُها على بعض، ولو لم تكن هذه الرِّوايَة موجودة؛ ففي ذلِك إشارة إلى أنَّ الصِّيام في السَّفر جائزٌ ومشروع، ولا نقول الصِّيام في السَّفر لا يَجوز .

كان الصَّحابَة -رضيَ اللهُ-تَعالَى-عنهُم- يُسافرون في غير رَمضان -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- فكان منهم الصَّائم ومنهُم المفطِر، قَالَ الصَّحابي: «فلا يُنكِر صائمُنا على مُفطِرِنا، ولا يُنكِر مُفطِرُنا على صائمِنا» هذا هدي الصَّحابَة -رضيَ اللهُ-تَعالَى-عنهُم-أجمعيَّن-.

بينما هذا الحَديث جاءَتْ هذه الرِّوايَة وهي الزِّيادَة في «صَحِيح مُسلِم» على «البخاري»، وهذه إشارة على أهمية قَبول زيادةِ الثِّقة -أيضًا- الَّتِي ذكرناها -في المجلس الماضي-، مسلم يزيد على البُخاري -هنا- زيادة مهمَّة، وقَبِلَها أهل العِلم، وقبِلَها أصحاب الصَّحيح، وقبِلها نُقَّاد الحَديثِ وجهابذَتُه -المتقدِّمون والمتأخِّرون -منهم-على حد سواء-.

قَالَ: «فلما غربت الشَّمس، قَالَ لبعض القومِ» من الصَّحابَة الذين كانوا معه في سَفرِه -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «يا فلان!» وفي رواية عند «أبي داود»: «يا بلال!» كان فُلانٌ هذا بلالًا -رضيَ اللهُ عنهُ-: «قُمْ فَاجْدَحْ لنا» (فاجْدَح لنا): أي هيِّئْ لنا الطَّعام والشَّرابَ الذي نُفطِر عَليهِ، «فقَالَ: يا رسولَ اللهِ! لو أمسيتَ!» وفي رواية «للبُخاري»: (لو انتظرتَ حتى تُمسي)، وفي رواية ثالِثة: (الشَّمس!)، قَالَ: «انزِل فَاجْدَحْ لَنا» . .

ويجب أن نتنبَّه -هُنا- إلى أنَّ قولَه: «انزِلْ فَاجْدَحْ لَنا»؛ لا يلزمُ منه أنه يأكُل؛ قَالَ له: هيِّئْ لنا الطَّعام، وهيِّئْ لنا الشَّراب، وإلا فالرَّسُول -عَليهِ الصَّلاة والسَّلام- يرى الشَّمس كما يَراها بقيةُ الصَّحابَة؛ هو لا يُريد أن يأكُل قبلَ المساء، لا يُريد أن يأكُل قبلَ الشَّمس، يُريدُ أن يُهيِّئ؛ لكن الصَّحابَة -من باب الحرص والتحوُّط المشروع- قَالَوا: (يا رسولَ اللهِ! لو أمسيتَ!، يا رسول الله! الشَّمس!)، وفي رواية أنه قال: (إنَّ عليكَ نَهارًا) أي كأنه يقول: لم يُدبرِ النَّهار؛ وهذا فيه إشارةٌ إلى ما ذكرناهُ مِن الصِّفات الثَّلاث الواجب وجودُها حتى يقعَ جَوازُ الإفطارِ للصَّائم، فقَالَ النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- : «انزِلْ فاجْدَح لنَا» فنزل فجَدح لهم .

تهيئةُ الطَّعام والشَّراب -في الماضي- حيث كان المُسافِرون معهم مَزاداتُ الشَّراب والطَّعام القليل يأخذ شيئًا من الوقت، فما أن هيأ الطَّعام حتى سقطت الشَّمس، وأنا لا أتصوَّر أن لا يكونَ ذلِك أكثر مِن دقيقتين أو ثلاث دقائق . . قال: (فشرب النَّبي -صلى الله عَليهِ وسلم-)، وهذه الرِّوايَة في «مصنف عبد الرزاق»، قال الرَّاوي: (لو تراءاهَا) يعني: الشَّمس (أحدٌ على بَعيرِه؛ لرَآها).

هذا فيه إشارة إلى شيئَين اثنَين:

الشَّيء الأولَّ: أنه لم يكن -هُنالِك- مدة طويلة بين تَهيئة الطَّعام الَّتِي أمرهم بها النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- بقوله: «اجْدَحْ لنَا» وبين شُربه وتَناوله الطَّعام -صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسلَّم-.

أما الشيء الثَّاني: فهو عدم التَّكلُّف.

وينبغي أن نفهمَ شيئًا مُهمًّا: وهو أن عدمَ التَّكلُّف لا يُنافي الاحتياط؛ لأن الاحتياطَ فيه غُلو -قد يكون مِن حيث التَّطبيق-، الاحتياط مطلوب؛ لكن دون الغُلو -كما ذكرنا- المُفضِي إلى الوَسوَسة.

فنحن نحتاط . . قد نحتاطُ دقيقة، قد نحتاطُ دقيقتين؛ لكن: أن نحتاطَ خمس دقائق، أو سبع دقائق، أو عَشر دقائق -كما يفعل بعضُ النَّاس! وأشار إلى ذلِك الحافِظ ابن حجر في «فتح الباري»-كما ذكرنا-؛ حينئذٍ نقول: هذه وسوسة، وهذا غُلو، والنَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقول: «إيَّاكُمْ والغُلُوَّ في الدِّينِ»، والرَّسُول -عَليهِ الصَّلاة و السَّلام- يقولُ: «لا تُشَدِّدُوا على أنفسِكُم».

بماذا نُشدِّدُ على أنفسِنا؟ بأن نفعلَ في دينِنا ما لم يأمُرنا اللهُ به، وما لم يَأمُرنا به رسولُه الكريم -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-، أمَّا ما أمرنا الله به؛ فليس تَشَدُّدًا، وأمَّا ما نهانا اللهُ عنهُ؛ فليس تَشَدُّدًا.

فما يتوهَّمهُ البعضُ -كما ذكَرنا- مِن أنَّ أوامِر الله، أو أن بعضَ أوامرِ الله، وبعضَ أوامرِ رسولِ الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- فيها تَشديد؛ فهذا جهلٌ أكِيد.

التَّشدِيد: هو تَجاوُز النَّص الشَّرعي مِن كتاب الله، أو مِن سُنَّة رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-.

وحينئذٍ: يجب أن نتنبَّه أن بعض التَّقاويم الموجودة عند كَثِير من النَّاس -والتي بلغت أعمارُها خمسين سَنَة، وأكثر من ذلِك، وأقل مِن ذلِك-؛ هذه لا يَجوز أن نَتخاذل في مُراجعتِها، وفي التَّثبُّت منها، وفي توكيدِها، وفي التَّحقُّق منها .

وهذا -وللهِ الحمدُ- تقومُ به بعضُ الجِهات الرَّسميَّة في عدد من البلادِ الإسلاميَّة -في هذه الأيَّام- بأن يُراجِعوا هذه التَّقاويم . . وفعلًا أنا أعلم يقينًا، وبشكل مُباشر: أنه قد ظَهر شيءٌ مِن التَّفاوت بين هذه التَّقاويم التي -إن جاز التَّعبير- أكلَ عليها الدَّهرُ وشَرِب، وبين الواقع المحسُوس الملمُوس مِن الغُروب ومن الشُّروق، وهما أهم الأشياءِ في شهر رَمضان، وإن كانت مواقيتُ الصَّلاة كلُّها -أيضًا- مُهمَّة جدًّا، ويجب النَّظر فيها، والتَّامل لها.

إذًا: الاعتمادُ على التَّقاويم دون مُراجعة؛ هذا فيه ما فيه.

إضافة إلى شيء آخر: أن هُنالِك تقاويم متعدِّدة؛ هُنالِك تقويم في بلادِ الحرَمَين الشَّريفين (تقويم أمُّ القُرى)، هُنالِك تقويم في مالِيزيا، هُنالِك تقويمٌ قامتْ به بعضُ اللِّجان الإسلاميَّة في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، ونرى بين هذه التَّقاويم -بعضِها ببعض- شيئًا مِن التَّجاوز، وشيئًا من الفُروق، وهي تَقاويم لا أقولُ تشمَل -فقط- أمريكا أو السُّعودية أو ماليزيا أو الأُردن، أو مِصر، أو أي بلد إسلامِي، أو أي بلدٍ في العالَم فيه مُسلمون؛ ولكنَّها تشملُ كلَّ بلادِ الدُّنيا.

تستطيع -الآن- في بعضِ المواقع المختصَّة في هذا الموضوع بضَغطة زِرٍّ على الإنترنت (الشَّبكة العنكبوتيَّة العالميَّة) أن تعرفَ المواقيت، ثم تَرى أن بينَها اختلافًا.

الآن -وللهِ الحمدُ- نَهَد ونهضَ بعضُ طلبةِ العِلم -على اختلاف تخصُّصاتِهم-فلكيًّا، وشرعيًّا، ولُغويًّا- ليتدارَسوا هذا الأمرَ، ولِيَفهموهُ حقَّ فهمِه؛ حتى نقطعَ الخطأ، ونتجاوزَ ما قد يكونُ فيه زَللٌ يؤثِّر على عباداتِنا، ويؤثِّر على طاعاتِنا، ويؤثِّر على صلواتِنا، ويؤثِّر على صِيامِنا.
وكما قَالَ بعض السَّلف -ناصحًا بَنِيهِ-: (دِينَكَ ديِنَكَ!) أي: الزَم دِينَك، وحافِظ عَليهِ (دينَك دينَك؛ فإنه لحمُك ودمُك).

إذا لم يكن عندنا اهتمامٌ بدِينِنا؛ فهل يكونُ اهتمامنا مقصورًا -فقط- على دنيانا؟! خِبنا وخَسِرنا إذا لم يكن اهتمامُنا في دينِنا أعظمَ مِن اهتمامنِا في دنيانا.

أسأل الله العظيم ربَّ العرشِ العَظيم أن يوفقَنا وإيَّاكم لما فيه الخير.
وفي المجلس القادم -إن شاءَ اللهُ- يكون الكَلامُ عن أحكامِ السُّحور، وما يتعلَّق بها، سائلًا ربي عزَّ وجلَّ- أن يوفَقنا وإيَّاكم للعلمِ النَّافع والعمل الصَّالح، ولصيامِ هذا الشَّهر وقيامه؛ إنه -سُبحانَهُ- سميع مجيب.

وآخِرُ دَعوانا أنِ الحَمدُ للهِ ربِّ العالَمِين.

والسَّلامُ عَليكم ورَحمةُ اللهِ وبَركاتُه

من هنا لسماع الحلقة التاسعة
رد مع اقتباس